تعقيبا على مقال واسيني الأعرج: بحثا عن شرق آخر
تجربة الهند
أخي واسيني الأعرج، لاشك أنه برنامج رائع لكن لنلق نظرة سريعة على الواقع لكي نستطيع أن نرى الطريق بخطوطه العريضة نحو هذا الهدف. إيران بالدرجة الأولى وتركيا من بعدها تهتم بمصالحها على حساب المكون العربي في الشرق.
الهند أدارت ظهرها للشرق وأصبحت ترى أن مصالحها ترتبط مباشرة مع الغرب، وبرغم أنها استطاعت إنجاز خطوة متقدمة في تكنولوجيا البرمجة إلا أن الغرب يرى فيها سوقا إستهلاكية كبيرة بالدرجة الأولى، وهكذا بدت المصلحة (اقتصادية) المشتركة مغرية للطرفين، مع أن السيئ في الأمر هو الاستثمار الصهيوني لهذا الإلتقاء المصلحي.
باكستان غارقة في أزمات سياسية بلا نهاية عدا عن الاقتصادية. وأخيراً الصين وروسيا تتصرفان على أنهما من الدول العظمى وليست لديهما برامج للإلتفات إلى الشرق ككتلة حضارية يمكن أن يكون لها موقع خاص عالمياَ.
ما بقي للعرب هو النهوض من هذا المستنقع المتوحش والزمن البائس الذي نعيش فيه، ولا خيار إلا بالتخلص من القمع والاستبداد الذي يدمرنا وحتى ذلك الحين فإن شرقا جديدا ممكناَ بالتأكيد، لكن هل ستعي دول مثل إيران وروسيا أن هذا هو أحد مفاتيح الشرق الجديد. عذراً لست متفائلاً بأن بوتين سيتحول إلى حكيم ولا بإيران أنها ستتخلى (بسهولة) عن برامج سيطرتها على العواصم العربية واحدة تلو الأخرى وهذا هو أيضاً البرنامج الأساسي للصهيونية منذ أن بدأت باحتلال فلسطين (الذي يجمعها مع الغرب أو الاستعمار الغربي أساسا). لنقتلع شوكنا بأيدينا فلربما بعدها سنكون جزءا فاعلا وأساسيا في هذا الشرق الجديد في عالم جديد.
أسامة كليّة- سوريا/ألمانيا
تعقيبا على مقال جلبير الأشقر: بلبلة في واشنطن
تكلفة الغزو
خلال الحرب العالمية الثانية، كان دعم و تعامل أمريكا مع القوميين الصينيين الذين كانوا يمثلون حكومة الصين المعترف بها دوليا، أي معترف بها حتى من الاتحاد السوفييتي، وكانوا يسيطرون على معظم ما تبقى من الصين بعد الغزو الياباني.
الشيوعيون كانوا في شمال غرب الصين و لم يكن لهم تعاون مهم مع الولايات المتحدة أثر على مجرى الأحداث خلال الحرب.
أتفهم قصد الكاتب من المثال الذي ذكره، و كان أولى الاشارة إلى تحالف أمريكا و بريطانيا مع الاتحاد السوفييتي خلال الحرب ضد ألمانيا حيث التهديد المصيري الذي كانت تمثله ألمانيا جعل الخلافات الايديولوجية مسألة ثانوية.
بشأن موضوع المقال، بدأت القصة بغزو العراق، وأدى تدخل إيران وبدرجة أقل سوريا إلى ارتفاع تكلفة الغزو مما دفع أمريكا إلى التفاوض مع إيران و سوريا من أجل تنظيم الخلاف عبر اقتسام النفوذ و سحب الجيش الأمريكي تدريجيا من العراق.
ثم جاء أوباما و معه ربيعه العربي، و حاول استغلال الفوضى الناجمة عنه للسيطرة على سوريا و إعادة الأمور إلى نقطة الصفر في العراق.
و بعد تدخل روسيا و إيران، بدا جليا ان رهان أوباما على السيطرة على سوريا يستحيل تحقيقه، فتم اللجوء إلى ورقة تنظيم الدولة التي أحرقتها روسيا في سوريا و إيران في العراق.
ونتيجة لذلك حاولت أمريكا دفع أكراد العراق للاستقلال، و هو ما وأدته إيران و تركيا في المهد.
و الآن في أوج التخبط الأمريكي نتيجة فشلها في تحقيق كل أهدافها السابقة في العراق و سوريا، أعلنت أمريكا نيتها انشاء جيش حدودي بهدف عزل العراق عن سوريا.
و لا يحتاج المرء ليكون خبيرا استراتيجيا او عسكريا ليستنتج أن هذه المحاولة التي تعكس يأس الإدارة الأمريكية مصيرها الفشل حتما. فاذا كانت أمريكا بكامل جيشها و بدعم كل حلفائها سواء الإقليميين او الدوليين، لم تستطع السيطرة على العراق، وإذا كانت محاولتها فرض استقلال شمال العراق قد وئدت في المهد وبسهولة مطلقة نتيجة التنسيق بين إيران و تركيا، فكيف ستستطيع فرض العزلة بين العراق و سوريا حتى لو سلمت جيشا معزولا و محاصرا بتركيا وإيران، أحدث الأسلحة و ليس فقط صواريخ مضادة للطائرات، في ظل معارضة تركيا وإيران ووجود قوات روسية على الحدود بين سوريا و العراق؟
محمد ادريس