تعقيبا على مقال منصف الوهايبي: الشعر صانعًا
منظومة اللغة العربية
ليس من المبالغة في التوصيف؛ ولا من فضول القول اللطيف إنّ تونس لولا الدكتور منصف وملح البحر لفقدت قواعد المبتدأ والخبر. أشكرك على المستوى البليغ للغة المقال…
وأضيف بين يدي حضرتك التذكير أنّ منظومة العربية تقوم على أربعة أساطين: الشعر( من الجاهليّ إلى التفعيليّ ) والنثر في القصّة في الأمس والرّواية في الغداة؛ والخطابة الفنية؛ والأسطين المركزيّ الأول: القرآن. واللغة العربية كهوية ثقافية وتاريخية في الأساطين الثلاثة ( الشعروالنثروالخطابة ) وسيلة إيضاح بمساعدة البلاغة؛ إنما في القرآن فإنّ اللغة غاية بلاغية لذاتها وليست وسيلة مساعدة كغيرها ومن ثمّ لا تقع ضمن قوانين فنّ النقد الأدبيّ التقليدية. وبذلك لدينا أربعة أساطين؛ الثلاثة المشار إليها متغيرة نسبية؛ والرابع وهو القرآن ثابت مطلق.
ومن هنا أصبح للنقد سوقه الأدبية إلا مع القرآن تطوره في منبت التفسير. فالتفسير للقرآن هو إضافات نسبية لذلك الثابت المطلق. وتأسيسًا عليه وجب اعتماد نقد جديد في العربية هو التفسير الذي لا يزال خارج تلك المنظومة باعتباره من الدّين؛ وما هو إلا من علم البلاغة والفكر والفــنّ…
إنّ القرآن ليس شعرًا ولا نثرًا ولا خطابة بل منظومة بيانية تفسيرية ذات بلاغة ذاتية. لهذا لا نجد في منظومة لغة القرآن مفاهيم المنابت الأولى للنصوص الأدبية الأخرى كالشعر الصانع منه والمصنوع؛ لأنّ الزمن في القرآن اندماجي واحد خلاق؛ لا تفكيكي متعدد مخلوق.
الدكتور جمال البدري