خبراء لـ«القدس العربي»: دمج الوزارات في العراق خلق مشاكل إدارية كثيرة ولم يقلص النفقات

بغداد ـ «القدس العربي»: خلقت القرارات الإصلاحية التي أصدرها رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الكثير من المشاكل الإدارية والقانونية التي تعيق تطبيقها على أرض الواقع.
واكد الخبير القانوني سعد سليم لـ«القدس العربي» إلى أن قرار دمج بعض الوزارات خلق مشاكل قانونية، كون كل وزارة لديها قانون خاص بها تم تشريعه وفق القانون وحظي بموافقة مجلس النواب ورئاسة الجمهورية حتى أصبح نافذا. كما أن في كل وزارة خزينا هائلا من التعليمات الإدارية والقانونية الخاصة بكل وزارة متراكمة منذ عشرات السنين، ولكن دمج وزارتين أدخلهما في مشاكل قانونية وإدارية هي على أي القانونين سيتم تسيير شؤون الوزارة الجديدة الناتجة عن الدمج.
وذكر مدير إداري في إحدى الوزارات الملغاة، ان دمج وزارته بوزارة أخرى، خلق تشويشا وغموضا في كيفية إدارة شؤون الوزارة وموظفيها، وعلى أي قانون سيتم الاستناد في تسيير شؤون الوزارة والأجراءات لتمشية معاملات المواطنين.
وأكد ثائر العزاوي المسؤول الإداري في مؤسسة حكومية، ان قرار دمج الوزارتين خلق فوضى في موضوع صلاحيات وتوزيع المدراء والموظفين وسياقات العمل والإجراءات، وفي هيكلة وتوزيع الموظفين على المديريات والأقسام المختلفة، حيث سيتطلب القرار إلغاء بعض الأقسام المكررة في الوزارتين كدائرة المفتش العام والعلاقات والحسابات وغيرها من الأقسام، إضافة إلى الحاجة لاستحداث أقسام جديدة تجمع موظفي الوزارتين.
وأضاف أنه في كل الأحوال فإن تسيير العمل في الوزارة الهجينة الجديدة سيبقى مؤقتا لحين صدور قانون جديد من مجلس النواب الذي سيأخذ بالتأكيد وقتا طويلا سيترك آثاره على انسيابية العمل، لافتا إلى التأثير النفسي والقلق الذي أوجدته قرارات الدمج لدى كوادر وموظفي الوزارتين من ان يتضرر أو يفقد بعضهم مواقعهم التي أمضوا عشرات السنين في تشكيل خبراتهم وسياقات العمل الإداري والمالي فيها.
وأكد العزاوي ان الأعباء المالية لن تتقلص في الوزارات، عدا إلغاء منصب أحد الوزيرين مع بقاء كامل منتسبي الوزارة ومعداتها وعجلاتها ونفقاتها الاعتيادية من رواتب وخدمات إدارية وغيرها، مشيرا إلى خلق مشكلة جديدة هي توفر أعداد كبيرة من الموظفين الزائدين عن الحاجة والذين لا يمكن الاستفادة منهم وهو ما نسميه البطالة المقنعة.
وتحدث عمار السبعاوي رئيس مهندسين في دائرة حكومية، إن مشكلة جديدة ستبرز في الوزارة الموحدة الجديدة، كون معظم وزارات الحكومة العراقية موزعة حسب المحاصصة على الأحزاب والكتل السياسية، وقد عملت تلك الأحزاب والكتل منذ 2003 على نشر عناصرها ومؤيديها في كل مفاصل الوزارات المهمة التابعة لها بحيث أصبح معروفا ان تلك الوزارة تتبع الحزب الفلاني وتلك الوزارة تعود للحزب الآخر، وبعد دمج الوزارات سيكون على بعض الأحزاب ان يتخلى عن مواقع المسؤولية الإدارية والمالية وهو ما تعتبره مساسا بمصالح أعضاء الحزب، كما أنها سترفضه لأنه سيكشف الفساد المالي الذي ارتكبته طوال الفترة الماضية، وبالتالي سيبرز صراع عنيف للتمسك بالمناصب بين أعضاء الحزبين في هاتين الوزارتين اللتين أصبحتا وزارة واحدة يدير كادرها حزبان.
ويذكر أن رئيس الجمهورية فؤاد معصوم كان قد رفض المصادقة على قرار إلغاء مناصب نوابه الثلاثة كونه لم يتم استشارته في الأمر، كما قام نوابه الثلاثة برفع دعوى في المحكمة الاتحادية على عدم دستورية إلغاء مناصبهم لعدم صدور قانون بذلك.
ويتفق المطلعون على قرارات العبادي الإصلاحية، أنه كان على الحكومة ان تضع في اعتبارها كيفية التعامل مع هذه المشاكل وتشكيل لجان للدمج واستحصال الموافقات وتقديم مشاريع قوانين لتوحيد الوزارات إلى البرلمان، قبل الإقدام على إصدار القرارات التي أصبحت واقعيا غير قابلة للتطبيق. مما يدل على ان دمج الوزارات ببعضها لم يكن بناء على خطط متكاملة موضوعة من قبل خبراء متخصصين لتمشية أعمال الوزارات المندمجة واستثمار طاقات موظفيها إلى أقصاها، لحين صدور القوانين الجديدة للكيانات الموحدة.

مصطفى العبيدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية