تعقيبا على مقال إحسان الفقيه: العرب ومأساة الروهينجا
حطب لصراع جيوسياسي
ربما سنعلم بعد حين أن مأساة مسلمي بورما لا تختلف كثيرا عن حرب أفغانستان أو حرب البوسنة أو حرب الشيشان أو حرب سوريا. كلها فوضى ضحاياها من المسلمين وهدفها تحقيق مآرب جيوسياسية تخدم مصالح أمريكا أو أنها لم تحقق مصالح أمريكا مباشرة على الأقل تضر بمصالح خصوم أمريكا.
الأحداث في بورما بدأت بعد توقيع الصين في بداية 2016 اتفاقيات مع حكومة ميانمار لتطوير ميناء كيوكبيو بخليج البنغال أي منطقة تواجد المسلمين. ومن شأن إنشاء الميناء أن يتيح إمكانية نقل البضائع مباشرة من المحيط الهندي إلى جنوب غرب الصين دون المرور عبر مضيق ملاقا حيث سيوفر مسافة أزيد من 5000 كلم من الشحن عن طريق البحر. كما أن منطقة النزاع تمثل معبرا رئيسيا لخط الأنابيب بين ميانمار ومقاطعة يونان جنوب الصين الذي تم الانتهاء من تشييده سنة 2015 ويسمح بنقل صادرات الصين من البترول مباشرة من المحيط الهندي دون المرور عبر مضيق ملاقا.
كما لا يمكن إغفال البعد الاستراتيجي لهذه المشاريع في المجال العسكري إذا تذكرنا أن طريق بورما – جنوب غرب الصين شكل طريق الإمداد الرئيسي للصين خلال الحرب العالمية الثانية بعد سيطرة اليابان على كل الموانئ الرئيسية في شرق اسيا من كوريا إلى الصين إلى فيتنام. لا أعتقد أن دولة بحجم الصين ستسمح لأحد العبث بمصالحها الاستراتيجية، وأعتقد أن لها الإمكانيات لمواجهة ذلك. وعلى الأرجح سيكون المسلمون مرة ثانية حطبا لصراع جيوسياسي لا ناقة لهم فيه ولا جمل.
والمصيبة في كل هذا هو دور العرب المدمر في كل هذه الصراعات. أعتقد أن افضل مساعدة يمكن أن يقدمها العرب لمسلمي بورما هو أن يهتموا بأنفسهم ويحلوا مشاكلهم أولا ويكفوا إخوانهم أذى هم في غنى عنهم. فالمساعدة تستوجب توفر شروط معينة لا يمتلكها العرب، ففاقد الشيء لا يعطيه.
محمد إدريس