تونس – «القدس العربي» يبدو أن الأزمة المستمرة منذ أشهر داخل الحزب الحاكم في تونس بدأت تؤثر سلبا على شعبية الرؤساء الثلاثة، في ظل الحديث عن صعود كبير في أسهم حركة النهضة الإسلامية (الحزب الثاني)، في وقت عرضه فيه اتحاد الشغل وساطته لحل الأزمة القائمة في «نداء تونس».
وأكد استطلاع نشرته مؤسسة «إمرود كونسلتنغ» بالتعاون مع صحيفة «الصباح» تراجعا كبيرا في شعبية الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بلغ 11 بالمئة، حيث عبر 41 بالمئة فقط من المستجوبين ثقتهم بأدائه مقابل 52 بالمئة في تموز/يوليو الماضي، وهو ما رده بعض المراقبين إلى المواقف «المترددة» للرئيس التونسي، وخاصة فيما يتعلق بعدم اتخاذه قرارات حاسمة لوضع حد للصراعات التي تعصف منذ أشهر بحزب «نداء تونس»، رغم معرفته بتداعياتها الخطيرة على استقرار البلاد.
الاستطلاع الذي أجري في تشرين الثاني/نوفمبر الحالي وشمل 1300 شخصا من جميع الولايات التونسية، أكد أيضا «انهيارا» في شعبية رئيس الحكومة الحبيب الصيد، حيث عبر 38 بالمئة فقط من المستجوبين عن ثقتهم بأدائه مقارنة بأكثر من خمسين بالمئة في كانون الأول/سبتمبر الماضي (بفارق 12 بالمئة).
وبرر مراقبون هذه النسبة المتواضعة بـ»فشل الحكومة في تحقيق وعودها ومعالجة الملفات الهامة وعجزها عن ايجاد الحلول للأزمة الاقتصادية»، مشيرين إلى أن الصيد تحرك في مختلف الاتجاهات، لكنه فشل في تغيير الواقع المتردي للبلاد، مما زاد التونسيين إحباطا ويأسا، وفق صحيفة «الصباح» المحلية.
شعبية الصيد المتدنية لا يمكن مقارنتها بشعبية أسلافه عند نهاية ولايتهم، حيث سجل مهدي جمعة 65 بالمئة في كانون الثاني/يناير الماضي، فيما سجل حمادي الجبالي أكثر من 61 بالمئة في آذار/مارس 2012.
وكانت مصادر إعلامية تحدثت عن احتمال عودة جمعة لمنصبه السابق خلفا للحبيب الصيد مطلع العام المقبل، في ظل التعثر الذي تعيشه الحكومة الحالية، بتوافق كبير بين حزبي «نداء تونس» و»النهضة»، مشيرة إلى أن هذا القرار قد لا يلقى ترحيبا من قبل بعض الأطراف السياسية التي تخشى من «تغول» الرّجل ومروره لاحقا إلى قصر قرطاج عبر بوّابة القصبة (الحكومة).
شعبية رئيس البرلمان محمد الناصر لم تكن أفضل حالا من سابقيه، حيث عبر ثلاثون بالمئة فقط من المستجوبين عن رضاهم عن أدائه، ليسجل تراجعا بحوالي ثمانية في المئة عن كانون الأول/سبتمبر الماضي واثنين بالمئة عن تموز/يوليو، وهو ما عزاه البعض إلى «اهتزاز صورة البرلمان في ظل التجاذبات بين مختلف الكتل وفشل الناصر في التوصل الى حل الخلافات بين شقي نداء تونس، وخاصة بعد اعلان 32 نائبا استقالتهم من كتلة الحزب».
وكان الناصر أطلق مؤخرا مبادرة جديدة لتجاوز الخلاف الكبير بين شقي الحزب الحاكم (حافظ قائد السبسي ومحسن مرزوق)، بهدف تقريب وجهات النظر والوصول إلى توافق بين الطرفين، والإسراع في إنجاز المؤتمر التأسيسي للحزب وإحداث لجنة مستقلة لهذا الأمر، كما طالب الهيئة التأسيسية للحزب بتأجيل اجتماعها لحين نزع فتيل التوتر مع المكتب التنفيذي، غير أن مبادرته لم تجد أذنا صاغية لدى الطرفين.
وفيما يتعلق بالطرف المستفيد من أزمة «النداء»، أكد أربعون بالمئة من المستجوبين أن الأزمة ستزيد من شعبية حركة «النهضة»، فيما اعتبر حوالي 34 بالمئة أن جميع الأحزاب ستستفيد إيجابا من أزمة الحزب الأول في البلاد.
وكان القيادي في حركة «النهضة» عبداللطيف المكي أكد لـ«القدس العربي» أن الحركة مستمرة بدعم حكومة الحبيب الصيد، كما نفى الاتهامات المتكررة لها بالتسبب في انقسام حزب «نداء تونس»، مشيرا إلى أن الحديث عن محاولة الحركة الاستفادة من وضعه الحالي في المطالبة بإعادة تشكيل الحكومة ورئاسة اللجان داخل البرلمان يعتبر نوعا من «الانتهازية السياسية» المرفوضة.
من جهة أخرى، دخل اتحاد الشغل على خط الأزمة المتفاقمة داخل «نداء تونس»، حيث أكد الأمين العام المساعد بوعلي المباركي استعداد الاتحاد للوساطة بين فرقاء الحزب اذا طُلب منه ذلك، دون الانحياز إلى أي طرف.
وأضاف في تصريح صحافي «المنظمة الشغيلة لن تسمح بتوقف قطار الديمقراطية وبأن تهدد ازمة نداء تونس استقرار البلاد».
وكانت الهيئة التأسيسية للحزب اجتمعت مساء الخميس وأصدرت بيانا دعت فيه إلى «تعيين شخصيّة وطنية مستقلّة يأنس لها الجميع حتى تتولّى رئاسة لجنة وطنية يعهد إليها الإشراف على إعداد المؤتمر (التأسيسي للحزب) وإنجازه»، على أن تتولى اللجنة الوطنية الإشراف على الإعداد التنظيمي والسياسي للمؤتمر وتتمتع بكامل الصلاحيات لمعالجة كلّ المسائل العالقة بروح التوافق والتشاور والحوار.
يُذكر أن نائب رئيس «نداء تونس» حافظ قائد السبسي (نجل الرئيس التونسي) اتهم أمينه العام محسن مرزوق باستغلال الحزب لخدمة مصالحه الشخصية، ومحاولة تشويه صورة رئيس الجمهورية في الخارج، إضافة إلى تهديد مصالح البلاد عبر التهجم على المؤسسة الأمنية واتهام الحكومة بالتعاطف مع الإرهاب والفساد.
فيما اكتفى مرزوق بتفنيد اتهامات قائد السبسي، مؤكدا أنها «غير مسؤولة ولا أساس لها من الصحة».
وكان مرزوق أطلق قبل أيام «مبادرة الفرصة الأخيرة» لتجاوز الأزمة العميقة التي تهدد بانقسام الحزب، تقضي باعتبار المكتب التنفيذي الممثل الوحيد للحزب والمكلف بإعداد المؤتمر التأسيسي، إضافة إلى «تفعيل قرار حل الهيئة التأسيسية والتي عوضها المكتب السياسي المنتخب وعدم دعوتها للاجتماع مستقبلا وقد كانت سببا في انقسام الكتلة النيابية».
حسن سلمان
حزب منغلق حول نفسه يدير شؤونه مجلس متحجر متزمت فرض نوابه على الجهات. حزب دمر الإقتصاد التونسي وأتى على أركان الدولة.