خطوط التهريب والمتاجرة بالبشر تبدأ من السويداء السورية وتنتهي ببيع الضحايا بآلاف الدولارات

حجم الخط
0

دمشق ـ «القدس العربي»: انتشرت في الآونة الأخيرة خطوط تهريب للسوريين ممن يرغبون في الهجرة إلى خارج البلاد، وتبدأ من محافظة السويداء جنوب سوريا، على أن تنتهي بالأراضي التركية ومنها إلى أوروبا، عبر شبكة مهربين من أبناء السويداء ممن يستغلون حاجة الأهالي للفرار من الحرب السورية، فيعملون على نقل الضحايا حيث يتم بيعهم إلى عصابات تحترف الخطف والمساومة، أو الاستثمار حسب مصالحهم.
تحدث نجيب أبو العابد أحد أبناء جبل العرب وعضو لجنة السلم الأهالي، لـ «القدس العربي» حول ما تعانيه المحافظة من اختطاف لشبانها وفقدانهم بعد الخروج منها فقال «تعاني السويداء كحال بعض المناطق السورية من عمليات الخطف بقصد الفدية، وعمليات السلب بالعنف والتي تطورت لتصبح شبه ممنهجة، وسرعان ما تشكلت عصابات تنتهج الخطف والسلب والتهريب بحيث لم يتركوا فرصة لجني المال إلا واستغلوها بدون أي رادع أخلاقي، وفي الآونة الأخيرة وبعد تزايد الهجرة إلى أوروبا بين صفوف الشباب، وخصوصاً أولئك المطلوبين للخدمة العسكرية أو لديهم ظروف خاصة تمنع مغادرتهم البلاد بالطرق الرسمية، استغل المهربون حاجة هؤلاء الشباب ليشيعوا بين صفوف الناس أن هناك خط تهريب من البادية الشرقية بمحاذاة خط القرى الشرقية لمحافظة السويداء، يصل إلى ريف دوما في ريف دمشق ليتصل مباشرة بما يعرف بطريق تركيا الذي يعتبر خط التهريب الأكثر أماناً منذ سنوات والذي كان يستغرق ثلاثة أيام من دوما إلى ريف حلب في وقت سابق إن لم يضطروا للانتظار في أي محطة نتيجة اشتباكات أو قصف».
وتتراوح كلفة التهريب على هذا الطريق ما بين 100 و150 ألف ليرة سورية، وقد ترتفع حسب الأوضاع الأمنية في الطريق، ويعمد المهربون إلى إبقاء الضحايا في حالة انتظار، بهدف ابتزازهم ورفع الأسعار بحجة أن تجاوز العقبة المقبلة سيكون ممكناً بدفع مبالغ إضافية.
وأضاف المتحدث «بصفتنا مقيمين في تركيا ولنا بعض الجهود السابقة في فك بعض المختطفين من خلال اللجنة الوطنية للسلم الأهلي وتحرير الرهائن والمختطفين، التي كانت تقدم جهودها مجاناً في معظم أنحاء سوريا، بدأ يتواصل معنا بعض الأهالي ممن يعتقدون أن أولادهم قد وصلوا تركيا عبر هذه الطريق، لكننا نتيجة البحث لم نحصل على أية بيانات تفيد بأنهم قد وصلوا تركيا أو دخلوا إليها، وعند تكرار هذه الحادثة لدى أكثر من ضحية، وجدنا أن الأمر يخفي ظروفاً جرمية وغير طبيعية، وبدأنا بجمع معلومات أكثر عن هذه الحالات التي تجاوز عددها الثمانية خلال الشهرين الأخيرين، إلا أن مفاجأة كانت منذ أسبوعين حيث تكشف مجرى الأمور برمته، من خلال ظهور شخص كان قد أطلق سراحه من قبل عصابات الخطف «عنوة» نتيجة انسحابهم المفاجئ من القريتين في ريف حمص الجنوبي الشرقي، والذي تواصل بعد الافراج عنه مع أهالي المخطوفين ممن كان قد تعرف عليهم في أماكن احتجازه.
ونقل المتحدث عن المفرج عنه الذي فضل حجب هويته خوفاً على أقاربه المحتجزين إلى الآن، تفاصيل رحلته مع المهربين ممن وصفهم بتجار البشر وقال: كان الشبان في طريقهم إلى تركيا بالاتفاق مع مهربين من أبناء السويداء، حيث فوجئوا عند وصولهم إلى منطقة البادية بأن المهربين قاموا بتسليمهم لمجموعات تابعة للمدعو «كنيهر الكنيهر» وهو مهرب قديم ومعروف في منطقة البادية الشرقية، وهو من سكان القرى القريبة من خط القرى الشرقية للسويداء، وعندما استلم «كنيهر» الشبان ومن بينهم «سالم مرشد ومهيب الحناني» قام بتسليم المهربين مبلغ مليوني ليرة سورية، وهنا عرف الشبان أن في الأمر مصيبة، لأنهم وبحسب حديثه قد اتفقوا مع المهربين من أبناء السويداء أن يقوموا بإيصالهم إلى حدود تركيا مقابل مبلغ 200 ألف ليرة عن كل شخص، فكيف يقبض المهرب مبلغ مليون ليرة عن كل واحد.
وتابع المصدر: حمّلت المجموعات المسلحة التابعة لـ «كنهير» الشبان بسيارة فيها نساء وأطفال قادمون من درعا كان قد أحضرهم مهربون آخرون، وبعد مضي أقل من ساعة تم تسليم الشبان حصرا لمهرب آخر، بحجة أنه هو من سيقوم بتوصيلهم إلى تركيا والباقون لهم طريق مختلف، ومن ثم قام هذا المهرب الأخير بإيصالهم إلى بلدة في بادية حمص بالقرب من قرية القريتين ليتم احتجازهم هناك، وقام المحتجزون بإخبارهم أنهم لا يريدون منهم شيئاً إنما هم جزء من صفقة تبادل أسرى، وعليهم أن يقوموا بتسجيل مقاطع صوتية لذويهم تفيد بأنهم بخير وقد وصلوا الحدود التركية وينتظرون ظروفاً ملائمة للدخول، إضافة إلى أنهم لا يمكنهم التحدث عن تفاصيل أكثر بسبب الأوضاع الأمنية، ومن هذه اللحظة تنقطع أخبارهم كلياً، ويتم نقلهم بين كل فترة وأخرى من مكان إلى مكان مع عشرات المحتجزين غيرهم من مختلف المناطق السورية.
وتعتبر قرية الكرك الشرقي في ريف درعا الشرقي الوجهة الأولية للأشخاص الذين يرغبون بمغادرة البلاد باتجاه اﻷردن أو تركيا حيث يتواجد في الكرك الشرقي عدد كبير من المهربين معظمهم من البدو وخاصة بدو السويداء.
وشرح مدير شبكة «سويداء 24» نور رضوان لـ «القدس العربي» عن طرق التهريب وآلية التعامل المهربين مع شبيحة النظام وأجهزته المخابراتية فقال: تبدأ الرحلة من قرية الكرك الشرقي، حيث يدفع كل شخص يرغب بالخروج 120 دولاراً للمهرب قبل انطلاق الرحلة من درعا، وعندما يصل عدد الراغبين بالخروج إلى 25 شخصاً يتم الاتفاق على يوم المسير، لتبدأ في ساعات متأخرة من الليل، حيث تنطلق معظم الرحلات من قرية الكرك الشرقي باتجاه قرية أم ولد ليتوجه بعدها المهربون إلى قرية اﻷصلحة وهي أول قرية في محافظة السويداء، ويتواجد وسط هذه القرية حاجز مشترك لأمن الدولة والأمن العسكري، ويبلغ نصيبهم من التجارة 200 دولار تدفع مسبقاً لقاء مرور سيارة المهرب بما فيها، ويتوجه بعدها المهرب إلى قرية رساس جنوب مدينة السويداء ويمرون عبر أحد حواجز الدفاع الوطني الذي يخصص له 25 الف ليرة على كل سيارة تمر عن طريقه. ويتابع: يتوجه المهرب بعد ذلك إلى الريف الشرقي من محافظة السويداء المتاخم للبادية، وبحسب علاقته هناك، وبمساعدة عناصر الدفاع الوطني في هذه القرى الريفية، ثم يعبر الضحايا إلى قرية «الشعاب» اول قرية تقطنها عشائر البدو في بادية السويداء ليتوجه بعدها إلى قرية رجم البقر الواقعة شمال شرق محافظة السويداء بالقرب من قرية اﻷصفر الواقعة تحت سيطرة تنظيم «الدولة»، وعند الوصول إلى هذه القرية ينتهي طريق المهرب اﻷول الذي يعود إلى تخوم درعا والسويداء، أما الهاربون فيتم التدقيق بهويات الذكور من قبل عناصر تنظيم الدولة المتواجدين في هذه القرية، حيث يسمح بالمرور لأصحاب السجلات البيضاء، أما من كان مقاتل سابق لدى كتائب المعارضة يخضع «للإستتابة» في أحد مراكز التنظيم لمدة تتراوح بين 15 حتى 45 يوم ثم يخرج معه ورقة مستتاب تسمح له بالمرور بباقي أراضي التنظيم ليكمل رحلته، فيما يتم تصفية من يحمل سجلاً أسود في قتال التنظيم.
ويضيف المصدر الإعلامي: في حال كانت الرحلة خالية من البيع والمتاجرة فسوف «يبدأ دور المهربين البدو من قرية رجم البقر إلى معبر الرويشد بتكلفة 75 دولاراً للشخص الواحد أو إلى تركيا 200 دولار، حيث تستغرق الرحلة إلى الرويشد انطلاقاً من قرية رجم البقر 10 ساعات مرورا بالبادية السورية وصولاً إلى المعبر، أما إلى تركيا فتستغرق ثلاثة ايام أو أكثر حيث يتوجه الشبان من قرية رجم البقر عبر البادية السورية إلى مدينة البوكمال أو مدينة الميادين ومنها الرقة عاصمة تنظيم «الدولة»، ثم إلى قرية اعزاز في ريف حلب الواقعة تحت سيطرة كتائب المعارضة.

خطوط التهريب والمتاجرة بالبشر تبدأ من السويداء السورية وتنتهي ببيع الضحايا بآلاف الدولارات

هبة محمد

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية