القاهرة ـ «القدس العربي»: عفو رئاسي بالإفراج عن 332 شاباً أبرزهم مسجل خطر ملقب بـ«نخنوخ» كان هو الخبر الذي تصدر صفحات الجرائد المصرية الأول الصادرة في في أول أيام شهر رمضان الكريم، 17 مايو/أيار، وهو الأمر الذي جعل الحقوقي جمال عيد يكتب: «نخنوخ: سلاح ومخدرات و28 سنة سجن = عفو رئاسي. هشام طلعت مصطفى، قتل، 15 سنة سجن = عفو رئاسي علاء، إسماعيل، الخضيري، هشام، شوكان والآلاف غيرهم: سجناء رأي وانتماء لثورة يناير = عدالة مختلة وسجن وانتقام من ثورة يناير/كانون الثاني، والثورة المضادة».
كما لم يمنع الصوم أنور الهواري من أن يصرخ: «لو أن المليارات التي أهدرناها في تفريعة القناة، ثم المليارات التي بذخناها في العاصمة الإدارية، كنّا قد أنفقناها في تأسيس منظومة ري حديثة، لكان ذلك كافياً لتأمين مستقبل المصريين، لمئة عام على الأقل (السياسة أولويات)». فيما أهدى حازم حسني أستاذ القانون، الرئيس أول أيام رمضان هدية قائلاً: صدق السيسي حين نفى عن نفسه صفة السياسي، فامتداحه اليوم للمدعو موسى مصطفى موسى، لأنه بدخوله الانتخابات الرئاسية أنقذ صورة مصر، إنما يثبت بالفعل أن الرجل لا يفهم شيئاً في السياسة، حتى إن بدا من حماسه في المدح أنه عائش في الوهم، ويتصور أنه خدع ساسة العالم». أما محمد محفوظ فتساءل: «المبتسمون والمصفقون في كل مؤتمرات ولقاءات الرئيس، متى سيخجلون؟
واهتم جمال الجمل كعادته بالماسأة الفلسطينية فهمس في آذان تجار القضية: «فلسطين لا تحتاج إلى مؤتمرات ومناشدات وبيانات وعويل أيها العاجزون.. احتفظوا بكلماتكم المهزومة لأمسيات النحيب أيها اليائسون.. صمتاً، فالشهداء يكتبون التاريخ». ووجه الجمل كلامه للباحثين عن النصر قائلاً: «عندما تشعر باليأس عندما يصيبك الإحباط أو تقترب من الهزيمة تذكر أن هذه الأمة أملها في الضعفاء الأحرار والفقراء الكرماء، لأنهم لا يساومون، ولا يبيعون شرفهم بغنيمة».
الحساب سيكون عسيراً
البداية مع جرحنا الأكبر، ومن أبرز من اهتموا بالقضية أمس عبد الله السناوي في «الشروق»: «لا الإسرائيليون بوسعهم ـ أيا كانت بشاعة المذابح التي يرتكبونها ـ إنهاء القضية الفلسطينية بإرهاب قتل، أو بصفقة قرن. ولا الفلسطينيون ـ أيا كانت فواتير الدم التي يبذلونها ـ بمقدورهم التنازل عن وجودهم نفسه والحق في الحياة بكرامة على ما تبقى من أراضيهم. كانت المذبحة، التي ارتكبتها القوات الإسرائيلية بحق متظاهرين فلسطينيين عزل من أي سلاح في اللحظة نفسها التي كانت ترفع فيها الأنخاب احتفالا بافتتاح السفارة الأمريكية في القدس المحتلة، تعبيرا صريحا عن الصراع وطبيعته. بقوة الصور غلبت مشاهد الدم أنخاب الاحتفال، وأفسدت أي رهانات إسرائيلية على دفع دول أخرى لنقل سفاراتها إلى القدس المحتلة. بقدر الدماء التي سالت والعذابات الإنسانية التي تبدت على وجوه الضحايا كسبت القضية الفلسطينية المعركة الأخلاقية أمام العالم كله. ويؤكد الكاتب على أنه جرت محاولة أخرى لحرف الانتباه، بإلقاء مسؤولية المذبحة على حركة «حماس» التي تحرض وتتبنى مسيرات العودة عند السياج العازل مع قطاع غزة. هناك استثمار إسرائيلي في الانقسام الفلسطيني، كأن اتهام «حماس» يشفع لها بالرضا عند خصومها، وهذا استنتاج متعسف. هناك استثمار ثان لاندفاع دول عربية إلى التطبيع مع إسرائيل سياسيا واستراتيجيا وعسكريا واقتصاديا، في مشروعات تعاون إقليمي، باسم مناهضة «العدو الإيراني المشترك».غير أن لكل شيء طاقته، وقضية القدس بالذات لها رمزيتها التي يستحيل تجاوزها بلا أثمان باهظة. بأي متابعة لحركة صور المذبحة على الفضائيات الدولية والإقليمية لم يكن ممكنا لأحد تجاهل الحدث المروع ولا ردات فعله، حتى الفضائيات التي تهرول دولها للتطبيع مع إسرائيل وجدت نفسها مدفوعة للإدانة. الحقائق تقول كلمتها والحساب الختامي سوف يكون عسيرا».
الجميع تآمر عليهم
لا يمكن أن نترك «الشروق» قبل أن نلقي نظرة على ما كتبه أشرف البربري عن القضية نفسها: «لم تكن الموجة الأخيرة من الاحتجاجات الفلسطينية على استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأراضيهم، وتآمر العدو والصديق والشقيق على قضيتهم خلال السنوات الأخيرة، سوى حلقة في مسلسل النضال الفلسطيني المستمر ضد الأطماع الصهيونية، على مدى نحو مئة عام، لتذكير العالم بأن هناك شعبا لم يقبل ولن يقبل بضياع حقوقه المشروعة في أرضه ومقدساته الدينية والوطنية، مهما مرّ الوقت، ومهما اختلت موازين القوى العسكرية والسياسية، ومهما تخلى عنه الأصدقاء والأشقاء. جاءت مظاهرات «مسيرة العودة» الفلسطينية التي تواصلت على مدى ستة أسابيع، لكي تصفع وجود أصحاب الأصوات الشاذة التي تعالت خلال السنوات القليلة الماضية، لتردد تلك التفاهات عن بيع الفلسطينيين لأراضيهم، وتخليهم عن قضيتهم، بل وصل الأمر ببعض الأصوات والأنظمة العربية إلى اتهام فصائل المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، على الرغم من فشل هذه الأنظمة في تقديم دليل واحد يدين هذه الفصائل، اللهم إلا أنه مجرد تماهي هذه الأنظمة مع مواقف أمريكا وإسرائيل ضد المقاومة. قمة المأساة أن هذه الموجة الجديدة من الاحتجاجات الفلسطينية، تأتي في عصر ملوك الطوائف العرب والمسلمين، حيث غابت عن أنظمة الحكم العربية الرؤية الصحيحة للعدو والصديق، وأصبحت إسرائيل بالنسبة للعديد من العواصم العربية والإسلامية صديقا وحليفا، في حين تنظر هذه العواصم إلى الفلسطينيين ومعهم دول عربية ومسلمة أخرى كأعداء لمجرد خلافات مؤقتة في الأولويات. مرة أخر يؤكد الشعب الفلسطيني للعالم أن كل محاولات الأشقاء قبل الأعداء لدفن القضية أو تفتيتها لن تنجح».
الرياض في قبضة ترامب
ومن أبرز معارك الأمس تلك التي شنتها «الشعب» على لسان زرقاء اليمامة ضد حكام المملكة السعودية وأمريكا: «لقد هزأ ترامب بكرامة السعودية ومسح بها البلاط، بل لقد فعل أكثر من ذلك، أكثر مما يفعله أي بلطجي حقير في أقذر حارة في الدنيا. قال ترامب في مؤتمر صحافي مع رئيس فرنسا السخيف «إن بعض دول الشرق الأوسط الثرية – لاحظ الثرية – لم تكن لتبقى أسبوعاً واحداً لولا حماية أمريكا لها، وأن على حكام هذه الدول أن يدفعوا مقابل حمايتهم.. وسوف يدفعون»لاحظ» وسوف يدفعون «أي رغم أنفهم وهم صاغرون. خرج وزير خارجية السعودية ليدلس على الناس ويقول إن ترامب يقصد قطر! نعم انه يقصد قطر ولكنه يقصد السعودية قبل قطر، لأنها أكثر مالاً. لنواصل كلام ترامب الذي يؤكد في النهاية أن كلامه موجه للسعودية أساساً.. فندد بتردد قادة دول الخليج في إعطاء الولايات المتحدة ما تريده من أموال لإعادة تحديث البنية التحتية الأمريكية، والنهوض بالولايات المتحدة، وانتقد الردود السلبية لقادة هذه الدول على المطالب الأمريكية، مشيراً إلى أنهم يقولون (علينا أن نكون حذرين في صرف أموالنا).. (ولكنهم سيدفعون). هذا كلام لا يقوله إلا لص أو قاطع طريق، وهو يرفع سلاحه ويقول للضحية أعطني كل ما في جيبك.. أعطني المحفظة، وإلا سأفرغ هذا المسدس في رأسك. وما هي مسؤولية بلاد عربية أو إسلامية عن البنية التحتية الأمريكية، هل سنعطي لهم أموالا لتطوير شبكات الصرف الصحي وإصلاح الطرق والكباري المتهالكة في أمريكا- على عكس ما قلنا في المقال السابق أن أمريكا هي التي تحكمنا!- هل نحن أصبحنا مسؤولين عن الشعب الأمريكي حتى نصرف عليه. هل شاهد أحدكم سي. إن. إن المحطة الأمريكية وهي تذيع في فيديو حي حديث ترامب لولي العهد السعودي، حيث قال له أثناء زيارته الأخيرة للولايات المتحدة «ان ولي العهد يعرف تماما كم هي ثروة السعودية، وأن لهم 25 تريليون دولار فقط في المصارف الأمريكية». وأضاف إن إعطاء السعودية 400 مليار دولار، أو إضافة 400 مليار دولار أخرى للولايات المتحدة، لا تمثل شيئا بالنسبة لهذه الثروة السعودية. ويجب على صديقي ولي العهد أن يقوم بضخ 5 تريليونات دولار في الولايات المتحدة من أجل الاستثمارات، ومن أجل شراء معدات أمريكية لا أظن أن البشرية شهدت وقاحة مثل هذه منذ أيام قابيل وهابيل. ولا غرو أن تسقط أمريكا على يد هذا الأفاك الأشر، بل هو من علامات هذا السقوط».
بلا إحساس
يسأل محمد سيف الدولة في «الشعب»: «كيف يسمح النظام للعدو الصهيوني أن يحتفل علنا في وسط القاهرة وبالقرب من ميدان التحرير في فندق ريتز كارلتون، بالذكرى السبعين لاغتصاب فلسطين، ويعيدنا إلى الوراء لأكثر من ثلاثين عاما، حين تمكن الشعب المصري من قطع أرجل (إسرائيل) من المشاركة في معرض القاهرة الدولي للكتاب، ما أدى إلى القضاء تماما على أي محاولات للتطبيع الشعبي منذ ذلك الحين. وكيف تجرأ الصهاينة على الظهور والتواجد علانية وسط أكثر المناطق المصرية ازدحاما، وهم الذين كانوا يتحركون دائما في الخفاء وتحت الحراسة في حماية جحافل من العناصر الامنية؟ وكيف تجرأ ضيوفهم والمطبعون معهم من الشخصيات ورجال الأعمال المصريين، على ممارسة التطبيع الفاضح في الطريق العام؟ ومن أين يستمد عبد الفتاح السيسي ونظامه ومؤسساته كل هذه الجرأة وكل هذا الجبروت على تحدي وإيذاء مشاعر الملايين من المصريين؟ لا يمكن أن يكمن السر فقط في الرضا الأمريكي والدعم الإسرائيلي والكفالة السعودية والخليجية، ولا في قوة بطش أجهزة الأمن وقبضتها الحديدية. وإنما جزء كبير من المسؤولية يقع علينا نحن أيضا، حين صمتنا عن توجهاته المنحازة لإسرائيل التي ظهرت للعيان بوضوح منذ عام 2014، وحين قمنا منذ سنوات طويلة بتهميش قضية الصراع العربي الصهيوني والنضال ضد كامب ديفيد ونظامها، وتجاهلنا إعادة إنتاجها، التي تجري اليوم على قدم وساق، تحت الشعارات الوطنية الزائفة التي خدعوا بها قطاعات واسعة من المصريين».
عدو حسب الطلب
«من الواضح على الصعيد العربي حدوث تحول مماثل وإن اختلفت مفرداته حيث تحتل إيران، في المنظور العربي، وفقاً لمصطفى عبد الرازق في «الوفد»، المكانة التي احتلها الإرهاب في المنظور المصري كعدو بديل لإسرائيل. أي متابع للسياسة العربية خاصة الخليجية، يدرك مدى هذا التحول، ووصوله إلى مراحل متقدمة، إلى الحد الذي قد يصل لحد الاشتباك العسكري المباشر، على نحو ما هو متوقع في سوريا، حال إرسال قوات عربية هناك، وكما هو متوقع في اليمن، حيث تجري هناك معارك بالوكالة طرفاها دول خليجية وإيران. الحديث في هذا الموضوع مليء بالمواجع والمحاذير، فقد كان من المفترض أن تمثل إيران امتدادا للموقف العربي ونصيرا له في مواقفه السياسية باعتبار الخلفية الإسلامية والتراث الحضارى المشترك إلى جانب تطورات ما بعد رحيل الشاه، التي أدت إلى تقارب طهران من مضمون السياسات العربية، خاصة على صعيد الموقف من الولايات المتحدة وإسرائيل، على خلاف ما كان عليه الأمر خلال حكم الشاه، وهو التطور الذي لم يؤت ثماره على خلفية الخوف العربي من دعاوى تصدير الثورة الإسلامية آنذاك. ورغم تجاوز الحالة في إيران فكرة تصدير الثورة، التي تآكلت هي ذاتها في إيران، على خلفية عوامل عديدة إلا أن حالة الجفاء ظلت قائمة مع إيران بشكل أدى لاحتلالها مكانة إسرائيل في منظور الأنظمة العربية. من المؤكد أن إيران في تحركاتها تسعى لتحقيق مصالحها برؤية تتسم بقدر كبير من البراغماتية، وهو الأمر الذي قد يتعارض مع المصالح العربية.
لن ننسى
«الشعب الفلسطيني يُصر كما يؤكد مكرم محمد أحمد في «الأهرام» على استعادة حقوقه مهما يكُن عدد الفلسطينيين الذين يسقطون في معارك المواجهة مع الجيش الإسرائيلي، خاصة أن الفلسطينيين وشبابهم يعانون ذُل الاحتلال وسوء الأوضاع الاقتصادية وغلبة الإحساس باليأس والإحباط على الجميع، ويذهبون مختارين إلى ساحة المواجهة مع الإسرائيليين، لا يخشون الصدام أو الموت، ولا يريد الإسرائيليون أن يفهموا عُمق التطور الذي طرأ على الشخصية الفلسطينية خاصة الشباب منهم، وجعلهم يفضلون الإستشهاد على الحياة، ويبتكرون ألواناً من الانتقام ضد الإسرائيليين مثل الطعن بالسكاكين في الشوارع ودهس الناس على أرصفة الشوارع بالسيارات، وربما يرى الفلسطيني وقد أهدر الإسرائيليون أمنه وكرامته وإنسانيته أن هذا الاختيار أفضل كثيراً من حياة الذُل التي يعيشها، والواضح أن هذا التوجه يكبر وينتشر حتى تكاد تكون له الغلبة بين الشباب الفلسطيني، ومع الأسف تزداد إسرائيل تعسفاً بدلاً من أن تغير مسلكها بما يزيد الوضع سوءاً، خاصة أن الإسرائيليين لن يقدروا على إبادة الشعب الفلسطيني مهما أعملوا فيه من قتل، وبالطبع فإن الزحام والفقر والبطالة والعنصرية الكريهة وسوء الأحوال الاقتصادية وانعدام الأمل في غدٍ أفضل، تُشكل عوامل أساسية في صورة حالكة السواد».
كذبة تاريخية
يعترف أيمن المهدي في «الأهرام» بأننا نحن أكثر الذين يروجون لأكذوبة أن الفلسطينيين باعوا أراضيهم لليهود، وهي أسطورة اخترعها الطرف الضعيف (العرب)، ليخلوا مسؤوليتهم عما وصل إليه حال الضحية (الفلسطينيين). التاريخ لا يكذب حين يسطر أن مجموع مساحة الأراضي التي آلت ملكيتها لليهود من كبار العرب غير الفلسطينيين هو 625 ألف دونم (نحو 150 ألف فدان)، في مرج ابن عامر، وسهل الحولة، ووادي الحوارث، وما مجموعه 28 ألف دونم في الناصرة وعكا وجنين وصفد وبيسان وطولكرم. وبجانب الـ 625 ألف دونم، بلغت مساحة الأراضي التي باعها الفلسطينيون (قسرًا في بعض الأحيان بسبب قانون نزع الملكية) 261 ألفا و400 دونم، من مساحة فلسطين البالغة 27 مليون دونم، أي أقل من 1٪ من مجموعة مساحة البلاد، مقابل 2.5٪ من مساحة البلاد باعها الإقطاعيون وكبار الملاك لليهود. أبرز هؤلاء الإقطاعيين عائلات «تويني» و«مدور» و«الطيان» و«سرسق» وكلها لبنانية. وبين عامي 1917 و1918، لعبت حكومة الانتداب البريطاني على فلسطين دورًا خطيرا في تسهيل نقل ملكية مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية خاصة الأراضى الأميرية والموات والمملوكة للدولة العثمانية، التي آلت ملكيتها لحكومة الانتداب، بموجب معاهدة الصلح البريطانية التركية عام 1925 لليهود، ومؤسساتهم التي تأسست خصيصًا لهذا الغرض، مثل صندوقي القومي اليهودي، والائتمان اليهودي للاستعمار، والبنك البريطاني الفلسطيني. وهو ما يعنى أن حكومة الانتداب البريطاني سهّلت نقل ملكية 58٪ من الأراضي التي امتلكها اليهود قبل عام 1948. وبمجرد انتقال ملكية أراضي الدولة العثمانية لحكومة الانتداب، سارع هربرت صمويل المندوب السامي البريطاني الأول اليهودي الصهيوني بامتياز بتقديم 175 ألف دونم لليهود على الساحل بين حيفا ويافا».
ترامب ليس معجزة
«دونالد ترامب ليس الرئيس الخارق، على حد رأي سوزان حرفي في «المصري اليوم» الذي يحقق ما عجز عنه سابقوه، لكن ما كان مستحيلا عام 1995 أصبح متاحا اليوم، والمتغير ليس في قوة اكتسبتها أمريكا، بل في واقع أن ما تبقى صلبا من الدول العربية لم يكتف بالاعتراف بالدولة اليهودية، وإنما يسعى لجعلها شريكا يحمي العروش ويعزز دفاعاتهم ويذود عنهم ضد أطماع «إيران». إنه الفرق نفسه بين المنطقة منذ سبعين عاما واليوم، بين نكبة تتم الثورة عليها وأزمات يتم القفز بها والتعايش معها، فالعرب حركتهم دائما للخلف لا يتقدمون، كل يوم في تراجع ليبدو الأمس حلما لا أمل في استعادته. بالأمس كانت جيوشهم مجتمعة تحارب على أرض فلسطين، واليوم انشغل كلٌ بحاله، كان حلم الوحدة قريبا، واليوم يسقط بعضهم بعضا بأموالهم وأسلحتهم، كان فقه الدين والدنيا يجتمعان ضد المحتل، واليوم الجماعات الإسلامية تقاتل العرب والمسلمين فقط. بالأمس كانت إفريقيا والعالم الحر صوتا واحدا خلفهم، واليوم يحتفلون مع الغاصب المحتل بانتصار جديد، كان الطريق للقدس يمر بـ(القاهرة، دمشق، بغداد) واليوم سادت سياسة أن الطريق لأي عاصمة عربية يأتي عبر إسرائيل، فالسلطة والبقاء فيها مرهون بمدى القبول بها والصداقة معها. «القدس، الحدود، اللاجئون» طالما مثلت حقوقا تاريخية لا يملك أحد التصرف فيها، ووقفت عائقا لإتمام السلام الكاذب، واليوم يتم تخطيها من جانب واحد، فالقرار الأمريكي جاء ليحسم أمر القدس، والتوسع في بناء المستوطنات يعيد ترسيم الحدود، وتصفية موضوع اللاجئين قد تم اتخاذه بتوطينهم، حيث هم أو بتعويضهم».
إيران ستلقنه درساً
«يبدو أن طهران والنبوءة لسعيد اللاوندي في «الوطن» تريد أن تقهر لغة «الكاوبوي»، التي عبّر عنها الرئيس ترامب، بتوثيق علاقاتها مع دول الاتحاد الأوروبي، وأن أموراً تجارية سوف تسير الهوينى بين طهران من ناحية وعواصم أوروبا من ناحية أخرى، ولا عزاء لأمريكا التي عزلت نفسها، أو على حد تعبير أحد كبار المسؤولين الإيرانيين: لقد خرجت من الاتفاق باعتبارها الشريك المزعج، وهو ما يعني أن الاتفاق أصبح أكثر راحة من ذي قبل. ولقد حرصت السيدة موغريني، المفوضة الأوروبية، على أن تؤكد متانة العلاقات مع طهران انطلاقاً من المصالح المتبادلة، دون أن تنسى أن تذكر أن هذا الاتفاق قد استغرق سنوات وسنوات حتى يتم إعلانه وقد جاء بأُكله، وانسحاب أمريكا أو عدم انسحابها لن يؤثر على بنود الاتفاق الذي كان بين «دول 5+1» فأصبح مع «دول 5» بعيداً عن أمريكا. والحق أن أوروبا وزنت الاتفاق من باب المصالح التجارية التي تغنمها من إيران، ناهيك عن حالة الهدوء التي تسيطر على طهران وعدم تعلقها بتخصيب اليورانيوم كما كانت. باختصار، لقد ربحت لغة المصالح الأوروبية وخسرت لغة الكاوبوي الأمريكية. والمؤسف أن «أمريكا ترامب» تتصور أنها سيدة العالم بلا منازع، وكانت ترى أن انسحابها سوف يؤدي إلى انهيار الاتفاق، لكن ما حدث هو أن أوروبا ضحّت بأمريكا وتمسكت بلغة المصالح مع طهران، بل إن مساندة دول أوروبا لطهران ستجعلها أقوى في مواجهة الجبروت الأمريكي، وهو ما عبّر عنه وزير خارجية ألمانيا ونظيره البريطاني اللذان أكدا أن الاتفاق مع طهران باقٍ ومستمر».
السيسي وإن طال السفر
من بين المعجبين بالرئيس السيسي يوسف أيوب في «اليوم السابع»: «ولا أستطيع أن أخفي إعجابي بفكرة «اسأل الرئيس»، لأنها كما سبق وقلت تقليد جميل، استطاع أن يخلق آلية مهمة للتواصل بين الشعب والرئيس، وتعزيز الثقة ومد جسور الحوار بين المواطنين والقيادة السياسية، وكان لها دور مهم في توصيل أفكار الرئيس مباشرة إلى المواطنين بدون وسيط، والرد على ما يدور في تفكيرنا من تساؤلات وقضايا تشغل بال كل مصري، وليس فقط من يحضرون هذه المؤتمرات، وهو ما أضاف زخمًا لهذه المؤتمرات. بالتأكيد نجحت مؤتمرات الشباب في حل كثير من المشكلات والتحديات التي تواجه الدولة المصرية، وكذلك التفاعل مع المطالب الجماهيرية المختلفة، مثل الإفراج عن مئات من الشباب، وحل مشكلات تتعلق بتشغيل المصانع وتطوير العشوائيات وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، ودعم الابتكار والتعليم، من خلال تبنى الدولة بداية من رئاسة الجمهورية والحكومة لكل ما صدر عن المؤتمرات الشبابية من توصيات، وهو ما زاد من ثقة المصريين في ما تشهده مؤتمرات الشباب من نقاش. وقد كنت سعيد الحظ بحضور أغلب هذه المؤتمرات، سواء في شرم الشيخ أو القاهرة والإسكندرية والإسماعيلية وأسوان، ورأيت كيف استطاع المؤتمر كسر حالة الرهبــــة وحاجز الخوف الذي كان يفصل بين الشباب والدولة، وأيضًا اقتحام الشباب لكـــل المشاكل ليس فقط من خلال الإشارة إليها، بل وطرح الحــلول لها، وهو ما أضاف مزيدا من الزخم.
المتسولون في بيتنا
ومن معارك الأمس تلك التي شنها إبراهيم السايح في «الوطن»: «إخواننا الأثرياء يقدم لهم التلفزيون كل يوم ساعات طويلة من الإعلانات التي يظهر فيها مرضى سرطان الأطفال، ومرضى سرطان الكبار ومرضى الفشل الكلوي ومرضى الإعاقات المزمنة ومرضى الإعاقات الطارئة ومرضى التوحد ومستعمرات الجذام (إلخ.. إلخ..إلخ) وفي كل يوم وليلة يتعايش الناس مع هذه المشاعر المؤلمة، بدون أن يتوقف فاسد عن الفساد أو لص عن السرقة أو ظالم عن الظلم أو طاغية عن استخدام جبروته وسطوته في إيذاء الناس. لا أحد يطالب بإيقاف حملات التبرع للأعمال الخيرية وعلاج كل الفقراء المصابين بأمراض خطيرة أو مزمنة أو حتى عادية، ولكن إقناع أهل الخير بالمشاركة في التكافل الاجتماعي لعلاج المرضى، أو إعالة الأيتام أو مساعدة الفقراء والمعدمين، لا يحتاج كل هذا الإلحاح في عرض مشاهد المرضى والمحتاجين ومشاهد نجوم الفن والرياضة الذين يذهبون لزيارتهم ومداعبتهم أمام الكاميرات، ثم يذهب كل منهم إلى حال سبيله ويظل المريض مريضاً والنجم نجماً. هناك وسائل أخرى لإقناع الناس بالتبرع للأعمال الخيرية بدون الاستعراض اليومي على مدار الساعة في كل القنوات لصور الأطفال الذين يصارعون المرض، والأيتام الذين يصارعون الجوع (إلخ).. وهناك كثيرون من أهل الخير يرفضون المشاركة في هذه الحملات التلفزيونية ويفضلون التبرع المباشر للجهات التي لا تملك ثمن الإعلانات الباهظة، التي تفضح الضحايا أمام مصر كلها بدلاً من الإحسان إليهم لوجه الله تعالى. هذا النوع من النكد التلفزيوني الرمضاني اليومي مخصص للأغنياء الذين لا يشعرون بآلام ومعاناة الآخرين ويملك كل منهم إمكانيات المساهمة في حملات التبرع الرمضانية التلفزيونية العملاقة».
بيكاسو المصري
«رغم تشجيع إبراهيم الشريف في «اليوم السابع» لمحمد صلاح منذ أن بدأ يظهر ويتألق في فريق بازل السويسري، إلا أنه لم ينتبه إلى اللقب الذي صار يناديه به البعض وتصفه به الصحافة وهو «بيكاسو»، وعندما تنبهت لذلك سألت أصدقائي من صحافيي الرياضة «هل هناك لاعب قديم اسمه بيكاسو يشبهون محمد صلاح به؟ لكنهم نفوا ذلك، وأكدوا أن المقصود هو الفنان التشكيلي العالمي «بيكاسو».. فسألت نفسي «وما الذي يجمع بين محمد صلاح وبيكاسو؟ جميعنا يعرف بابلو بيكاسو، فهو رسام عالمي ونحات، من أعظم الفنانين وأكثرهم تأثيرًا في القرن العشرين، ولوحاته تباع في المزادات العالمية بملايين الدولارات، له طريقته الخاصة في الإبداع، توفي في سنة 1973، ولا يزال اسمه يحقق النجاح أينما حل. ومحمد صلاح مبدع أيضا، لمساته فنية وخالدة أيضا، فبعد انتهاء موسمه الأول مع فريقه الإنكليزي ليفربول، والجوائز التي حصل عليها التي وصلت إلى نحو 35 جائزة، يمكن القول إنه مثل بيكاسو علامة مسجلة. كما يجمع بين صلاح وبيكاسو شيء مهم هو اعتراف الناس بقيمتهما، فالعالم العربي كله يقول «صلاح فخر العرب»، وإسبانيا تعتبر أن بيكاسو هبة إلهية لن تتكرر كثيرا، وأن اسمه يرفع اسمها عاليا في الحيز الدولي. نعم محمد صلاح يشبه بيكاسو، فهو يحمل البهجة الدائمة للمصريين هذا العام، وصار محقق الأحلام، وبدأ الناس يتعاملون معه على أساس أنه عملة نادرة لا يمكن تكرارها، وأهدافه فيها جمال وثقة وقوة وحسن تصرف يحسد عليه، وكذلك كانت لوحات بيكاسو بجانب أن بها الكثير من البهجة، وهذا هو دور الفن».
مترو للمليونيرات
«إذا كانت الحكومة ترى أنه لا بد من رفع أسعار تذاكر المترو فلماذا لا تطبق فكرة لعمرو الشوبكي في «المصري اليوم» تتمثل، بأن نضع عربات درجة أولى مكيفة، ولها باب دخول وشباك تذاكر خاص مثل درجة رجال الأعمال في الطائرات، وتعمل على جذب قطاع من الشريحة العليا من الطبقة الوسطى من أصحاب السيارات والراغبين في الراحة من القيادة، أو جانب من مستخدمى أوبر وكريم، الذين باتوا يحتاجون مع ارتفاع مصاريف المعيشة إلى أن يقتصدوا في مصاريفهم قليلا، وهؤلاء لديهم استعداد لدفع 7 أو 10 أو حتى 20 جنيها في تذكرة المترو، بشرط تقديم خدمة جيدة لهم.
لماذا لم تطبق هذه الفكرة بتقديم مغريات لشرائح اجتماعية أعلى من أجل أن تدفع أكثر لصالح الحفاظ على سعر منخفض لتذكرة المترو لغالبية مستخدميه؟ ولا أفهم الإصرار على استمرار سياسة استسهال تحميل الفقراء والشرائح الدنيا من الطبقى الوسطى العبء الأكبر في أي إصلاح اقتصادي، بدون أي تفكير في كيفية جلب موارد جديدة من الشرائح الأعلى التي تنفق أكثر من تذكرة المترو على وسائل مواصلات أخرى أكثر راحة، وهو ما سيعني في حال تطوير خدمة المترو جذب قطاع منها لصالح المترو. معادلة الخدمات العامة في مصر تقوم على خدمة سيئة وسعر رخيص نسبيا، في حين أن رفع سعر التذكرة كان يجب أن يسبقه تفكير في تطوير الخدمة المقدمة للناس ولو جزئيا، وإلا ستتحول عملية رفع أسعار كل الخدمات إلى نوع من الجباية».
الغش حرام
نتحول نحو الطلبة ومشاكلهم التي يهتم بها في «المصريون» حسام فتحي: «صراع نفسي عنيف يمر فيه أبناؤنا الأعزاء مع اقتراب شهر رمضان الفضيل بأجوائه الإيمانية الروحانية،.. وتزامن ذلك مع اقتراب امتحانات الثانوية العامة والاستعداد لها بما تيسر من «البراشيم»، وما ابتكرته آخر علوم التكنولوجيا من وسائل «التواصل» بين الطالب في لجنة الامتحان – حيث يكرم المرء أو يهان- و«حملة» كتب المادة خارج اللجان! وأصبح السؤال الوجودي ـ الروحاني الذي يطرح نفسه على عقول الطلاب، ويعصف بأفئدتهم: كيف «أدخل» أجواء الرمضانيات والعبادات في شهر الروحانيات.. ثم وفي منتصف الشهر أبدأ امتحان الثانوية بما يستلزمه من «استعدادات» وملخصات؟ وللغش في الامتحانات ـ وهو ظاهرة مذمومة بدون شك ـ تطور تاريخي لافت، بدءا من الاستحياء والخجل والتبرير والشعور بالذنب الذي كان يصاحب «الغشاشين» البلهاء القدامى، مرورا باقتحام أولياء الأمور للجان الامتحانات بالسنج والمطاوي وزجاجات «مية النار» ووقوفهم فوق سيارات تحمل مكبرات الصوت يذيعون منها الإجابات النموذجية لفلذات أكبادهم الطلاب الغشاشين.. وانتهاء بمرحلة القرصنة الإلكترونية عن طريق صفحات عم «شاومينج» الذي دخل تاريخ الغش والتغشيش من أوسع أبوابه، متغلبا على احتياطات وزارة التربية، ليتصدر أشهر 3 صفحات للغش (شاومينج بيغشش ثانوية عامة) و(ثورة التعليم الفاسد) و(بالغش اتجمعنا) للأسف مع التراجع الحاد لمنظومة القيم في المجتمع المصري، وتسيد الفهلوة والشطارة والسعي للثراء على حساب المثل والقواعد الأخلاقية، استشرت «ظاهرة» «الغش» في أغلب مناحي الحياة وليس الامتحانات فقط حتى أصبح «الغش» هو الأصل في البيع والمعاملات».
نجمة على الرصيف
«مع حلول شهر رمضان المبارك.. أجرت «الأهرام» حواراً مع الفنانة القديرة مديحة يسري كشفت خلاله عن أملها في أن تمد لها الدولة يد المساعدة لتستقر في مستشفى واحد شاملة كافة التخصصات، بدلا من التنقل بين أكثر من مكان، خاصة بعد تدهور حالتها الصحية في الآونة الأخيرة. وأضافت لن أنسى كل من ساعدني ووقف إلى جواري وأنا على فراش المرض منذ سنوات طويلة، وبالطبع فإن الأعمار بيد الله إلا أنني في أشد الحاجة للدعاء لي بالشفاء العاجل. وتقول سهير محمد علي سكرتيرة «سمراء النيل» وهو الاسم الذي التصق بمديحة يسري طوال مشوارها الفني، إن الحالة المعنوية والمادية والصحية للفنانة القديرة مديحة يسري ليست على ما يرام فالمستشفى الذي تعالج فيه حاليا يطالبها بمبالغ كبيرة منذ عدة أيام ولكن ظروفها المادية لا تسمح بدفع هذه المبالغ. والمؤسف في الأمر أن إدارة المستشفى طالبتها أكثر من مرة بالدفع أو مغادرة المستشفى، ما جعلها في موقف صعب للغاية وفي حيرة من أمرها. و«الأهرام» إذ تنشر تلك الحالة التي وصلت اليها الفنانة الكبيرة مديحة يسري فإنها تتمنى أن تجد الرعاية من الدولة فهي صاحبة مشوار وتاريخ فني طويل وتستحق كل خير وتقدير من الجميع.
حسام عبد البصير