نيويورك – أ ف ب: تشكل المساعدة الطارئة بقيمة 12 مليار دولار التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمزارعين الأمريكيين المتضررين من الحرب التجارية علاجا مؤقتا قد ينطوي على عواقب سلبية وغير متوقعة.
يقول كريس هورت، الاقتصادي المتخصص بالزراعة في جامعة بوردو في ولاية إنديانا «بما أن كبريات الشركات هي المسيطرة في صناعة لحم الخنزير في الولايات المتحدة سيكون من المثير للاهتمام أن نرى ما اذا كانت ستحصل على مبالغ ضخمة». وأشار إلى ان شركة «سميثفيلد» وهي الكبرى بينها، ملك لمجموعة صينية.
ولم تحدد السلطات الأمريكية بعد تفاصيل برنامج المساعدات إلى المزارعين المتضررين من إجراءات الرد التي طبقتها بعض الدول على الرسوم الجمركية الأمريكية. وقالت الحكومة الأمريكية عند عرضها البرنامج أمس الأول أنه مخصص لمنتجي الصويا ولحم الخنزير والذرة ومشتقات الحليب، أي الأكثر تأثرا مبدئيا بالخلافات التجارية، بالاضافة إلى منتجي الذرة البيضاء والقمح والقطن والفواكه والخضار والأرز ولحم البقر.
وتدرس السلطات حاليا ثلاث قنوات هي دعم مباشر إلى المزارعين، وشراء الحكومة للفائض وتوزيعه بعدها إلى المصارف الغذائية الخيرية والمؤسسات المدرسية، وثالثا تقديم مساعدات من أجل تعزيز المنتجات الأمريكية في الخارج.
واعتبر جوزف غلوبر، خبير الاقتصاد لدى مركز أبحاث حول البرامج الغذائية في العالم، ان قيمة البرنامج «غير مسبوقة». واضاف ان فاعليته برأيه تظل محدودة.
وأضاف ان المزارعين الأمريكيين يحصلون حاليا على نحو عشرين مليار دولار من المساعدات الحكومية سنويا عبر برامج عدة، وبالتالي «فإنهم يحظون بتغطية جزئية». وتابع القول ان مثل هذه المساعدة الطارئة تنطوي برأيه على «مخاطر معنوية»، وأضاف ان «الخسائر على الأمد الطويل في بعض الاسواق في الخارج أكبر بكثير مما يمكن ان يعوض عنه هذا البرنامج لوحده».
ويخشى كثيرون ان يبتعد الزبائن الصينيون، الذين يشترون حاليا ثُلث محصول الصويا الأمريكي، بشكل متزايد عن مُزَوِديهم التقليديين ويلتفتوا إلى البرازيل. وستكون استعادتهم معقدة جدا. كما ان أسواقا أخرى قد تسد هذا الفراغ على غرار الاتحاد الأوروبي الذي تعهد أمس الأول بشراء كميات أكبر من الصويا، الا ان «ثلثي الصويا المتداول في العالم يذهب إلى الصين»، حسب غلوبر.
ويضيف ان «الخطر المعنوي» الآخر لمثل هذا النوع من البرامج يمكن أن يكون ان تطالب قطاعات أخرى تضررت نتيجة العقوبات التجارية بالحصول على مساعدات.
وتساءل تشاك شومر، زعيم الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ الأمريكي «ماذا سيحصل لمستخدمي الصلب والألومنيوم؟ وغيرها من المنتجات التي استهدفها منافسونا في الخارج؟»، معبرا عن اسفه لان ترامب «يبدو وكأنه يختار رابحين وخاسرين».
يسود خوف في المنظمات الزراعية الكبرى في الولايات المتحدة بحصول بلبلة على نطاق واسع في المبادلات الزراعية في العالم. وقد علق عدد كبير منها على إعلان البرنامج يوم الثلاثاء الماضي بالقول «نريد تجارة وليس معونات»، بينما شبه عدد كبير من المراقبين المساعدة الطارئة بـ»ضمادة على ساق خشبية». واعتبر تشاد هارت، استاذ الاقتصاد في جامعة ولاية إيوا، أنه وفي الوقت الحالي «لا نعرف بالضبط كيف سيتم توزيع الأموال»، لكن وخلافا لبرامج معتمدة سابقا فإن «الدفعات ستكون سريعة وستتم بشكل مباشر إلى المزارعين وستكون على أساس أرقام الإنتاج للعام الحالي». وتابع هارت ان ذلك «ليس من شأنه قلب الأسعار في الأسواق بما ان المحاصيل بدأت والمزارعون ليس في إمكانهم تعديل البذار حسب المساعدة»، لكن ذلك « لاينطبق بالضرورة على مالكي قطعان الماشية».
ويشعر هورت بالقلق خصوصا من أن يفضل المزارعون استثمار الأموال التي تم تلقيها بشكل مباشر في شراء أراض ما يمكن أن يرفع أسعار العقارات.
وتابع القول أنه وحسب طريقة توزيع المساعدات فإن «الأوروبيين والكنديين يمكن ان يتقدموا بشكاوى أمام منظمة التجارة العالمية إذا اعتبروا ان الدعم يتـــجاوز الحدود التي تسمح بها المنظمة».