تونس: الصيد يتعهد بمعالجة الوضع الاجتماعي وكشف حقيقة الاغتيالات

حجم الخط
1

تونس ـ «القدس العربي»: تعهد رئيس الحكومة التونسية الجديدة الحبيب الصيد الأربعاء باتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الوضع الأمني والاجتماعي المتردي والكشف عن حقيقة الاغتيالات السياسية في البلاد، فيما انتقد عدد من نواب البرلمان برنامج حكومة الصيد الذي اعتبره البعض «استنساخا لبرنامج حكومات بن علي»، مهددين بعدم منح الثقة للحكومة.
وخلال جلسة مخصصة لمنح الثقة لحكومته في البرلمان، قال الصيد إن حكومته ستتخذ اجراءات عاجلة فيما يتعلق بـ «استكمال مقومات بسط الأمن والاستقرار ومكافحة الإرهاب»، مشيرا إلى أنها «ستبذل قصارى الجهد للكشف عن ملابسات جريمتي اغتيال المناضلين الكبيرين شكري بلعيد ومحمد البراهمي (…) وتعزيز الإجراءات والتدابير الكفيلة بحفظ أمن البلاد والتوقي من كل أشكال الجريمة والتصدي لكل مظاهر الغلو والتطرف والعنف، والإسراع بالمصادقة على قانون مكافحة الإرهاب واستكمال النظر في قانون حماية الأمنيين وإدخاله حيز التنفيذ».
وتعهد الصيد خلال الجلسة، التي تابعتها «القدس العربي»، بترسيخ هيبة الدولة ومؤسساتها، وأكد سعي حكومته لترسيخ تقاليد الحوار والتشاور مع مختلف الأطراف السياسية والاجتماعية ومكونات المجتمع المدني، مشيرا إلى أن «الدولة تظل حامية قيم الثورة ومبادئها (لأنه) لا مكان للتنظيمات الموازية للدولة ولا مجال للتسيب والفوضى».
وفيما يتعلق بملف القضاء، أكد الصيد انه سيتم ترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات والتوازن بينها وإحلال السلطة القضائية المكانة التي تستحقها، ومراجعة النصوص القانونية وخاصة المتعلقة بالمجلس الاعلى للقضاء والمحكمة الدستورية وغيرها، مؤكدا الاستمرار في دعم مسار العدالة الانتقالية لاستكمال مراحلها، وتقريب سلطة القرار من المواطنين.
كما أكد أن الحكومة الجديدة ستقوم بـ «دعم الانتاج الثقافي وأحكام توزيعه وتعزيز العناية والإحاطة بالمبدعين، والعناية بالتراث الوطني والمحافظة عليه»، إضافة إلى «صيانة حرية الإعلام وترسيخها بالتشاور والتعاون مع أهل المهنة (…) وتطوير مؤسساته في مجالات الصحافة المكتوبة والمسموعة والمرئية والإلكترونية».
وخلال الجلسة، عبر عدد من النواب عن انتقادهم لبرنامج الحكومة الجديدة، الذي اعتبرته النائبة عن الجبهة الشعبية مباركة البراهمي «استنساخا لبرامج حكومات بن علي»، وقالت إن الحكومة الجديدة تسعى لإعادة إنتاج نمط حكم هيمن على تونس منذ عقود، مشككة بقدرة الحكومة على القيام بإصلاحات والنجاح بكشف حقيقة الاغتيالات السياسية في البلاد.
وكان مجلس أمناء الجبهة الشعبية أصدر بيانا مساء الثلاثاء دعا فيه الكتلة النيابية للجبهة للتصويت ضد منح الثقة لحكومة الصيد، التي اعتبر أنها تقوم على «المحاصصة الحزبية والترضيات بين الأحزاب المكوّنة لها لا على برنامج ومشروع مجتمعي واضحين»، مشيرا إلى أنها «نتاج لتحالف بين بقايا التجمع المنحل وحركة النهضة (…) بهدف الالتفاف على مكاسب الثورة وأهدافها».
واعتبر النائب عن حزب المؤتمر من أجل الجمهورية عماد الدائمي أن حكومة الصيد تسعى لإعادة تشكيل المشهد السياسي في البلاد، متهما نداء تونس بالتنكر لناخبيه، وتكريس ممارسات تسمح بتدخل رئاسة الجمهورية في تشكيل الحكومة و»إدخال البلاد في نظام رئاسي (بخلاف ما ينص عليه الدستور)».
وطالب الحكومة بدعم الحريات، وتقديم مشروع قانون يمنع محاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية، في إشارة غير مباشرة إلى محاكمة المدون ياسين العياري التي أثارت مؤخرا جدلا كبيرا.
من جانب آخر، أكد النائبان عن حزب نداء تونس عبدالعزيز القطّي وخميّس قسيلة أنهما لن يمنحا الثقة لحكومة الصيد، مبررين ذلك بمشاركة النهضة في الحكومة و «تهميش» نداء تونس عبر إقصائه من أغلب الوزارات السيادية.
وكانت الهيئة التأسيسة للنداء أصدرت بيانا الثلاثاء دعت فيه كتلتها النيابية إلى التصويت لصالح الحكومة الجديدة، لكنها أكدت بالمقابل عدم رضائها بشكل كامل عن التشكيلة الحكومية، مشيرة إلى أن «المسؤوليات الوزارية التي أسندت لحركة نداء تونس لا تعكس الوزن الانتخابي للحركة ومدى التزامها بتحمّل أعباء الحكم في هذا الظرف الدّقيق».
وبررت الهيئة توسيع تمثيلية الأحزاب داخل الحكومة بـ «غموض مواقف بعض الأطراف السياسية الأخرى في خصوص منح الثّقة من قبل مجلس نوّاب الشعب»، في إشارة غير مباشرة إلى الجبهة الشعبية.
يذكر أن النائب والقيادي في نداء تونس خالد شوكات أكد في وقت سابق لـ «القدس العربي» وجود انقسام كبير داخل الحزب حول مشاركة حركة النهضة في حكومة الصيد الجديدة، مرجحا عدم تصويت الكتلة النيابية للنداء بالكامل لصالحها.
وكان رئيس البرلمان محمد الناصر اضطر لتمديد الجلسة المخصصة للتصويت على منح الثقة للحكومة الجديدة لساعات أخرى للانتهاء من النقاش العام حول برنامج الحكومة، في ظل مطالبة 135 نائبا بإبداء الرأي حوله.

حسن سلمان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حسن الزين - بنزرت - تونس .:

    قامت الثورة لتجعل من المواطن حرا في اختياراته و حرا في التعبير عن أراءه و هذا مكسب يجب المحافظة عليه.

إشترك في قائمتنا البريدية