بروكسل- «القدس العربي»: تبدو المعطيات الواردة في تفاصيل اليوميات الليبية قاتمة جدا، ويصبح كابوس التقسيم الجغرافي الثلاثي لهذا البلد المنهك بعد ثلاث سنوات من ثورته على نظام معمر القذافي، طموحا مشروعا أمام كابوس أكثر قساوة يطل من نوافذ الصراع الدائر بحيث قد تتحول ليبيا فيه إلى كانتونات قبلية مع احتمالية نشوء إمارة إسلامية غير واضحة المعالم فيها. مجلس النواب الليبي والذي يعاني منذ انتخابه حزيران/يونيو الماضي مصاعب في عقد اجتماعاته في العاصمة طرابلس بسبب الحرب الدائرة فيها وفي بنغازي ثاني أكبر المدن الليبية ومهد الثورة ضد القذافي، أعلن في اجتماعه في طبرق البعيدة 1600 كم عن العاصمة، إقراره لقرارين مهمين، يعكسان مدى تردي الوضع الراهن في المشهد الليبي.
فقد أقر في جلسته يوم الأربعاء قرارين يقضي إحداهما بحل كافة التشكيلات المسلحة غير النظامية والتي لا تخضع لسلطان الدولة وتسبب في إرباك المشهد الأمني في البلاد حسب ناطق باسم المجلس.
كما طالب القرار الثاني المجتمع الدولي من خلال هيئة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي بالتدخل العاجل لحماية المدنيين ومؤسسات الدولة.
وكان استيفان دوجريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، وفي أول تعليق أممي على مطالبة البرلمان الليبي بالتدخل الدولي قد صرح بأن «تغيير مهمة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا يحتاج إلى قرار من مجلس الأمن الدولي» مضيفا أن «أي تدخل من قبل المجتمع الدولي في ليبيا يتعين أن يتم بشكل تنسيقي، وأن يكون تحت رعاية الأمم المتحدة» في إشارة واضحة الى محاولات تدخل أحادية الجانب سواء كانت إقليمية أو من قبل قوى كبرى تحاول حماية مصالحها في ليبيا.
تصريحات المتحدث الأممي تزامنت مع قرار أصدره الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بتغيير رئيس البعثة الأممية في ليبيا والذي كان يشغله السياسي اللبناني طارق متري، ليتم تعيين الإسباني بيرناردينو ليون مبعوثا خاصا للمنظمة الدولية إلى ليبيا والذي أوضحت مصادر لـ«القدس العربي» أنه سيباشر أعماله في الأول من ايلول/سبتمبر القادم.
وكان بيان الأمم المتحدة الصادر عنها بخصوص تعيين ليون، قد أشار إلى خلفيته الأوروبية كدبلوماسي في حكومته الإسبانية وفي مؤسسات الإتحاد الأوروبي، وهو ما يعطي إشارة إلى ظلال أوروبية تطغى على الإشراف الدولي في ليبيا، وهو ما قد يحرك مياه الدبلوماسية الراكدة نظرا لتشعب المصالح الأوروبية في ليبيا من جهة، والخطر الديموغرافي المتمثل بأمواج الهجرة البشرية القادمة عبر المتوسط من العمق الليبي المنفلت أمنيا.
تعيين المبعوث الأممي الجديد- حسب ما يرى مراقبون- قد يضع حدا للجدل حول المبعوث السابق اللبناني طارق متري والذي كثيرا ما أبدت أطراف في الصراع الليبي تحفظاتها حول دوره الشخصي في النزاع، واتهامه من قبل التيارات الليبرالية خصوصا من تيار التحالف الذي يقوده الدكتور محمود جبريل بالإنحياز للإسلاميين والعمل ضمن أجندتهم.
مصدر من تيار التحالف لم يرغب بالكشف عن اسمه أفاد لـ«القدس العربي» بأن المبعوث الأممي طارق متري لم يتوفق في أداء مهامه بالشكل المطلوب، وذكر المصدر قضية المبادرة التي أصر متري على إطلاقها في توقيت حرج وهو الإنتخابات الأخيرة، وإصراره على تمريرها ودفعه لكل الأطراف على تبنيها قبل ظهور نتائج الفرز، مما أثار شكوكا حول توقيت المبادرة والتي يقول المصدر نفسه أنها لم تدرس جيدا ولم يتم التشاور حولها كما يجب. على الصعيد الإنساني، فقد حذرت وزارة الصحة الليبية من انهيار وشيك في القطاع الصحي بسبب مغادرة العمالة الأجنبية التي يقوم عليها القطاع الصحي الليبي من البلاد جراء العنف اليومي والذي بات يهدد حياة الجميع، خصوصا بعد أن أعلنت الفلبين عزمها على سحب رعاياها من ليبيا والبالغ عددهم 13 ألفا، يعمل 3000 منهم في القطاع الطبي.
وتعاني المستشفيات الليبية من نقص حاد في أدوية الأورام وغسيل الكلى لنقصها من مركز الإمداد الطبي الرئيسي حسب مسؤولين في وزارة الصحة. وهو نقص يعانيه القطاع الصحي، سواء العمومي أو الخاص، يرافقه عجز كبير في القدرة الاستيعابية والدوائية، إضافة إلى الموارد البشرية التي أغلبها من النساء، وتهدد الاشتباكات خروجهن من منازلهن، أو من العمالة الوافدة من الفلبين أو الهند والتي بدأت بمغادرة ليبيا بأعداد كبيرة، مما يضع القطاع الصحي المتضرر أصلا من قلة الأمدادات على حافة انهيار وشيك يتقاطع مع عمليات نزوح بشري من الأحياء التي تتعرض للقصف والتي تم تقديرها بالآلاف.
وبين مطالبة مجلس نواب من خارج العاصمة بتدخل دولي، وصراع مسلح تسيطر فيه التيارات الإسلامية على الأرض في العاصمة وبنغازي، تبقى ليبيا وطنا معلقا على مصالح دولية متضاربة، ومشروع دولة مؤجل على ذمة المستقبل.
مالك العثامنة
يجب للليبيون أن يرضخوا لنتيجة الانتخابات
ويجب أن يضعوا السلاح بيد الدوله
ويجب عليهم النجاح بثورتهم
ان الخوف على ليبيا كدولة مشروع لكن دعوا الليبيون يقرروا لأنفسهم
ولا حول ولا قوة الا بالله