تبدأ اليوم الاثنين زيارة الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى تركيا حيث سيحلّ فيها لمدة خمسة أيّام (وهي المدّة نفسها التي قضاها في مصر). تصل الزيارة، رمزيّا، بين بلدين هما، سياسياً، على طرفي نقيض، ويشكّلان مع السعودية ثلاثة أقطاب كبرى في المنطقة، فإذا مالت الرياض إلى اتجاه واحد منهما المتعاكس مع الآخر فإن أثر ذلك ينعكس بشكل كبير على الإقليم، فما بالك باتفاق الثلاثة على مواقف واحدة؟
الزيارة الثانية التي أعقبت الأولى مباشرة قد تشير إلى اتجاه جديد يجب التأكّد بدقة من حيثيّاته، لأن الأثر المتوقّع لهذا الاتجاه سيكون أكبر بكثير من التحالف مع أحدهما وتجاهل الآخر.
رغم الخلاف السياسيّ الكبير بين البلدين اللذين يزورهما العاهل السعودي فإن ما يجمع بينهما كونهما يعانيان من أزمات سياسية طاحنة، متشابهة، رغم اختلاف الخصوم.
تتمثّل الأزمة في مصر بالجرح الأهليّ المفتوح للصراع مع «الإخوان المسلمين» واستطالاته التي شملت معارضين يساريين وليبراليين، وبالحرب الشرسة التي يقودها تنظيم «ولاية سيناء» (الفرع المحلّي المتحالف مع تنظيم «الدولة الإسلامية») ضد النظام والتي لم تكفّ عن تسديد ضربات موجعة تقابلها أجهزة الأمن والجيش بشراسة وقمع متعسفين يزيدان من حجم المتضرّرين ويدفعان بأعداد جديدة نحو أحضان «الدولة».
تركيّا بدورها تعاني من حربين مفتوحتين، الأولى ضد تنظيم حزب العمال الكردستاني، والثانية مع تنظيم «الدولة الإسلامية»، واللذين لم يكفّا عن إرهاب البلاد بعمليات كبرى خطيرة، مما يجعل تنظيم «الدولة» القاسم المشترك بين البلدين، إضافة إلى أن القاهرة لا تتعاطف بالتأكيد مع قتال «بي كا كا» الكرديّ ضد السلطة المركزية في أنقرة.
يتعلّق الاستعصاء الكبير بين البلدين إذن بالموقف من «الإخوان المسلمين» المصريين، ولم تظهر بعد دلائل واضحة على أن زيارة الملك السعودي استطاعت تحريك «أبو الهول» السياسيّ المصريّ من مكانه في هذا الموضوع بالذات، لكنّ الاتفاقيات الموقعة وترسيم الحدود البحريّة والوعود بالاستثمار والمساعي لتشكيل قوّة عربيّة مشتركة هي إعلانات أن القاهرة صارت أقرب من أي وقت مضى للسعودية، وبالتالي فإن أثر هذا على الملفّات السورية واليمنية والليبية والإيرانية سينعكس، بطريقة غير مباشرة، على الموضوع السياسيّ المصريّ المستعصي، لأن وضع الصراع مع إيران كأولوية سيجعل الصراع مع «الإخوان» يتراجع درجة إلى الوراء.
إن الجسر البرّي الذي أعلن عن الرغبة في بنائه بين مصر والسعودية يحمل دلالات أكبر من قيمته الهندسيّة، كما أن العبور من مصر إلى تركيّا، وضخامة الاستعدادات لاستقبال الوفد السعودي تحمل بدورها دلالات كبيرة بحيث تبدو الخطوة السعودية أشبه بجسر متخيّل بين القاهرة وأنقرة.
عبور القاهرة لذلك الجسر السعوديّ الرمزيّ نحو أنقرة يبدو نقلة سياسيّة أكبر حتى من الجسر الحقيقي الأول بين قارتي أفريقيا وآسيا، فهي نقلة تحتاج شجاعة للنظر في مستقبل المنطقة، لا في مستقبل النظام نفسه، وهو أمر لا يبدو النظام المصريّ قادراً عليه، فالتصالح النفسيّ مع السعودية نفسها، التي هي موضع الانتقادات التقليدية لدى النخبة المصريّة، لم يتحقّق بعد.
لعلّ العبور إلى أنقرة، يبدو للقاهرة أصعب بكثير من التصالح مع السعودية، لأنه، في حقيقته، يحتاج تصالحا مع الشعب المصري بمكوّناته السياسية كافّة، وخصوصاً «الإخوان المسلمين»، والأنظمة العسكرية مستعدّة لتوقيع كافّة أنواع الصفقات والتسويات والمصالحات… إلا مع شعوبها!
رأي القدس
لا أعتقد أن الجسر سوف يبصر النور يوماً, فالمعروف عن السعوديين – وأنا أتعامل معهم بشكل يومي- المعروف عنهم أنهم منغلقين جداً ولا يحبون التواصل وهناك أمثلة كثيرة فحدودهم مع اليمن شبه مغلقة وعلى الدوام, ولا يوجد طرق برية تصلهم بُعمان !! على الرغم من طول الحدود معها وإن كنت سمعت أنهم افتتحوا مؤخراً طريقاً برياً مع ُعمان, لديهم طريق واحد مع كل من الإمارات والكويت وقطر وجسر البحرين وهذه الطرق البرية اقتضتها الضرورة القصوى من أهمها وجود قبائل على طرفي الحدود. بالنسبة للبحرين, الله لا يطعمكم عبور الجسر لان عبوره مأساة خالصة وإذلال لغير أبناء البلدين. الجسر بين السعودية ومصر -إذا أبصر النور- فلن يكون ذي أهمية أقتصادية تذكر لأن الفاصل بين المناطق الحضرية للبلدين بعيدة جداً فالمسافة من القاهرة مثلا – وهي ثقل مصر الديموغرافي- إلى نقطة العبور تبلغ حوالي 1000 كم في الأراضي المصرية ومثلها في الأراضي السعودية والأفضل استعمال العبارت لعبور البحر الأحمر بين الدولتين بدلاً من السفر البري.
أما بالنسبة لنقل البضائع فكل البضائع الأستهلاكية التي يمكن أن تستورد من دولة كمصر تأتي الأن من الولايات المتحدة بشكل إجباري ليس للسعودية خيار فيه. وبالتالي مصر ليست الدولة التي تعتمد عليها السعودية بشكل أساسي للأستيراد. والعكس بالعكس. كان من الممكن أن يكون لزيارة الملك وقعاً طيباً لو ضغط على السيسي لفتح الحدود مع غزة حيث أكثر من مليون ونصف إنسان محاصرون بلا رحمة حيث تتعاون أسرائيل النظام المصري في هذا الحصار وهذا هو أقبح تعاون مصري إسرائيلي يمكن أن يتخيله إنسان عربي لا أقول مسلم.
الأخ محمد قطيفان اتفق مع ما قلته.
الجسور الحقيقية هى بين الحكام وشعوبهم وهذا مانحتاجه فى عالمنا العربى حيث فشلت جميع محاولات الوجدة والتقارب بدا من الوحدة بين مصر وسوريا لان الانظمة العربية سريعة التقلب وباسها بينها شديد ان الشعوب التى لاتسطيع التنفس داحل اوطانها لا تعبا باى انجاز خارجيا ان الدول ا القامعة لكل راى مخالف ولا توجد فيها احزاب لها كلمتها فستصاب بالضعف وتكون فريسة سهلة للفرس والروافض ومن ورائها امريكا واسرائيل فا الاخوان المسلمون هم حماة الديار وبذرة التقدم والنماء