بيروت – «القدس العربي»: قبل أشهر من المظاهرات التي تحولت سريعاً إلى حرب كونية في سوريا، التقت مجموعة من الشباب الذين يعيشون ويعملون في أماكن متفرقة من العالم. كان السؤال الذي بحثوا عن جوابه: كيف لنا مساعدة الشباب السوري في دخول الجامعات، وفي تأمين فرص عمل؟ اتفقوا على تأسيس «جسور» والمؤسسون سوريون يقيمون ويعملون في الولايات المتحدة، الإمارات العربية وأوروبا.
عمر «جسور» يسبق الحرب بأشهر معدودة. ست سنوات توسعت بما فاجأ المؤسسين، ونالت جائزة مبادرة «تكريم» لسنة 2017، والتي تسلمتها العضو المؤسس دانيا اسماعيل. معها كان هذا الحوار:
■ كيف ومتى وجدت «جسور»؟
□ قبل الحرب التي تشهدها سوريا، وأثناء مؤتمر جمعنا في الشام، شغل كل منا سؤال، هو «ماذا يستطيع تقديمه كسوري يعيش في الاغتراب لشباب وطنه»؟ أسسنا «جسور» وتركنا سوريا سنة 2011 إلى حيث نعمل والحلم بات واضحاً. وفي الوقت عينه بدأت المظاهرات تعمّ البلاد واحدة تلو اخرى، ثم الحرب.
■ منذ ست سنوات إلى الآن كيف نمت «جسور»؟
□ بدأنا أربعة أشخاص، وسريعاً كبر العدد وبتنا ثمانية. ونحن جميعنا متطوعون وقادرون على تقديم كل ما يحتاجه مشروعنا. «جسور» تعمل الآن بنشاط، تقدم المنح الدراسية وغيرها من الخبرات التي تساعد الشباب السوري الراغب في دخول الجامعة، وبفرص العمل كذلك. كما أن العديد من المتطوعين يقدمون خبراتهم خاصة في مجال المعلوماتية. تطوع شاب على سبيل المثال لبناء «ويب سايت» خاص بـ «جسور». وهكذا كبرنا من خلال المتطوعين، وقبل سنتين فقط تمّ توظيف مديرة «جسور» والتي تعمل من الولايات المتحدة. فقد تعددت مشاريعنا وبات ضرورياً تفرغ احدنا، خاصة وأننا مسجلون رسمياً في الولايات المتحدة وكندا، ولهذا نحتاج للعمل الاداري، وللشفافية الكاملة في كيفية صرف الاموال التي تدخل إلينا كتبرع.
■ كيف انعكست لاحقاً تطورات الحرب في سوريا على خطوات «جسور»؟
□ بتنا نواجه حالات طارئة تستدعي التدخل السريع. فالمئات من الشباب انقطعوا سريعاً عن مواردهم. منهم من فقد حتى البناء الجامعي الذي كان يدرس فيه في سوريا. حالات طارئة داخل سوريا، وأخرى خارجها توقفت دراستهم. وتالياً اعداد اللاجئين الكبيرة. كان الإعلام يتحدث عن الاف اللاجين في لبنان، وعن الاف الطلاب والتلامذة دون جامعات ولا مدارس. كنا في عجلة من امرنا للتصرف لمواجهة مشكلة الامية التي قد تلحق بجيل من الأطفال السوريين. زار فريق من «جسور» لبنان في بداية النزوح بحثاً عن امكانية المساعدة.
■ وما هي المبادرات التي قمتم بها في لبنان؟
□ لدينا ثلاثة مراكز تعليمية في مناطق اللاجئين السوريين في لبنان، وذلك بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. مركزان يتواجدان في البقاع، والثالث في بيروت. وحتى نهايات 2017 تمكنا من مساعدة 3500 طفل سوري. وتعمل تلك المراكز لمساعدة التلامذة على واجباتهم المدرسية اليومية. ونؤمن لهم المواصلات للذهاب إلى المدارس الرسمية التي تسجلوا فيها. كما ندعهم اجتماعياً، كون العديد من العائلات ترسل أطفالها للعمل في سهل البقاع. وهذا الدعم يتمثل في اقناع الاهل بضرورة أن يأتي الطفل بعد الظهر للدراسة وفي الصباح يكون في العمل.
■ ما هو العدد الإجمالي للطلاب والتلامذة الذين تلقوا مساعدات منكم في لبنان وغيره من اماكن النزوح؟
□ سبق الذكر بأن عدد التلامذة هو 3500، أما عدد الطلاب الجامعيين فبلغ 500 يدرسون في اماكن متفرقة من الدول العربية والعالم، 30 منهم في لبنان، و15 في الأردن. والملتحقون بجامعات اجنبية قد يكونوا من النازحين أو غير النازحين ويتوزعون على فرنسا، انكلترا، كندا، وصولاً إلى اليابان والمكسيك وغيرها. ويدعم مشروع الثانوية العامة حوالى 10 تلامذة حول العالم.
■ ما الذي يفرحك في عملك هذا؟
□ أننا بتنا مصدر امل لمجموعة من الشباب السوري. ومن افشل في تقديم الدعم له استمر بالمحاولة. كثر يتصلون بشكل شخصي مباشر، أو عبر الإيميل طلباً للمساعدة. إن لم اتمكن من الدعم السريع، فلا يغيب هؤلاء من خاطري واتواصل معهم بحثاً عن حل.
■ ما الذي فاجأك بطلب المساعدة من المقتدرين دعماً للمحتاجين؟
□ المفاجآت سلبية وإيجابية. منهم من يعلن الرغبة بالمساعدة ولا يفعل. ومنهم يقدم أكثر مما نتوقع. وكثر يرغبون بالعطاء من وقتهم وخبراتهم، لعجزهم من العطاء المادي. وهذا العطاء كنا نحتاجه بشدة، وكان مردوده كبيراً جداً. هؤلاء يتواصلون عبر سكايب مع من يحتاجون الدعم وعبر برنامج «إرشاد». تطوع يحتاج لساعة من وقت المتبرع كل شهرين. وهذا الدعم يتمثل في البحث عن الجامعة المناسبة، وكيف تعبئة الطلب، وكل ما تطلبه الجامعات من معلومات. وبرنامجنا الآخر هو «ريادة الأعمال»، حيث نشجع المشاركة في وضع الأفكار لمشروعات عمل. نختار افضل 15 فكرة، ويصار لتدريب اصحابها عبر دورة تتم في لبنان.
■ لماذا في لبنان؟
□ لوجستياً هو الأفضل لجهة قرب المسافة، وسهولة دخول الشباب السوريين. كما أن المجتمع اللبناني داعم جداً للشباب السوري في مجال «ريادة الأعمال». وثمة مؤسسات لبنانية تمنحنا مكان التدريب مجاناً مع كل ما نحتاجه من خدمات خاصة بالتكنولوجيا الحديثة وريادة الأعمال.
■ ماذا عنى لك أن تفوز «جسور» بجائزة مبادرة «تكريم»؟
□ هي ليست جائزة وحسب، بل هي فرصة ومنصة كاملة للحديث عن «جسور» ولبناء علاقات قد تفيدنا في المستقبل.