جبهات اردوغان

حجم الخط
13

سجّل إعلان رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو استقالته من منصبه الحكومي (إضافة إلى منصبه كرئيس لحزب «العدالة والتنمية»)، الأسبوع الماضي، بداية معركة جديدة لرجب طيب اردوغان الطامح لتعديل الدستور ليصبح منصب رئيس الجمهورية، الذي فاز به في شهر آب/أغسطس 2014، هو المركز التنفيذي الأول في البلاد بدلاً عن رئيس الوزراء.
ردّ الفعل الأكبر على خطة اردوغان الرئاسية جاء الأربعاء الماضي في تصريحات لرئيس أكبر أحزاب المعارضة «الشعب الجمهوري»، كمال قليجدار أوغلو، الذي قال إنه بتغيير الدستور والانتقال للنظام الرئاسي «سيتكلم شخص وتسكت تركيا»، مضيفاً هذه الجملة الخطيرة: «هكذا نظام رئاسي لا يمكن لكم تحقيقه من دون إراقة دماء».
والحقيقة أن سلطات اردوغان ليست بحاجة لجبهة جديدة تريق مزيدا من الدماء والتي يمكن أن يضيفها إرث النزاع التاريخي الطويل لتيّار الإسلام السياسي مع أنصار أتاتورك الممثلين في حزب «الشعب الجمهوري»، فهناك الكثير من النزاعات المحتدمة والتي لا أفق قريباً لحلّها.
على رأس هذه النزاعات الدمويّة نجد القتال المحتدم مع حزب العمال الكردستاني التركيّ والذي يخلّف كل يوم الكثير من الضحايا. وإحدى إشكاليات هذا النزاع أن القضية القومية الكردية ارتبطت ضمن تاريخ تركيا الحديث بمطامع الحلفاء في الحرب العالمية الأولى والتي كان أحد مقترحاتهم في مؤتمر باريس للسلام عام 1919 إعطاء الأراضي العثمانية التي كانت ضمن حصة روسيا إلى أرمينيا والأكراد لإقامة دولتين مستقلتين عليها، الأمر الذي تم تثبيته في اتفاقية «سيفر» عام 1920، وجاء النزاع السوريّ والتدخّلات العالمية فيه لتعيد إلى الذاكرة التركية تلك المرحلة الصعبة في تاريخها.
مثل إردوغان، كان مصطفى كمال، في تلك الفترة يصارع على أكثر من جبهة: الثورات الكردية من جهة، ومعركة الموصل التي كانت بريطانيا تعمل على ضمها للعراق، وجدير بالتفكّر أن أتاتورك أرسل حينها وحدة عسكرية صغيرة إلى شمال الموصل آنذاك، ما يذكّر بما فعله اردوغان مؤخرا، وكانت ردود الفعل متشابهة في الحدثين!
إضافة إلى مواجهة حزب العمال فإن معركة اردوغان مستمرة أيضاً مع تنظيم «الدولة الإسلامية» وهناك مؤشرات عديدة على بدء حصول عملية برّية تركيّة لإزاحة التنظيم من المناطق السورية المحاذية لتركيا، وهو ما أثار قلق النظام السوري وحليفه الروسيّ الذي حذّر أوروبا من دعم «المنطقة الآمنة» التركيّة داخل سوريا، فيما يستمرّ تنظيم «الدولة» بقصف مناطق تركيّة عديدة بالقذائف، وبناء التحصينات ونشر الألغام، وهو ما يعني أن المعركة البرّية التركيّة قد تكون باهظة الثمن.
العملية الخارجية، إذا حصلت، هي استكمال للمعركة الداخلية، فتنظيما «حزب العمال» و»الدولة» عابران للحدود، ولم يمرّ وقت طويل على تنسيق النظام السوريّ مع الأوّل (الذي تمتدّ أطروحته القوميّة لتضم الجمهور الكردي في العراق وسوريا) ضد المعارضة السورية وتركيّا، حتى كان الثاني قد عبر الحدود العراقية بدوره، وشكّل هو أيضاً، خطراً كبيراً على المعارضة السورية وعلى تركيّا.
بإزاحة تنظيم «الدولة» من المنطقة التي يسيطر عليها على الحدود التركيّة ـ السوريّة، يكون اردوغان قد تخلّص إذن، وبنقلة واحدة، من خطر التنظيم ومنع سيطرة «وحدات الحماية الكردية» المدعومة أمريكياً وروسيّا على هذه الحدود بحيث يسقط مشروع إنشاء وحدة جغرافية ـ سياسية كردية ممتدة من القامشلي والحسكة إلى عفرين قرب حلب وينحسر خطر تنظيم «الدولة» بشكل كبير.
غير أن هذه الخطوة التي كانت تركيّا تضغط لإنجازها، لأسباب أخرى، منذ بدء النزاع السوريّ (وقبل صعود نفوذ «وحدات الحماية» وتنظيم «الدولة») ما تزال ممتنعة دوليّاً، لأن إدارة أوباما لا تبدو ميّالة لتغيير استراتيجيتها السورية – التركيّة في الشهور الأخيرة للرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، وهو ما يعني أن على الرئيس التركي البارع في فتح الجبهات أن ينتظر… أو يضغط لتغيير أسس اللعبة في هذه اللحظات الحرجة بالذات.

جبهات اردوغان

رأي القدس

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول بلحرمة محمد المغرب:

    لا ينكر عاقل في ان الرئيس التركي الحالي رجب طيب اردوغان قد تمكن مند وصوله للحكم من قيادة تركيا نحو بر الامان بحيث اضحى اقتصادها يحتل المرتبة 17 عالميا وتبنى سياسة حسن الجوار بحيث اعتمدت بلاده سياسة صفر مشاكل مع دول الجوار الا ان هده السياسة الايجابية والتي جعلت من التجربة التركية محط اهتمام الكثير من الممتبعين والمهتمين بالشان التركي كما جلبت العديد من المعجبين الا ان اردوغان لم يستمر بكل اسف في سلوك طريقه وانحرف 180 درجة في سياسات جعلت تركيا تتراجع عن ما حققته من مكاسب في المجالات السياسية والاقتصادية والامنية والاجتماعية خاصة عندما انغمست بكل ثقلها في الازمة السورية وما نتج عن دلك من تهديدات امنية في الداخل التركي اضافة الى طموحاته المتعلقة بالرئاسة والتي يسعى من ورائها الى حصر الصلاحيات والقرارات في يده بدلا من رئاسة الوزراء مما خلق البيئة المناسبة لخصومه داخليا وخارجيا للهجوم عليه ومحاولاتهم الحثيثة للقضاء على مستقبله السياسي فهل يتمكن اردوغان من مواصلة طريقه المحفوف بالمخاطر ام انه لن يصمد كثيرا في وجه هده التيارات الجارفة؟

  2. يقول Slam Adel:

    السيد اردوغان له مشروعه الخاص وحلم خاص ولكنه لن يستطيع تنفيذه بسهولة لوجود احزاب اخرى لن ترضى ان تكون على الهامش فالدولة التركية تاصلت بها الاحزاب منذ اتاتورك ولا يمكن ان يعودوا لسيطرة الحزب الواحد والقائد الواحد.حلم اردوغان هو اعادة تركيا لزمن العثمانيين ولكن من خلاله كسلطان ثم توريث عائلته للسلطة وهذا واضح من خلال افعاله وهكذا كان يحلم صدام حسين ووصل تقريبا الى ما يريد ولكن غرور القوة اوقعه والعراق بمصائب عديدة ادى الى تدمير البلد.وطريق تركيا هو نفس طريق العراق فغرور اردوغان سيجعله يقوم بمغامرات تتسبب بتدمير الجيش التركي التي تتربص به روسيا التي لها مطامع بحرية والاكراد ستكون لهم دولتهم وعلى حساب تركيا وسوريا والعراق شئنا ام ابينا وهذا ما تريده امريكا واسرائيل

  3. يقول هندي قديم...الهند..:

    ايها الاخوة السوريوون..الطيبون جميعا دون استثناء…اسمعوا راي والدكم الشيخ الهندي العجوز لعله ينفعكم في الدنيا والاخرة….قبل ان يفوت الاوان…دعوا القتال ما استطعتم..دعووه…لان ليس في القتال صلاح لكل شيء في كل وقت بل اوقات معينة ولاشياء معينة…وجاهدوا انفسكم قبل كل شيء ..جاهدوا النفس وشهواتها..وحبها للسلطة والجاه والمال…فهناك الكثير ممن قاتل لكي يقال عنه شجاع فقط او لكي ينال مالا او جاها…واعلموا ان جلوسكم وحواركم ومكاشفتكم الصريحة ومصارحتكم هي اول خطوات الخلاص…غيروا ما بأنفسكم حتى يغير الله احوالكم…استمعوا للاخر بروح المحبة والرحمة والتسامح والاعتذار..واعلموا ان الله سيسالكم عما تفعلون..واعلمواا ان ازهاق الارواح التي خلقها الله شيئا عظيما جدا…فقد دخلت امرأة النار في هرة. اي قطة ودخل رجل الجنة في سقاية كلب…فاتقوا الله جميعا من الطرفين واستغفروا الله جميعا من الطرفين ولا تستمعوا لمن يقول لكم استمروا في القتل والقتال…من الطرفين ولا تستجيبوا لاوامر قادتكم بالقتل والاقتتال من الطرفين ..واعلموا ان القاتل والمقتول .في حساب عظيم على ما اقترفت يد\اه لحظة الغضب…فإياكم ثم اياكم ثم اياكم من الظلم من الطرفين..واعلموا ان العاقبة للمتقين…وابكواا ولتسقط العبرات من اعينكم كثيرا على ما اقترفت يداكم من قتل وسفك للدماء وافساد في الارض من الطرفين…وهذا وقت ومقام تسكب فيه العبرات على قتلكم وتشريدكم واغتصابكم للنساء والاطفال والابرياء…الا هل بلغت اللهم فاشهد…

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية