القاهرة ـ «القدس العربي»: اهتمامات الأغلبية الشعبية الساحقة لم تتغير، فما زالت أصوات الشكوى تتعالى بسبب الارتفاع في الأسعار بدون أي ضابط، إلى درجة أن الحكومة بدأت في الاستعداد لاتخاذ إجراءات لضبط حركة السوق وأسعار السلع، بإعلان علي المصيلحي وزير التموين والتجارة الداخلية، أنه ابتداء من العام المقبل سيتم إلزام منتجي السلع بوضع سعر البيع للجمهور على العبوات حتى لا يستغل التجار الموقف، بوضع الأسعار التي يريدونها، ويحققون أرباحا طائلة. واتفقت في ذلك مع اتحاد الغرف التجارية. والاهتمام كذلك بالاستعداد لبدء الدراسة في الجامعات والمدارس يوم السبت المقبل.
وقد أخبرنا زميلنا رسام «المصري اليوم» عمرو سليم أنه ذهب أمس لزيارة قريب له وهو ضابط في مباحث الأموال العامة وكان يحقق مع مواطن بائس ويسأله: سين: بماذا تفسر وجود عشرة جنيهات في جيبك بعد مصاريف العيد والمدارس والذي منه؟
وامتلأت الصحف المصرية الصادرة أمس الأحد 10 سبتمبر/أيلول بالأخبار والتحقيقات عن حالة المدارس والأبنية التعليمية والفصول، والاستعداد لاستقبال الطلاب، والشكاوى من رفع المدارس الخاصة رسومها بنسب كبيرة. كما تواصل الاهتمام بمباريات كرة القدم، رغم وجود موضوعات سياسية واقتصادية مهمة مثل انخفاض العجز في الموازنة العامة وتراجع الاستيراد وزيادة التصدير، وتدفق استثمارات عديدة، وزيارة الرئيس لكل من الصين لحضور قمة دول البريكس، التي تضم الصين وروسيا والبرازيل وجنوب إفريقيا والهند، وزيارته لفيتنام. وقد أثارت زيارته لها دهشة وتساؤل الكثيرين، وازدادت الدهشة بعد التوقيع على اتفاقيات اقتصادية معها، وكانت قد سبقته إليها الدكتورة سحر نصر، وزيرة الاستثمار، ومهاب مميش رئيس هيئة قناة السويس، للإعداد للاتفاقيات، وكان أبرزها استثمار فيتنام لإقامة صناعة سفن ضخمة في مصر، لأنها من الدول المتقدمة فيها في العالم، ما جدد الأحزان على حالة أمنا مصر، حيث كانت عندنا ترسانة بحرية عظيمة، في عهد خالد الذكر، في الإسكندرية، ونهضة صناعية، لدرجة أن كوريا الجنوبية أرسلت بعثات لدراسة أسباب نهضتنا الصناعية للتعلم منها.
وبعد ذلك وكالعادة توزعت اهتمامات كل فئة على ما يتصل بمصالحها فالعاملون في السياحة وهم بالملايين ازدادت آمالهم في قرب عودة السياحة الروسية، حيث وعد الرئيس بوتين الرئيس السيسي في قمة البريكس في الصين بإعادة السياحة عندما يأتي لزيارة مصر لحضور التوقيع النهائي على إنشاء المفاعلات النووية الأربعة في الضبعة.
كما اهتم أصحاب تجميع السيارات ومستوردوها بالاتفاق الذي وقعته شركة فاو الصينية العملاقة لصناعة السيارات مع وكيلها في مصر جيوشي موتورز، لإقامة مصنع ضخم في مدينة العاشر من رمضان لسيارات النقل والملاكي للسوق المصرية، والتصدير للدول الإفريقية. أما المقالات والتعليقات على تقرير منظمة «هيومان رايتس ووتش» عن حقوق الإنسان في مصر، فقد ملأت صفحات الصحف هجوما عنيفا ونفيا لما جاء فيها، بينما قليلون طالبوا بالرد عليها بهدوء وإثبات كذبها أو الوعد بوضع حد للحالات التي أشارت إليها إذا كانت موجودة. وإلى ما عندنا من أخبار متنوعة..
حكومة ووزراء
وإلى الحكومة ووزرائها، حيث انفردت «أخبار اليوم» بتصريحات لرئيس الوزراء شريف إسماعيل أدلى بها لعمرو الخياط رئيس التحرير شملت إنجازات الحكومة في أكثر من مجال أهمها الوضع الاقتصادي، حيث جاء في الحديث: «فيما يتعلق بالأوضاع الاقتصادية، أكد المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، أن المؤشرات الاقتصادية تؤكد أن هناك تحسنًا ملموسًا في معظم النواحي الاقتصادية، وأن الحكومة مستمرة في برنامج الإصلاح الاقتصادي، لافتًا إلى أن ميزان المدفوعات تحول من العجز إلى الفائض، حيث حقق في تسعة أشهر 2016/2017 مبلغ 11 مليار دولار مقابل عجز 3.6 مليار دولار في الفترة نفسها من العام السابق».
«غزل ونسج الإهمال»
ولكن هشام عطية في جريدة «أخبار اليوم» لم يعجبه تفاؤل رئيس الوزراء وتفاخره بإنجازات حكومته، لذلك قال في عموده «قلب مفتوح» تحت عنوان ساخر هو «غزل ونسج الإهمال» عن مأساة مصانع المحلة الكبرى: «منذ ما يقرب من 25 عاما وجريمة اغتيال صناعة الغزل والنسيج ما زالت مستمرة حتى الآن، وتجاوز عدد ضحاياها المليون عامل ومهندس وآلاف المصانع وأبواب الرزق مغلقة. وأجمعت معظم هذه الدراسات ومن قبلها آراء الخبراء على أهمية أن تتوسع الدولة في زراعة الاقطان قصيرة التيلة والمتوسطة، بل حددت أماكن زراعتها ووسائل الري التي لن تستنزف قطرة واحدة من مياه النيل، لأنها تعتمد على مياه الصرف المعالج، إضافة إلى توافر التربة الصالحة في الصعيد. مثل هذه الخطوة يمكن أن توفر للدولة ما يزيد على مليار و200 مليون دولار، أما آن الأوان للحكومة التي تجلد المصريين بأسواط الضرائب الجائرة وفواتير الكهرباء والغاز والمياه المهلكة والأسعار المتوحشة، أن تكف قليلا عن اقتصاد الجباية ومص الدماء وتتجه نحو اقتصاد الإنتاج لتكن البداية بالغزل والنسيج؟».
مشاكل وانتقادات
وإلى المشاكل والانتقادات ومنها مشكلة كثرة الإجازات التي تمنحها الحكومة والقطاع العام لموظفيها، كما أن العامل والموظف لا يعملان في اليوم إلا دقائق أو ساعة واحدة، بينما المصري الذي يعمل في الخارج نشيط وملتزم، هذا الوضع كتب عنه في «الجمهورية» مدبولي عتمان في بابه «دائرة الوعي» قائلا: «حتى في أيام العمل يتفنن غالبية موظفي الحكومة في مصر، سواء في الوزارات أو المؤسسات والهيئات، وحتى في الشركات التابعة للقطاع العام في إهدار الوقت. أما في المحليات فحدث ولا حرج، ويسعى كل الخريجين وغير الخريجين للعمل الحكومي، رغم قلة الدخل مقارنة بالقطاع الخاص لأنه مأمون ضد الفصل التعسفي، والأهم سهولة التزويغ من العمل. وكثيرون يطلبون مني شخصيا مساعدتهم في الحصول على فرص عمل، ويصرون على الجهات الحكومية. وعندما اقترح عليهم العمل في القطاع الخاص يتهربون. وكشفت دراسة أعدتها الدكتورة آية ماهر أستاذة الموارد البشرية في الجامعة الأمريكية، أن الموظف المصري يعمل نصف ساعة من إجمالى ساعات العمل يوميا. وتقول منى القصاص مدربة إدارة أعمال وتنمية بشرية، إن الموظف المصري يهدر 50٪ من ساعات عمله في تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، والحديث مع أصدقاء العمل، فضلاً عن قضاء الاحتياجات الشخصية والمنزلية داخل مقر العمل. هل معنى ذلك أن الموظف المصري غير منتج؟ الإجابة لا ويتضح ذلك جليا في الجدية والجهد الذي يبذله المصري خارج مصر أو في القطاع الخاص داخل مصر، وقد شاهدت بنفسي أثناء زياراتي لدول عربية وأجنبية جدية المصريين في عملهم، وقابلت نماذج تتولى مواقع قيادية في مجال أعمالها، بسبب الجدية والأداء المهني العالي. المشكلة تكمن في الخلل في منظومة العمل المصرية، خاصة ضعف الرقابة، وعدم تفعيل طريقة العقاب والثواب على أسس وضوابط صحيحة، والفساد المستشري في كافة مؤسسات الدولة، وضياع تكافؤ الفرص الوظيفية، ما أدى إلى تصدر ذوي الكفاءة المحدودة للمواقع القيادية».
فساد المرأة في العمل
لا تزال قضية إلقاء الرقابة الإدارية القبض على نائبة محافظ الإسكندرية سعاد الخولي أثناء حضورها اجتماع برئاسة المحافظ، وقرار النيابة العامة حبسها رهن التحقيق، والقبض على عدد من رجال الأعمال معها، بتهمة تلقيها رشاوى، وإصدارها موافقات لهم مخالفة للقانون، وتلحق الضرر بالمال العام. لا تزال هذه القضية رغم مرور حوالي شهر عليها تثير تساؤلات حول وضع المرأة في المناصب القيادية في الدولة وانحرافها، حيث كتبت سناء قابيل في مجلة «روز اليوسف» مقالا تحت عنوان «نايبة ونائبة»: «نائبة في البرلمان عن البحيرة، كانت قبل الانتخابات تجوب القرى والنجوع، وطبعا كانت تقابل كل الفئات من كل المستويات البسيط والأمي، ومن يلبس الخيش ومن يلبس الحرير، وتسلم على أياد ناعمة، وتضطرها الحوجة إلى أن تضع يدها في يد خشنة ومشققة، وتشرب معهم أجمل كوب شاي، الأمر الذي يلفت النظر ما قامت به النائبة، من صفع بائعة منهم على وجهها بكل صلف وقسوة، ولما ردت البائعة لها الصفعة قامت النائبة ومعها البعض بالاعتداء على البائعة ومن معها، ورغم أنها أقسمت أمام الله على الأمانة والصدق، إذا بها تكيد لرئيس الحي لأنه لم ينصرها، وذلك بقلب صفائح القمامة واتهامه بالتقصير. ونائبة أخرى تتطاول على ضابط شرطة في دائرتها، لأنه رفض الإفراج عن ابن شقيقتها، وأخرى تريد النزول بسن زواج الفتاة من 18 سنة إلى 16 سنة، رغم جهود مجلس الطفولة، والقوانين التي تحفظ للبنت حياتها وكرامتها، ثم زادت الطين بلة وفضيحة مزلزلة سقوط نائبة محافظ الاسكندرية متهمة في قضايا مالية واستغلال نفوذ. ماذا حدث كل شيء اختل، نحن كنا نطالب بحق المرأة في تقلد المناصب مثل الرجل، وأحسسنا بفخر عندما تم اختيار أول نائبة لمحافظ في مصر، ودخول 88 سيدة مجلس النواب، ثم زاد فخرنا عندما تقلدت سيدة منصب محافظ البحيرة. لم يعد هناك مكان لم تصل إليه المرأة في مصر، ولكن يا لها من خيبة أمل، إذ المرأة تناطح الرجل حتى في الكذب والسرقة واستغلال النفوذ ومن نايبة لنايبة يا قلب لا تحزن».
دور المرأة المصرية ناصع
ونشرت «الأهرام» في باب «المرأة والطفل» الذي تشرف عليه سلوى فتحي حديثا مع الدكتور أحمد شفيق أحمد أستاذ علم النفس في جامعة عين شمس واستشاري العلاج النفسي في وزارة الصحة سألته فيه عن أسباب انحراف المرأة عندما تتولى منصبا قياديا وترتشي مثل الرجال اختارت له عنوانا هو «فساد المرأة صدمة للمجتمع» : بالنسبة لجريمة الفساد الخاصة بالمرأة والمتداولة حاليا، وحسب ما تم نشره من معلومات فهى جريمة غريبة من نوعها، والمجتمع ليس معتادا عليها، وغرابتها أن تكون من المرأة، حيث نسبة المخاطرة فيها عالية جدا والنواحى العاطفية عند المرأة تمنعها من ارتكاب مثل هذه الجرائم، ووجه الغرابة يأتى أيضا أن من يقبل على مثل تلك الجرائم غالبا هو شخص يكون محتاجا إلى المال أو مضطرا، وهو اضطرار غير مبرر بالطبع، ولكن الخطورة هنا، من أنها شخصية ليست بحاجة إلى مال أو سلطة، ولكنها هي النفس البشرية وكما قال الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في سورة «الشمس» «ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها» صدق الله العظيم حيث أحيانا تنبهر النفس البشرية بالثروة الكبيرة وبعض الإغراءات وتنحرف عن المسار الصحيح. وينفي الدكتور شفيق تماما أن مثل هذه الحالات الفردية قد تتسبب في اهتزاز الثقة بين المجتمع والمرأة المصرية ويضيف: لدينا النماذج المشرفة للمرأة المصرية في جميع المجالات، وعلى أعلى مستوى من القيادة والمهنية، وتثبت جدارة وشجاعة وصبرا وتحملا وإنجازا وفاعلية وكفاءة لا تضاهيها نساء العالم كلهن. ولا نأخذ حالة فردية مثل سيدة المحافظة في الإسكندرية كنموذج أو معيار للمرأة المصرية، فالمرأة المصرية على مر العصور تاريخها ناصع ولا ننسي دورها في تربية أبناء المجتمع، فهي نصف المجتمع ومؤثرة في النصف الآخر. ويؤكد أستاذ علم النفس أن المرأة من الناحية السيكولوجية أقل استعدادا للفساد بالنسبة للرجل بحكم طبيعتها وفطرتها التي تميل إلى النواحى الإنسانية والعاطفية، بعيدا عن العنف وارتكاب الجرائم بمختلف أنواعها، والدليل على ذلك أن السجون كلها في مصر مخصصة للرجال باستثناء سجن واحد فقط مخصص للنساء وأغلبهن مسجونات بسبب شيكات بدون رصيد أو بسبب جرائم عاطفية دافعها الغيرة».
وإذا تصفحنا الصفحة الأخيرة من «الدستور» سنجد تحقيقا لحسام محفوظ يتوقع فيه مصيرا أسود ينتظر سعاد الخولي إذا ثبتت نهائيا صحة الاتهامات والتسجيلات لها وجاء فيه: «كشفت مصادر قضائية عن أن جهاز الكسب غير المشروع سيواجه نائبة محافظ الإسكندرية سعاد الخولي بتهم تحقيق كسب غير مشروع، واستغلال النفوذ وتسهيل الاستيلاء على المال العام، وسيأخذ توقيعها على «إقرارات ثلاثية» للكشف عن ممتلكاتها وحساباتها فى البنوك. وأوضحت المصادر لـ«الدستور» أن الجهاز سيتخذ إجراءً بالتحفظ على أموال سعاد الخولي وجميع أفراد أسرتها لحين الانتهاء من التحقيقات، وفي حال ثبوت أي من الاتهامات عليها أو على أسرتها، سيتم تحويلهم إلى محكمة الجنايات، وذلك في ما يخص الشق الخاص بتحقيقات الكسب غير المشروع فقط، وتقارير خبرائها. بخلاف تحقيقات نيابة أمن الدولة العليا مع المتهمين بتهمة الرشوة. ولفتت المصادر إلى أن الجهاز سيتحفظ أيضًا على الممتلكات العقارية المسجلة في الشهر العقاري باسم الخولي وجميع أفراد أسرتها، لحين انتهاء التحقيقات، وسيتم تشكيل لجنة من الخبراء لمعاينة الممتلكات العقارية الواردة بإقرارات الذمة المالية وتقييمها، ومعرفة تواريخ شرائها ومصدر تلك الأموال. وأكدت المصادر أن ملف الخولي وصل إلى الجهاز، وتم إخطار الجهات المعنية باستدعاء المتهمة من محبسها خلال الأسبوع الجاري، لمناقشتها في تحريات الرقابة الإدارية وتحريات الأموال العامة حول ممتلكاتها الواردة في محضر التحريات».
صحافة وصحافيون
وإلى الصحافيين ومعاركهم وما يحدث في وسائل الاتصال، حيث طالب محمد السيد صالح رئيس تحرير «المصري اليوم» جريدة «الجمهورية» بوقف حملتها ضد عبد الرحيم علي رئيس مجلس إدارة وتحرير جريدة «البوابة» اليومية وعضو مجلس النواب بسبب خطأ ارتكبته «البوابة» وقال صالح في بابه «حكايات السبت»: «فكرت في أن أتصل بالزملاء والأصدقاء في جريدة «الجمهورية» خاصة رئيس التحرير عبدالرازق توفيق ومدير التحرير أشرف عبدالغني لأقول لهما إن حملة الهجوم التي تنفذانها حاليًا ضد الزميل الصحافى والنائب عبدالرحيم علي وجريدته «البوابة» لا تليق بكم ولا تليق بمؤسسة دار التحرير العريقة بشكل عام، صوت ثورة يوليو/تموز في عنفوانها ومجدها، التي لها طلة شعبية خاصة مازالت تحافظ عليها حتى الآن. السب والقذف والخروج على التقاليد المهنية، يليق بصحف أخرى، يليق بمؤسسات ومواقع مغمورة أو مشهورة، يظنون أنهم مسنودون فيتجاوزون- عن عمد أو جهل- في حق الآخرين. «البوابة» أخطأت بالطبع في نشر تقرير على لسان مصادر بأن هناك اتجاهًا لتحويل «الجمهورية» إلى إصدار أسبوعي، بعد أن وصل توزيعها إلى سبعة آلاف نسخة. التقرير خطأ بالطبع «الجريدة القومية» توزع أكثر من ذلك، هناك إصدارات يومية في مؤسسات أخرى توزع أقل من ألف نسخة يوميًا ولكن ليست الجمهورية، هناك بالطبع كلام مُعلن عن التفكير في دمج أو إغلاق بعض الإصدارات الأسبوعية، وهذا لم يتم نفيه، لكن لا توجد خطط قريبة لتنفيذه «الانفلات الصحافي» الآن يحتاج لتدخل سريع يحتاج حزمًا من الهيئات الإعلامية».
مبادئ مهنية
أما محمود حامد فإنه في مقاله في «البوابة» فقد ذكرنا بالذي كان من قيم وتسامح وأخلاق راقية بين الصحافيين في السبعينيات والثمانينيات، فقال إنه: «في حزب التجمع التقدمي اليساري كانت تنشب معارك عنيفة بين جريدة «الأهالي» و«الأخبار» التي كان يترأس تحريرها المرحوم موسى صبري وكان صديقنا مقربا جدا للسادات بسبب مهاجمته المستمرة للتجمع والشيوعيين، وحدث أن أقام خالد محيي الدين رئيس الحزب احتفالا في ذكرى تأسيس الحزب، وكان موسى صبري من بين المدعوين وقال حامد، تلبية لدعوة من خالد محيي الدين للمشاركة في عيد ميلاد التجمع وبمجرد دخوله لفت أنظار الجميع، خاصةً أنه جاء مرتديًا بدلة بيضاء كانت بارزة وسط كل البدل القاتمة، وحاول بعض الشباب أن «يغلسوا» عليه، لكن كثيرًا من حكماء الحزب كانوا حاسمين، وأكدوا أن الخلاف في الرأي لا يمنعنا من احترام الآخر. في اليوم التالي سألت الزعيم خالد محيي الدين عن تقبله لاستقبال موسى صبري واحتضانه بمجرد وصوله وتبادل النكات معه، وهو الذي تخصص في «حرق دمنا»؟ وبهدوئه المعهود أتذكر رد محيي الدين: «الخلاف في الرأي طبيعة الحياة، وطالما قبلت العمل العام لا بد أن تتقبل أي نقد، واسأل نفسك هل هو تناول حاجة شخصية تسيء لي؟ هو بيهاجمنا من منطلقات سياسية، وإحنا بنرد عليه برضه من منطلقات سياسية، مستحيل الكون كله يكون على رأي واحد، وطالما لا يسف في هجومه فكلامه مجرد خلاف في الرأي». وكان ذلك درسًا لا أنساه نعم تربينا على مبادئ مهنية واضحة وثابتة وراسخة كالجبال، تعلمنا ألا ننجر وراء الفضائح لمجرد زيادة التوزيع آمنا إيمانًا مطلقًا بألا ندخل معارك من أي نوع مع أي مطبوعة أخرى إلا في حدود الرد الموضوعي المفحم. وضعنا نصب أعيننا دائمًا احترام خصوصية الآخرين وعدم الخوض في الأعراض، هكذا رسخ الكبار في داخلنا جيلًا وراء جيل أن الكلمة مسؤولية فلا نجرؤ وراء وهم السبق الذي يسؤء لآخرين ويخلق الفتنة ويدمر الأخلاق انطلاقًا من حكمة خالدة: «ليس كل ما يُعرف يقال وليس كل ما يُقال حضر أوانه وليس كل ما حضر أوانه حضر رجاله».
أييه أييه أيام ولت وليتها استمرت حتى لا نقرأ في وسائل التواصل الاجتماعي ما قال عنه إيهاب الملاح السبت في بابه في جريدة «الشروق» (أرابيسك): «وإذا كانت السخرية لدى كل شعوب الأرض وسيلة للنقد تكاد ترتقي بذاتها إلى فن بذاته، فإنها على السوشيال ميديا «وفي أوساط المصريين بالأخص» أو من خلالها تتحول إلى وسيلة إعدام في منتهى القسوة! تصبح «الإفيهات» و«النكات» و«التريقة» التي تكاد تتوحد حرفيا مع البذاءة والفحش، كما لو كانت حكما باتا بالإعدام المعنوي، يصرف ولو قليلا من طاقة العنف المكبوت والغضب المكتوم داخل النفوس والقلوب، بدون مبالغة يتعمد البعض من خلال السوشيال ميديا إعدام من يختلفون معه بمشانق من العبارات الساخرة والنكات اللاذعة والسباب الفاحش، هذا فضاء غادر إذا لم يكن المرء منه على حذر ودراية وقع فريسة بين أنياب لا تُسيل دما لكنها لا ترحم».
معارك وردود
وإلى المعارك حيث بادر في «الأهرام» محمد الأنور في بابه «أفكار» إلى مهاجمة من يتهمون أنصار النظام بالعمالة قائلا تحت عنوان «عملاء الوطن»: «هل أصبحت الوطنية عمالة والشرف خيانة والنزاهة فسادا والنفاق والكذب والتلون مهارة؟ الكثير من الأسئلة تطرح في الذهن عندما نرى مظاهر أكثر تجعل من الالتباس والشك والتخبط أمورا طبيعية في أذهان البعض، في ظل ما يحدث في المجتمع من فورات وتغييرات وأمور أخرى نراها حولنا وفي شاشات الفضائيات وغيرها، وتترجم نفسها في الكثير من السلوكيات التي لم نكن نتخيل أن تظهر في وطننا على هذا النحو، ولا نريد أن نرصد قضايا الفساد والانحرافات الاجتماعية والإدارية، بقدر ما نحن نحاول أن نقيم أوضاعنا لتجاوز الكثير من المآزق التي يواجهها المجتمع والحروب التي تواجهها الدولة، لأن معرفة الخلل والمرض بداية العلاج وبناء دولة ومجتمع قوي وهو ما تقوم به المؤسسات المختلفة في الدول القوية، كل حسب تخصصها مع رقابة ذاتية وخارجية، تكفل قيامها بوظائفها لتكمل بعضها بعضا وتصب في مصلحة القوة الشاملة للمجتمع والدولة. إن مصر رغم الحوادث والأزمات ما زالت وستظل قوية وعوامل التقييم والتقويم ما زالت فاعلة، سواء تلك المرتبطة بالعقيدة والوطنية، أو تلك المرتبطة بالمجتمع ومؤسسات الرقابة. والأمر في بلدنا ليس معضلة في الاقتصاد أو البشر، بقدر ما هو مرتبط بتفعيل وإطلاق القوى والكوادر الحية في مختلف المجالات، وهو أمر بسيط، ولكن عوامل مقاومته قوية، خاصة في أجهزة البيروقراطية التي تمرس فيها الفساد وطورت أجياله ومصالحه، إن ضرب الفساد ليس بالمستحيل والقيادة السياسية لديها الإرادة والأدوات وتقوم بذلك».
استغلال بشع
أما المحرر الاقتصادي في «الأخبار» عاطف زيدان فكتب في عموده «كشف حساب» مقالا تحت عنوان «ثقافة التعويم»: «تعرض المجتمع المصري في سبعينيات القرن الماضي لهزة اجتماعية وأخلاقية عنيفة، بعد الانفتاح الاقتصادي، فقد ظهرت آنذاك طبقة «الهبيشة» ومحدثي النعمة الذين جمعوا ثروات طائلة من وراء الانفتاح العشوائي، وتسبب ذلك في تدهور مخزون القيم والأخلاق وعودة الطبقية، التي قضت عليها ثورة يوليو/تموز 1952 بشكل فج ومستفز وانتشر معها ما أطلق عليه البعض «ثقافة الزحام» من سلوكيات لا تمت بصلة لشهامة وصدق المصريين، ورغم المعاناة ظلت الطبقة المتوسطة، على مدى أربعة عقود تجاهد للحفاظ على تماسكها ووجودها، حتى جاءت صدمة التعويم في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي وما خلفته من توابع لتزيد الأمر سوءا، حيث انخفضت قيمة الجنيه إلى النصف وارتفعت الأسعار بشكل فاق قدرات معظم الشعب، وأصبحت الشكوى من صعوبة الحياة على كل لسان، والأخطر ظهور ما يمكن تسميته «ثقافة التعويم» حيث أصبح الغش والجشع والاستغلال والكذب والاحتيال من قبل التجار ومقدمي الخدمات، خاصة الصنايعية – الميكانيكي والكهربائي والسباك والنجار الخ الخ – هو القاعدة، ووجد المواطن نفسه نهبا لكل هؤلاء الذين يعلقون ارتفاع أسعارهم على شماعة التعويم، ويقسمون بأغلظ الأيمان أنهم ضحايا مثلنا! استغلال بشع جعل أبناء الطبقة المتوسطة يئنون من صدمات التعامل مع كل شيء في المجتمع، سواء كانت سلعا أو بشرا وسط غياب تام لحماية أجهزة الرقابة الحكومية، التي يكتفي مسؤولوها بالتصريحات الإعلامية عن خطط محكمة للرقابة على الأسواق رغم عدم وجود أي شيء على أرض الواقع لقد باتت الطبقة المتوسطة التي تمثل عصب المجتمع ومحور توازنه على شفا الهلاك فهل تتحرك الدولة بجدية لإنقاذها قبل فوات الأوان؟ أتمنى».
عمرو خالد صاحب «سوبر ماركت ديني»
بينما فضل محمد حسين في «الأهرام» الهجوم على الداعية الإسلامي عمرو خالد بالقول عنه في بابه «عند مفترق الطرق»: «لا أدري ما هو اللقب الذي يستحقه أو يليق به: هل هو شيخ وداعية؟ أم مصلح يستخدم قدراته الخاصة وثقافته الدينية في حض الناس على الفضيلة؟ أم هو تاجر دين «شاطر» نجح في توظيف «المقدس» في مشروعه الخاص الطموح؟ الأسئلة تتعلق بالرجل الذي لا ينتهي الجدل حوله ولا تتوقف الانتقادات والاتهامات له، بأنه ليس أكثر من صاحب «سوبر ماركت ديني» يعرض فيه «بضاعة» استهلاكية تلقى رواجا عند طبقة محددة تبحث عن «مبرر» ديني يسمح لها بالاستمتاع بحياتها المرفهة. أنا لا أبحث عن إدانة للرجل ولكن أحاول فهم هذه الظاهرة، التي يشكل انتشارها إدانة للمجتمع، الذي يسمح بوجود أمثاله ممن يفتقدون أهم شرط في رجل الدين، وهو الزهد والتقشف والبعد عن مواطن الشبهات. لقد تملكت الدهشة كثيرين عندما وجدوا الرجل ينقل شعائر حجه على حساباته الرسمية، وعندما خص متابعيه على «الفيسبوك» بأن يكونوا من أهل الجنة، فطلب من الله تعالى أن يستجيب لأمنياتهم التي عبروا عنها في تعليقاتهم على صفحته الرسمية، ما أثار استهجانا وأسفا واسعين، لأنه حول جوهر فكر الدعاء إلى عمل سطحي ودعائي واستعراض ينطوي على قدر واضح من الأداء التمثيلي. أتحدث عن عمرو خالد وأسأله في النهاية:ما هي حقيقتك؟».
مسلمو الروهينجا
واحتلت الأحداث الأليمة التي تعرض ويتعرض لها مســــلمو الروهينجا في بورما مساحات كبيرة، تمثلت في مقالات وتحقيقات تطالب العالم كله والدول الاسلامية والعربية بالتدخل لوقف المذابح ضدهم، فقـــــال، أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة ومستشار جريدة «الوطـــــن» الدكتور محمود خليل في عموده «وطنطن»: «أشارت بعض التقارير الإعلامية إلى أن ما يقرب من 1000 مسلم لقوا حتفهم نتيجة الاضطهاد الديني في بورما، وأنت تعلم مدى تواضع هذا الرقم مقارنة بأرقام أخرى عديدة تتحدث عن ضحايا الحروب الأهلية بين المسلمين في دول إسلامية متعددة، وتفهم أيضاً مستوى خفة هذا الرقم مقارنة بضحايا بعض الحوادث الكبرى التي شهدتها مصر مثل حريق قطار «أبورواش» وغرق العبارة «السلام 98» وعدد من ماتوا تحت صخور المقطم أصعب أنواع النفاق نفاق السماء».
حكايات وروايات
وإلى الحكايات والروايات وستكون هذه المرة من نصيب خفيف الظل محمد عمر في «أخبار اليوم» وحكاها لنا في عموده « كده وكده» تحت عنوان «قصة قديمة» هي: «كان الوزير دائم الغضب من ذلك النائب المعارض الذي يلاحقه ليل نهار باتهامات الفساد، وتسهيل استيلاء «الكبار» على أراضي الدولة، ومرارا حاول الوزير النفاذ إلى النائب مرة بعرض رشوة مالية عليه، ومرة بمنحه امتياز تملك وحدات سكنية «بلوشي»، لكنه لم يستطع، فقد كان النائب والوزير غريمين ومتنافسين في دائرة انتخابية واحدة، وخشي «المعارض» إذا ما استجاب لرشوة الوزير أن يستغلها ضده في انتخابات مقبلة. وضاقت بالوزير السبل، صحيح أنه كان محميا من قيادات المجلس بفضل «جمايله» عليهم، لكن ذلك لم يمنع رغبته في عدم «الشوشرة» عليه نظرا لقربه الشديد من نجل مبارك. وذات يوم يهمس في أذن الوزير أحد معاونيه ببشرى أن لديه الحل الذي سيخرس المعارض إلى الأبد. في البداية استهان الوزير بما سمعه لكنه حسبها «وليه لأ نشوف» وأعطاه مهلة شهر فبدأ «التابع» مهمته بمراقبة النائب وتقصي كل أخباره، حتى عرف أن «النساء» هي نقطة ضعفه، ومنها بدأ في رسم «فخ» اصطياده وأثناء مرور النائب في الشارع المجاور للمجلس استوقفته سيدتان وتبادلا معه حديثا قصيرا أشعرتاه أنهما من المعجبات بمعارضته وبوقوفه ضد الفساد وبرجولته، واعتبرها المعارض فرصة وصيدا ثمينا يجب ألا يضيع منه ومباشرة تبادل معهما ارقام التليفون وبعد يومين جاءته المكالمة التي كان ينتظرها ومعها دعوة إلى لقاء في منزل إحدى السيدتين «خشية على سمعتهما من اللقاء العلني» ولم يتردد المعارض «أبو ريالة» أو حتى يفكر لحظة وتوجه إلى المنزل وعاش دور هارون الرشيد، بدون أن يدري أنه جار «تصويره» من «الدولاب» وتنتهي «المهمة» ويحصل الوزير على «تسجيل» فاضح للمعارض، وظل محتفظا به في مكتبه ولم يستخدمه إلى أن بدأ المعارض يهاجم أحد رجال الأعمال «ليستنزفه» ماديا فأهداه الوزير التسجيل ليقوم بتوزيعه على الملأ، ولتصبح فضيحة المعارض «بجلاجل» لكن الغريب أن «النائب» المفضوح دخل الانتخابات بعدها وفاز «من كتاب شعب متدين بطبعه».
حسنين كروم
هل سيكون هناك سيناريو أسوأ لمصر مما هي عليه الآن؟ كيف تعيش الغالبية الساحقة من الشعب المصري؟
متى سينتفض هذا الشعب ضد الطاغية؟
الذي أهدي جزر للعدو الصهيوني ويحارب ويقتل أهلنا في سيناء وغيرهآ ويهين كرامة المواطن ويحرض علي الفساد والظلم واجب محاكمته .. وسوف يأتي يوم محاكمته مثلمآ شاهدنا علي مر العصور.
اذا أراد الشعب المصري التحرر من السيسي وعصابته فالطريق معروف ولا طريق غيره .. ثوره شعبيه لا تبقي ولا تزر ولا تهدء ولا تتوقف حتي محاكمات السيسي وعصابته وكل من دعمه وحرضه علي انقلابه وعلي قتل واعتقال وتعذيب الآلاف من المصريين .. العقبة هي .. هل الشعب المصري مستعد لدفع ثمن تحرره وعيشه بكرامة في وطنه .. اثق ان الثمن سيكون كبير واقول مع ذلك مهما كانت قوة وبطش النظام فأراده الشعوب تبقي هي الأقوي ، واري انه علي الشعب ان يفيق من غيبوبته ويضع الخوف جانبا ويعلم ان الرصاصة التي ستقتله لن يراها ومن الأفضل ان نموت شهداء بدلا من ان نحيا بوءساء مقهورين .