جهود الأردن لتنويع مصادر الطاقة: الابتعاد عن النفط والغاز والتركيز على النووية والمتجددة

حجم الخط
1

يعمل الأردن على إدخال الطاقة الذرية وكذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مزيج الطاقة الكلي للبلاد للتقليل من اعتماده على استيراد النفط الخام والمشتقات النفطية المكلفة.
وقد ساعد انخفاض أسعار النفط في السنة الماضية في تخفيض التكاليف التي تكبدها الأردن لاستيراد النفط والغاز والمشتقات النفطية، إذ بلغت العام الماضي2.5 مليار دينار أردني (3.5 مليار دولار)، أي ما يساوي 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي للعام الماضي مقارنة بـ 4.5 مليار دينار أردني (6.5 مليار دولار) أي 18 في المئة من إجمالي الناتج المحلي في 2014، بحسب ما يؤكده وزير الطاقة الأردني الدكتور إبراهيم سيف.
لكن الأردن، الذي لا يمتلك أي احتياطيات نفطية تقليدية بكميات تجارية، لا يستطيع أن يعول على استمرار أسعار النفط عند مستوياتها الحالية المنخفضة، خصوصا أن استهلاك الطاقة الأولية في الأردن يتوقع أن يزيد بمعدل 5.5 في المئة سنويا حتى عام 2020.
أمــا استــهلاك الكهرباء فمن المتوقع أن يزداد بمعدل 6.5 في المئة سنويا خلال الأعوام الخمسة المقبلة.
ومنذ عاد الأردن لاستيراد الغاز المسال في منتصف العام الماضي أصبح 85 في المئة من الطاقة الكهربائية المولدة في البلاد ناتجة عن حرق الغاز بدلا من حرق الديزل أو الوقود الثقيل (فيول أويل).
ويستهلك الأردن 300 مليون قدم مكعب من الغاز يومياً لتوليد الكهرباء يتم استيرادها على شكل غاز مسال عبر ميناء العقبة. ونصف واردات الأردن من الغاز المسال توفرها شركة «شل» بموجب عقد مدته 5 سنوات، والنصف الآخر تشتريه الحكومة من السوق العالمي. ومن المتوقع أن يرتفع الاستهلاك إلى حوالي 400 قدم مكعب من الغاز في اليوم بحلول عام 2020.
ومن أجل توفير كميات إضافية من الغاز لتلبية الطلب المتزايد فقد وقع الأردن على اتفاقية تعاون مع الجزائر تتضمن تزويده بالغاز المسال. لكن لم ينص الاتفاق بعد على الكميات والسعر.
كما وقع الأردن اتفاقا أولياً مع مصر لاستيراد الغاز بالأنابيب، لكن الكميات والسعر سيتم الاتفاق عليهما لاحقا، إذ أن مصر تعاني حالياً من نقص في الغاز، ولن يصبح لديها فائض تستطيع تصديره حتى عام 2021 عندما يكون حقل غاز ظهر البحري العملاق وغيره من حقول الغاز الكبرى تنتج بكامل طافتها.
لكن استيراد الأردن واستهلاكه للغاز الطبيعي من المتوقع أن ينخفضا بحلول العام 2025 بفضل البدء في استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء بدلاً من حرق الغاز.
ويقول مسؤولون ان الأردن لا يرغب في الاعتماد على الغاز والمشتقات النفطية فقط لتوليد الكهرباء، وذلك لأسباب استراتيجية بالإضافة لأسباب اقتصادية.
ويرون أن إدخال الطاقة النووية والطاقات المتجددة إلى خليط الطاقة في الأردن يعني زيادة أمن الطاقة للبلاد، من خلال الاعتماد على المصادر الذاتية، وتقليل المخاطر الاقتصادية الناجمة عن تذبذبات الأسعار العالمية للنفط والغاز، كما أنه يحد بشكل كبير من انبعاثات الغازات الكربونية التي تعتبر المسؤول الرئيسي عن التغيير المناخي.
وتخطط الحكومة لزيادة مساهمة المصادر الذاتية للبلاد في خليط الطاقة الكلي من 8 في المئة في 2017 إلى 40 في المئة بحلول عام 2025.
وستنخفض نسبة مساهمة المشتقات النفطية في خليط الطاقة الكلي (الذي يشتمل على المشتقات النفطية المستعملة في المواصلات ولتوليد الكهرباء وجميع أنواع مصادر الطاقة الأخرى في كافة المجالات) في الأردن من 53 في المئة في عام 2017 إلى 49 في المئة في عام 2025. كما ستنخفض نسبة مساهمة الغاز الطبيعي من 37 في المئة عام 2017 إلى 10 في المئة عام 2025، بحسب الاستراتيجية المعلنة لوزارة الطاقة.
أما الطاقة النووية فمن المتوقع أن تساهم بنسبة 23 في المئة من خليط الطاقة الكلي بحلول عام 2025.
يذكر أن المفاعل النووي الأول المخطط بناؤه في الأردن ليس من المتوقع أن يكون جاهزا لتوليد الكهرباء بشكل تجاري قبل عام 2024.
ومن المخطط ان ترتفع مساهمة الطاقات المتجددة (المشتملة على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح) في خليط الطاقة الكلي للبلاد من 6 في المئة في العام المقبل إلى 9 في المئة عام 2025.
أما الصخر الزيتي، الذي ما زال أول مشروع لاستغلاله تحت التطوير، فسيساهم بنسبة 9 في المئة في خليط الطاقة الكلي بحلول عام 2025. ومن المقرر ان يولد مشروع استغلال الصخر الزيتي حوالي 470 ميغاواط كهرباء عام 2019.
هذا وتدرس الحكومة الأردنية إمكانية ادخال الفحم لتوليد الكهرباء إلى مجال مصادر الطاقة. وإذا اعتمدت هذا الاحتمال، فسيساهم الفحم في مريج الطاقة الكلي بنسبة 4 في المئة ابتداءً من عام 2017 وتبقى تلك النسبة ثابتة بحلول عام 2025.
وبحسب المصادر الحكومية ستشكل الطاقة النووية العماد الأساسي في خطة المملكة لزيادة أمن الطاقة بالاعتماد على القدرات الذاتية.
ومن المتوقع أن تساهم الطاقة النووية بنسبة 47 في المئة من الطاقة الكهربائية المولدة في الأردن بحلول عام 2025، بينما ستنخفض نسبة الطاقة الكهربائية المولدة من حرق الغاز والمشتقات النفطية من 94 في المئة هذا العام إلى 26 في المئة عام 2025.
وحاليا يبحث الأردن عن مصادر تمويل لمشروع أول محطة نووية في البلاد، ويجري التفاوض مع عدة شركات للدخول طرفا ثالثا في المشروع، منها شركات تشيكية وصينية ويابانية، مع احتفاظ الأردن بحصة لا تقل عن 30 في المئة في مشروع أول محطة نووية لتوليد الطاقة.
وقد اختار الأردن التكنولوجيا الروسية لبناء أول محطة نووية مكونة من مفاعلين قدرة كل منهما 1000 كيلوواط، وسط توقعات ان يبدأ المفاعل الأول العمل عام 2023 بكلفة تقدر بحوالي 10 مليارات دولار للمفاعل الواحد.
ويقول الدكتور خالد طوقان، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، أن الموقع الذي اختير لبناء المحطة هو منطقة نائية ذات نشاط زلزالي منخفض جداً، في منطقة الأزرق قرب قصر عمرة في شمال الصحراء الأردنية. وستستهلك المحطة 50 مليون متراً مكعباً من الماء في السنة.
المخاوف الشعبية إزاء اللجوء إلى خيار الطاقة النووية ما تزال كثيرة في الأردن، لكن شركة «روس أتوم» الروسية القائمة على بناء المحطة تؤكد أن معايير السلامة العالية للمشروع تجعل من احتمالات التسرب النووي من جراء الحوادث شبه معدومة أو معدومة تماماً بفعل مواصفات الإحتواء المزدوج التي يتصف بها المشروع.
كما أن المخلفات النووية الناتجة عن عمل المفاعل يمكن التخلص منها، اما عن طريق اعتماد خطة إقليمية، حيث أن عدة دول في المنطقة تخطط لذلك. ومن بين الخيارات المطروحة إعادة تدوير تلك المخلفات لاستعمالها كوقود في محطات نووية أخرى تعمل بتقنيات مختلفة.
يذكر ان هيئة الطاقة الذرية الأردنية تقوم حاليا باستخلاص خام اليورانيوم المتواجد بكميات تجارية في البلاد في وحدات تجريبية انشئت لهذه الغاية، تقوم عليها كوادر شركة تعدين اليورانيوم استعدادا للإنتاج التجاري.
وينوي الأردن استغلال احتياطياته من اليورانيوم في وسط البلاد ليكون مستقبلاً الوقود الأساسي للمحطة النووية مع إمكانية تصديره أيضاً.
إلا ان مشروع تعدين اليورانيوم ما زال في مراحل الدراسة السابقة لدراسة الجدوى. ومن المؤمل الإنتهاء من تصميم المشروع بحلول عام 2019 على أن يباشر بإنتاج 400 طن يورانيوم في السنة بحلول عام 2021، وان يرتفع الإنتاج مستقبلاً إلى 1500 طن في العام من أجل التصدير.
وحاليا يجري العمل في مفاعل نووي بحثي في جامعة العلوم والتكنولوجيا بقدرة 5 ميغاواط. وهو تحت الاختبار منذ اواخر نيسان/أبريل ليكون مركزا لتدريب وتأهيل الكفاءات التي ستقوم على إدارة وتشغيل أول محطة نووية أردنية لدى استكمال إنشائها.

خبيرة في شئون النفط

جهود الأردن لتنويع مصادر الطاقة: الابتعاد عن النفط والغاز والتركيز على النووية والمتجددة

سميرة قعوار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د. سامح الصقور:

    اعتقد اننا اليوم في الوطن العربي امام تحديات كثيرة مرتبطة بأمن الطاقة, ولا احد بمعزل عنها, انخفاص اسعار النفط كان رسالة للجميع سواء الدول المصدرة للنفط ام المستوردة ان علينا التعاون معا والعمل على ربط الشبكة الكهربائية العربية لتخفيف الفاقد والتركيز والاستثمار بالطاقة البديلة, معلومة بسيطة: الانتاج العالمي من النفط اليومي حوالي 100 مليون برميل وفي نفس الوقت يمكننا الحصول على طاقة كهربائية من سطوع الشمس من شبة الجزيرة العربية بمايعادل 10 مليار برميل يوميا. اليوم النظام الواحد من انظمة طاقة الرياح يولد مايعادل 7 ميغاوات او اكثر. السؤال هل نحن بحاجة للطاقة النووية فعلا؟

إشترك في قائمتنا البريدية