لم تعد هناك حاجة لإعادة شرح تفاصيل أسباب وخفايا سقوط العراق في هاوية الهيمنة الإيرانية حيث تكفي الإشارة إلى مدى حجم الدعم الإيراني السياسي الطائفي والعسكري الكبير للأحزاب الحاكمة وميليشياتها في بغـداد ودخول العراق المتأثر في دائرة الصراع السعودي ـ الإيراني، لمعرفة مدى خطورة الوضع الذي وصل إليه هذا البلد، الذي كان من الطبيعي أن يصبح أحد أهم البلدان المؤثرة سياسيا وأغناها اقتصاديا وثقافيا، في حالة عدم غزوه وتدمير دولته الحديثة التي ولدت في 1921.
ونظراً لغياب أسس الدولة الوطنية المستقلة، وتبعية الكتل السياسية المشاركة في المشهد السياسي، وارتباطها بالعديد من أجندات الدول الأخرى، أصبح العراق من أكثر المتأثرين بالصراعات الإقليمية، وبالتالي فإن أي تقاطع يحدث بين تلك الدول ينعكس سلبا على هذه الكتل السياسية ومن يدعمها في الشارع العراقي حيث ترجمت حرب التصريحات الأخيرة الرافضة لزيارة ولي العهد السعودي للعاصمة العراقية من قبل زعماء الأحزاب القريبة من طهران مدى حجم الارتباط العقائدي المذهبي لزعماء هذه الأحزاب بإيران واستراتيجيتها في صراع المنطقة، والتوقع من اتساع الصراع الداخلي بين أطياف الشارع العراقي نتيجة للتدخل الإيراني في العراق، وتحويله إلى ساحة لتصفية الحسابات، بعد ربط أجندة الكتل السياسية مع الصراع الإيراني- السعودي لجمهورها ومؤيديها الموالين لهما في العراق. وهذا سينعكس سلبيا على الوضع العام في غياب سياسة التوازن والحيادية للنظام الطائفي الجديد.
ورغم إعلان وزارة الخارجية السعودية عدم وجود أي برنامج لدى ولي العهد السعودي، إلى زيارة بغداد، إلا أن الحملة ما زالت متواصلة ضد زيارته متخذة شكلاً آخر من الصراع الداخلي العراقي بين قيادات الميليشيات وحكومة حيدر العبادي.
لا شك أن ما يربط العراق مع دول الخليج العربي ليس مجرد صلة الجوار والمصالح المشتركة وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد. ولا شك أيضا أن الصراع السعودي ـ الإيراني وما يحمل في ثنايا ملفاته النفطية والجيوستراتيجية غير المعلنة والتي لا تنفع بالضرورة مصالح العراقيين، تتعدى حدود حقيقة دفاع الأشقاء العرب عن العراق العربي من الأطماع الفارسية نتيجة لتمدد إيران، إذا نظرنا بعين الاهتمام خفايا هذه الحرب وأسبابها التي تتمثل في صراع تقاسم النفوذ والمصالح الخاصة بين الرياض وطهران وعلى حساب العراق والدول الأخرى في المنطقة.
ورغم تمتع العراق بكل مقومات النهوض من حضارة وثروات ومياه تكفي من أن تجعل منه القوة المؤثرة الرئيسية، لن يجد العراقيون صعوبة في لمس العكس. فالعراق الخاضع لإيران أصبح عنصرا ورقما حسابيا تستخدمه الدول الإقليمية التي تدافع عن مصالحها، في معادلة صراع النفوذ الإقليمي لتقاسم الإرث الناتج من التغيرات الأخيرة في معادلة تقسيم الشرق الأوسط بين القوى العالمية والإقليمية والتي دفع ويدفع العراق ثمنها منذ 2003 ولحد الآن.
من هنا يبدو واضحا أن فكرة زج العراق في حسابات صراع النفوذ العربي ـ الفارسي الحالي قد أثبتت فشلها، إذا أخذنا بعين الاعتبار خصوصية بلاد الرافدين وتركيبتها القومية والإثنية التي فرضها التاريخ والأحداث التي جمعت العربي مع الكردي، المسلم مع المسيحي، والصابئي مع الإيزيدي نتيجة لتحولها إلى صراع طائفي شيعي ـ سني بين العراقيين أنفسهم.
ففي الوقت الذي ساهمت حضارة بلاد الرافدين وعلى مر القرون في توحيد القوميات والأديان السماوية المختلفة في مدن وقصبات العراق، فجر صراع النفوذ العربي ـ الفارسي الخارجي من خلال الدين السياسي المذهبي المتطرف وحدة العراقيين العرب أنفسهم بعد تقسيمهم إلى شيعة وسنة على الرغم من وحدة انتمائهم القومي والتاريخي للأمة العربية وللدين الإسلامي الحنيف. وهنا لا بد من الإشارة إلى الدور الكبير للخصوصية الجغرافية والتاريخية لبلاد الرافدين في نشأة الدولة العراقية الحديثة، وأهميتها في جمع العراقيين تحت خيمة وراية الوطن الواحد، بعيدا عن مصالح صراع النفوذ الأجنبي الذي «لا ناقة للعراقيين فيه ولا جمل.»
من منا لم يقرأ تاريخ العراق وخصوصيته الجغرافية والاجتماعية التي ولدت من تلاقح الحضارات التي نشأت في بلاد الرافدين، والتي كانت وراء التطور الحضاري والنوعي للمجتمع الإنساني، والانتقال التاريخي من البدائية إلى الحضارة والمدنية.
فعلى ضفاف نهري دجلة والفرات، في بابل وأور ونينوى وبغـداد، بنى أجدادنا السومريون والآشوريون والعرب حضارة عظيمة وامتزجت ثقافاتهم وتفاعلت في كل المدن العراقية مع استمرار ظهور الممالك العربية في الربع الأول من القرن الثالث الميلادي. وقد أجمع المؤرخون على أن سكان مملكة الحيرة التي حكمها أمرؤ القيس والنعمان بن المنذر، هم مزيج من العرب النازحين من شبه الجزيرة العربية وسكان العراق الأصليين، الذين استوطنوا بابل بعد سقوطها وتدميرها من قبل الساسانيين.
ثمة من يقول إن «من لا يقرأ التاريخ والماضي لا يفهم الحاضر ولن يستشرف المستقبل». وتاريخ بلاد الرافدين ليس قصة أو أسطورة، بل حقيقة بناء الإنسان العراقي للحضارة وهو تراث بلاد الرافدين ووقائع وأحداث ماضيها عبر السنين. إن خصوصية العراق في التنوع الإنساني وأصالة الثقافة الوطنية المتسامحة كفيلة في إخراج العراق من دائرة التأثير الخارجي الذي غير معالم العراق التاريخية والثقافية والاقتصادية إلى حد الوصول للمساس برمز العطاء والأصالة والتنوع العراقي المتمثل ببلاد السواد، بلد النخيل والخير.
فبعدما كانت بلاد الرافدين أكبر منتج للتمر في العالم ترجم غزو إيران سوق التمور العراقية ودخول السعوديين المنافسة لهم حقيقة السيطرة المتزايدة على المنتج العراقي الذي كان يتميز بجودة تموره وأصالتها بل بخصوصيتها في تعدد أنواعها وبكل ما تحمله من معاني عن خصوصية بلاد الرافدين، والتي كانت رمزا من رموز الشموخ والتآخي للعراق المؤثر. ها هي تصبح اليوم رمز انكساره وتفتيته وتبعيته للآخرين.
كاتب عراقي
أمير المفرجي
الوطنية بالعراق أصبحت في خبر كان
فالتبعية لإيران أصبحت السائدة
ولا حول ولا قوة الا بالله
انت اصبحت تحمل الجنسية النرويجية وتتصور كل الناس لا يحبون ولا ينتمون للوطن.فمن طرد الاحتلال من العراق ؟
ضربات الثوار من العرب السُنة من طرد الإحتلال الأمريكي من العراق
أما الشيعة فلا توجد عندهم فتوي بمقاتلة الإحتلال الأمريكي !!
ولا حول ولا قوة الا بالله
مشكلة العراق هي الهوية العراقية التي لا زال يبحث عنها فهو ليس عربي ولا كردي ولا فارسي ولا اشوري ولا كلداني والانسان العراقي مزيج من كل تلك المكونات ولو لم تظهر الاحزاب القومية العنصرية كحزب البعث ومشكلة التعريب للعراقيين لما ظهرت معها تلك الاحزاب العنصرية من القوميات والاقليات الاخرى فكان يجب ان يحكم العراق بدستور لا يميز بين ابناءه في العرق والدين ويمجد تاريخه القديم وليس يلغيه او يحرفه باتجاه واحد كما حدث سابقا,والان لا زالت الفرصة سانحة اذا استفاد الجميع من الدروس والتجارب التي حصلت بعد 2003 فلا الشيعة قادرين على حكم البلد بصورة مطلقة ولا الاكراد قادرين على الانفصال ولا السنة قادرين بارجاع العراق كما كان سابقا,دستور جديد لا يذكر به لا الدين ولا القومية