تعقيبا على مقال سهيل كيوان: هواجس مواطن من الدّرجة «ب»
الهبة الشعبية
صباح البحر والشمس والصخور ، مقالة قصصية جميلة جدا، أسلوبها جذاب ومشوق تتميز بشدة الانفعال ويتغلب فيها الوجدان بحرارته على رزانة الفكر، قمت من خلالها كاتبنا بمناقشة موضوع «قانون القومية» من خلال تسجيل لقطات حية شاهدتها ومواقف اجتماعية وانسانية عشتها، وأكسبت الاثنين بعدا واقعيا جعلني كقارئة أعيش معك الأحداث وأتخيلها بل وأشم رائحة البحر واشعر بحرارة الرمال.
التخيلات والهواجس ذاتها حاصرت ذاكرتي في الأسابيع الأخيرة حيث جلست على الشاطئ الصخري أراقب الأمواج بمدها وجزرها ولائحة تحذيرية قديمة تمتد أمامي بعنفوان كتب عليها بالعربية «تيارات بحرية قوية ممنوع السباحة» فأتساءل هل بإمكان الدولة أن تقتلع كل تلك اللوائح عن شواطئنا لمجرد سن «قانون القومية» ولكن حتى لو اقتلعوها فالمكان كله ينطلق باللغة العربية.
البنايات التي هي حقب تاريخية مختلفة المآذن القديمة التي تحاكي الشمس والقمر والفضاء الرحب الأسوار والشوارع المرصوفة هل بإمكانهم دثر كل تلك المعالم .
اغتصبوا الأرض منذ قيام الدولة وها هم يحاولون اغتصاب الحضارة واللغة والتراث وشرعنة الاستيطان وتقسيم العرب عربين بعزل عرب الداخل عن عرب الضفة والقطاع ووصمنا بسكان درجة «ب» والسؤال الذي يطرح نفسه أين الهبة الشعبية لرفض القانون ومعارضته ؟
أين الحراك الاجتماعي الذي يجب أن يكون ؟
أين المقاومة الفكرية بأبسط صورها؟
ألسنا شعبا مقاوما منذ عصر محمود درويش وسميح قاسم وتوفيق زياد الذي قال :
«كأننا عشرون مستحيل في اللد والرملة والجليل … هنا على صدوركم باقون كالجدار … وفي حلوقكم كقطعة الزجاج كالصبار… وفي عيونكم زوبعة من نار… إذن هنا باقون فلتشربوا البحرا … نحرس ظل التين والزيتون ونزرع الأفكار كالخمير في العجين… برودة الجليد في أعصابنا وفي قلوبنا جهنم الحمرا… إذا عطشنا نعصر الصخرا ونأكل التراب إن جعنا … ولا نرحل» .
شكرا لك كاتبنا على طرحك لهذا الموضوع فربما يشكل طرحه صحوة وثورة على لغتنا المغتصبة ، إنه ليعجز لساني عن التعبير وتعجز كلماتي عن التقدير لفكرك القيم الثري
دمت منارة لكل المستضعفين على هذه الأرض.
رسيله