تميزت ضمن عرض «كلاكيت» وتكاملت مع نعيم أسمر… ياسمينا فايد: من يقصدنا يعرف أن الفرح ينتظره

حجم الخط
0

بيروت ـ «القدس العربي»: متيمة ياسمينا فايد بأغنيات زمن أفلام الأبيض والأسود، ولها قدرات تجسيدها على المسرح بما يضيف إليها مزيداً من البهجة والفرح. ولديها كذلك ملكة الغناء النقدي والساخر بنجاح مميز برز في تقديمها لعدد من الأغنيات الخاصة بها. عندما تصل إلى المسرح وتصبح وجهاً لوجه مع المذياع تبدأ حالتها الفنية في التكامل والتناسق تباعاً. تستحضر ياسمينا إلى حالتها الفنية حتى الريش أو الزهر المميز الذي يزين رأسها. نعيم أسمر وياسمينا فايد تألقا معاً في سهرة جديدة بعنوان «كلاكيت» في مترو المدينة. هي استعادة لأغنيات من أفلام محمد عبد الوهاب، عزف نعيم أسمر على العود وغنى بما يشبه السلطنة. حافظ الغناء على الأجواء المعهودة التي نعرفها في فن الزمن الجميل، بما فيها نحنحات العازفين أو عبد الوهاب نفسه. ياسمينا فايد ظهرت في هذا العرض وتميزت في دور ليلى مراد في أغنية «ابجد هوز» و «طبيب عيون» وسواهما. وأضفت حالة من الحبور والفرح المطلق على المكان. نسألها عن هذا الاحساس الذي تعيشه مع الأغنية التي تؤديها فتقول بكل هدوء: منذ كنت أتابع الأفلام القديمة حيث كانت تظهر فيروز الصغيرة، شادية أو ليلى مراد صارت تلك المشاهد مطبوعة في مخيلتي، ومنها استوحي حضوري الغنائي على المسرح. دائماً ما كنت في بحث عن فرصة لتجسيد أدوار تلك الشخصيات الفنية، وفي عرض «كلاكيت» لم أصدق أننا فعلاً نقوم بالدور نفسه الذي قدمه هؤلاء الفنانين منذ أكثر من نصف قرن، طبعاً مع غض النظر عن مدى النجاح الذي حققته شخصياً. مترو المدينة وجد لنقدم هذا النوع من الفن.
منذ دعيت ياسمينا من قبل المدير الفني لمترو المدينة هشام جابر للمشاركة في عرض «عالم التفنيص» بدأت طريقها تتضح. تقول: دون دراية مني بدأ المشروع الفني الذي شغل مخيلتي يتحقق. صار متاحاً على هذا المسرح تمثيل الحكايات التي نرغبها، وأن نلعبها حتى النهاية.
وتهرب من السؤال الذي يلقي الضوء على الذات كأن نسألها: كيف نسجت علاقة مع المتلقين حتى صار لك جمهور يرحب بك تحديداً، إذ تقول: من السهل أن يحب الجمهور العروض التي نقدمها، فهي ليست معقدة. الترحيب والتصفيق لا ينتظراني وحدي، كذلك زميلي نعيم الأسمر، فما أن يفتح شفتيه منغماً حتى يصفق له الجمهور. الناس يعرفون سلفاً ما ينتظرهم على المسرح. يعرف من يأتون إلينا أنهم في مواجهة مشروع سيمنحهم الفرح.
الشكل الذي تظهر عليه في مترو المدينة يعجب ياسمينا أكثر من أن تكون منفردة بالغناء على المسرح. «العمل ضمن فريق جميل جداً، وأن يساند أحدنا الآخر على المسرح أجمل». نسألها عن الأنانية الكامنة داخل كل فنان فتجيب: أرضيت أنانيتي بقولك أن الجمهور يرحب بحضوري الخاص. لن أختبئ خلف إصبعي بالقول أني لا أعرف ماذا أفعل. بل أعرف تماماً ما أقوم به. أفكر في كل خطوة. اجتهد في التمارين. أبحث على مدى أسابيع عن الملابس التي سأظهر بها خلال العرض بالتعاون مع آخرين طبعاً. وكذلك الأمر في اختيار أصغر اكسسوار أحتاجه. فريق مترو يعرف حجم الجهود التي نبذلها جميعنا حتى تكون لنا جرأة الظهور أمام الجمهور. قررت ياسمينا أن تكون ذات شعر قصير للغاية، وهي خصوصية تميزها، لكنها تعمد لتزيينه بـ»بوند من الريش أو الأزهار» وصار من علاماتها الفارقة. وكما هي حالها الكوميدية في تجسيد أغلب أغنياتها تقول: دون هذا الريش لكنت كما صوص الدجاج «الكتكوت» الذي يرتدي فستاناً. هذا الشكل صار علامتي المميزة أو المسجلة، فلا أحب الشعر المستعار، ولا أرى ضرورة للتغاوي بالشعر على المسرح كداعم للأنوثة. يشكل «البوند» هدفي الدائم، اشتريه أينما أجده، سأحتاجه يوماً بكل تأكيد. الأدوار التي أقوم بها على المسرح تحتاج هذا الاكسسوار، حتى وإن كان شعري «كاريه» فليس كافياً.
رغم جمود الغناء في زمن أفلام محمد عبد الوهاب، إلا أن حضور ياسمينا فايد في عرض «كلاكيت» بدّل المعادلة، فصارت مغنية متحركة بكليتها من ريش رأسها حتى قدميها. تخصصت جامعياً في المسرح والتمثيل. في رأيها: الدراسة تساعد على رؤية الذات بصدق. على سبيل المثال لا ترقص ليلى مراد في أغنية «أبجد هوز». هي تتمايل وحسب. في حين كافة أصحابها وهم في زيارة لها يتراقصون على طريقة «كلاكيت». كذلك يرتدي هؤلاء الضيوف ملابس أصغر من أعمارهم بخلافها هي. في عرض «كلاكيت» اخترت الظهور كما أصحاب ليلى مراد وليس هي، فإيقاع الموسيقى عالي جداً في هذه الأغنية.
لياسمينا شغف لا يوصف بمتابعة الأفلام المصرية القديمة وبكل تفاصيلها الدقيقة. تبحث عن كل مرجع موسيقي يمر على الشاشة. تقول: أحاول حفظ المصطلحات المصرية كي أخفف أخطائي في لفظها. الأفلام القديمة بالنسبة لي مدرسة ومتعة في آن.
وكما هي ياسمينا فايد حاضرة بنجاح إلى جانب الفنان نعيم الأسمر في عرض «كلاكيت» وفي عروض أخرى، تتميز في كافة العروض التي يطلقها مترو المدينة. فهل معه يتكامل طموحها الفني؟ وماذا عنها كمختصة في المسرح والتمثيل وهل ما تقوم به كاف؟
تعبر عن فرحها بما تؤديه في مترو. وتقول: عملت مساعدة انتاج لـ15 سنة في تلفزيون «المستقبل» وتنقلت في عدة برامج، وقبل ستة أشهر كان قرار الاستقالة. أنا من بين قلة محظوظة يطرح عليها سؤال هل هذا كاف؟ فعلياً منذ شهر كانون الثاني/يناير وأنا في تفرغ كامل مع مترو. هو وقت كامل للتمارين، للبحث في مشاريع جديدة، وعندما لا نكون بصدد جديد، يكون ما سبق عرضه مستمرا أمام الجمهور.
ياسمينا وزملاؤها في عروض المترو المتنوعة يخشون أحياناً من أن لا يقبل الجمهور. سؤالهم دائم: «شو مفول اليوم»؟ ويعنون القاعة ملأى بالجمهور. ويتابعون مازحين: «آه مش مستوفين»؟ ويعنون الحضور بعضه فوق بعض. نسألها: هل زادت الثقة عن حدها المقبول؟ تجيب: نعم، لكننا لا نعبر بجشع بل بحب. نقدم المشاريع الفنية ونعرف أنها في يوم آت ستقف، وسنقدم غيرها. كنت محظوظة لمشاركتي في عرضي «بار فاروق» و»هشك بشك» ومن خلالهما التقطنا الكثير من الخيوط الفنية. ولم نقف عند هذين العرضين، بل تابعنا إلى جانبهما «أغاني سرفيسات» والآن «كلاكيت». نحن نتسلى في تنفيذ الأفكار. نحن فريق كبير نبحث في الأفكار، وهشام جابر في حلم دائم.
لياسمينا أغنيات خاصة تؤديها في بعض العروض، وهي تتألق من خلالها بأسلوبها الخاص الذي يمزج بين الأداء المتقن، والحضور الرقيق الممزوج بالدلع. من تلك الأغنيات «جسمك لبيس» و»يللي راكب ع الموتو»و»شايلتلك كرز تحت الفيشة». لكن في الواقع ياسمينا فنانة تختلف عن كونها إنسانة، فهي جدية جداً ولا تعرف الدلع، إلا في حدود، بحسب ردها. وما تقوم به على المسرح هو حلمها القديم.
بدأ الفن الأصيل والمميز يتسرب إلى ذات ياسمينا منذ الطفولة. حين كان والداها يصطحبانها لحضور فرقة المايسترو سليم سحاب، وكذلك عروض فرقة السنابل لغازي مكداشي. كنت مع شقيقتي نتابع دروسا في الباليه والعزف على البيانو، وأفتخر أن مهنة جدي لأبي في الحياة كانت ضرب الدرامز.
هل تحلم بأغنيات لها تبث عبر الإذاعات؟
فرحي كبير بما أقوم به حالياً، ومن يرغب في حضور عروضنا وآخرها «كلاكيت» فهو لن يتوانى. نحن نقدم ما نحبه، والجمهور يرحب بعروضنا بقوة، ولست أطلب أكثر في هذه المرحلة.
تعود ياسمينا إلى العرض الأول لـ»كلاكيت» لتقول: مع كل جديد، وعندما تقترب لحظة العرض تهبط ثقتي بنفسي وتصل إلى مستوى الأرض. في العرض الأول لم أتمكن قبل وصولي إلى المسرح من ضبط أنفاسي من شدة الخوف. أجمل ما في المسرح أن الجواب يصل مباشرة. أن نشاهد الجمهور في الصالة يضحك للمتوقع وغير المتوقع من قبلنا، عندها يصلنا حقنا.
وماذا عن الطموح؟
أتمنى المثابرة فيما نحن عليه، والمزيد سيأتي مع الوقت طالما نحن نعمل بشكل صحيح.

زهرة مرعي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية