ثمة كليشيه مضحك يتغنى به كثيرون حول خصوصيتنا العربية، فالليبرالية لا تتناسب وتقاليدنا، والعلمانية نتاج تطور تاريخي بعيد عن تاريخنا، والمساواة الجنسانية غير ذات فاعلية في مجتمعاتنا الهرمية، والديموقراطية غير ذات فائدة مع شعوبنا الرجعية، وهكذا نرزح نحن تحت ثقل خصوصية ليست سوى لعنة لا حل لها ولا فكاك منها لا بطبل ولا زار.
وخصوصيتنا لا دليل عليها سوى نفسها فالحريات لا تناسبنا لأننا شعوب محافظة، ونحن شعوب محافظة لأن الحريات لا تناسبنا، والعلمانية لا تتماشى وأنظمتنا السياسية لأننا بلاد اسلام، ولأننا بلاد اسلام العلمانية لا تتماشى وأنظمتنا السياسية، والرجل ليس كالمرأة لأن المرأة ليست كالرجل، وعليه فان أفضل ما تحصل عليه الواحدة منا من الشارع العربي هو ذات الجملة القميئة ذات الرائحة المزكمة للأنوف «المرأة هي الأم والأخت والزوجة»، ونحن نحتاج لديكتاتور متنور لأننا لا ننتج سواه، وهكذا نحن أشبه بالقط الذي يعتقد بخصوصية حالته، فتراه يلحق بذيله ويلتف بجنون حول نفسه.
لا يوجد تفسير حقيقي لخصوصية الحالة العربية، فنحن في النهاية بشر، تطورنا عبر المئتي ألف سنة الماضية مثلنا مثل بقية المخلوقات، نمر بتاريخ مشابه لتواريخ الشعوب المتقدمة وان كان رتمنا أبطأ، فلماذا نعتقد باستحالة وصولنا للمفاهيم الحديثة، وبأي ماء وجه نقر، وبكل فخر، بأن لنا خصوصية تجرنا للوراء أو في أفضل أحوالنا تعكزنا على عكازين قديمين خطوة للأمام واثنتين للخلف؟
ومن خصوصياتنا العريقة أننا لا نزال نبجل حكامنا اجلال الأبناء للآباء، لا نزال نتغنى بأسمائهم شخصياً في الأغاني الوطنية. نحن الوحيدين، على ما يبدو، الذين لا نزال نكتب أشعاراً غنائية في حب أوطان لا تنصفنا، نقر بعدم انصافها ونؤكد على الرغم من ذلك على ذوباننا في حبها، هل من دول أخرى في العالم لا تزال تأتي فعلنا هذا؟ من غيرنا كتب «لا نريد لا نريد، ذلنا المؤبدا وعيشنا المنكدا» مع كل الاعجاب والاجلال لابراهيم طوقان؟ من غيرنا قال «وكل يوم في حبك تزيد الممنوعات، وكل يوم بحبك أكثر من اللي فات» مع ذات الاعجاب والاجلال للشيخ امام؟ ما هذه الخصوصية النكدة والعروبة الصفدية (من الأًصفاد) التي تبقينا في سجون تميُزنا الحزين عن الآخرين؟
من غيرنا ذاك الذي اختفى دم الحياء من وجهه فيرفض نظاماً مدنياً يقف على مسافة واحدة من المواطنين من دون أن يفرقهم على أساس دينهم، فيصر على عليائه، على صوابه دون الآخرين، على رفعته وتدني غيره، على قدسية دينه واسطورية أديان المختلفين عنه فلا يقبل سوى بالنظام الديني حاكماً سياسياً، وعندما تخاطبه عن الحرية الدينية والمساواة والمواطنة يقول لك خصوصية؟ أي برود وجمود وجحود هذا، برود تجاه مشاعر الآخرين، وجمود في التفكير وجحود للجهود الانسانية السابقة؟
نعم لنا خصوصية، لا فائدة لها سوى في المحافظة على نفسها وفي دفننا عميقاً في سمادها. العجيب أن هذه الخصوصية، لسبب من الصاقها بالدين أو بالتاريخ الذي نبجل أو بالعادات والتقاليد التي نتعبد، أصبح لها قدسية لا تضاهى وهالة لا تزول. أصبح من الصعب دحض خصوصيتنا، ومن الجهل الحديث عنا كجزء من الجنس البشري المسكين الذي، واظب جاداً في تطوره لما يزيد عن المئتي ألف عام، لا يزال يفرق نصف كروموسوم عن الشمبانزي. خصوصيتنا جعلتنا خير أمة، أو نحن خير أمة لأن لنا خصوصية، لم يعد أحد يعرف كيف بدأنا وكيف وصلنا، المهم أن لنا خصوصية نقف كلنا بالدور على بابها نستأذن حجّابها لأخذ أي خطوة للأمام لن يسمحوا لنا أن نخطوها أبداً.
الخصوصية اللعينة، خصوصية مدعومة، خصوصية رخيصة، متى يأتي من يخصخصها ليطورها فيأتي بها للزمن الحديث؟
د. ابتهال الخطيب
أنا أقول لك يا دكتورة ابتهال متى
عندما تطبق الشريعة على الوجه الصحيح
فمنع قيادة المرأة للسيارة بالسعودية هو من العادات والتقاليد
وفي ظنك طبعا أن السعودية دولة دينية – والدين بريئ عن هذا المنع الجائر
اسمحي لي باقتباس هذه الجملة من مقالك يا دكتورة :
وعليه فان أفضل ما تحصل عليه الواحدة منا من الشارع العربي هو ذات الجملة القميئة ذات الرائحة المزكمة للأنوف «المرأة هي الأم والأخت والزوجة»، – انتهى الاقتباس –
كلمة القمئية تعني الحقيرة والذليلة
لا أراها مناسبة لقدسية مكانة الأم عندنا
ولا هي مناسبة لقيمة الأخت أو الزوجة أو البنت
الشرع أعطى للمرأة حقوقا لا تزال المرأة تجهلها
حبذا لو بحثت عنها يا دكتورة حتى تحاججينا بها
ولا حول ولا قوة الا بالله
رائعة دائماً كعادتك يا د.ابتهال
الأمة العظمى قبل أن تصبح أمةً عظمى ، لا تنظر إلى أمة عظمى أخرى و تتسائل كيف أصبحت عظمى حتى أفعل مثلها
الحضارة الإسلامية لم تتبنى إيديولوجيات الروم و الفرس
الحضارة الأوروبية لم تتبنى إيديولوجية الحضارة الإسلامية
الصين الصاعدة الأن تضرب ديموقراطية الغرب عرض الحائط ، و رغم هذا تبدو هي القوة العظمى القادمة
أمريكا تفعل كل شيء من أجل إدخال الديموقراطية الغربية للصين ، هل هذا من أجل سواد عيون الصينيين مثلاً ، طبعاً لا ، و لكن أكيد من أجل إيقاف نموها ، كيف هذا ، الديموقراطية و الإنفتاح التام على الغرب تعني غزو الغرب للصين ، فكرياً ، إيديولوجياً ، إعلامياً ، أمنياً ، و تصبح بهذا الصين مجرد تابع للغرب لا يشكل خطراً عليه
مثال معاكس ، كوريا الجنوبية دولة ديموقراطية حديثة على النمط الغربي تعيش تحت حماية الغرب ، هل ستحميها رفاهيتها المصطنعة من الصين على المدى البعيد ، طبعا لا
لذلك فأنا أصدق الولايات المتحدة عندما تقول أنها تريد نشر الديموقراطية في عالمنا ، لكنها فقط تخشى أن تختار الشعوب الإسلام ، و الإسلام كإيديولوجيا لن يرضى أبداً بالتبعية للغرب ، و هنا يدخل دور الأنظمة الحالية ، فهي تسمح بالإنفتاح التام على الغرب و بدخول كل أفكاره و عاداته إلا الديموقراطية
الديموقراطية و كل توابعها هي مجرد “ترف” لا يقدر عليه إلا الأمم المهيمنة عسكرياً و إقتصادياً و إيديولوجياً
هذا المقال جعلني أتخيل وضعنا كطفل في العاشرة ناقم على أهله البسطاء لعدم شرائهم له لعبة مثل التي لدى زميله إبن عائلة مجرمين ، و لكن لأن مظهرهم حديث و مركبهم مريح و منزلهم فسيح فهو إبن “ناس”
إنه العقل الذكي الذي أنتج هذه الخصوصية (الثمينة في رأينا) والتي لا يمكن أن تشتريها الشعوب المحترمه بفلس. سلمتي وسلم قلمك يا سيده
مقال جميل وفكر متنور،الكاتبة العزيزة أعيش في بلاد الغرب منذ سنين طويلة،وعندما ارجع في زيارة الى المسمى وطن عربي زورا وبهتانا،لأقضي عطلة بسيطة اشعر انني غريب عن هذا الوطن وفي ايام قلائل اشتاق الى وطني الغربي،حيث آمنت ان اين حريتي اين وطني،طبعا من يسمع مني هذا ربما يشتمني،ولكن هذا يحتاج الى شرح طويل جذا،ليفهمها من يفهمها والباقي عند القارييء المثقف،في النهاية أشكرك على معظم مقالاتك في القدس العربي،انها جميلة وفي صميم الموضوع
جلدٌ للذات لا يفيد …والتطور يأتي تدريجيا
وفي تاريخ اممٌ كثيرة ما يماثل ما عندنا
” بلادي وإن جارت عليّ عزيزة وأهلي وإن ضنوا علي كرامُ”
وذلك جزء من مكارم الأخلاق ….وإن كان حقاً هناك ما ينقصنا ولا بأس ان ننظر حولنا ونتعلم
لايمكن للخصوصية أن تكسر قيد قرون من التلقين كي تتبخر وتزول, مادام للفرد خصوصية يستعين بها في المقارنة مع الغيرستستمر بغض النظر إن كانت الخصوصية حقيقة أم وهم , الأمر سواء, الخصوصية ترعى وتغذى عبر الأجيال, فكيف سيكون مصير شعب إن نزعت عنه فجأة وطعنت في خصوصية ملك له كونتها وصقلتها وزينتها له أجيال وأجيال حتى لو كانت تلك الخصوصية زهم من الأوهام.
مادام هناك أتباع وملل وأقوام فستظل الخصوصية قائمة, لو أزيلت فلن يبقى شيء يعتز به. خصوصية البعض باعتزازهم وافتخارهم بنوع من الخصوصية يفضلهم عن غيرهم, يشعرون معها بنخوة وعزة نفس وصحة مذهبهم إلخ…بينما خصوصية أعدائهم ومن الأزل تناقضها والكل يطعن في خصوصية الكل, والعداوة قديمة قدم التاريخ الديني بينهم, متفقون في الإسم وفي كم ألأتباع, لكن عند النظر والتمحيص تجد الأمر ليس كذلك , هي العداوة داخل المليار والنصف لايهم, مع أن لكل خصوصيته التي لايتزحزح عنها.
الخصوصية ستسمر( عندنا ) لحين تخلص السياسة من الدين,
كان العرب قبائل متناحرة ومتقاتلة وكانوا مستعبدين من الفرس والروم. فجاء الاسلام العظيم فوحدهم تحت راية واحدة، ابيضهم واسودهم، عربيهم وعجميهم، ذكرهم وانثاهم. فسادوا العالم وكانت حواضرنا منارة للعلم في حين كانت اوروبا غارفة في ظلمة الجهل ووحل التخلف. بعد العرب عن الاسلام فهزموا ولن تعود لهم كلمة ويصبح لهم شأن الا اذا عادوا الى دينهم. لانه اعظم منظومة اخلاقية وقيمية عرفها التاريخ ولهذا يحارب من قبل الشرق والغرب. رضي الله عنك يا عمر الفاروق اذ قلت، نحن امة اعزها الله بالاسلام فمهما ابتغينا العزة بغيره اذلنا الله وهو نفسه صاحب المقولة التي لخصت صفحات وكتب عن ما يسمى الاعلان العالمي لحقوق الانسان اذ قال، متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا. فقط قبل 200 عاما كنا سادة العالم و 200 عام في عمر امة لا شيء فامتنا تمرض ولا تموت.. جمعتكم مباركة.