جمهورية الدوبلاج السورية تنتصر.. وثائقي «الميادين» يتزامن مع هزائم حلب ومحمود سعد يتجرأ على السيسي

حجم الخط
3

استطاع ممثلون سوريون يعملون في دبلجة الأفلام والمسلسلات أن ينتزعوا بعض الحقوق والمطالب بعد معاناة طويلة مع شروط مهنية صعبة. قاد بعضهم تجمعاً تحت شعار «صوتنا فن»، وعلى ما يبدو، وفي استعارة صريحة من أجواء الثورات العربية، أخذت تلك المطالبات اسم «الحراك».
على الفور تبنّت نقابة الفنانين السوريين، بزعامة زهير رمضان، مطالب الزملاء، ويبدو أنها استخدمت سلطتها، المجازية والفعلية، للضغط على شركات الإنتاج فانصاع مدراؤها على الفور، وصرّحوا بالفم الملآن على الملأ «أصلاً نحن كنا على وشك رفع الأجور وتحسين الشروط من تلقاء أنفسنا».
لم يقل أحد لهؤلاء الممثلين «من أنتم؟»، ولم يعلن أحد أن مندّسين كانوا بينهم استطاعوا أن يسرقوا الحراك السلمي، وفي الأساس كان الحراك حذراً أكثر من اللازم فلم تطلق رصاصة واحدة.
هكذا بلغ النضال المدبلج أوجه مع انتخابات «المجلس التأسيسي للدوبلاج في سوريا»، في أجواء ولا أجمل، فاز فيها الناشط الأبرز في الحراك إياس أبو غزالة، ومن بين تصريحاته اللافتة «يجب حماية هذا الفن، الذي نحن أسياده في الوطن العربي، يجب حماية هذه الصناعة، وخصوصيتها السورية».
في الختام، كما أظهر فيديو بث في قنوات عديدة، صدحت الأغنية «نحنا أهل الراية»، امتلأت العيون بالرضا، والصدور بفرح عارم وأمل بالمستقبل. قُبل، عناق حار، أياد تهلل، وأجساد تتمايل بالرقص.
ألا يبدو الأمر وكأنه النسخة المدبلجة للواقع السوري، حيث تمكّن الدراماتورج من قص مشاهد السحل والقتل في الشوارع، وقص خمسة وخمسين ألف صورة لجثث قضى أصحابها تحت التعذيب في المعتقلات، وإقصاء فيديوهات الطائرات وهي تلقي عشوائياً بالبراميل المتفجرة، وأبقى على صور الرقص وصناديق الانتخابات ومضافات القهوة العربية و»نحنا أهل الراية»! ما أحلاه، هذا المسلسل المدبلج.

وثائقي «الميادين»

مشاهد قوية بثّتها قناة «الميادين» أخيراً، ولأول مرة، من تحضيرات العملية العسكرية الحدودية ضد دورية إسرائيلية، والتي كانت سبباً لاشتعال حرب تموز 2006. فيها يخص «حزب الله» القناة الناطقة باسم الممانعة، بمشاهد حصرية لعمليات الاستطلاع، بالإضافة إلى تدريبات يظهر فيها عماد مغنية، الذي قضى في سوريا في عملية غامضة، مشرفاً على التدريبات. مشاهد متأخرة مسافة اغتيال الحريري (رئيس الوزراء اللبناني الراحل)، وعدد من ألمع الأحرار اللبنانيين، واقتحام بيروت في 7 أيار 2008 في يوم سماه نصرالله باليوم المجيد، فيما اعتبر التدخل المعلن للحزب في زواريب السياسية اللبنانية الداخلية، ومحاولة ترجمة لـ «انتصار» الحزب المزعوم في تموز. وهنالك أخيراً مسافة خمس سنوات من مشاركة الحزب وتوغّله في الدم السوري.
وثائقي «الميادين» عن تلك العملية لم يكن سوى عودة لتاجر مفلس إلى دفاتره القديمة عسى يرفع من رصيده الذي بات صفراً لدى جماهير رفعت أعلامه وصوره يوماً.
كان يمكن لتلك المشاهد أن تملأ المرء بالعزة والحماسة، وأن تعزز شيئاً عند بشر أكلت من تماسكهم، هزائم عقود، لكن كانت تكفي تلك الصور والفيديوهات المتلاحقة التي يشاركها سوريون تحت عنوان «أنظر هزيمة ميليشا «حزب الله» أمام أبطال حلب»، لنرى إلى أي حال وصل إليه الحزب، وأي رصيد.

الله مع دواليبكم

الصور الأكثر انتشاراً على مواقع التواصل الاجتماعي في الساعات الأخيرة هي لدواليب (عجلات السيارات) تتدحرج وتحترق في مدينة حلب السورية، في مهمة تصدّى لها خصوصاً أطفال المدينة بعد الحصار الأخير ومحاولات التهجير وقرار الفصائل المعارضة بفك الحصار.
يحاول أطفال، عبر إشعال الدواليب، إغلاق سماء المدينة بالدخان أمام طائرات النظام والروس، هكذا كان لهم حصتهم، مثلما كانت يوماً حصة أطفال الحجارة في الانتفاضة الفلسطينية الأولى.
«الهاشتاغات» والصور والفيديوهات اليوم تدور في معظمها حول أطفال حلب ودواليبهم. لن نعثر على شاعر مثل نزار قباني، يقطع إجازته السويسرية، لينضم إلى قافلة الثورة، ولا على يوسف الخطيب يصدح بـ «مات الولد»، هنالك فقط أدعية الناس (تصوروا حتى أن هذه لم تلحق أن تكون مقفّاة كما ينبغي)، هنالك فقط الناس العاديون، يستعيدون أبسط وأصدق وأطرف ما لديهم: «الله مع دواليبكم».

«شاوي أعدائنا»!

لم يجد مطعم لبناني شهير مختص بالمشاوي طريقة للاحتفال بعيد الجيش في بلده إلا عبر صورة لجندي لبناني يحمل خوذته بيده وفي زاوية الملصق عبارة تقول «شاوي أعداءنا». فاستحق الأمر موجة من السخرية اللبنانية لعلها لم تتوقف حتى الساعة.
ليست الغرابة في هذه الرغبة الهائلة في «شيّ» الأعداء (هذه مرحلة تأتي بعد الذبح عادة)، ما يشي بـ «داعشية» عميقة في وجدان الناس، بل في ضحالة المخيلة الإعلانية التي تربط بين وظيفة المطعم (الشوي) وإسقاطها على وظيفة الجيش اللبناني.
لن يكون الأمر غريباً إلى هذا الحدّ في بلد آخر، لكن في لبنان، حيث صنعت أجمل وأذكى الإعلانات عبر عقود، يتساءل المرء إن كانت المخيلة الإعلانية اللبنانية قد نضبت، وفي ما إن كانت قوة المخيلة مرتبطة بقوة الهبات.

محمود سعد يتجرّأ

يتناقل المصريون مقطعاً من برنامج المذيع المصري محمود سعد تحت عنوان «محمود سعد يعترف أن عهد مرسي كان أحسن من عهد السيسي»، وفيه يدافع سعد عن الحريات بهذه الطريقة «يا نهار إسود! احنا منعنا حريات كان بيسمح بيها مرسي». معتبراً أن الأمر «بايخ»، وهو تقريباً يعتذر بأنه فقط يقول ما يقوله الناس!
لا يريد سعد، على ما يبدو، الاقتناع بأن ليس هناك أسوأ من السيسي، وأن ما كشفه الأخير من انحطاط لا يمكن أن يشبهه شيء، ولا في أي من العهود، بدليل هذا التردد في حديثه والتلعثم، هو الذي يتسم بالطلاقة في مواضع أخرى.
هذا نقد للسيسي من موقع الناصح المحب والتابع المذعن، إن أشار إلى شيء فليس إلا لمزيد من تهاوي الإعلام المصري.

كاتب من أسرة تحرير «القدس العربي»

 

جمهورية الدوبلاج السورية تنتصر وثائقي «الميادين» يتزامن مع هزائم حلب ومحمود سعد يتجرأ على السيسي

راشد عيسى

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    ” «محمود سعد يعترف أن عهد مرسي كان أحسن من عهد السيسي»، وفيه يدافع سعد عن الحريات بهذه الطريقة «يا نهار إسود! احنا منعنا حريات كان بيسمح بيها مرسي».” أهـ
    أين الوفاء لرئيسكم الشرعي يا مصريين ؟ بل أين الوفاء لثورتكم النبيلة ؟ أين عزائمكم يا ثوار ؟ ألن تكملوا المشوار ؟
    عَلى قَدْرِ أهْلِ العَزْم تأتي العَزائِمُ وَتأتي علَى قَدْرِ الكِرامِ المَكارمُ
    وَتَعْظُمُ في عَينِ الصّغيرِ صغارُها وَتَصْغُرُ في عَين العَظيمِ العَظائِمُ
    – المتنبي –
    ولا حول ولا قوة الا بالله

  2. يقول سامح // الاردن:

    * قلت سابقا كان ( حزب الله ) بطلا وأسطورة عن حق
    ف ( الماضي ) .. أما بعد دخوله السافر الأحمق
    المحرقة السورية ووقوفه في خندق الطاغية الأسد
    سقط الحزب وانكشف ولم يبق سوى ( ورقة التوت )
    وهي على وشك السقوط أيضا..
    سلام

  3. يقول ع.خ.ا.حسن،:

    بسم الله الرحمن الرحيم. من تصرفات نصرالله وحزبه يقودني هاجس ان اسمه واسم حزبه هو فبركة لتلائم ما ورد في القرآن الكريم بزعمهم وتقيتهم الضالة المضلة ؛وكذلك فان هاجسي هذا نفسه يقودني ان معركة الحزب مع اسرائيل عام ٢٠٠٦ ماهي الا مسرحية بينه ببن اسرائيل لتبييص الوجه؛ هدا الوجه الذي اصبح اشد كلاحة في سوريا اليوم. والا لعنة الله على المبطلين والاخسرين اعمالا

إشترك في قائمتنا البريدية