القاهرة ـ «القدس العربي»: أثارت دعوة الرئيس عبد الفتاح السيسي لرابطة مشجعي النادي الأهلي المصري «التراس أهلاوي» إلى المشاركة في لجان التحقيق الخاصة بمقتل زملائهم، وذلك بعد إحياء أعضاء الرابطة الذكرى الرابعة للمذبحة يوم الاثنين الماضي، التي راح ضحيتها 72 مشجعاً أهلاوياً في أحداث عنف أعقبت مباراة لكرة القدم ببورسعيد، العديد من ردود الأفعال وعلامات الاستفهام بشأن كيفية قيام الدولة بالتحاور مع من تم إدراجهم جماعة محظورة، وحول الكيفية القانونية لإعادة المحاكمة.
وجاءت تصريحات السيسي بعد دخول «التراس» مدرجات ملعب مختار التتش بالنادي الأهلي، الاثنين الماضي ، في ذكرى حادثة استاد بورسعيد، حيث حملوا لافتات ورددوا هتافات مناوئة لقيادات عسكرية سابقة بينهم المشير حسين طنطاوي، محملينهم المسؤولية عن مقتل 72 مشجعا للفريق الأحمر.
وأشادت رابطة جماهير النادي الأهلي «التراس» بدعوتهم من قبل الرئيس عبد الفتاح السيسي للمشاركة في التحقيقات الخاصة بـ»مذبحة استاد بورسعيد» وأكدت استعدادها لمد يد التعاون سعيا لعودة الروح إلى المدرجات والاستقرار بالبلاد، فيما أكدت أن حق القصاص مطلب أساسي لها.
وفيما أثنى بيان لالتراس، على صفحتهم الشخصية بـ «فيسبوك»، بسعي رئيس الجمهورية وللمرة الثانية إلى النقاش مع الشباب، انتقد البيان أيضا ما اعتبره «محاربة من جهات إعلامية تصف رابطة التراس، ليل نهار، بالممولين والإرهابيين في حين أن ذنب هؤلاء الشباب أنهم يعشقون وطنهم وناديهم وجادوا بالشهداء من أجل ذلك».
إلى ذلك، طالب البيان بحق القصاص ضد كل من شارك في مذبحة بورسعيد. وأضاف: «إذا كانت هناك نية لحل القضية أو إعادة التحقيقات فيها، فالأولى التحقيق مع كل الأطراف ومنها القيادات الأمنية التي تورطت في المذبحة وذُكرت أسماء العديد منها في تحقيقات النيابة، واشتركت سواء بالتخطيط أو التدبير أو الإهمال أو إخفاء الأدلة».
كما ذكر البيان: «لسنا أهلاً لأن نكون الخصم والحكم في القضية، ولكن تذليل عقبات التحقيق وإظهار كل الأدلة أمام الرأي العام سيضع الأمور في نصابها وسيعيد الحقوق لأصحابها. يجب أن يعلم الجميع أن بعد إشادة رئاسة الجمهورية بالجمهور في كانون الاول/ديسمبر 2014 بعد مباراة سيوي سبور بشهرين حدثت مذبحة جديدة لجماهير الزمالك بتواطؤ أو تقصير رسمي من الأطراف المتهمة في أحداث بورسعيد نفسها. لم يدن أحد وظهر المدبرون الحقيقيون على شاشات التليفزيون يلقون اللوم على المجني عليهم».
وقال الدكتور محمود كبيش، استاذ القانون الجنائي، لـ«القدس العربي»:»الحكم الصادر ضد التراس تم إصداره من محكمة الأمور المستعجلة، ولذلك فهو يعد حكما باطلا، لعدم اختصاص المحكمة، وان من الجيد ان يلجأ رئيس الجمهورية إلى التواصل مع جميع أطياف المجتمع، وهذه تعد سابقة لم تحدث في مصر من قبل. فالرئيس يريد ان يحدث نوعا من الوئام في المجتمع. فما الخطأ في ذلك؟».
وأضاف «هذه الدعوة تعد سياسية بحت وليست لها علاقة بالقانون، لان رئيس الجمهورية مهمته الأساسية العمل السياسي، والشباب المصري في حاجة إلى من يأخذ بيدهم. فلو امتنعت المؤسسات عن الأخذ بيد الشباب، فلا يعاب على رئيس الجمهورية ان يلجأ إلى تحقيق ذلك بنفسه».
وقال الدكتور فؤاد عبد النبي استاذ القانون الدستوري، ان «هؤلاء الشباب جزء من نسيج المجتمع وهناك واجب وطني على رئيس الجمهورية وهو رعاية مصالح الشعب المصري. وبإعتبارهم جزءا من الشعب فمن حقهم ان يجلس معهم الرئيس ويحاورهم ويناقشهم، وهذا يعد أيضا التزاما دستوريا وفقا للمادة 139 من دستور 2014 التي تنص على ان من الواجب ان يلتزم رئيس الجمهورية برعاية مصالح الشعب رعاية كاملة وان يحترم القانون والدستور، والمادة الاولى من دستور 2014 تنص على المواطنة وسيادة القانون وتلازم السلطة مع المسؤولية واحترام حقوق وحريات الأفراد، ووفقا للمادة 19 من الدستور التي تنص على عدم التمييز والتسامح».
وأضاف: «لاشك في ان هذه الدعوة سياسية من أجل كسب تأييد الشباب في هذه المرحلة من قبل رئيس الجمهورية والحصول على رضاهم وتعاطفهم معه».
وقال الدكتور نبيل مصطفى خليل، استاذ القانون بأكاديمية الشرطة، «إن الحكم القضائي الصادر ضد التراس ليس له علاقة بدعوة الرئيس للحوار معهم. كما انه لم يصدر ضد التراس حكم باعتبارهم جماعة إرهابية مثل الحكم الذي صدر ضد الإخوان. فإذا كان هناك حكم قضائي صدر عليهم في واقعة معينة فلا ينسحب على الرابطة بشكل عام ولا على كل تصرفاتها، بمعنى أنه حكم في واقعة معينة وليس قانوناً، وأعتبر دعوة الرئيس للحوار معهم إدارة رشيدة للرئيس وامتصاص غضب كتل كبيرة فما المانع من ذلك، والرئيس السيسي رجل دولة وعليه ان يحتوي جميع أطياف المجتمع». وأضاف «هذه الدعوة مرونة سياسية، ولابد من تأييدها وعدم التصدي لها». وعلى الجانب الآخر، لم تنل تصريحات الرئيس عبد الفتاح السيسي إعجاب عدد من الإعلاميين، وانتقدوها بشدة، واعتبر الإعلامي إبراهيم عيسى دعوة الرئيس لجلسة مناقشة حول أحداث مجزرتي بورسعيد والدفاع الجوي ليس صائبا على الإطلاق.
وقال إن دعوة السيسي، لالتراس ، ستعطيهم الفرصة لـ»سواقة البلد»، مضيفًا: «سيُعيد التراس ويفتح كل الجروح، وسنستعيد المشاهد، ونسخن بعض، ويبدأ الحديث عن التقصير والإهمال والشرطة». وتابع: «القضية أغلقت وصدرت فيها الأحكام».
من جانبه، اعترض الإعلامي أحمد موسى على دعوة السيسي التراس، واعتبرها سلبية، ودليلا على أن الدولة ضعيفة، والبعض سعى لاستغلال ذلك في تشويه صورة الدولة.
وأوضح أن الدعوة أتاحت الفرصة لبعض عناصر جماعة الإخوان، لترديد بعض الجمل بأن الثورة مستمرة، مشيرا إلى أن السيسي كان يجب عليه توجيه الدعوة لأسر الشهداء، والجلوس معهم وليس مع المخربين.
كما انتقد الكابتن عصام عبد المنعم، الرئيس الأسبق لاتحاد الكرة المصرية، دعوة السيسي، مؤكدا أن التراس ظاهرة يجب انهاءها وعلينا تجاهلها لما تسببه من أزمات في المجتمع، مشيرا إلى أن الخروج عن إطار التشجيع يعتبر خروجا عن القانون. وأضاف «أن مبادرة الرئيس السيسي تعبر عن حسن النية، لكنها تختلف مع شروط التقاضي والقوانين»، موضحا أنه في حالة منح الفرصة للتراس والجلوس معهم يعطي أيضا الحق للإرهابيين في فتح حالة حوار، لحل مشاكلهم مع الدولة وهذا خطأ من وجهة نظري.
وأكد الكابتن أحمد شوبير، لاعب النادي الأهلي السابق، أن الرئيس السيسي لم يدع لحوار مع أي من أعضاء التراس، مضيفا أن هناك حالة من الخلط، وأن البعض يحاول تصوير نفسه على أنه أقوى من الدولة ومن النظام، وهذا غير صحيح ولا يمكن السماح به.
وكان السيسي قال، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب، موجها حديثه لالتراس: «تعالوا يا شباب اختاروا 10 منكم ممن تطمئنون لهم يدخلوا ويشوفوا هذا الموضوع بتفاصيله. تعالوا شاركوا في لجنة سنشكلها من جديد، وشوفوا ماذا تريدون فعله وحققوا في الموضوع ، لا توجد لدينا أسرار».
وكانت أحداث الشغب اندلعت أثناء مباراة بين الأهلي وفريق المصري البورسعيدي بالدوري المصري الممتاز في ملعب بورسعيد في الأول من شباط/فبراير2012 وقت إدارة المجلس الأعلى للقوات المسلحة شؤون البلاد.
منار عبد الفتاح
فيه أحكام كثيرة باطلة للأسف