عواصم – «القدس العربي» – وكالات: في هجوم مباغت ومفاجئ للجميع سيطر تنظيم «الدولة» أمس على أجزاء من مدينة البوكمال في شرقي سوريا والمحاذية للحدود العراقية بعد هجوم عنيف تخللته عشر عمليات انتحارية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس «إنه أكبر هجوم للتنظيم على مدينة البوكمال منذ سيطرة قوات النظام وحلفائها عليها» في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي. وبدأ التنظيم المتطرف هجومه، وفق عبد الرحمن، «بشن عشر عمليات انتحارية بينها أربع بسيارات مفخخة وستة أنغماسيين» قبل أن يتمكن لاحقاً من دخول المدينة والسيطرة على أجزاء منها. وتدور حالياً معارك عنيفة في وسط المدينة أسفر حتى الآن أوقعت حتى الآن «25 قتيلاً على الأقل من قوات النظام والمسلحين الموالين لها»، حسب المرصد. وأسفرت المعارك عن مقتل 18 جهادياً بينهم الانتحاريون العشرة.
وضاعف تنظيم «الدولة» من هجماته ضد قوات النظام منذ طرده من أحياء في جنوب دمشق الشهر الماضي بموجب اتفاق إجلاء جرى خلاله نقل مقاتليه إلى مناطق محدودة تحت سيطرتهم في البادية السورية.
ويتواجد التنظيم المتطرف في البادية السورية في جيب بين مدينة تدمر الأثرية (وسط) وجنوب البوكمال. كما يخوض معارك ضد قوات سوريا الديمقراطية (فصائل كردية وعربية) في جيب صغير على الضفة الشرقية المقابلة للبوكمال.
نفي النظام
وقتل قبل أيام 45 مسلحاً موالياً للنظام جراء هجمات متتالية للتنظيم المتطرف ضد قوات النظام في قرى شمال غرب البوكمال، وتمكن من قطع الطريق بينها وبين مدينة دير الزور، مركز المحافظة.
وفي جنوب دمشق، كان قُتل 22 مقاتلاً موالياً للنظام الخميس في هجمات مفاجئة أيضاً شنها التنظيم المتطرف ضد مواقع لهم في محافظة السويداء والتي تُعد من المناطق القليلة في سوريا التي بقيت إلى حد ما بمنأى عن المعارك والهجمات خلال سنوات النزاع.
ونفى قائد عسكري في قوات النظام السوري المعلومات المتداولة عن سيطرة تنظيم الدولة على أجزاء من مدينة البوكمال في أقصى شرق دير الزور قرب الحدود العراقية وقال القائد العسكري -في تصريح لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن «مجموعات كبيرة من تنظيم الدولة شنت منذ صباح أمس الجمعة هجوماً عنيفاً انطلاقاً من البادية على محيط مدينة البوكمال، حيث تصدت لها القوات الحكومية الرديفة العاملة في المنطقة».
ماتيس: لن ننسحب
تزامناً مع أخبار الهجوم الكبير لتنظيم الدولة على البوكمال قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس، إن مكافحة تنظيم الدولة «الإرهابي» في سوريا مستمرة. وأكد ماتيس أن الانسحاب من سوريا مع انتهاء المعارك ضد الجهاديين يعد «خطأ استراتيجياً».
جاء ذلك في تصريحات له عقب اجتماع وزراء دفاع حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل، أمس. وقال إن «مكافحة الدولة مستمرة في سوريا، وستستمر طالما تواجد التهديد الذي يمثله التنظيم». وأضاف أن الولايات المتحدة «لن تنسحب من سوريا فور تطهيرها من الدولة، حتى لا تتيح له الفرصة للعودة». وأكد على ضرورة دعم الإدارة المحلية وقوى الأمن.
وردًا على سؤال حول ما إذا كان هناك احتمال لنشوب حرب بين الولايات المتحدة ونظام الأسد، قال ماتيس «نحن في سوريا من أجل مكافحة تنظيم «الدولة»، قلنا هذا بوضوح مرات عديدة». وحول اجتماع وزراء دفاع الناتو، أوضح ماتيس أن الاجتماع جهز للموضوعات التي ستناقشها قمة الحلف. وتابع «نفعل ما يلزم لكي يكون الحلف في وضع جاهز للقتال». وبين أن التهديدات ضد أمن الدول الأعضاء في الحلف «لم تتقلص، ولا يزال تهديد تنظيم «الدولة» مستمراً في الجنوب، وعدوانية روسيا في الشرق».
وقال ماتيس «في سوريا الانسحاب لقواتنا سيكون خطأ استراتيجياً يضعف دبلوماسيينا ويتيح للارهابيين التقاط الانفاس، قبل ان يتوصل مبعوث الامم المتحدة ستافان دي ميستورا إلى دفع عملية جنيف للسلام بتأييد منا جميعا بقرار من مجلس الامن». وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين اكد الخميس ان القوات الروسية التي تدعم الجيش السوري منذ ايلول/سبتمبر 2015 ستبقى في سوريا طالما رات موسكو «في ذلك مصلحة لها» مضيفا «نحن لا نعتزم سحب قواتنا حالياً».
ونشرت قوات التحالف الدولي ضد الجهاديين في سوريا تحت عنوان محاربة تنظيم «الدولة»، ومع القضاء على مسلحي هذا التنظيم في المنطقة الشمالية الغربية من سوريا التي تسيطر عليها قوات حليفة لواشنطن، فان وجود جنود أمريكيين على الاراضي السورية قد يفقد شرعيته الدولية. ولذلك استهل ماتيس اجتماعاً حول التصدي لتنظيم الدولة في مقر الحلف الاطلسي بدعوة الحلفاء إلى عدم ترك المجال فارغاً لروسيا او ايران.