تهديد روسيا الاقتصادي لتركيا… 55٪ من الغاز الطبيعي و5 مليون سائح و44 مليار تبادل تجاري

حجم الخط
15

إسطنبول ـ «القدس العربي»: مع استبعاد الخيار العسكري المباشر في الرد الروسي على إسقاط الجيش التركي لطائرة حربية روسية على الحدود مع سوريا، الثلاثاء، لوحت موسكو بعقوبات اقتصادية كبيرة ضد أنقرة قد تطال التبادل التجاري الضخم بين البلدين إمدادات الغاز الطبيعي والسياحة.
وتعتبر روسيا ثاني أكبر شريك تجاري لتركيا، كما تزود أنقرة بأكثر من 55٪ من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، بالإضافة إلى أن السياحة الروسية إلى تركيا بلغت عام 2014 أكثر من 5 مليون سائح، وهي أرقام تؤشر لحجم الكارثة التي ستلحق بالاقتصاد التركي في حال قررت روسيا وقف تعاملاتها الاقتصادية والتجارية مع أنقرة، لا سيما بعدما أعلنت الأربعاء، وقف تعاونها العسكري.
وتعد تركيا أكبر خامس شريك تجاري لروسيا بحصة تبلغ 4.6٪ من إجمالي التجارة الخارجية الروسية، وذلك بحسب بيانات إدارة الجمارك الروسية للفترة ما بين يناير/كانون الثاني وسبتمبر/أيلول من العام الحالي، وتأتي تركيا في هذا المركز بعد الصين، وألمانيا، وهولندا، وإيطاليا.
وبلغ التبادل التجاري بين موسكو وأنقرة في العام الماضي 31 مليار دولار، ووصل إلى 18.1 مليار دولار للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، منها 15 مليار دولار هي صادرات روسيا إلى تركيا التي تشكل واردات الطاقة حصة الأسد فيها، حيث تقوم روسيا بتلبية أكثر من نصف احتياجات الغاز في تركيا، وبعد الأخذ بعين الاعتبار «تجارة الخدمات» فإن مؤشر التبادل التجاري الكلي (بضائع وخدمات) بلغ في عام 2014 ما يقارب 44 مليار دولار.
وبحسب موقع روسيا اليوم، فإن السلطات الروسية قدمت توصيات لمواطنيها للحد من سفر الرعايا الروس إلى تركيا، مشيراً إلى أنه من الصعب التكهن بتدابير أخرى. ونقل عن مصدران في الحكومة الروسية قولهم إن هذه المسألة تبحث على مستوى الرئاسة الروسية.
وتعد أنقرة ثاني أكبر مشتر في العالم للغاز الطبيعي الروسي بعد ألمانيا، كما أن موسكو هي أكبر مورد للغاز الطبيعي لتركيا، إذ تبلغ كمية مشتريات الأخيرة من الغاز الروسي ما بين 28 و30 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل ثلثي حاجيات تركيا من هذه المادة سنويا.
كما تزود روسيا تركيا بالنفط الخام وبالمشتقات النفطية، وقد احتلت موسكو المرتبة الرابعة عام 2013 ضمن كبار موردي المواد المذكورة لتركيا.
وتعتبر تركيا أيضا إلى جانب مصر أكبر المشترين للقمح الروسي، فقد اشترت أنقرة 4.1 ملايين طن في السنة التسويقية الماضية التي انتهت في يونيو/حزيران 2015. وفي مجال الصلب، تحتل تركيا المرتبة الأولى ضمن أكبر المشتريات لمنتجات روسيا نصف الجاهزة.
رئيس الوزراء الروسي ديميتري مدفيدف، قال الأربعاء، إن إسقاط تركيا الطائرةَ الروسية قد يؤدي إلى إلغاء بعض المشروعات المشتركة المهمة بين البلدين، وأضاف مدفيدف في بيان على الموقع الإلكتروني لحكومته أن الشركات التركية قد تخسر حصتها في السوق الروسية.
لكن وزير شؤون الاتحاد الأوروبي في تركيا بلقان بوزكير، قال الخميس، إن تركيا وروسيا ليس لديهما «ترف» إتلاف العلاقات، متوقعاً الحفاظ على العلاقات مع موسكو.
وفي أولى الخطوات الفعلية قامت الحكومة الروسية بإيقاف استيراد اللحوم البيضاء التي تستوردها من تركيا، وبحسب ما أوردت وكالة أنباء انترفاكس الروسية، فإن الحكومة الروسية ستقوم، بتاريخ 1 ديسمبر/ كانون الأول من الشهر القادم، بإيقاف استيراد اللحوم البيضاء من تركيا، حيث تعد روسيا المستورد الأكبر للحوم البيضاء من تركيا، وتم تصدير لحوم دجاج في العام الماضي إلى روسيا بما قيمته 16 مليون، في حين كان من المتوقع إرتفاع هذا الرقم إلى 23.5 مليون في نهاية هذا العام.
وكان وزير الطاقة التركي الجديد بيرات البايراك صرح أمس بأنه لا يشعر بالتشاؤم حيال العلاقة بين البلدين، مضيفا أنه لن يكون للأحداث التي تشهدها المنطقة تأثير في المدى القريب على العلاقات بين البلدين في مجال الطاقة.
وقد وقع البلدان أكثر من ستين اتفاقية في مجالات التعاون المختلفة خاصة في مجالات الطاقة الكهربائية وبناء سفن الشحن والنقل البحري، وبينهما تبادل تجاري يزيد على 33 مليار دولار سنويا، ويتوقع أن يرتفع إلى مئة مليار بحلول عام 2023.
وبلغت تكلفة المشاريع التي تسلمتها الشركات التركية في روسيا 3.9 مليار دولار، فيما وصل عدد المشاريع إلى 47 مشروعا، ويبلغ عدد المحلات التي تحمل أكثر من 30 علامة تجارية في روسيا 700 محّال تجارية، وفي عام 2015 وحده وحتى الشهر العاشر تم بيع ما يقارب 18 ألف منزل لمن يحملون الجنسية الروسية، وبهذا أصبحت تركيا تحتل المرتبة الثالثة من حيث رغبة الروسيين في شراء عقارات فوق أراضيها.
والخميس، قال الكرملين إنه لم يفرض حظرا على توريد البضائع التركية و»تشديد الرقابة عليها يرتبط بتنامي الخطر الإرهابي»، وذلك بعد أن قالت وسائل إعلام روسية إن الحكومة أوعزت بتعزيز الرقابة على المنتجات الزراعية والمواد الغذائية القادمة من تركيا، وتنظيم عمليات فحص إضافية على الحدود وفي مراكز إنتاجها في تركيا.
وفي مجال المشروعات، أسندت الحكومة التركية في العام 2013 لشركة روساتوم الروسية بناء أربعة مفاعلات نووية بقدرة إنتاجية قدرها 1200 ميغاواط، وتقدر قيمة المشروع بعشرين مليار دولار، لكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ألمح في وقت سابق إلى أن بلاده يمكن أن تلجأ إلى دول أخرى كاليابان من أجل بناء المفاعلات النووية السلمية التركية، معتبراً أن موسكو هي الخاسرة في حال إلغاء هذه المشاريع.
المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف قال إن روسيا ستنظر بشكل دقيق في جميع المشاريع المشتركة مع تركيا، بما فيها مشروع محطة «أك كويو» أول مشروع محطة نووية في تركيا، الذي يتضمن بناء 4 مفاعلات بقدرة 1200 ميغاوات.
كما اتفق البلدان على إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الروسي تحت اسم «تركيش ستريم»، وهو مشروع بديل لخط الأنابيب الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا، وقد أعلنت شركة غازبروم الروسية في الفترة الأخيرة عن خفض القدرة التصميمية لخط تركيش ستريم إلى 32 مليار متر مكعب سنويا.
ويرى محللون أتراك أن العقوبات الاقتصادية الروسية المتوقعة لن تضر أنقرة لوحدها، وستضر بشكل كبير الاقتصاد الروسي الذي يعاني من العقوبات الدولية، مستبعدين لجوء موسكو إلى إلغاء المشاريع الضخمة بين البلدين والاكتفاء بتقليص أرقام السياح القادمين إلى تركيا لا سيما مدينة أنطاليا الساحلية التي تعتمد عليهم بالدرجة. وأوضح المحللون لـ«القدس العربي» أن وقف أو تقليص إمدادات الغاز إلى تركيا أمر غير ساهل، كونه مرتبط باتفاقيات رسمية بين البلدين ولا يمكن الإخلال بهذه الاتفاقيات ومن يخل بها يتحمل تبعاتها الاقتصادية، كما أن إلغاء مشروع «السيل التركي» سيكلف موسكو خسائر قد تصل إلى 3 مليار دولار.
مساعد وزير الطاقة الروسي «اناطولي يانوفيسكي» أوضح أنّ الحكومة الروسية ستستمر في ضخ الغاز الطبيعي إلى تركيا وأنّ حادثة إسقاط الطائرة الروسية في سوريا لن تؤثر على الاتفاقيات المبرمة بين الدولتين في هذا الخصوص، مؤكداً أنّه سيتم إرسال الغاز الطبيعي إلى تركيا طبقاً للاتفاقيات المبرمة في هذا الخصوص، وأنّ الحكومة الروسية لا تفكر في بدائل أخرى في الوقت الراهن.

إسماعيل جمال

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول R. Ali:

    اقتصادياً روسيا تحتاج تركيا اكثر!

  2. يقول د.منصور الزعبي:

    تركيا وجهت ضربة عسكرية عدواني ، روسيا لن تكون عدوانية الان و ستكتفي بضربة اقتصادية موجعة ، روسيا ستوقف كل شيء و ليس فقط الساحة ستقوم بضربة اقتصادية هاىلة التدمير و التأثير لن يصحو منها اوردوغان قريبا ، و ضربة سياسية تنهي اطماع تركيا بالدول العربية و إعادتها بالترهيب او الترغيب الى عهد السلطان العثماني ، اوردوغان سيبقى سلطانا فقط في قصره في اسطنبول و على تلك النسبة من الأتراك اللتي قامت بالتصويت له ، باي اوردوغان باي داعش ، و عصر جديد خالي من الهيمنة التركية و الابتزاز للعرب ، بدون ان ندري قريبا سنقول شكرًا روسيا .

    1. يقول ناجح الفليحان:

      أصلا الإقتصاد الروسي كان واقفا على قدم واحدة قبل أن يرتكب طياروها حماقتهم , الغاز الروسي يمكن إستبداله بغاز من أي دولة منتجة له و سياحة الفساد و التعري الروسي خير من الله جاءت لتركيا على قدميها و الله سيعوض المتقين من عنده بخير منهم و كذلك بقية الأمور :)

      لكن روسيا فقدت شريكا تجاريا قادرا على دفع الفواتير في وقتها :)

      روسيا أوقفت ضخ الغاز إلى أوكرانيا قبل أمس لكون الأخيرة لم تعد بقادرة على دفع الفواتير و الديون :)

      لمن ستبيع روسيا غازها الذي كانت تبيعه لتركيا ؟! :)

      تركيا دولة منتجة و الشعب التركي شعب عملي فلا قلق عليه الله معه :)

      من صادرات تركيا إلى روسيا الكثير من المواد الغذائية من خضراوات و فاكهة و لحوم وووو يعني المواطن الروسي سيحافظ على المزيد من بلع الموس على الحدين فالأسعار سترتفع هذا إذا وجد الروس في أسواقهم ما إعتادوا عليه من أطعمة التي هي أصلا تحت ضغوطات بوتين و الغرب معا :)

      خليهم يأكلون الكارتوشكا :)

      ستنخفض أسعار الغاز الروسي و بل ستتمنى روسيا أن تجد من يشتري غازها منها مع العلم أن أسعار الغاز في الأسواق العالمية قد إنخفضت جدا في الآونة الأخيرة :) و أن فصل الشتاء و برد الخريف تأخر كثيرا في أوروبا و غير أوروبا المستهلكة للغاز و هذه ستجعل من أسعار الغاز أقرب إلى الغاز البشري ,,, :)

      من حماقات الروس أنهم رفضوا بيع صواريخهم ال S-300 للآخرين و ها هم ينصبون صواريخهم الأكثر تطورا منها ال S – 400 مع خيرة سفنهم الحربية في سورية ببلاش :)

    2. يقول سيف الدين:

      تحيه د.منصور :

      لن أجادلك فيما كتبت فهذا رايك وانا أحترمه لكن عندي سؤال يا ريت تتكرم وتجاوبني عليه :

      أنت تقول اطماع تركيا في البلاد العربيه ..

      ما هو رايك باطماع إيران التي ارسلت جنودها على الأراضي السوريه ؟

      قادتها صرحوا عدت مرات بأن أربع عواصم عربيه تحت سيطرتهم ؟

      أنت ترى اطماع تركيا ولا ترى إيران ..!!!!

      روسيا لن تلغي أي مشاريع كبيره مع تركيا والإيام بيننا … كل ما هنالك تصدر روسيا بعض التصريحات الناريه لحفظ ماء الوجه ..

  3. يقول الكروي داود النرويج:

    بامكان تركيا استيراد الغاز عن طريق السفن ومن قطر
    بامكان تركيا البحث عن تصدير منتجاتها لدول أخرى
    بامكان تركيا بناء محطات نووية أوروبية أو أسيوية!
    بامكان تركيا تطوير زراعتها للقمح بدلا من استيراده

    تركيا دولة متكاملة من أغلب النواحي
    ويارب يخرج من باطن أرضها وبحرها نفط وغاز

    ولا حول ولا قوة الا بالله

  4. يقول الهدهد- اربد:

    55% من الغاز الروسي ان أوقفت موسكو الضخ الى تركيا اين ستبيعة هذه خسارة لموسكو والقمح أيضا والمشاريع التي ستقام في تركيا ان أقدمت موسكو على الغائها فالخاسر الأكبر هي روسيا ولكن هذه مغمغة روسيا لانها
    وان سقطت طائرتها السوخوي فانها لن تستطيع التخلي عن تركيا ولكن تريد
    روسيا تبييض وجهها امام العالم وبإمكان موسكو الرد على تركيا ولكن لا تريد
    القضاء على الاقتصاد الذي هو فائدة اكبر لروسيا من تركيا .

  5. يقول حيدر علي:

    روسيا سوف تتضرر بشكل كبير ايضاً لان الاقتصاد الروسي يعاني من عقوبات بسبب الوضع في اوكرانيا
    المسالة ليست سهلة تركيا تستطيع استراد الغاز و النفط من دول اخرى و لكن هل تستطيع روسيا تعويض ذلك ؟

  6. يقول الراضي بالقدر والقضاء:

    كم اشفق عليكم أيها الحالمون بمجد تركيا واردوغان ، تعلمون ان روسيا واوربا وامريكا لن تسمح لتركيا سوى بما يخدم مصالح الغرب وعدا ذلك يجعلون اردوغان يلهث ويلهث وليس سوى السراب، المانيا وفرنسا وايطاليا تقف خلف روسيا في تحجيم دور تركيا والدائرة تضيق على اردوغان وتتسع على غيره

  7. يقول سلمى:

    لقد طغى الروس و تجبروا في الأرض و هم يحتلون أرض سوريا و يستعمرونها رسميا.

  8. يقول محمد إبراهيم محمد:

    تركيا لن تستجدي أحد , تركيا قادره على إدارة أزماتها الاقتصاديه بحنكه , تركيا ليست الخاسره من وراء عقوبات تلوح بها روسيا , الميزان التجاري لصالح تركيا , تركيا ستجد أسواق أخرى لمنتجاتها , الخاسر الاكبر ستكون روسيا في ظل تراجع عملتها الوطنيه , اللهم إ حفظ تركيا وشعبها

  9. يقول مهند سوريا:

    يقول المثل الكردي: “عندما يدنو أجل المعزة تأكل خبز الراعي” والاتراك نفخ بطونهم زيادة عن اللزوم وسيسقطون من مكان ما من حيث لا يدرون.

  10. يقول عابر سبيل:

    عندما كنت صغيراً, كنت دائم التساؤل كيف تسنى للفرس والروم والمغول والتتار و الفرنسيين والإنكليز والطليان البرتغاليين والإسبان والهولنديين , ولا ننسى الصهاينة أيضاً, كيف استطاعوا أن يغزون بلداننا على الرغم من قلة عدد بعض الغزاة؟ الآن عرفت السبب! لكثرة الخونة والعملاء والمرتزقة وشذاذ الآفاق من طوائف وجماعات وأفراد مختبئين في مجتمعاتنا الطيبة ويعتاشون على العمالة للغزاة ولا ينتعشون إلا برؤية البلد الذي يعيشون فيه نهبة للطامعين. إنهم خساس بالفطرة ولن تصحو الأمة وتستيقظ وتنهض وتنطلق إلا بالتخلص من هؤلاء أو تعليبهم بحيث تلغي خطرهم. لا أريد ذكر أسماء فهم يعرفون أنفسهم أو كما قال تعلى: ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم, ولتعرفنهم في لحن القول والله يعلم أعمالكم” صدق الله العظيم, أي معروفين بالقول والهيئة ولا لبس في عمالتهم.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية