خريطة الطريق قدمت روشتة لاستعادة السلم الاجتماعي… لكن البنود التي كنا نأمل أن تساعد على ذلك تم القفز عليها

حجم الخط
1

القاهرة ـ «القدس العربي»: يوماً بعد يوم تتكاثر السحب في سماء صاحبة الجلالة، التي تحيا ظروفاً بالغة الأسى على إثر أزمات مالية شديدة، دفعت ببعض الصحف للإغلاق، بينما لجأت أخرى لتسريح أعداد كبيرة من كتابها.
وكان الصحافيون يظنون أنهم سيرفلون في النعيم بعد تولي السيسي سدة المشهد، إذا بهم على موعد مع «عام الرمادة» بكافة تفاصيله، وهو الأمر الذي دفع بالكثير من الكتاب للنظر لثورة الثلاثين من يونيو/حزيران، باعتبارها نذير شؤم، بعد أن تسلل الفقر لبيوتهم، وهو الأمر الذي تجد صداه على مقاهي وسط القاهرة، وفي ردهات مبنى نقابة الصحافيين الفاره، الذي بني في عهد مبارك، لكنه يعج بالفقراء والجائعين في زمن السيسي. وانتابت الكثيرين حالة حزن من النظام، الذي لم يقف في صف أولئك الذين قاتلوا معه في صف واحد من أجل دحر الإخوان عن سدة المشهد، لكنهم لم يحصلوا على أي مقابل من الدعم الذي يعينهم على الكوارث، التي بدأت تحل فوق رؤوسهم.
وفي الصحف المصرية الصادرة أمس توالت النذر بأيام أشد قسوة مقبلة على البلاد والعباد، وهو ما يكشف عنه العديد من المقالات، سواء في صحف المعارضة أو القومية. وارتفع مستوى الجدل حول سبل الخروج من الأزمة الاقتصادية التي تحياها مصر، ففيما يرى كتاب معارضون للنظام أن الأزمة من صنع السلطة، التي تصدت لمشاريع لا تدر أي عائد قريب للجماهير، التي ترزح تحت الخطوط الدنيا للفقر، يرى الكتّاب من أنصار السيسي أنه يعمل لصالح الأجيال المقبلة، بينما يجد المثل الدارج «عيشني النهارده وموتني بكره»، مزيداً من القبول بين البسطاء، الذين كانوا ينتظرون الفرج، فإذا بالاوضاع تزداد بؤساً، للحد الذي أسفر عن اختفاء الكثير من السلع التموينية، وهو ما اعترف به وزير التموين نفسه مؤخراً. كما أن جحيم الأسعار لازال يحرق المزيد من الطبقات الشعبية، وينذر بثورة جياع تدق الأبواب وتهدد بحرق الأخضر واليابس.. وإلى مزيد من التفاصيل:

ربنا يرحمها

نبدأ مع عيد الأم فقد شهدت الصحف المصرية أمس العديد من المقالات التي تمجد قدر الأم في عيد ميلادها وهو الأمر الذي كشف عنه محمود الكردوسي في «الوطن»: «سيدة هذا الكون. معلّمتي ومُلهمتي وخلاصة نساء العالم. هي – كما أحب أن أسميها – «أول الكلام.. وآخر الكتابة». هي «ألفي» و«لامي».. وأنا «ميمها». هي «ذلك الكتاب» الذي «لا ريب فيه». هي «الحب» على إطلاقه. هي «الرحمة» على إطلاقها. هي «كل شيء وكل أحد» حتى في غيابها.. وبالذات في غيابها. لم تضج بي في وصل أو قطيعة. لم تبخل يوماً، ولم تَشْكُ. كانت تقول: أحملك على كتفي فأنهض من قعودي وأقطع الأرض من شرقها إلى غربها كفرس المحارب. أجوع فأشبع بوجودك في الدنيا. أتعرى فأتقمصك كامرأة حاكمٍ أو أمير. تلك أمي.. وأنا فراغها. أبحث عنها في «عيدها» فتأتيني كسحابة حزن. تمطرني ألماً يسد شروخ القلب فيكتب: «سبقتني إلى الله.. وليس للعبد بعد الله من أحدٍ».

فرصة أخيرة

«لا يمكن إنكار أن مصر في أزمة تهدد مستقبلها»، بهذه النبوءة يصدم عبد الله السناوي قراء «الشروق» مؤكداً على أنه: «كأي أزمة من هذا النوع يستحيل تجاوزها بسلام، من دون الاعتراف بها وفتح مسام الحوار العام لكل رأي واجتهاد. وبقدر التوافقات العامة يمكن تفادي أي تقلبات حادة مفاجئة.. بارتفاع منسوب القلق العام يصعب التعويل على السياسات الحالية. الانفجار شبه محتم، إذا لم يتم تدارك أسبابه، هذه حقيقة لا يصح تجاهلها، فلم يعد بوسع مصر المنهكة احتمال أي إخفاق جديد، ولا تحمل أثمانه الباهظة.. وهذه حقيقة أخرى لا يجوز نفيها بحسب السناوي، ما بين الحقيقتين تحتاج مصر إلى بديل آمن في التوجهات والممارسات، يستند إلى الشرعية الدستورية ويعمل على توسيع التوافقات العامة. أي بدائل أخرى مشروعات انفجارات محتملة، لا نعرف أولها من آخرها، ولا على أي نحو سوف تستقر في نهاية المطاف.. أمام اضطرابات اجتماعية مرجحة بأثر تدهور مستويات المعيشة وغياب قواعد العدالة في توزيع الأعباء التي تستدعيها، أي إجراءات جراحية للإصلاح الاقتصادي فإن قضية العدل الاجتماعي لها الأولوية في تصويب السياسات المختلة. رغم أن الاقتصاد هو نقطة التفجير المحتملة فإن السياسة وحدها صمام الأمان. هذه حقيقة يجب التأكيد عليها باستمرار. ويؤكد السناوي أحد أوجه الأزمة تجريف السياسة وسد قنواتها وتضييق المجال العام والضيق بالمعارضة، وغياب أي مسار سياسي نمضي فوقه بثقة، بغض النظر عن درجات الاتفاق والاختلاف. أمام صراعات الأجهزة الأمنية، التي انتقلت إلى العلن، والتراجع الفادح في سجل حقوق الإنسان، فإن قضية إصلاح مؤسسات الدولة لم يعد ممكنا تأجيلها. إما أن تكون هناك دولة قانون أو لا تكون.. بأي معيار لا يمكن لظواهر التفلت أن تفضي إلى دولة جديرة بالاحترام. بعض التفلت نال من الجهاز الأمني، وبعضه الآخر نال من مؤسسة العدالة، وبعضه الثالث كاد أن يحول الجهاز الحكومي إلى شبه أطلال. إذا لم يصلح الجهاز الأمني على نحو جاد فإننا داخلون إلى متاهة بلا نهاية».

المصالحة تجد من يعاديها

ونبدأ المعارك الصحافية ضد الإخوان ويشنها في «المصري اليوم» المستشار يحيى الجمل رافضاً الدعوات التي تطالب بضرورة المصالحة مع الإخوان والقوى المتحالفه معهم: «بعد أن استطاع الشعب المصري، ومعه قواته الباسلة، أن يزيح حكم الفاشية الدينية، بعد أن أزال في ثورة الخامس والعشرين من يناير/كانون الثاني حكم الفاشية البوليسية وحكم العناد والغباء، بعد كل هذا الحراك الرائع في مدى سنوات قليلة، أتعجب أن نرى في مصر من ينادي أو من يطلق مبادرات للصلح مع جماعة الإخوان المسلمين– تلك الجماعة التي كان حكمها يقوم على الإقصاء والاستحواذ أساساً. ولعل أهم هذه المبادرات هي مبادرة الأستاذ الدكتور سعدالدين إبراهيم، مدير مركز ابن خلدون، أستاذ علم الاجتماع. والمبادرة الأخرى هي مبادرة الأستاذ الدكتور حسن نافعة، الأستاذ في جامعة القاهرة. وليس عندي أي شك في حسن نوايا الأستاذين الفاضلين، ولكنني مع ذلك أجيز لنفسي أن أتساءل، سواء من الناحية السياسية أو من الناحية القانونية: متى يجوز الصلح في الجرائم الجنائية؟ الصلح جائز في كل القضايا الجنائية إلا أن الصــــلح مع الجــــرائم التي تنطوى على خيانة الوطن، بل على إنكار مبدأ المواطنة نفسه، أظن أنه غير جائز في مثل هذه الجرائم التي تهدر في الأصل كيان الوطن كله وكل مقوماته».

ليسوا أشراراً على طول الخط

ونبقى مع الدعوة للمصالحة وهذه المرة يتطرق إليها أحمد بان في «التحرير»: «تتجدد الأحاديث عن المصالحة كلما عرض شيء من ذلك، لكن السؤال الأهم الذي لم يُجب عنه أحد، هو من الأحق بالمصالحة؟ الإخوان كجماعة وصلت إلى الحكم؟ أم أن الأحق بالمصالحة هو الوطن كصيغة جامعة لكل بنيه. يضيف الكاتب من الشائع في المفردات المستخدمة في لائحة الاتهام لمعظم من تم القبض عليهم في قضايا رأي، تهديد السلم الاجتماعي وتأسيس جماعة على خلاف الدستور والقانون.. هذه التهمة، يعتبرها الكاتب خطيرة لا ريب، لكن ما لا يلتفت إليه أحد أن النظام بسلوكه أحيانا ما يتورط في تهديد هذا السلم الاجتماعي، بل ونسفه من الأساس، وذلك حين تتحلل بعض الأجهزة الأمنية من قيود القانون، وتدوس على مواد الدستور الذي يحرم ويجرم التعذيب أو الاختفاء القسري أو السجن من دون جريرة، في ظل توسيع دائرة الاشتباه ومؤاخذة الناس على اجتهادات تبقى سياسية ومشروعة. قائمة المعتقلين بتلك الذرائع أطول مما يعتقد الكثيرون وما زلنا نذكر كيف مر حديث لرئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، حين ذكر أن وزير الداخلية قال إن المعتقلين لا يزيدون على 8000 كما لو كان هذا الرقم رقما ضئيلا. مثلت خريطة الطريق في الثالث من يوليو/تموز 2013 أساس شرعية أي نظام يولد بعدها، وعلى الرغم من أنها تضمنت قواعد تكفل سلامة الانتقال من وضع ثار عليه المصريون إلى وضع صحيح ينشدونه ويحلمون به، فقد كشفت النتائج أننا انتقلنا إلى الماضي. قدمت خريطة الطريق روشتة لاستعادة السلم الاجتماعي، لكن البنود التي كنا نأمل أن تساعد على ذلك تم القفز عليها، وأهمها العدالة الانتقالية والحوار الوطني. يرفع الإخوان قمصان الشهداء ويتحدثون عن ضحاياهم، من دون أن يتحدثوا عن جرائمهم، يلقون باللائمة فقط على النظام، في المقابل يتحدث النظام عن جرائم الجماعة، من دون أن يعترف بتجاوزاته الخطيرة والكارثية في حق الإخوان وغيرهم من القوى الوطنية».

فكروا تصحوا

مصر ومستقبلها على المحك.. بين الغيبوبة وفراغ العقل.. بهذه النتيجة يبدي مصطفى حجازي في «المصري اليوم» مخاوفه من اللحظات المقبلة من عمر الوطن: «غيبوبتنا هي في غياب عقل مؤسسي أمام تغول بيروقراطي.. وفي غياب حلم له هوية.. يكافئ قدرنا بين الأمم أمام طغيان «ثقافة الانكسار» والإغاثة والإعاشة.. وفي «غياب جدل عام» أمام «فائض صخب ورغي عام». أما استفاقتنا فتقتضي منا أن نعرف أن تلك الغيبوبة ليست قدرا صُيّرنا إليه.. ولكنها اختيار بائس نُصِرّ عليه!
ووفقاً للكاتب فاستفاقتنا تقتضي منا أن نعي أن لقيام الأمم من عثراتها سُنناً وأسباباً لا تستثني أحداً.. أولها إن قررنا أن نصبح أمة إنسانية «ذات قيمة».. على قدر تحديات البقاء والترقي في التاريخ.. وليست فقط جغرافيا يدب عليها بشر.. منتهى حُلمهم أن يَسُدَوا رمقهم ذُلاً أو سُحتاً. استفاقتنا تقتضي منا أن نعى أن الأمم تبنى قيمتها على قوة ثقافتها، بقدر ما تبنيها على قوة اقتصادها وسلاحها.. استفاقتنا تقتضي منا أن نعرف أنه في عالم يستخدم السلاح لخلخلة قواعد القضايا قبل أن يحسمها اقتصاداً وثقافة وسياسة.. تصبح في «الإبداع والعلم والتطور التكنولوجي» كل الموارد.. وكل الأسلحة.. وكل أمل في ريادة أو هيمنة سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.. استفاقتنا تقتضي منا أن نعلم أنه لا إبداع مع خوف من حرية.. ولا حرية مع تأثيم لنخوة الفكر واحتقار للعلم.. ولا بقاء لنخوة الفكر مع احتكار الحقيقة من سلطة أو حاكم أو محكوم.. ولا مع مصادرة أفق حياة من متنطع دولة أو متنطع دين أو متنطع ثورة.. ولدائمي البحث عن الحلول.. وللزاعقين دائما، المطلوب حلول كفاية تحليل.. يضيف الكاتب أن كل ما سبق لم يكن تحليلاً، ولكنه دروب إن أردنا أن نسلكها نجد الحلول ويحالفنا النجاح وتكتب لنا النجاة..».

أوباما غاضب من الجميع

في حواره الطويل مع جيفري غولد بيرغ الذي نشرته صحيفة «أتلانتيك» على عدة صفحات، لا يخفي الرئيس الأمريكى أوباما رغبته في تجنب مشكلات الشرق الأوسط، بدعوى أن الشرق الأوسط غارق في الماضي لا يدير وجهه تجاه المستقبل، يساند سنته الإرهاب في تحالف غير مفهوم ضد الولايات المتحدة، وقد فقد الكثير من أهميته، ولم يعد يتعلق ببتروله مصير الحضارة الغربية، التي نجحت في إيجاد بديل حقيقي لمشكلة الطاقة. ولأن المسلمين لا يزالون يتشبثون باساليب حياة قديمة لا تقبل بسهولة التحديث والتطور، فضلا عن غياب حريات الرأى والتعبير والاجتماع والعقيدة وانعدام المساواة بين المرأة والرجل. كما لا يخفى اوباما خيبة أمله من زعماء المنطقة، ابتداء من نتنياهو، الذي كان يظن أنه سوف ينتصر لحل الدولتين حفاظا على دولة يهودية ديمقراطية، لكن مشكلة نتنياهو أنه يعتقد أنه أذكى الجميع، إلى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي كان مصدر إزعاج دائم للبيت الأبيض. لكن مكرم محمد أحمد في «الأهرام» ينتقد أوباما بسبب لومه الجميع إلا نفسه: «يلوم رئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون ويلوم الرئيس الفرنسي ساركوزي على تدخلهما الفاشل في ليبيا، الذي سلّم البلاد إلى الفوضى، ويلوم السعوديين لإصرارهم على عدم تحقيق سلام بارد مع إيران، ويلوم العرب على أنهم لم يبذلوا جهدا كافيا كي يتعرفوا على أسباب تعاستهم، من دون أن يلوم نفسه، لأنه أنعش آمال الجميع في إمكان وجود تسوية عادلة للصراع العربي الإسرائيلي في خطابه الشهير في جامعة القاهرة، لكنه نكص على عقبيه تحت ضغوط نتنياهو، ولأنه توهم في أحداث «الربيع العربي» أن فجرا جديدا سوف يطل على الشرق الأوسط، لكنه تسبب بتدخله السافر في فوضى عارمة أهلكت المنطقة لسنوات عديدة».

الدعوة لانتخابات رئاسية باطلة

بدأت الدعوة لانتخابات مبكره تجد لها بعض الصدى، لكن المغالطة الكبرى، بحسب أحمد عبد التواب في «الأهرام»، «أن يزعم الداعون لهذه الانتخابات أن دعوتهم تتطابق مع الدعوة التي رفضها الدكتور مرسي، والتي أدت إلى الإطاحة به وبجماعته من الحكم.. لأن الحجة القوية الداعمة لهذه الدعوة في عهد مرسي لم تكن قائمة في الأساس على مجرد الاختلاف في توجهاته السياسية، أو في البرنامج الذي يتبناه، وإنما كانت بسبب جرائم اقترفها بنفسه، وأخرى يتحمل تبعاتها بحكم منصبه الرئاسي، بدأت بالعدوان على الدستور، الذي أقسم على احترامه، بعد أقل من خمسة أشهر على توليه المسؤولية، وانتهاكه للمبدأ الدستوري الذي يقر مبدأ الفصل بين السلطات، بعدوانه الجسيم على السلطة القضائية وعزل النائب العام وتعيين نائب ملاكي من جماعته.. إلخ.. وكانت هذه وحدها كافية، قانونا، بتخطى مطلب الدعوة لانتخابات رئاسية مبكرة إلى العمل على إخضاعه للمحاكمة.؟
ويعترف الكاتب أن هناك معارضين للرئيس السيسي، وهو أمر طبيعي يواجهه كل رئيس، وهو ما تقره كل الدول الديمقراطية، التي تسعى لتأسيس الديمقراطية، وهو ما يجب تقبله والمطالبة بأقصى حماية للمعارضين في ممارسة حقوقهم الدستورية والقانونية، وكل ما تنادي به أسس وقيم الديمقراطية التي أقرها الدستور ونصت عليها المعاهدات الدولية الملزمة التي صدقت عليها مصر. من حقهم أن ينتقدوا الانتهاكات في مجال الحريات، واستمرار بعض رجال الشرطة في جرائمهم ضد المواطنين، وتأجيل حل مشكلات الجماهير العريضة، وتركهم تحت وطأة التضخم والغلاء، وبطالة الشباب، والإحباط المتفشي من التباطؤ في تحقيق الشعارات البراقة التي تحمس لها الشعب ضد مبارك، ثم كانت هي نفسها الدوافع التي أخرجت الجماهير ضد حكم المرشد وممثله في القصر الرئاسي.. ويرى عبد التواب أن معارضة سياسات الرئيس وتوجهاته، ليست كافية للمطالبة بانتخابات مبكرة».

«جنينة كمان وكمان»

كان خصوم المستشار هشام جنينة رئيس الجهاز المركزي، يتوقعون منه الاعتراف بالخطأ، وهو بحسب عادل السنهوري في مقاله في «اليوم السابع»، أنه «بعد صدور تقرير لجنة تقصي الحقائق التي أمر بتكليفها الرئيس عبد الفتاح السيسي للتحقيق في ما أعلنه المستشار هشام جنينة، عن حجم الفساد في مصر وما تبع ذلك من ردود أفعال متباينة آثارت لغطا وجدلا مهولا في الشارع المصري، وفي توقيت غاية في الحساسية، وبعد أن كشف التقرير عن أكبر عملية تضليل تحدث بشأن تكلفة الفساد في مصر، وبأن ما ورد على لسان المستشار جنينة جانبه الصواب والدقة، يتساءل السنهوري هل سيحاسب السيد هشام جنينة على خطئه الذي ارتكبه وعلى تقاريره التي تدينه؟» هذا هو السؤال الذي أظنه يطرح نفسه بقوة في الشارع المصري، وهو حديث الساعة هذه الأيام ولأيام مقبلة، فقد أخطأ مسؤول كبير في الدولة بل مسؤول أكبر جهاز رقابي، كلمته وتصريحاته لها تأثيرها وصداها القوي في الداخل والخارج، سواء بالسلب أو بالإيجاب، وفي هذه الحالة جاءت تصريحاته سلبية ورسالة غير مطمئنة أبدا لرجال الأعمال والمستثمرين والشركات العالمية والعربية، بأن الأوضاع الاقتصادية وبيئة الاستثمار بيئة متخمة بالفساد، لا تشجع أو تحفز على دفع الاستثمارات إلى مصر في أي مجال، وتشيع مناخا من عدم الثقة في الاقتصاد المصري لدى جهات التمويل الدولية والمؤسسات المالية والاقتصادية العالمية، بما يخدم مخططات المتربصين بمصر في الخارج والداخل، الذين يمارسون الضغط المستمر عليها لإنهاكها اقتصاديا. سواء فعل ذلك المستشار هشام جنينة، بسوء نية أو حسن نية، فإنه في موقع المساءلة الآن».

بعضهم يتنفس كذباً

سؤال صعب يطرحه في «اليوم السابع» محمد شومان: « لا أحد في مصر راض عن فوضى الإعلام، بما في ذلك الإعلاميون أنفسهم، الرئيس غير راض، والحكومة تشكو من الإعلام، والشعب لا يعجبه أداء الإعلام وفضائحه، ومع ذلك يشاهد ويتابع، لكن عندما تبتعد عن صخب وفوضى الإعلام والشكوى منه، وتتأمل بعمق وهدوء المشهد الإعلامي، لن تصل إلى استنتاج محدد، وإنما سيُلح عليك سؤال صعب وهو: هل الإعلام ظالم أم مظلوم؟ هل إعلامنا بالفعل منفلت وفوضوي، أم أنه محاصر ومجرد ضحية للحكومة ورجال الإعلام وإمبراطورية الإعلان والمعلنين؟ مظاهر الفوضى الإعلامية كثيرة، وتراجع المهنية وغياب مواثيق الشرف يضر بالجميع، ويُفقد الإعلام مصداقيته وقدرته على التأثير، لكن كل هذه الأمراض نتيجة طبيعية لغياب التشريعات والأطر القانونية، التي تنظم عمل الإعلام والإعلاميين، فلا يوجد إعلام في العالم بدون قوانين وتنظيمات ضابطة حديثة وواضحة سوى الإعلام المصري، لأن هيئة الاستثمار هي التي تنظم الترخيص لإنشاء قنوات تلفزيونية، ولا توجد قوانين أو قواعد واضحة تحدد عمل ومضامين هذه القنوات أو تتصدى للاحتكار في ملكية القنوات الخاصة وبقية وسائل الإعلام، لذلك فإن هناك قنوات عديدة تعمل بدون الإفصاح عن مصادر تمويلها، وتحولت قنوات أخرى إلى منصات لإطلاق الشائعات والفضائح، وتبادل السباب والشتائم بين مقدمي البرامج أو بين بعضهم وشخصيات عامة في المجتمع! كل ذلك يحدث وهيئة الاستثمار غير قادرة على إدارة ملف القنوات الخاصة، لأنها بالأصل هيئة تهتم بالاستثمار وليس بالإعلام، وحتى لو أرادت، فإنه لا توجد قوانين تستند إليها في منع هذه الممارسات أو حساب المخطئين».

الوزير لن يحل الأزمة

ولازال الجدل مستمراً عن الفوضى الإعلامية حيث يرى عبد القادر شهيب في «فيتو»، «أنه مع كل حديث يتعلق بتعديل أو تغيير وزاري جديد يكون هناك حديث عن احتمال تعيين وزير للإعلام.. رغم أننا بقينا سنوات نطالب بإلحاح بإلغاء وزارة الإعلام.. بعد أن ألغيناها عاد كثيرون منا يطالبون وبالإلحاح ذاته بضرورة عودتها مجددًا للحاجة إليها. والمطالبون بعودة وزارة ووزير الإعلام يعللون ذلك بأن إلغاء هذه الوزارة والتوقف عن اختيار وزير لها ساهم في حالة الفوضى الإعلامية التي نعيشها حاليا، وحول الإعلام من سلاح يستخدمه الوطن في مواجهة أعدائه، خاصة المتطرفين والإرهابيين ووكلاء الأمريكان إلى سلاح يستخدم ضده..
وهؤلاء بحسب شهيب يتصورون أن عودة وزير الإعلام سوف تعيد الانضباط إلى الساحة الإعلامية، ويخلصنا من هذه الفوضى التي نعاني منها، ونستعيد سلاح الإعلام في أيدينا بعد أن احتكره أعداؤنا وصاروا يستخدمونه ضدنا. ولكن غاب عن هؤلاء أنه كان لدينا بالفعل قبل عام 2011، وبعده أيضا وزير للإعلام..فماذا فعل هذا الوزير.. لقد كان يتصرف ويعمل وكأنه مسؤول فقط عن مبنى التلفزيون المصري، وأحيانا كان يحاول أن يقدم توجيهات لبعض رؤساء تحرير الصحف القومية، اعتمادا على علاقته بهم، وهو ما كان بالطبع لا يلقى قبولا من رئيس مجلس الشورى، الذي كان يملك بحكم الدستور والقانون المؤسسات الصحافية القومية، وهو الذي يشرف عليها. يتابع الكاتب عندما عدنا إلى تعيين وزير للإعلام بعد 2011، لم يفعل هذا الوزير شيئا أكثر من الاهتمام بمبنى التلفزيون المصري فقط، اللهم إلا إذا اعتبرنا إعلان بيانات اجتماعات مجلس الوزراء من المهام الإعلامية المهمة. ويخلص الكاتب إلى أن وجود أو عدم وجود وزير للإعلام لن يخلصنا من الفوضى الإعلامية..».

مصر ردت الإهانة

أحدثت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي جون كيري مؤخراً ردود فعل غاضبة، وبدا الأمر وكأن واشنطن تدفع نحو مزيد من الأزمات مع الدولة المصرية، خاصة وفق ما يرى مصطفى بكري في «الوطن»، أن هذه التصريحات تتزامن مع القرارات المعادية التي اتخذها البرلمان الأوروبى مؤخراً على خلفية مقتل الباحث الإيطالي ريجيني،
لقد عبّر كيري عن قلقه العميق مما سماه بتدهور حقوق الإنسان في مصر.
ويؤكد بكري على إنها ليست المرة الأولى التي تتعمد فيها واشنطن الخروج على كل القوانين والأعراف الدبلوماسية، وبالقطع لن تكون الأخيرة، ذلك أن سجلّ الإدارة الأمريكية مكتظ بهذه التدخلات السافرة، دفاعاً عن هذه المنظمات والتقارير الصادرة عنها.. لقد شنت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة هيلارى كلينتون حملة عنيفة ضد الإدارة المصرية على خلفية صدور قرارات وأحكام قضائية ضد بعض هذه المنظمات وغيرها من المنظمات الأجنبية في القضية المعروفة بـ«التمويل الأجنبي» عامي 2011 و2012، وساعتها وصل التهديد المباشر إلى ذروته، ولم يتبق سوى إعلان واشنطن الحرب على مصر، إن لم تسمح بسفر المتهمين الأجانب في هذه القضية.. وهكذا تأتي تصريحات جون كيري لتمضي على الطريق ذاته، الأمر الذي استدعى من وزير الخارجية المصري سامح شكري الرد السريع بعد يوم واحد كشف عن رفض مصر للانتقادات الأمريكية حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، باعتبار أن مثل ذلك الأمر هو شأن داخلي. كما أن رد شكري كشف أن القاهرة تملك معلومات موثقة حول التجاوزات المستمرة لهذه البلدان في مجال حقوق الإنسان، ويقصد أمريكا وغيرها، وأن مصر كان بإمكانها توجيه انتقادها لهذه الدول، إلا أنها لم تفعل ذلك علناً، بل اكتفت بتوجيه انتقادات من خلال القنوات المناسبة والأطر الثانوية، وهذه بالقطع رسالة مهمة ومباشرة تقول لواشنطن: «إن بإمكاننا أيضاً أن نفتح ملف الإدارة الأمريكية وبعض الدول الأوروبية وتجاوزاتها في ملف حقوق الإنسان».

رحمة مرسي وقسوة السيسي

تدفع قسوة النظام مع الناشطين والثوار وبينهم كتاب وصحافيون لاستدرار الدمع على أيام الرئيس المعزول محمد مرسي، الذي لم يسمح باعتقال صحافي أو معارض، وهو الأمر الذي يلفت النظر إليه محمد حلمي قاعود في «الشعب»: «تذكرون قصة صحافي جريدة «الدستور» الذي شتم الرئيس المختطف محمد مرسي وسبّه وهو في منصبه، ورأت النيابة أن تحبسه احتياطيا، وقامت قيامة نقابة الصحافيين وأهل اليسار وأشباههم لإطلاق سراحه، ورأى الرئيس أن يتسامح في حقه ليفرج عن الشتّام السبّاب، فاتصل بوزير العدل ليطلب من النيابة أن تخلي سبيله كي لا يبيت في السجن، ولكن وزير العدل المستشار أحمد مكي رأى أن ذلك لا يجوز، وأن الحل هو إصدار قانون بقرار جمهوري يمنع حبس الصحافيين احتياطيا، وصدر القرار ولم يبت الصحافي الشتام السباب في محبسه، وخرج إلى الهواء الطلق، من دون أن يوجه كلمة شكر إلى الرئيس المتسامح إلى آخر حدود العالم. اليوم تقول مذيعة في التلفزيون كلمة خارجة عن النص فتُمنع من دخول مبنى التلفزيون إلا للتحقيقات التي ينتظر أن تعصف بها وبالمقربين منها إلى الأبد. ويؤكد الكاتب هذا هو الفرق بين نظام يؤمن بحرية التعبير إلى آخر مدى، ونظام لا يسمح بكلمة تتجاوز حدود النص المكتوب في تلمود الانقلاب. يضيف الكاتب في زمن الخديعة والغش لا يملك المرء إلا أن يرفع يديه إلى السماء لتنفذ عدلها ورحمتها بالعباد.. ليلة اختطاف الثورة المصرية وسرقة الحرية وتغييب رئيس الدولة وإلغاء دستورها وإعلان الحرب على الإسلام واستباحة دماء المسلمين في الحرس والمنصة ورابعة والعديد من المدن والقرى».

الصمت لم يعد مجدياً

حادث العريش الإرهابي الأخير الذي أودى بحياة 18 جنديًا وضابط شرطة، يرى الكثيرون ومنهم محمود سلطان في «المصريون»، أنه لا يجوز إزاءه أن نكتفي بالإدانة أو الدعاء بالجنة للشهداء وبالصبر لذويهم: «الحادث خطير، ويلخص تفاصيل كثيرة، بعضها يقتضي السكوت عنه لمقتضيات أمنية، وأخرى تتعلق بالحرج من نقد الأداء الأمني، الذي سينسحب بطبيعة الحال إلى نقد السلطة، ووضعها في جلسة مساءلة أمام الرأي العام الغاضب، والمستاء من اتساع دائرة الإرهاب الوحشي في سيناء، استدعاءً للشعار الستيني القمعي: «لا صوت يعلو فوق صوت المعركة».. فيما لا يعرف أحد شيئًا عن تلك المعركة.. ليتطابق في النهاية، السكوت مع التواطؤ.. فلا رقابة ولا مُساءلة ولا وعود بسقف زمني لوقف هذه المأساة.. ولا يجرؤ أحد على الكلام. التضحيات في سيناء كبيرة وتكلفتها الاجتماعية باهظة، واحترامنا وتقديرنا لهذه التضحيات، لا تعني أننا «سعداء» بها.. الحكومة تتخذها موضوعًا للفخر «تضحيات كبيرة».. ربما من قبيل دغدغة المشاعر، ومواساة أهالي الشهداء.. وفي مرحلة ما، قد يتخذونها تكئة لتمجيد المؤسسة، والشوشرة على عدم رضا الرأي على أدائها: لماذا تنسون «التضحيات ـ الشهداء».. وتتمسحون فقط في التجاوزات؟! التضحيات ـ كما قلت ـ كبيرة.. ولكنها لا تبعث على السعادة، وإنما على القلق والحزن والاستياء أيضًا.. نقدرها ونحترمها، ولكن إلى متى؟ سيظل تدفق جثامين الشهداء بلا توقف.. نحن لا نرسل أولادنا من الجنود والضباط إلى الجبهة ليموتوا.. كي نفتخر ونتباهى بموتهم.. وليضافوا إلى رصيد المؤسسة من البطولات.. فـ«البطولة ـ الموت» بلا ثمن لا معنى لها، عندما يدمر إرهابيون «هواة».. كمينًا كاملاً للشرطة «الاحترافية».. وفي أجواء أمنية مشددة، تتوقع هجومًا مباغتًا في أي وقت.. ويتساءل سلطان لماذا سكتت الأجهزة الأمنية، على ما كان متداولاً على مواقع التواصل الاجتماعي قبل الحادث، ولم تتعامل معه بجدية وبالسرعة المطلوبة؟».

مجدي للزنزانة مجدداً

رفضت قيادات الداخلية في قسم شرطة مصر القديمة، الإفراج عن مجدي حسين، رئيس حزب الاستقلال، ورئيس تحرير جريدة «الشعب»، رغم قرار إخلاء السبيل الذي أصدرته محكمة الجنايات يوم أمس متغاضين تمامًا عن حالته الصحية السيئة التي تعرض لها طوال فترة احتجازه الفترة الماضية. ووفقاً لجريدة «الشعب» لم يكتفوا بذلك فقط بل قاموا بوضعه داخل حجز الجنائيين الذي لا يسع سوى لعدة أفراد ومع ذلك فيه الكثيرون، ويعلمون جيدًا أن المجاهد مجدى حسين، يعاني من أمراض في القلب، ولم يتناول أدويته منذ فترة، بجانب أن الأعراف تقتضي بأن يتم عزل معتقل صحافى مخلى سبيله، مجدى حسين، عن باقى المسجونين الجنائيين، لكن تعنت الداخلية لا يتوقف لحظة. جدير بالذكر أن محكمة الجنايات قد أصدرت مؤخراً قرارًا بإخلاء سبيل مجدي حسين، والدكتور مجدي قرقر، أمين عام حزب الاستقلال وآخرين في القضية المعروفة إعلاميًا، بـ«تحالف دعم الشرعية»، ولم تستأنف النيابة على القرار مما يجعله نهائيًا وواجب النفاذ في الحال إلا أنه لم يتم الإفراج عنهم جميعًا حتى الآن.

حسام عبد البصير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Deutschland:

    منذ أن جاء السيسي وهو يخادع ويكذب ويبطش بالأدلة القاطعة .. نتذكر صباع ا لكفتة بتاع اللواء عبد العاطي الذي سينقذ الشعب من الأمراض الخطيره … كذب ولم يعتذر .. ثم وعد الشباب بالمناصب وبرضه كذب بل حبس شباب الثورة ثم عاد وصرح بأن فيهم مظلومين ولم يخرجهم …؟؟؟؟ بل سيس القضاء وأخرج مبارك وشلته في إحتفال مشين … وهو لآ يزال يخادع ويكذب والحالة الإقتصادية؟؟؟؟ والغلآء وووووو .هذا هو الجهل والإستعلآء والبطش .

إشترك في قائمتنا البريدية