أنقره ـ «القدس العربي»: تتهيأ جميع الأطراف في العاصمة التركية أنقرة للعودة وفي وقت مبكر للصندوق لحسم سلسلة ملفات في غاية التعقيد أهمها على الأطلاق ليس فقط تحديد مصير حكومة الرئيس احمد أوغلو بل تقرير مصير الخطوة التالية في برنامج الرئيس رجب طيب آردوغان لتعديل الدستور وتحويل البلاد إلى النظام الرئاسي قبل ترسيم مستوى فعالية ونتائج «الضربات» الموجهة والمنظمة التي وجهتها حكومة آردوغان لما يسمى بالكيان الموازي بزعامة حليف الأمس خصم اليوم فتح الله غولن.
أيام تفصل الأتراك عن «إنتخابات الموسم» الأكثر أهمية منذ عام 2012 على حد تعبير مصطفى ألكي الشاب الجامعي الذي يعمل نادلا في أحد مقاهي أنقره والذي تحدث مع «القدس العربي» بإنجليزية ركيكة متمنيا بأن ينتبه العالم بعد اليوم للمعارضة التي تحترف «الإنكار».
يطلق مراقبون على حزب الشعب الجمهوري الذي يخطط لإقصاء وتعذيب برنامج أردوغان وصف « حزب الـ»لا» مشيرين لإن أحزاب المعارضة تحترف إنكار اي إنجاز من أي نوع وفي اي وقت لحزب العدالة والتنمية.
الشاب الكي كغيره من الأتراك الشبان لا يتحمس كثيرا للمبالغة في بقاء حزب العدالة والتنمية في الحكم وينتقد العاب السياسيين التي يصفها بأنها «بهلوانية» تضر بمصالح المواطنين لكنه لا يرتاح في الوقت نفسه لأسلوب المعارضة في إنكار منجزات آردوغان وفريقه منذ نحو 12 عاما.
المؤشر الأبرز على النجاح الإقتصادي الإجتماعي لحزب التقدم والعدالة برأي الكثير من الخبراء يمكن تلمسه من النجاح الإقتصادي فتركيا اليوم قوة إقتصادية مستقلة بلا ديون كبيرة ولا يستهان بها.
يقول الباحث المتخصص في العلاقات العربية ـ التركية إسلام حلايقة: تركيا اليوم تصنع طائرات وتصدر نحو نصف مليون سيارة وتقدم صناعات ثقيلة وعسكرية وتعيش مرحلة إسترخاء إقتصادية. يؤكد سفير عربي خبير إلتقته «القدس العربي» بأن المنجز الصناعي والإقتصادي لتركيا اليوم لا يمكن نكرانه في كل الأحوال لكنه يظهر قدرا أقل من التفاؤل الذي يظهره الحلايقة وهو يشير لإنه عندما حضر لأنقرة قبل نحو اربع سنوات كان سعر الليرة التركية قياسا للدولارا أفضل بكثير من سعرها الحالي.
ذلك في رأي السفير جرس إنذار وإن كان النمو الإقتصادي في حالة تفاعل والمزيد من هبوط سعر الليرة مقابل الدولار سيستخدم بكفاءة وإنتاجية عالية ضد آردوغان في الإنتخابات فيما يرى الحلايقة ان المؤشرات المالية تتراجع قليلا لكن الوضع العام مستقر لإن خصوم تركيا في الداخل والخارج ينشطون في إتجاهات محاصرة البرنامج الإقتصادي لحزب التقدم والعدالة.
بهذه الخلفية على الأرجح يتحرك آردوغان نحو الإنتخابات بخيارات طموحة وإضطرارية بنفس الوقت وبين عينيه البرنانح العلني نحو التحول إلى النظام الرئاسي مدعوما بقوة من رئيس الوزراء أوغلو الذي قبل حسب غالبية المراقبين بدور «رجل الظل».
في الإنتخابات الماضية المتعثرة حصل حزب آردوغان على أغلبية قوامها 258 مقعدا من أصل 511 وهي اغلبية مكنته من تشكيل الحكومة لكنها لا تمكنه من تغييرالقوانين والتشريعات خصوصا بعد حصول الحزب الكردي المعارض على نحو 80 مقعدا. خطة آردوغان الإنتخابية كما فهمت «القدس العربي» من خبراء أنقرة في المرحلة التالية تتمثل في العمل على الوصول لمرحلة الـ365 مقعدا وهي التي تعني الإسترخاء تماما في الحكم وتحويل البلاد فورا للنظام الجمهور ي.
يشكك حتى أنصار حزب التقدم والعدالة بإمكانية قطع الحاجز والوصول إلى هذا الرقم مما يفتح المجالي امام خطة آردوغان البديلة وقوامها العمل على الوصول بالإنتخابات اوبعدها عبر التحالف إلى 330 مقعدا وهو رقم يسمح قانونيا بتغيير القوانين لكنه لا يسمح بتعديل الدستور وإن كان يسمح ضمن قواعد العمل التشريعية العميقة بإستخدام نص قانوني يجيز اللجوء إلى «الإستفتاء».
يراهن أنصار آردوغان على مسألة الإستفتاء ويظهرون واثقين من فوزهم بأي إستفتاء محتمل على تحويل البلاد إلى النظام الرئاسي لعدة اسباب أهمها «ردة فعل الجمهور الكردي العادي» ضد حزب الهادباه جنوبي وشرقي البلاد بعد إمتناعه- اي الحزب- عن إدانة الأحداث والتفجيرات الأخيرة التي إرتكبها رجال حزب العمال الكردستاني.
بين الرهانات ايضا تمكن حكومة آردوغان العميقة من «تخفيف» عمل وإنتاجية وإختراقات مجموعة فتح الله غولن او الكيان الموازي بعدما تمكنت حكومة آردوغان وعلى مدار عامين منهجيا من «إختراق» شبكة الأخير المعقدة في مراكز الأمن الداخلي وفي سلك القضاء وفي المدارس والجميعات الخيرية.
بسام البدارين