تونس ـ»القدس العربي»ـ من حسن سلمان: أثار بلحسن الطرابلسي صهر الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي جدلا كبيرا خلال استضافته في برنامج تلفزيوني، حيث توجه برسالة إلى الرئيس التونسي ورئيس حركة «النهضة» لرفع «المظلمة» عن عائلته، فيما اتهمه البعض بمحاولة تسويق نفسه كـ»ضحية» وتبييض صفحة عائلته المتهمة بالفساد على مدى ربع قرن.
واستضافت قناة «التاسعة» الخاصة، مساء الاثنين، بلحسن الطرابلسي (شقيق زوجة بن علي) في حوار غير مباشر، حيث توجه برسالة إلى الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي ورئيس حركة النهضة الشيخ راشد الغنوشي لرفع «المظلمة» بحق عائلته في ما يتعلق بمرسوم مصادرة أملاك عائلة الرئيس السابق، مشيراً إلى أن عائلته تعرّضت للإهانات وأنّ ابنته طردت من الجامعة بعد شهر ونصف لوجود اسمها على قائمة الفاسدين التي وضعتها الدولة التونسية، كما رفض الكشف عن مكان وجوده، مشيرا إلى أن وضعه «معقد» ولا يمكنه البوح بأي معطيات تخصه.
وكانت بعض المصادر أشارت أخيراً إلى أن الطرابلسي، المتهم بعدة قضايا تتعلق بالفساد، فرّ من مكان إقامته في كندا على متن طائرة خاصة متجهة إلى السعودية، خوفا من أن تسلمه السلطات الكندية الى تونس التي أصدرت في حقه بطاقات جلب دولية عن طريق «الإنتربول».
وأكد الطرابلسي، خلال الحوار، أن بن علي لم يكن ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية عام 2014 وكان سيعلن ذلك في مؤتمر الحزب (التجمع الدستوري المنحل) في 2013، كما أشار إلى أن شقيقته ليلى (زوجة بن علي) لم يكن لديها أيّ طموح لتولي الرئاسة، كما أكد أن صهر بن علي (زوج ابنته) صخر الماطري لم تكن لديه طموحات لتولي الرئاسة «لكن كان هناك من يحثّه على المضي نحو تولي السلطة».
من جهة أخرى، تحدث الطرابلسي عن وجود «تفاهم» بين قائد الجيش السابق الجنرال رشيد عمار ومدير الأمن الرئاسي السابق علي السرياطي على مغادرة بن علي للسلطة، مشيرا إلى أن دور السرياطي انتهى بمجرد مغادرة الرئيس السابق للبلاد، وبات الجنرال عمار الحاكم الفعلي للبلاد ابتداء من الساعة الثالثة بعد ظهر يوم 14 كانون الثاني/يناير 2011 (توقيت مغادرة بن علي لتونس).
وأكد أن السرياطي شارك بشكل كبير في بث الرعب من خلال الإشاعات ودفع بن علي إلى مغادرة البلاد وإحداث فراغ دستوري، مشيرا إلى أنه منع بن علي من التوجه إلى ولاية القصرين (غرب) خلال أحداث الثورة بصفة غير مباشرة بذريعة أنّه لا يستطيع تأمين موكبه.
وكان نجل السرياطي أكد أخيراً أن والده لم يكن يرغب في الاستيلاء على الحكم في تونس، وأكد أن علي السرياطي «لم يخن بن علي بل حماه من نفسه (…) وأخبره بكل الوقائع والأحداث التي كانت بصدد الحصول آنذاك، وبتوفر كل المعلومات التي كانت تدل على أن عملية انقلاب بصدد التنفيذ أمن الجنرال السرياطي حياة رئيسه وذلك بإقناعه بالسفر مع عائلته».
وأثار اللقاء جدلا كبيرا في تونس، حيث أكد مستشار الرئيس التونسي، نور الدين بن تيشة أنه من حق كل شخص أن يلعب دور الضحية، ولكن «الأموال المصادرة هي ملك للدولة التونسية»، مشيرا إلى أن الطرابلسي قـدم طلب مصالحة لهيئة الحقيقة والكرامة، و»ملفه اليوم هو بيد العدالة الانتقالية ووزارة أملاك الدولة، ولا علاقة لرئاسة الجمهورية بالموضوع».
وكتبت النائبة والحقوقية بشرى بلحاج حميدة على حسابها في موقع «فيسبوك»: «الجملة الوحيدة التي صدق فيها بلحسن الطرابلسي هي غياب ضمانات لمحاكمة عادلة، وفعلا لو كان القضاء مستقلا لما حصلت كل المظالم على امتداد عشرات السنين وما طاولت هؤلاء الذين كانوا يسيطرون عليه عندما كانوا في الحكم محمد مزالي، ادريس قيقة (وزراء في عهد الحبيب بورقيبة) القضاء المستقل هو ضمان لمحاكمة عادلة للجميع وخاصة للذي يخرج من الحكم، وهذا أحسن درس لازم يفهمه أي واحد يوصل للسلطة».
وكتبت الباحثة رجاء بن سلامة «سؤال إلى الهايكا والمختصّين في القانون: هل يحقّ لمنبر إعلاميّ أن يستجوب مطلوبا للعدالة، وفي حالة هروب، وأن يمكّنه من فرصة لا تعوّض للدّفاع عن نفسه خارج المحكمة؟ هل سنرى أبو عياض مثلا في قناة التّاسعة ينفي تخطيطه لقتل شكري بالعيد، ويستدلّ على أنّه حمل وديع؟».
وأضاف القيادي في حزب «التيار الديمقراطي، هشام العجبوني: «البارحة ارتكب «سي بلحسن» خطأ جسيما عندما نفى جملة وتفصيلا أيّ علاقة له بالفساد والنّهب وعندما ادّعى أنّه كوّن نفسه بنفسه ولم يستغلّ علاقة المصاهرة التي تجمعه برئيس العصابة «سي زين العابدين»! (كذب واستبلاه في «وضح الليل» كما قالت الصورة الشهيرة المفبركة)! لو اعترف بالنهب والسرقة واستغلال نفوذه وبما اقترفه في حقّ التونسيين ولو وعد بإرجاع كلّ الأموال والعقارات التي هرّبها ويملكها خارج تونس، لتعاطف معه جزء من الرّأي العام (للأسف، ذاكرة التونسي قصيرة جدا والدليل نتائج الانتخابات الأخيرة)!».
وأضاف: «بالنسبة للتعاطي الإعلامي، واضح أنّ هدف الحلقة كان التطبيع مع أحد أكبر رموز الفساد والدليل أنّ الريبورتاج الوحيد الذي وقع تمريره كان لأخت «سي بلحسن» ولشقيقة عماد الطرابلسي وفهمنا منه أنّ أفراد عائلتهم يعيشون على «الصّدَقة» وعلى «يا كريم متاع الله»! لم يمرّروا أيٌ تقرير لجرائم «سي بلحسن» المالية والقضايا المتعلقة به والقروض التي تحصِّل عليها بدون ضمانات وشهادة بعض الأشخاص المتضرّرة من نفوذه أو الـ22 مليون دولار باسم «سي بلحسن» الموجودة بحساب في سويسرا (وما خفي كان أعظم) التي كشفت عنها تسريبات بنك HSBC، رغم أنّ تقرير المرحوم عبد الفتّاح عمر (رئيس لجنة تقصي الفساد والرشوة) يذكر العديد من هذه الجرائم!».
يُذكر أن الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي هدّد بمقاضاة سلطات بلاده بعد اتهامها بـ»الاستيلاء» على الممتلكات الخاصة به وبأفراد عائلته وعرضها على البيع بشكل «غير قانوني»، معتبرا أن مرسوم المصادرة الصادر في آذار/مارس 2011 والقاضي بمصادرة أملاكه مع عائلته «غير دستوري».
.
– طيب ، جميل …
لكن ماذا عن رفع المظلمة عن الشعب التونسي الذي عاش قمع الجملوكية البنعلية طيلة ثلاثة عقود ؟ .
– وماذا عن رفع المظلمة عن الشبان التونسيين الذين لم يجدوا مفرا من القمع والبطالة والتهميش سوى الهجرة إلى ” الخارج” ؟ .
– وأخيرا وليس باخير ، ماذا عن رفع ” الشفرة ” البنكية عن الأموال المنهوبة المختلسة المهربة إلى بنوك اسويسرا وpanama papers وغيرها ؟ .