تعقيبا على مقال صبحي حديدي: المرأة التونسية… إصلاح أم ورقة توت؟
براغماتية السياسيين
مصيبتنا المزمنة هو أننا نبتدئ من حيث انتهى الآخرون، ونعتقد أننا فتحنا فتحا مبينا في أشياء مسبوقة من الناحية الواقعية ….ومقتولة بحثا من الناحية العلمية!!!.
موضوع المساواة في الإرث تم فرضه ببنادق العسكر الأتاتوركي وتحت رقصات المستغربين، ولا أقول العلمانيين (لأن من هؤلاء اشخاصا ينبذون التغريب والاستلاب ويحترمون الدين ويمارسون شعائرهم بانتظام) ولكن الكثير من أفراد الشعب التركي رفضوا الرضوخ لهذا التوجه وعملوا على التحايل على القوانين اعتبارا منهم أن المسألة تعود إلى الاعتقاد الإيماني الذي لا يمكن تجاوزه بالقوانين الوضعية…
وأثير هذا الموضوع من الناحية العلمية في القرن السادس عشر الميلادي من طرف الفقيه الغماري المغربي ابن عرضون …حيث كانت له فتوى متميزة يربط فيها مسألة التفاوت بين الذكر والأنثى في الإرث بقاعدة الانفاق…أي أن المرأة إذا كانت مساهمة في العمل الانتاجي المحصل لموضوع الإرث فإنها ترث حصتها كاملة… وإذا لم يكن كذلك فنصيبها هو المقرر شرعا…وقد تمت مناقشة هذا الموضوع مع المفتي المذكور على أعلى مستوى من طرف كبار علماء جامعة القرويين في تلك الفترة …
ولم يتم الخلوص إلى شيء باعتبار رد الفعل المجتمعي الرافض…، والمتمكن من الفكر التشريعي في الإسلام يعرف أن التقنين النصي لقواعد الإرث ينصرف إلى الحالة التي تنعدم فيها ارادة صاحب التركة فقط بالوفاة…واما سوى ذلك فانه بإمكانه تحقيق هذه المساواة من خلال اللجوء في حياته إلى أعمال المقتضيات الفقهية للتبرع وتوزيع ما يملكه مناصفة على أولاده ذكورا وإناثا…وكذلك في إمكانه تمييز الأنثى لو شاء إن كان يخاف عليها من ظلم الورثة وتقلبات الزمن.. وأما عن الحملة الدائرة الآن فهي تشكل امتدادا لمنحى فكري اعتمد في الستينيات وأنجب كثيرا من الأسماء والظواهر التي لا تمت بصلة إلى تاريخ تونس السياسي والعلمي على اعتبار أن تونس كانت مركزا علميا أساسيا للفقه الإسلامي على مر العصور، وخاصة على مستوى الفقه المالكي.. وأنجبت ايضا نماذج سياسية من أمثال الأدغم والنويرة وصفر وبن علي الخ ..ولو كان الموضوع مجردا كما يطرح البعض لتم الحسم فيه من خلال الاستفتاء الشعبي النزيه…لأن التشريع ووضع القوانين يرتبط بالحاجة الاجتماعية القائمة والمرتبطة بقناعاته ..وليس بالاستناد إلى براغماتية السياسيين وألاعيبهم الشطرنجية.
المغربي -المغرب
وتعقيبا على مقال وجدان الربيعي: هاجس الهجرة يراود الشباب الفلسطيني
الظروف الصعبة
قال محمود درويش:
أنا يوسف يا أبي
أَنَا يُوسُفٌ يَا أَبِي. يَا أَبِي، إِخْوَتِي لا يُحِبُّونَنِي، لاَ يُريدُونَنِي بَيْنَهُم يَا
أَبِي. يَعتدُونَ عَلَيَّ وَيرْمُونَنِي بِالحَصَى وَالكَلامِ يُرِيدُونَنِي أَنْ أَمُوتَ لِكَيْ
يَمْدَحُونِي . وَهُمْ أَوْصَدُوا بَابَ بَيْتِك دُونِي. وَهُمْ طرَدُونِي مِنَ الحَقْلِ. هُمْ
سَمَّمُوا عِنَبِي يَا أَبِي. وَهُمْ حَطَّمُوا لُعَبِي يَا أَبِي. حِينَ مَرَّ النَّسِيمُ وَلَاعَبَ
شَعْرِيَ غَارُوا وَثَارُوا عَلَيَّ وَثَارُوا عَلَيْكَ، فَمَاذَا صَنَعْتُ لَهُمْ يَا أَبِي؟
الفَرَاشَاتُ حَطَّتْ عَلَى كَتِفَيَّ، وَمَالَتْ عَلَيَّ السَّنَابِلُ، وَالطَّيْرُ حَطَّتْ على
راحتيَّ. فَمَاذَا فَعَلْتُ أَنَا يَا أَبِي؟ وَلِمَاذَا أنَا؟ أَنْتَ سَمَّيْتنِي يُوسُفًاً، وَهُمُ
أَوْقعُونِيَ فِي الجُبِّ، وَاتَّهمُوا الذِّئْبَ؛ وَالذِّئْبُ أَرْحَمُ مِنْ إِخْوَتِي.. أُبَتِ!
هَلْ جَنَيْتُ عَلَى أَحَدٍ عِنْدَمَا قُلْتُ إنِّي رَأَيْتُ أَحدَ عَشَرَ كَوْكبًا، والشَّمْسَ
والقَمَرَ، رَأَيتُهُم لِي سَاجِدِينْ.
محمود