مساء الخير لك رنا ومساء الخيرلنا جميعا لكل عيوننا الحزينة لكل لجوئنا العاثر لكل جرحنا الممتد كواد من دم من صبرا إلى شاتيلا إلى اليرموك إلى الغوطة وحمص وغزة. مساء المستضعفين ومساء ذاكرة محملة بثمار الحداد والحزن تحت شجرها ننعي ايامنا الذاويات ونجلس كأيتام ممزقي القلوب ندفن رؤوسنا بكاء على ركبنا ونحجب عيوننا عن رؤية المزيد. لماذا تضغطين على جرحي حتى ينز الدم من ذاكرتي.
ذهبت بسيارتي ـ التي تبدو ترفا سيئ السمعة في حزن المخيم مخيم المية مية يحب ان يركبها نازحو المخيم والحي الذي أسكنه في جبل لبنان هي بالنسبة لهم مدينة الملاهي التي يطلبون فيها مشوارا ويقوم حسن الشاب العشريني كل مرة بالتحجج بتعديل صفتها في المخيم حتى يقودها وانا اضحك له واقول آه انا ما بعرف اصف زبطها يا حسن فقط لأراه مستمتعا وشايف حاله وهويقودها فانا اعرف سر عزيزة (مدينة ملاهي المستضعفين) ومن مساكين مخيم المية مية الذين ربما لم يغادروه إلى خارجه الا للضرورة. بسطاء إلى حد يثير الدهشة جلست معهم وقلت لهم لنبدأ دعكم من كل الفصائل. هذا اسلامي وذاك علماني الا تقرأون لجوءكم الا تنامون كل يوم في حضن حزنكم اخذوا يسردون علي انشطتهم البريئة وصممنا على العمل لفتني شاب عمره واحد وعشرون ربيعا كان هادئا مستمعا (انه حسن) يلتف هؤلاء الشباب حول شخص واحد يوفر لهم فرص العمل في عقاراته التي يبنيها على سفح مرتفع المية مية كان غنيا إلى حد أثار دهشتي وشكي الأمني.
هكذا أذهب كل مرة اتغدى معهم ونتحدث عن تخطيطنا لايامنا، قال لي حسن يا حجة انا كنت الأول على كليتي في الالكترونيك تركتها حتى أعمل ويستطيع أخي أن يتعلم تحدثنا عن فرقة الراب التي سينشئها الشباب عن التدريب العسكري عن فلسطين الجامعة عن مواهبهم عن صلواتهم عن حزنهم وانتظر عبد الرحمن ذي الاربعة عشر ربيعا الذي يعترف لي انه يسب عندما يغضب لو تعلم يا عبد الرحمن كم يسبون من حولك الف مرة عندما يرتدون العمائم ويسبحون بحمد الطغاة الساديين المتوحشين انت يا عبدالرحمن لست مهذبا مع الذات الآلهية وتندم وتقول لي يا حجة أريد أن اقاتل في سوريا فانهاك وأنا أضحك عليك وتأتي لتجلس وتحكي ولا تسكت عن كل ذنوبك وآلامك واحلامك وأنا استمع وانزف حزنا وتريني أناشيد الثورة السورية وتختار في لؤم الاسلامية منها -لأنك تحاول محاباة مزاجي وعندما ترى دموعي تنهمر على القاشوش تقول بفخر: حجة انت لا تعرفين كل شيء- وكان قلبي المليء بالقصص يحتاج اليك ياعبد الرحمن ،في مرة ذهبت لألتقيهم لا اعرف لماذا قبض قلبي اعرف هذا الشعور جيدا ثم سمعت عن مقتل تسعة اشخاص في مخيم المية مية قرأت الاسماء لم اصدق حتى المسعف قتلوه ! لاشاهد بعد ثوان صورة حسن مدروزا جسده باثنتين وعشرين رصاصة من اعلى الصدر إلى اسفل البطن وبعدها صور الاخرين صعقت ذهبت بعد ايام إلى المخيم لالتقي هبة وتخبرني كيف جروا حسن الذي كان نائما وسمع دوي الرصاص فنزل ليموت ذهبت إلى العزاء بكيته حتى الموت خرجت من مخيم عين الحلوة حيث كان العزاء الحزين، عدت وانا اتذكران حسن كان سيخطب بعد ايام إلا أن القبر كان اسرع ممن قتله؟
غادة الشاويش