القاهرة – «القدس العربي» : لم يعد أمام المؤسسات الإنتاجية سوى الاستمرار في سياسة استثمار نجوم السينما لضمان رفع نسبة المشاهدة في ماراثون المسلسلات الرمضانية واللحاق بآخر عربات القطار في مشوار ومسيرة نجوم الشباك، بغض النظر عن المعيار الفني والموضوعي لما يتم تقديمه، ومدى ملائمته للجمهور المصري والعربي، وقد بدأت هذه الخطة منذ سنوات بعد أن ضعف الإقبال الجماهيري على السينما وباتت الدراما التلفزيونية هي الإنقاذ الوحيد لشركات الإنتاج والنجوم، فتحدد الهدف وصارت المصالح بينهما مشتركة.
وهنا يمكن للظاهرة أن تفسر نفسها في ظل غياب التميز السينمائي وصعود مؤشر الدراما التلفزيونية إلى أعلى وهو المتغير الذي حول الفيلم السينمائي المصري إلى كبش فداء أمام الانفتاح الكاسح لغزو الدراما، وفي ظل ضمان الربحية وعدم الخوف من هبوط معدل الإيرادات واللعب على احتياج جمهور المنازل والعائلات ومن ثم ضمان نسبة المشاهدة كصدى متوقع للموضوعات المطروحة، تحققت عملية الهجرة الجماعية من الشاشة الكبيرة إلى الشاشة الصغيرة وحدث النزوح الكامل من جانب الغالبية العظمى من كبار الفنانين ونجوم السينما بعد أن تمت الحسبة بالورقة والقلم وتأكد الطرفين، المنتج والفنان من نجاح الصفقة على المستوى المادي والاقتصادي.
ولعل ما يثبت صحة هذه القراءة، المعدلات المتقدمة في إنتاج المسلسلات وحجم الإقبال الجماهيري عليها خاصة في الموسم الرمضاني الأكثر منافسة على مدار السنة فهناك ما يزيد على 70 مسلسلاً يتأهبون لدخول السباق المحموم بالمراهنة على النجوم والنجمات تحت مظلة العائد الإعلاني الذي تتصارع عليه شركات الإنتاج الكبرى لتعويض ما أنفقته من ملايين لزوم التغطية الإنتاجية وتوفير عناصر الجذب والإبهار، وتعد هذه آلية اقتصادية متعارف عليها في سوق الاستثمار الفني والدرامي. وتتحدد مساعي النجاح في العملية الربحية بتحديد الأسماء الكبرى من ذوي القبول الجماهيري والشعبي التي تنحصر في مجموعة الكبار من الذين يتكرر ظهورهم سنوياً وهم عادل إمام، نيللي كريم، غادة عبد الرازق، هيفاء وهبي، محمد رمضان، عمرو سعد ومحمد هنيدي وغيرهم.
ولتقريب الصورة أكثر فإننا سنعرج قليلاً على بعض الأعمال المقرر عرضها بأسماء أبطالها ومنها، «عوالم خفية» لعادل إمام وتدور فكرته حول ذات المضامين الميتافيزيقية التي قدمها في قالب كوميدي العام الماضي، إلا أنه في هذه المرة يشرك معه في البطولة منى زكي وكريم عبد العزيز لخلق أجواء من التنوع الأدائي بعيداً عن ملل الأداء الفردي، وكذلك مسلسل «اختفاء» بطولة نيللي كريم وتجسد فيه شخصية أستاذة جامعية تذهب إلى موسكو للبحث عن زوجها الذي اختفى في ظروف غامضة. أما «لعنة كارما» فهو عنوان المسلسل الذي تقوم ببطولته هيفاء وهبي ويتضمن أحداثاً مثيرة على مستويات عديدة ويغلب عليه عنصر المفاجأة، وتقدم غادة عبد الرازق حلقاتها الأكثر إثارة تحت عنوان «ضد مجهول» في مباراة تنافسية شديدة مع بقية النجمات الأخريات.
وقد استعد محمد رمضان مبكراً للشخصية الغنية التي يراهن بها هذا العام فاختار أن يكون «نسر الصعيد» نموذجاً متميزاً من وجهة نظره لشخصية الرجل الصعيدي القوي المهاب، وهي صورة تقليدية سبق تقديمها في كثير من المسلسلات، إلا أن رمضان يراهن فيها على طريقة الأداء المختلفة وبعض التفاصيل التي تتصل بشخصية الضابط «زين» الرجل الجريء المقدام المعروف بثباته وقوة شخصيته. أما « أيوب » فهو اسم المسلسل الذي يلعب بطولته مصطفى شعبان في محاولة لإعادة وجوده كبطل مهم من أبطال الأعمال الرمضانية، وتفاجىء يسرا جمهورها بدور جديد في مسلسل «بني يوسف» لتدخل في منافسة قوية للغاية مع أعمال أخرى مهمة من بينها، «منطقة محرمة» بطولة خالد النبوي، و»فوق السحاب» لهاني سلامة، و»ربع رومي» لظافر العابدين و«الرحلة» لباسل الخياط والجزء الثاني من مسلسل «كلبش» لأمير كرارة.
وللدراما الكوميدية نصيب أيضاً من كعكة الموسم الرمضاني المرتقب، حيث يقدم محمد هنيدي مسلسل « أخلاق للبيع « المأخوذ عن رواية أرض النفاق للكاتب يوسف السباعي والتي سبق تقديمها في فيلم سينمائي بطولة فؤاد المهندس وشويكار.
وتمثل الخريطة الدرامية الرمضانية هذا العام تنوعاً إبداعياً مهماً لكنها تعكس في ذات الوقت كما أسلفنا أزمة السينما المصرية ونجومها من الذين باتت فرصهم فيها شحيحة فلم يجدوا ملاذ اً غير الاحتماء بالشاشة الصغيرة ليظلوا تحت الضوء وفي قلب الحالة الفنية .. قسراً أو طوعاً.
كمال القاضي