تعقيبا على مقال سعيد يقطين: الشيخ والفقيه
أعراس صامتة
كانت أعراس البادية تشكل منظومة مترابطة من التكامل والتكافل الاجتماعي والأسري…فلم يكن أحد من سكان القرية يعتبر نفسه مدعوا أو ضيفا عند أصحاب الحفل….ولكنه كان يضع نفسه موضع الطرف الأصلي من حيث المساهمة المادية والعملية…والسعي إلى إبراز وتمييز مستوى الحفل عن غيره من حفلات القرى المجاورة التي تنتمي في الغالب إلى نفس القبيلة..
وكان المسجد وفقيه القرية يشكلان المنطلق والمرجع في تحديد التواريخ والكيفيات وإضفاء البعد الروحي على العملية برمتها التي تشمل عقد القران ولو بالفاتحة …ومراسيم الاحتفال التي تستغرق أياما بلياليها.. وتتخللها الولائم الزاخرة بالمطهيات والمشاوى…؛ ومن صور التعايش الجميلة التي لم يكن يخلو منها هذا النوع من الحفلات…حضور الموسيقى والغناء الشعبي بقوة مع إقامة نطاق مواكب لحفلات الفروسية وإطلاق البارود …من غير أن يثير ذلك أدنى رفض عند فقيه القرية وإمامها الذي تسند إليه الصلوات الخمس وخطبة الجمعة… إلى أن بدا تسرب الفكر الوهابي في الثمانينيات …فأخذنا نسمع عن بعض الأعراس الصامتة…وعن الجنائز التي يمنع اثناءها حتى ذكر الله سبحانه …والصلاة على رسوله…وقراءة القرآن الكريم…في ثقافة كريهة ممجوجة لم يتعود عليها المغاربة…واستقطبت بعض الأفراد المنغلقين والمسطحين علميا وفكريا…الذين نصبوا أنفسهم بالقهر والعنف أحيانا…وبالتدليس والتدجيل أحيانا اخرى…كأوصياء على قناعات الناس وعاداتهم، في ظاهرة أخذت في الانحسار بشكل ملموس في الوقت الراهن.
مصطفى المغربي