تعقيبات

حجم الخط
0

تعقيبا على مقال صبحي حديدي: إدوارد سعيد ونحاة قرطبة

الإفراط في التأويل
شكرًا لك، يا أخ صبحي، على إثارتك، في هذا المقال التنويري، لما ساجل به إدوارد سعيد حولَ إمكانيةِ معالجةِ النصِّ – إضافةً إلى ظروف إنتاجه الواقعية – معالجةً نقديةً منصفةً، وذلك بالاستناد إلى النظرية اللغوية (أو، بالأحرى، اللسانية) العربية التي قام بتطويرها وبَلْوَرَتِها عددٌ من النُّحاة والفلاسفة واللغويين المسلمين في قرطبة القرن الحادي عشر، كمثل: ابن حزم وابن جني وابن مضاء القرطبي.
في حقيقة الأمر، إن هذا التراث اللساني والفلسفي الإسلامي العريق لم يستبق محاولاتِ روَّادِ عصر النهضة في عَقْلَنة أنظمة قراءة النصوص فحسب، بل ما زال يستبق كذلك، وبالأدلَّة العلمية القاطعة، آخرَ ما توصَّلت إليه النظرية اللسانية «الغربية» الحديثة من خلال المساعي الرائدة التي قام بها المنظِّر اللساني الأمريكي ناعُوم تشومسكي بالذات.
إذ أن ابن مضاء القرطبي، حين كان يساجل أنه «من العبث ربط النحو بأيِّ منطق للفهم، ما دام النحو كعلم يفترض، وغالباً يذهب بعيداً إلى درجة ابتداع، سلسلة أفكار عن استخدام معنى الكلمات، تفترض وجود مستوى خفيّ طيّ الكلمات، لا يدركه إلا العارفون»، إنما كان (أي ابن مضاء) يساجلُ في معرض هجومه العنيف الذي شنَّه على إفراط الباطنيين في التأويل، وخاصة في تأويل النص القرآني، وعلى إصرار هؤلاء الباطنيين «العنيد» على إقحام مفهوم ما يُسمى بـ»العمل» في علم النحو من أجل تبرير هذا الإفراط في التأويل.

حي يقظان

تعقيبات

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية