توقعات بتصعيد جديد بعد قطع شعرة معاوية بين عباس ودحلان

حجم الخط
3

غزة – «القدس العربي»: بذهاب حركة فتح وهيئة مكافحة الفساد في السلطة الفلسطينية لتقديم أوراق اتهام بحق محمد دحلان النائب السابق عن الحركة إلى «محكمة الفساد» يكون الجميع في دائرة القرار في القيادة الفلسطينية، قرر حرق كل سفن العودة، لإنهاء الخلاف المستفحل بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ودحلان منذ العام 2011. فرفع الحصانة ونطق المحكمة المنتظر، ينهي أي عودة لدحلان إلى الساحة السياسية، وتحديدا في مركز اتخاذ القرار في السلطة الفلسطينية في الوقت الراهن على الأقل.
الخميس الماضي عقدت «محكمة الفساد» أولى جلساتها لمحاكمة دحلان المحال ملفه من قبل «هيئة الفساد» والتي اتهمته بالتربح غير المشروع، وغيرها من التهم. المحكمة أجلت الجلسة لأقل من أسبوعين، لكن بما لديها من أوراق، يتوقع أن تصدر في نهاية المطاف حكما ضد دحلان، بعد أن جرده الرئيس من حصانته وسط احتجاجات غير متوقعة من نواب حركة حماس وليس فتح.
لكن بالعودة إلى الخلاف الجديد بين الرئيس ودحلان، فبعد أن أوقفا الهجمات المضادة عبر وسائل الإعلام طوال الأشهر الماضية، تبين أن هذا الخلاف تصاعد من مركز القيادة الفلسطينية، كما المرات السابقة، في ظل حديث عن وساطة مصرية جديدة لإعادة المياه إلى مجاريها، وعقد مصالحة بينهما، بتدخل من الرئيس عبد الفتاح السيسي، كما سرت أنباء سربها مسؤولون فلسطينيون.
في المرة السابقة التي هاجم فيها الرئيس الفلسطيني بعنف دحلان في اجتماع للمجلس الثوري في مدينة رام الله، واتهمه بتهم منها التربح غير المشروع وغمز من قناة المشاركة في قتل مسؤولين من السلطة وحركة فتح، كان هناك حديث يدار في الكواليس عن وساطة مصرية قوية لرأب الصدع، بطلب من دولة الإمارات التي يقيم فيها دحلان وكبار مساعديه.
على العموم، سواء كانت الوثيقة التي نشرتها مواقع مقربة من دحلان صحيحة أم لا، فإن ملفه احيل للقضاء، وهي خطوة ستفتح قريبا موجة خلافات وردود أفعال قوية، وعلى الأرجح سيتخذ الرئيس جملة من القرارات لتحجيم دور دحلان وفريقه، ربما تكون بعضها إقالات من الحركة بشكل نهائي، كما حدث سابقا.
فمثلا لم يكن الخلاف الجديد بين الرئيس وياسر عبد ربه أمين سر اللجنة التنفيذية بعيدا عن الأمر، فعلى شاشة التلفزيون الرسمي، اتهم عبد ربه بعقد لقاء مع وزير الخارجية الأمريكي جون كيري في أبو ظبي، بمشاركة دحلان ورئيس الوزراء السابق سلام فياض، وتبع ذلك هجوما للتلفزيون الفلسطيني على غير العادة على عبد ربه، وهناك معلومات وصلت «القدس العربي» تفيد أنه جار تجريد عبد ربه من كامل صلاحياته، بعد أن تقرر إحالة أبرز مساعديه وهو جمال زقوت لـ «التقاعد المبكر» وهي خطوة تلت سحب كامل موظفي دائرة أمانة السر في المنظمة، وتحويلهم إلى دائرة أخرى.
ترافق ذلك أيضا مع إيعاز الرئيس لهيئة الفساد، بفتح تحقيقات مع المؤسسات الأهلية في قضايا فساد، وفهم من ذلك أن التحقيق وجه بالأساس لمنظمات يشرف عليها كل من عبد ربه وفياض.
على غير العادة ظهر في الخلاف الجديد حياد بين حركة حماس في غزة وبين دحلان وفريقه، وهو حياد لم يكن متوقعا يوما، بعدما ظل الطرفان يتبادلان الاتهامات طوال السنوات الماضية، فحماس مثلا اتهمت دحلان بأنه من كان يقف وراء عمليات القتال الداخلي في غزة، ولاحقت فريقه بعد الانقسام، غير أن أول من اعترض على سحب الحصانة من دحلان كان نواب حماس. وقال خليل الحية عضو المكتب السياسي لحماس مؤخرا أن حركته لا خلافات لها معه، على اعتبار أن خلافاته داخلية فتحاوية، فسمحت حماس في غزة بعد شهر من رفضها الأمر لحركة فتح، بأن ينظم أنصار دحلان فعاليات جماهيرية مناهضة للرئيس، منها حشد أقيم في ساحة المجلس التشريعي.
هناك من يرى أن حماس تريد من حيادها توجيه رسائل ضغط للرئيس عباس، في ظل اتساع حجم خلافاتهم السياسية، وآخر يرى أن حماس تسهل ذلك، لما لدحلان من دور كبير في إيصال مساعدات إماراتية عبر لجنة مساعدات إلى قطاع غزة، منها بناء مراكز طبية وإعانات للشهداء والجرحى، ودعم لقطاعات التعليم، وغيرها.
كل ذلك يشير إلى أن مواجهة خلافات هي الأكبر ستظهر قريبا بين «تيار دحلان» أو ما يعرف بـ«الحراك الفتحاوي»، وبين قيادات التنظيم وحركة فتح بقيادة الرئيس عباس، فخروج فعاليات جماهيرية في قطاع غزة، وهي مركز تواجد أنصار دحلان، بعد أن أقصاهم الرئيس من العمل في الضفة، بتهمة «التجنح»، وتوزيعهم في غزة صورا مسيئة للرئيس، مع بداية محاكمة دحلان في الضفة، مقــابل تهـــديد قيادة التنظــيم له بالطرد من الحركة بشكل نهائي، سيكون لها تبعات خطرة.
فقبل الاحتجاج في ساحة المجلس التشريعي نظم «تيار دحلان» ندوة عنوانها «غزة إلى أين» باطنها كان كما خطط القائمون، «دعاية وحشدا» لدحلان، وهتف المشاركون له، وحملوا صوره وصورا أخرى للرئيس الراحل ياسر عرفات، ولأبو علي شاهين أحد قادة فتح، وقد رحل قبل أكثر من عام، ويعتبره «تيار دحلان» أبا روحيا لتوجههم، وفي ظاهر الفعالية، كانت هناك أيضا رسائل نقد للرئيس، إذ كيل له سيل من الاتهامات أهمها عدم الاهتمام بغزة وحل مشاكلها.
الهيئة القيادية العليا للحركة أصدرت بيانا شديد اللهجة ضد «تيار دحلان» اتهمته بالعمل على إحداث «إنشقاق» في صفوف الحركة، ووصفت من قاموا بتنظيم الفعالية بـ «مجموعات تنتحل اسم حركة فتح». البيان الفتحاوي حمل تهديدات للفريق الآخر بإفشال أي محاولة تهدف إلى شق صفوف الحركة. ولقطع الطريق على «تيار دحلان» لمنع أي فعاليات أخرى أصدرت حركة فتح في القطاع تعميما حظرت فيه على أبناء الحركة المشاركة في «تجمعات أو الاستجابة لدعوات يدعى لها من خارج الأطر التنظيمية».
التعميم أنذر من لا يلتزم بالوقوع تحت طائلة المسؤولية، وهو ما فسر على أن الوعيد يحمل تهديدات بعمليات فصل جديدة، غير تلك التي اتخذت بحق من شاركوا في فعالية السبت.
ترافق ذلك أيضا مع إعلان الناطق الرسمي باسم الأجهزة الأمنية اللواء عدنان الضميري، عن طرد كل من خالف القواعد والانضباط العسكري من عناصر المؤسسة الأمنية في قطاع غزة، واستبدالهم بمنتسبين جدد.
على العموم فإن دحلان قال عقب تظاهر أنصاره الخميس في غزة أنها «رسالة واضحة موجهة إلى طاغية رام الله» يقصد الرئيس، «تعلن بداية مرحلة جديدة من مناهضة نهجه المستهتر بمواقف ومطالب الشعب الفلسطيني وحركة فتح». وقال في تصريح له منذرا بخطوات أخرى «من لم تصله الرسالة الشعبية والفتحاوية أو منعه الغباء عن فهم دلالات هذه الرسالة، فعليه أن ينتظر الرسائل الكثيرة المقبلة». وقبل ذلك دعوة تياره في غزة لانتظار «الحدث الأكبر» منتصف شهر كانون الثاني/يناير المقبل، وهو على الأرجح موعد عقد المؤتمر السابع لحركة فتح لانتخاب قيادة جديدة للحركة، ستكون الخلافات بين الطرفين قد تصاعدت بشكل أكبر، رغم الهدوء الذي يبديه الرئيس عباس وقيادة حركة فتح حتى اللحظة في التعامل مع المسألة، مع ترجيح كفة الرئيس في حسم الخلاف والمعركة، لاستناده إلى قوة التنظيم في إنهاء أي مستقبل حركي لأنصار دحلان، وإلى فشل كل محاولات الانشقاق التي أصابت جسم الحركة بعد الخروج الفلسطيني من لبنان في العام 1982.
على العموم فبإحالة ملف دحلان لـ«محكمة الفساد» تكون كل الخيوط التي ظلت قائمة وتحافظ على «شعرة معاوية» ستقطع بشكل كامل، فاتهامه والحكم عليه بقضايا فساد مالي وغيرها من التهم، من شأنه أن ينهي مستقبله السياسي في الساحة الفلسطينية، إذ أن الحكم السابق الصادر بحقه بحبسه عامين من الممكن أن يتم تجاوزه بصفقة مصالحة بين دحلان ومن اتهموه بـ«السب والقذف» بحقهم وهم قادة أجهزة الأمن في الضفة.

أشرف الهور

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد يعقوب:

    إننى أستغرب، هل بقى هناك حركة إسمها فتح؟! هل هى محاولة لإحياء العظام وهى رميم؟! قتح ياسادة ياكرام ماتت منذ وقعت على أوسلو اللعين وبعدها إنشغلت بإقامة سلطة وهمية تحولت أيضا إلى دولة وهمية ليس لها سوى 130 سفارة فى جميع أنحاء العالم وإنشغلت بمفاوضات عبثية إستمرت 21 عاما وكانت طبعا عاقرا….

  2. يقول فلسطيني:

    مباراة بطولة بيع فلسطين للفوز
    بالكأس الذهبي السعودي

  3. يقول mokhtar algerir:

    الهم اظرب الظالمين بالظلمين واخرج اخواننا الفلسطنين سالمين.

إشترك في قائمتنا البريدية