خمسون هزيمة!

حجم الخط
14

مضى نصف قرن على الهزيمة، وبدل أن تكون هزيمة الخامس من حزيران/يونيو جزءاً من الماضي، فهي لا تزال هنا، تصنع حاضرنا وترسم مستقبلنا.
خمسون عاماً كأنها الأمس أو اليوم!
كان ذلك يوم اثنين اذا لم تخنّي الذاكرة، وأمس (أي يوم كتابتي لهذا المقال) كان الأثنين أيضاً. منذ خمسين سنة، رقص الفتى المراهق الذي كنته في شوارع بيروت مع المتظاهرين وهو يهتف لناصر وجيش العروبة الذي بدأ حرب التحرير، وبعد ثلاثة أيام أصيب بالبكم وهو يرى نفسه يولد من جديد ابناً للهزيمة.
وبعد خمسين سنة يجلس الرجل الذي يشرف على شيخوخته كي يكتب عن الذكرى، فيكتشف انه ولد مرتين، في المرة الأولى ولد في عام النكبة، وفي المرة الثانية ولد وعيه السياسي معمداً بعار عام الهزيمة. وبعد هاتين الولادتين مات خمسين مرة في مسلسل تاريخ الهزائم والحروب والنكبات، وكان موته في الثاني من حزيران/يونيو 2005 حين قتلوا سمير قصير بداية الموت السوري الكبير الذي يحاصره.
كيف نقرأ الذكرى التي ترسم حاضرنا اليوم؟ وكيف نفتح صفحة جديدة عنوانها الأساسي تحليل البنية السياسية والعسكرية التي صنعت هزيمتنا المخزية، ولا تزال تتحكم بمصائرنا وتقودنا إلى هاوية الدمار الذاتي؟
في الشهر الماضي دعاني المؤرخ المصري الصديق خالد فهمي إلى إلقاء الخطاب الافتتاحي في ورشة عمل نظمتها جامعة هارفارد، في الولايات المتحدة. الدعوة إلى ورشة العمل حملت عنوان «خمسون عاماً بعد النكسة». توقفت في مداخلتي أمام كلمة «نكسة»، وهي شعوذة صكّها محمد حسنين هيكل وأراد بها حجب حقيقة الكارثة بكلمة تتحايل على الحقيقة عبر تصحيف كلمة «نكبة». جوهر مداخلتي كان محاولة لقراءة الهزيمة عبر نقد النظام السياسي الذي قاد إليها. أي تحليل الناصرية كانقلاب عسكري صنع قاموس الاستبداد الذي صاحبه الفساد، ودمّر احتمالات التغيير التي صنعها البعد الاجتماعي للناصرية، عبر صراعات أجنحة الطغمة العسكرية المخابراتية وفسادها وعدم شعورها بالمسؤولية. كانت مداخلتي التي كتبتها في بيروت، محاولة للتخلص من عبء الناصرية، عبر تحميل عبد الناصر بصفته رئيساً للجمهورية ونظامه الاستبدادي المخابراتي مسؤولية الكارثة، وابداء الاستغراب لنجاح الرجل في استعادة السلطة بعد استقالته، بفضل مظاهرات جماهيرية هائلة، خرجت لتطالبه بالبقاء في السلطة. اعترف أنني لم أفهم سر هذه الظاهرة، بل كنت ميالاً إلى التشكيك فيها واعتبارها جزءاً من قدرة المخابرات المصرية على قيادة الشارع.
لكنني كنت مخطئاً، اكتشفت خطئي على مدخل قاعة المؤتمر في هارفارد حين رأيت ملصق ورشة العمل الذي تصدرته صورة لعبد الناصر. في تلك اللحظة أحسست أن قلبي يعتصره الألم، وأن الرجل لا يزال يحتل مكاناً في وجداني، واحترت في أمري. هل أعبّر عن هذا الشعور في مداخلتي وكيف لي أن أجد مكاناً للمشاعر في نص عقلاني بارد يحلل وينتقد؟ وماذا أقول؟ هل اسقط في غوايته مثلما سقط الياس مرقص وياسين الحافظ، أم أفسر الهزيمة واصفاً إياها بأنها هزيمة حضارية مثلما كتب صادق جلال العظم في كتابه: «النقد الذاتي بعد الهزيمة»، أم أتجاهل مشاعري؟
واليوم، وأنا استعيد لحظة الخامس من حزيران/يونيو، وأجلس على مشارف عمر الهزيمة الذي عشته، أشعر بأنني أستطيع أن أقدم اقتراحاً يساعدنا على فهم سرّ هذا الرجل والسحر المدمّر لكاريزما «الزعيم الخالد»، التي قادت العرب إلى هاوية الهزيمة المستمرة.
كان على عبد الناصر أن يمضي في التاسع من حزيران/يونيو 1967 إلى بيته، إذ لا يُعقل أن يقود زعيم شعبه إلى هاوية الهزيمة التي غطتنا وغطت الجنود بالعار والنابالم، ويبقى في سدة الرئاسة! لكن المصريين والجماهير العربية طالبوه بالبقاء في السلطة، مؤكدين ولاءهم لقائد أكبر هزيمة في تاريخهم الحديث!
لماذا خرجت الناس إلى شوارع الهزيمة حاملة صور ناصر وهي تهتف له كأنه انتصر ولم ينهزم؟
هناك سر في شخصية هذا الرجل تتمثل في قدرته على جمع النقيضين، فهو أبو الأمة وابنها في آن معاً. الضابط الشاب الذي يجسد شخصية الابن المتمرد، والزعيم الذي كبرت به الزعامة فصار أبا للأمة.
لو كان أبا فقط لسهلت عملية قتله. فمصير الآباء هو القتل الرمزي على أيدي أبنائهم، مثلما علّمنا فرويد.
ولو كان ابنا فقط لسهل قتله الرمزي على طريقة ابراهيم الخليل، أي قتله عبر استبداله بالخروف كي يفهم معنى الطاعة.
لكنه هذا وذاك، خطايا الأب تغفرها براءة الابن، وحماقات الابن تصححها حكمة الأب. فهو «المارد العربي»، كما غنى له فريد الأطرش، و«حبيب الكل» مثلما غنى عبد الوهاب، لكنه أيضاً «الملاح والعامل والفلاح»، حسب عبد الحليم حافظ. انه الأب الذي يحميه كونه ابناً، والابن الذي يشفع له كونه أباً.
صلاح جاهين كاتب أغنية أم كلثوم «راجعين بقوة السلاح» التي غنتها عشية حرب حزيران/يونيو انتحر يأساً، لكن «الريس» بقي في مكانه، وجعلنا نبتلع ابتذال المعنى الذي جسدته كلمة «النكسة».
صحيح أن ناصر مات بعد الهزيمة الحزيرانية بثلاث سنوات، وانه يمكن قراءة موته بصفته ثمناً كان لا بد منه، لكن موته كان للأسف أكثر فداحة من بقائه في السلطة. فالطفيليات التي نمت على جذوع الشجرة الناصرية، تحولت إلى اشجار مستقلة تستلهم تجربة الرجل لكنها لا تبقي منها سوى على فرعها الاستبدادي المخابراتي، من السادات إلى القذافي والنميري ومن صدام حسين إلى حافظ الأسد. فأضيف إلى كابوس الاستبداد الذي أفلت من عقاله كابوسي الخيانة وجنون العظمة.
تراجيديا الأب – الابن التي جسدتها شخصية عبد الناصر تقاسمها ورثته محولين الابن إلى وحش والأب إلى غول. من القذافي الذي كان ابناً متوحشاً فصار اباً متغولاً، إلى بشار الأسد الذي أضاف وحشيته السادية إلى تغول والده الدموي.
واليوم لا أستطيع قراءة الوحش الأصولي إلا من منظور إرث الهزيمة الحزيرانية، التي كانت باباً إلى الحروب الأهلية التي بدأت كتمرين صغير في لبنان لتتحول اليوم إلى مجزرة شاملة في سوريا والعراق وليبيا واليمن.
بارقة الأمل التي صنعها ميدان التحرير والانتفاضة الشعبية السورية، اطفأها أبناء وورثاء المؤسسة العسكرية المخابراتية التي تأسست عام 1952، والتي تواصل دفعنا، منذ خمسين عاماً، إلى قاع الهزيمة.
متى ننجح في قتل الأب والابن معاً، كي نستعيد قيم الحرية والديمقراطية، التي كان تغييبها السبب الرئيسي لكارثتنا المستمرة؟

خمسون هزيمة!

الياس خوري

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Khaled yehia, Canada:

    لقد أسمعت لو ناديت حيا ولكن لا حياة لمن تنادي
    ولو نار نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد
    سيدي الفاضل، انت من القلة الواعية في هذا الزمن الرديء!

    1. يقول sam sahoury:

      true very true.

  2. يقول فوزي رياض الشاذلي سوريا:

    كنت مولعا بانتقاد جمال عبد الناصر ، وبانتقاد البرجوازيه الصغيرة والكبيرة ، وكأنه كان لهذه البرجوازيات وجود !!!، اما عن كتابات الياس مرقص وياسين الحافظ ، فكنا ننظر اليها على انها تتواطاء مع نظام البرجوازيه الصغيرة ، ضد الاحزاب الثوريه ، المتسلحه بالنظريات العلميه العالميه ، والتي كان يقودها جورج حبش وحواتمة ومحسن ابراهيم وصلاح جديد وزعين ، ولما لا الاسد !!!!كل الذين عاصروا الدكتاتوريه الناصريه !!! يحنون الان الى ظلمها ، والى كل اوساخها !!! كثيرون منا يشعرون بتفاهتهم ، وتفاهة تلك القيادات الثوريه ، التي لم تستطع بلورة مفهوم الوطن والمواطنة ، ولم تتجراء على على انتقاد او محاكاة التاريخ العربي الاسلامي ، مقدمة المقدمات لاي خطوه نحو التقدم ، إنما هربت لماركس وترتوسكي وماو ( مع جليل الاحترام والتقدير للمذكورين) ، عدا عن تحالفاتها مع الانظمه الاقلويه الطائفيه التي كان همها محاربة النظام الوطني في مصر ، كنّا نود تجاوز جمال عبد الناصر ، واذا بنا نعيش مع البخاري وابن تيميه والخميني وحس نصر الله والزرقاوي وأبو بكر البغدادي ، لقد كان استشهاد عبد المنعم رياض على الخط الاول للجبهة او صفعه لتفاهة افكاري وقلة ثقافتي حينها ، نعم وألف نعم لنقد جمال عبد الناصر ونظامه الذي لم يدم اكثر من خمسة عشر عاما ، اول مصري يحكم مصر من الآلاف السنيين وهو في الثلاثين ، وقد تكون من أخطاءه الكبري انه لم يهدم الأصنام ، كل الأصنام الاجتماعيه والثقافه والدينية ، ولكن منذ ٤٧ على رحيله ورحيل نظامه ، اين هم الكتاب والمثقفين والثوريين ، الذين ينقدون نظامه ويطالبون بالديمقراطيه السياسية والاجتماعيه ، وليس عندم الجرأه بوضع النقاط على الحروف ، واولها نقد العقلاني العلمي للتاريخ العربي الاسلامي تحديدا، عدا عن ذللك فهو لهو ولغط ، عندما تتجاوز مبيعات كتب المودودي ، آلاف المرات كتب جورج طرابيشي وجلال العظم ، ويكتب عن الجنرال بشار الاسد اكثر ما نعرف عن عبد المنعم رياض ، فان الحنين لدكتاتورية جمال عبد الناصر لها محلها ، ياله من تناقض مع ذلك ، وشكرا لكل مايكتبه السيد الياس خوري .

  3. يقول سوري:

    يا استاذ الياس نحن ابناء الهزيمة اكثر الابناء تجرعا للألم، وتحفزا للتغيير الذي لا بد منه لننهض من كبوتنا، الهزيمة تغلغلت في نسيج خلايانا لأن زعماءنا الأشاوس غذوها باستبدادهم وخياناتهم وتناحرهم وارتهانهم للغرب وللشرق بدل ان يتحدوا مع شعوبهم واليوم في هذه الذكرى الأليمة وفي نفس اليوم نشهد تشرذما آخر في مجلس ” تعاون ” الخليج، وفي نفس اليوم يقصف بشار الكيماوي غوطة دمشق التي كانت غناء، والروس يقصفون المدن الثائرة بخيانة من رئيس يدعو الروس والمجوس وميليشيات شذاذ الآفاق لقتل شعبه ووأذ الثرة السورية المجيدة، وفي نفس اليوم يتبجح الايرانيون بأنهم وصلوا ألى شاطيء بيروت على يد أولاد بيروت، وسيطروا على بغداد المنصور على ايدي ابناء المنصور، ومصر بعد عبد الناصر الذي احببناه جميعا وصفقنا له لأن حسناته اكثر من سيئاته باتت على ايدي ورثته جمهورية موز تأتمر ” بالزر وبالرز” رحم الله عبد الناصر الذي مات وفي قلبه شيء من القومية العربية

  4. يقول آصال أبسال:

    ما يسمى بـ”الاستقلال” الذي خُيِّل للشعوب العربية أن نالته إبان “الجلاء” وبعيد الحرب العالمية الثانية لم يكن سوى مسرحية مفبركة تمّ إخراجها في الخفاء من أجل استمرار الاستعمار الغربي في بلادنا المنكوبة، ولكن بطريقة الـ”ريموت كونترول” أو “التحكم من بُعد”.
    وما الطفيليات الاستبدادية المخابراتية التي ذكرها الكاتب، من السادات إلى القذافي والنميري ومن صدام حسين إلى حافظ الأسد (بمن فيهم ناصر نفسه) سوى أدوات أو دُمى تمَّ استخدامها وتسخيرها، أولاً وآخراً، لتحقيق هذا الهدف بالذات، أي هدف استمرار الاستعمار الغربي من خلال استمرار قمع الشعوب وكبتها واضطهادها وكم أفواهها في بلادنا المنكوبة..

  5. يقول آصال أبسال:

    ما يسمى بـ”الاستقلال” الذي خُيِّل للشعوب العربية أن نالته إبان “الجلاء” وبعيد الحرب العالمية الثانية لم يكن سوى مسرحية مفبركة تمّ إخراجها في الخفاء من أجل استمرار الاستعمار الغربي في بلادنا المنكوبة، ولكن بطريقة الـ”ريموت كونترول” أو “التحكم من بُعد”.
    وما الطفيليات الاستبدادية المخابراتية التي ذكرها الكاتب، من السادات إلى القذافي والنميري ومن صدام حسين إلى حافظ وبشار الأسد (بمن فيهم ناصر نفسه) سوى أدوات أو دُمى تمَّ استخدامها وتسخيرها، أولاً وآخراً، لتحقيق هذا الهدف بالذات، أي هدف استمرار الاستعمار الغربي من خلال استمرار قمع الشعوب وكبتها واضطهادها وكم أفواهها إن حاولت أن ترتم ببنت شفة إزاء هذه الحقيقة المريرة..

  6. يقول فريد فرات:

    وماذا يقال عن أدوار العوائل المالكة؟ المعضلة ليست فقط بالتجارب الناصرية والبعثية وما شابهها وإنما القضية لها أبعاد كثيرة و معقدة. التبسيط لا يساعد على الفهم.

    1. يقول آصال أبسال:

      العوائل المالكة.. وخاصة في السعودية والخليج.. هي الأسوأ في واقع الأمر.. لكن دورها قادم لا محال.. وما هذا الانشقاق الحاصل بين دول الخليج في هذه الأيام إلا البداية لنهاية تلك العوائل..

  7. يقول جاسر الاردن:

    اسف ان اضطر لتوضيح الصورة لديك……….؟؟؟؟ ياسر عارفات كان مرعوبا من حجم التنازل في اوسلو وعرض الامر على الملك الحسن الثاني ………؟؟؟ وقال ان الفلسطينيين سيقتلونني……..؟؟؟ اجابه الحسن ( هدل ولاد جنييه ) يعني اليهود …… يقلبون الابيض اسود والاسود ابيض وهو يقصد( الاعلام )…….؟؟؟ فهل رايت اي شتمية في القران الكريم لشخص بعينه الا لللاعلام ( ابي لهب وزوجه) الذي كان يقف خلف النبي وهو يستقبل الوفود ويقول هذا ابن اخي وهو ساحر ومجنون……

  8. يقول Saleh Oweini - Sweden:

    shukran ustad Elias
    saleh oweini -sweden

  9. يقول Ossama Kulliah أسامة كليَّة سوريا/المانيا:

    أخي الياس بداية أكثر مايسرني في هذا المقال هو الخاتمة التي لا شك في أنها البريق الذي أضاء الطريق الصحيح رغم أنه طويل وصعب للتخلص من كارثتنا الحضارية. سأحاول كتابة بعض السطور التي تعبر عن أحاسيس أكثر منها تحليلاً علمياً أولاً لكوني لست صحفياً ولا كاتباً أو مفكراً أو سياسياً وثانياً لأني أيضاً مثل الجميع حيث نعيش الكوارث دون أن نكون قادرين على التأثير على دفة القيادة لكن بتبادلنا لأفكارنا نأمل أن نستطيع معاً إعادة ترتيب طريق الإبحار بعيداَ عن العواصف. كنت طفلاً عندما التحقنا كأطفال خلف جنازة الزعيم (أبي كان ناصرياً لكنني لم أكن أحبه رغم أني في تناقض في حبي لعبد الناصر على الرغم من محاولتي النقدية والنظر بعقلانية لشخصيته وللإنجازه وأخطائه ولتاريخ العرب الحديث عامة) والمشهد كان عرساً وجنازة ولم نكن ندري ماذا يحصل سوى أننا نشعر ما يشعر به الناس حولنا. لكن يبدو أن العرس كان يعني أنه لامكان للموت وأن الموت الرمزي ليس إلا خارج وعينا وهكذا بقيت الأيام تدور دون أن يتغير حولنا أو بالأحرى أن نتغير ويصبح وعينا (الجمعي وليس بعضاً من النخبة التي لم تستطع قلب الكفة لصالحها ولأسباب ربما مازالت تحتاج إلى فهمها) قادراُ على إدراك معنى الهزيمة. لقد أدركنا (الأبناء والأحفاد) مع الزمن هذا الحمل الثقيل الذي وضعه الآباء والأمهات عل كاهل الأبناء بعد النكبة لعدم قدرتنا على اكتشاف الحاضر وكان الماضي يسيطر على عقولنا حتى فقدت إحساسها بالزمن فكانت الكارثة المفاجأة الأولى ومن ثم الموت لأن البطل لا يسقط ولأن الأبناء يجب أن يكونوا صورة طبق الأصل عن الآباء وليس للزمن معنى سوى أنه يجري خارج عقولنا على جدار الحائط. وهكذا أصبح السادات وحافظ وصدام والقذافي والنميري …. وعرفات نفسه ومن الزائد أن نذكر من تبقى, امتداداَ لشخصية البطل الذي لايموت إلا شكلاً, وحتى بشار الذي أصبح شكلاً أخر لصورة البطل ونسخة معدلة لصورة الأب (وكادت أن تصبح موضة لولا الربيع العربي) والبطل الأسطوري بغير منازع الذي يتحدى القدر حتى لو وصل الحد لأن يتدخل القدر نفسة لنزع الصورة الأسطورية للأب. وهكذا تحولت الكارثة إلى مستنقع وأصبحت عالمنا الذي يرسم طريق الكوارث الذي يلتف حولنا كالأخطبوط. يبدو أن عبد الناصر كان واحداً منا يرانا ويحس بنا لكن لم يكن قادرا على تجاوز ذاته التي أنتجها هذه الروح الجمعية … يتبع رجاءً

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية