■ بعد خطوة عين العرب- كوباني- سيتوجه التنظيم نحو مسارين، الأول عسكري والثاني سياسي، وهي خطوة دقيقة لكنها في العلن تعني انقلاباً في مفهوم التحالف الدولي الذي سيعيد تشكيل نفسه من جديد على قاعدة البحث عن عنصر ميداني على الارض. قد يعني بالفعل بناء أو انشاء قواعد لجيوش غربية بإدارة أمريكية على الأرض، وهذا يتطلب الوقت، ويتطلب استصلاح مزيد من العسكر من المعارضة السورية وتأهيلهم على شاكلة صحوات العراق.
المسار السياسي لتنظيم الدولة يعني عملية صهر وابتلاع لكثير من الحركات والمنظمات الإسلامية والمقاتلين وغيرهم، ليس في سوريا فحسب، بل والساحة السياسية العربية، التي وظفت نفسها لمقاتلة هذا التنظيم، وهذا يتطلب إعلاناً سياسيا قد يقوم به تنظيم الدولة، يحدد من خلاله مفهوما سياسياً، وهو سيصل إلى هذه الدرجة ولو تأخر، بمعنى انه سينسج نمطاً من التحالف يحدُّ من خلاله من فرض وصايته من خلال مفهومه بما يعرف بـ البيعة. وبالوصول إلى هذه الخطوة، أو إلى شكل من أشكالها، فسوف يصبح تنظيم الدولة إطاراً سياسيا مهما، يمكنه بالفعل المناورة بشكل أفضل، ويمكنه شق الصف السياسي للحلف الغربي، ولا أظن ان تنظيم الدولة بعيد عن هذه الرؤية، لكنه أراد اختبار مفهوم الصدمة، لتأثر هذا التنظيم الشديد بالتاريخ، فهو على شاكلة موقف خالد بن الوليد الذي وقف على أبواب دمشق وبدأ المفاوضات بقطع رؤوس عدد من القادة الذين أسرهم بوقت سابق في معركة مرج الصفة.
لا نستبعد بتاتاً وجها سياسيا لتنظيم الدولة، على الصعيد الداخلي، وهو مبكر بكل تأكيد على المستوى الخارجي.
الخطوة العسكرية التالية هي ان التنظيم سيبحث عن حرب سهلة، يعيد من خلالها إطلاق مفهوم الرعب من جديد، وتصديره للدول العربية تحديداً، بعد ان انتهى من العقدة الكردية، باعتبار ان الأكراد مقاتلون مشهود لهم في الحرب، والخطوة التالية ستكون على مسارين، الأول الاقتراب من الشمال السوري بقصد تأمين انشقاق المقاتلين في بقية الفصائل لصالحه، ولن يكون هدفه تغيير قواعد القتال على الأرض، وأما الخطوة العسكرية الثانية، فهي اجتياحه للحدود التي تعجز الأنظمة عن حمايتها. ويكفي تنظيم الدولة ان يدخل عدة كيلو مترات في الصحراء الأردنية، ليعيد قلب الحكم والشارع الأردني رأسا على عقب، فاجتياز الحدود يعني كسرا لسايكس بيكو، ويعني دفع الجيش الأردني وشركائه للمرابطة في صحراء لا تعني للتنظيم أكثر من ساحة لعب.
وهنا هو يرسل الرسائل للسعودية باقترابه من الأماكن المقدسة، وإذا كان الشتاء مناسباً فسيحاول هذا التنظيم الاقتراب ضمن الحدود في السعودية، لأن عينه التي على الكعبة، تعني له كل الأمر، وهو ليس أمرا عرضياً ان يتجاهل التنظيم رمزية منطقة الحجاز ومكة المكرمة. من هنا فاختراق هذه الحواجز الحدودية الواهية أصلا ستجعل من التحالف الدولي مجرد بالون إعلامي لا قيمة له، وسينقل المبادرة السياسية والعسكرية في مصلحة هذا التنظيم.
بتقديري ان الأمريكان كانوا يبحثون عن تشكيل للتحالف يقاتلون به تنظيم الدولة، وهم الآن سيبحثون عن أرض يقاتلون هذا التنظيم عليها.
٭ كاتب فلسطيني مقيم في تركيا
أيمن خالد