تونس – «القدس العربي» من حسن سلمان: قال خبير أمني إن تكرار الهجوم الإرهابي على ملهى ليلي في مدينة «اسطنبول» التركية غير مستبعد في تونس، مشيرا إلى أن هذا النوع من العمليات الذي يعتمد على ما يسمى بـ«الذئاب المنفردة» قابل للحدوث في أي بلد في العالم، وتحدّث من جهة أخرى عن احتمال لجوء عناصر من «الخلايا النائمة» في تونس لتسليم أنفسهم للسلطات إثر عودة نظرائهم من بؤر التوتر، مشيرا إلى أن السلطات قد تلجأ للعفو عنهم أو تخفيف الأحكام القضائية ضدهم.
وكان مسؤول أمني تونسي أكد مؤخرا أن أكثر من 134 ألف مواطن قضوا ليلة رأس السنة الجديدة خارج منازلهم، من بينهم 79 ألفا في الملاهي الليلية، وهو ما دفع بعض المراقبين للتحذير من احتمال تكرار الهجوم الإرهابي الأخير على ملهى «رينا» في مدينة اسطنبول الترية والذي أسفر عن مقتل 39 شخصا وجرح العشرات.
وقال مختار بن نصر رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل في تصريح خاص لـ«القدس العربي»: «العمليات الإرهابية المفاجئة (كهجوم اسطنبول) التي تعتمد على الذئاب المنفردة أو الخلايا المتفرقة في أماكن عدة تبقى دائما تهديدا محتملا، وبالنسبة لتونس فإن وحدات الأمن الوطني تأخذ هذا الأمر على محمل الجد وهناك عمل أمني دؤوب من حيث المراقبة وجمع المعلومات عن هذه العناصر لدرجة أنه أمكن السيطرة على الوضع خلال رأس السنة وحتى في الأيام السابقة». واستدرك «ولكن، يبقى الاحتمال حول عملية من هذا النوع وارد في أي مكان وليس فقط في تونس، نظرا لأن هذه العناصر لديها تعليمات حول بقائها مختفية وعندما تأتيها معلومات بالتحرك يمكن أن تقوم بأي عمل، ونحن نعول على يقظة الأمن والمواطن، فضلا عن العمليات الاستباقية التي أدت لنتائج إيجابية كثيرة وخاصة في مجال تبادل المعلومات حول هذه العناصر الامر الذي ساهم في تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية ومنعها من التحرك أو تطوير أعمالها مستقبلا».
وكان وزير العدل التونسي غازي الجريبي أكد أن 160 «إرهابيا» عائدين من بؤر التوتر، هم حاليا داخل سجون البلاد، بين موقوف ومحكوم، مشيرا إلى إمكانية إحداث سجن كبير خاص بجميع العائدين من بؤر التوتر.
وقال بن نصر «بالنسبة للعناصر العائدة من بؤر التوتر، هناك إجراءات وقوانين وخاصة قانون الإرهاب الذي يفصّل كل العقوبات ويفرق بين الإرهابي وغير الإرهابي، وفي الفصول من 31 إلى 67 هناك جرد لكل الأعمال التي يمكن أن توصـــــف بأنها إرهابية ويعاقب عليها القانون التونسي، ولدينا ترسانة قانونية في هذا المجال، مع العلم أن المقاتلين في الخارج لن يعودوا دفعة واحدة، وحتى إن عادوا كذلك فهناك اتجاه واضح بالنسبة لتونس وهو عرضهم على القضاء، حيث يمكن البتّ في وضعيتهم، فثمة من سيودع داخل السجن ومن سيخضع لمراقبة أمنية لصيقة حسب الحالة».
وأضاف «ويمكن للدولة التونسية أن تعد سجونا لهذا الغرض والمسألة لا تتطلب جهدا كبيرا، وأعتقد أن وزارة العدل أخذت بعين الاعتبار هذه الأمر فحتى لو جاء عدد كبير من المقاتلين فسيتم وضعهم داخل السجون لأن وضعهم داخل المجتمع يشكل خطرا كبيرا عليه، فقد تتاح لهم الفرصة مجددا للقيام بعمل إرهابي».
من جهة أخرى، اعتبر بن نصر أن «العناصر العائدة هي عناصر منهزمة ومنكسرة وضاق بها المكان في أماكن عدة في سوريا والعراق وليبيا، وهم يبحثون عن ملاذات آمنة لأن الكثير منهم فوجئوا بأنهم خضعوا لنوع من الدمغجة (غسيل دماغ) واكتشفوا أن هذا الجهاد الذي ذهبوا من أجله هو لعبة دولية قذرة وخاصة أن كثيرا من الشباب دفعوا حياتهم ثمنا لوهم، والكثير منهم سيكون نادما وبحاجة إلى التأهيل النفسي والاجتماعي وربما وجوده في السجن سيعطيه الفرصة للتفكير في ما لحق به، كما أن البعض منهم سيكونون ناقمين على ما حل بهم، ولا بد أن يؤهلوا لاحقا بعد خروجهم من السجن».
وأشار إلى احتمال أن تسبب عودة المقاتلين من بؤر التوتر ومحاكمتهم بلجوء العناصر الموجودة ضمن ما يسمى «الخلايا النائمة» في تونس إلى تسليم نفسها للسلطات، وأضاف «هذا الأمر حدث في بلدان عدة ، فثمة من يرى أن طريقه مسدود وأنه تم التغرير به ويمكنه في أي وقت أن يسلم نفسه للوحدات الأمنية وأعتقد أن هذا الأمر قد يشمل جانبا من العفو أو تخفيفا للأحكام (القضائية) من قبل السلطات، فربما تأخذ الدولة بعين الاعتبار الأفراد الذين لم يتم تورطهم في أعمال قتل أو إجرام، وخاصة إذا سلموا أنفسهم وقدموا معلومات عمن ورطهم في هذه الأعمال».