بغداد ـ «القدس العربي»: تدور في الأوساط السياسية العراقية حاليا أخبار وتسريبات عن احتمال إزاحة رئيس الحكومة، حيدر العبادي، ضمن التغيير الشامل للحكومة واستبدالها بحكومة تكنوقراط بعيدة عن تأثير الأحزاب.
فقد أكد ائتلاف الوطنية برئاسة أياد علاوي، أمس الاثنين، على ضرورة أن تشمل حكومة المستقلين المقترح تشكيلها رئيس الوزراء نفسه، وألا تقتصر على الوزراء فقط.
وذكر الائتلاف في بيان له تلقت «القدس العربي» نسخة منه أن «ائتلاف الوطنية، برئاسة إياد علاوي، أكد خلال الاجتماع على أن تبني حكومة المستقلين ينبغي ألا تقتصر على الوزراء فحسب، وإنما يشمل رئيس مجلس الوزراء ايضاً، إضافة إلى الدرجات الخاصة والهيئات المستقلة والمدراء العامين والمؤسسات الأمنية وكل التعيينات بالوكالة».
كما شدد المجتمعون بحسب البيان على «ضرورة التواصل مع القوى الوطنية في العملية السياسية وخارجها للاتفاق على خارطة حقيقية للإصلاح والخروج من الطائفية السياسية والمحاصصة المقيتة التي أصبحت مرفوضة بالكامل من قبل الشارع».
ومن جهة أخرى أرسل رئيس «المجلس الأعلى الإسلامي العراقي»، عمار الحكيم، مبادرة للإصلاح والخروج من الأزمة السياسية الحالية إلى ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق، يان كوبيش. وتضم المبادرة خارطة طريق لتشكيل حكومة التكنوقراط تشمل تغيير رئيس الوزراء حيدر العبادي أيضا.
وذكر بيان المجلس الأعلى أن «عمار الحكيم استقبل بمكتبه في بغداد ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في العراق وسلمه مبادرة المجلس الأعلى، داعيا إلى الأخذ بها وإخضاعها للتطوير والإغناء إذا رأت الكتل السياسية ضرورة لذلك».
وكان الحكيم قد أعلن رفضه «انفراد رئيس الوزراء العراقي العبادي، بتشكيل حكومة «تكنوقراط» من دون إشراك الكتل السياسية مهددا بسحب الثقة عنه».
وقال خلال مؤتمر صحافي، يوم السبت: «لا نقبل تغيير حكومة فاسدة بفاشلين»، داعيا رئيس الوزراء العبادي إلى أن «يكون مستقلاً هو نفسه قبل قيامه بترشيح وزراء مستقلين». وقال إن القوى قد تفكر ببديل للعبادي إذا لم يحسن الاستفادة من الفرصة المتاحة له».
وهدد التحالف الكردستاني، أمس ايضا، بسحب الثقة من رئيس مجلس الوزراء في حال إصراره على التشكيلة التي قدمها للبرلمان. وبينما أكد أن نوابه لن يصوتوا على التشكيلة الوزارية، طالب بمنح الكرد استحقاقهم «كقومية وليس كحزب».
وقال النائب عن التحالف، عرفات كرم، في حديث صحافي إن «الكرد لن يصوتوا على التشكيلة الحكومية التي قدمها العبادي»، مهدداً «باللجوء إلى حجب الثقة عن العبادي والبحث عن شخصية أخرى في حال أصر على تشكيلته».
وكانت تسريبات صحافية، تحدثت عن اتفاق بين زعماء التحالف الكردي وكتلة المجلس الأعلى، يهدف لإطاحة رئيس الوزراء العبادي من خلال سحب الثقة من حكومته أمام البرلمان، خلال الشهر الحالي.
وقال مصدر مقرب من التحالف الوطني لـموقع إعلامي إن «زعيم المجلس الأعلى عمار الحكيم، أخذ ضمانات من رئيس الجمهورية فؤاد معصوم، بعدم عرقلة المساعي الرامية لإزاحة حيدر العبادي عن رئاسة الحكومة خلال مدة أقصاها شهر واحد».
وضمن السياق نفسه عقد ائتلاف «متحدون للإصلاح» اجتماعا استثنائيا، برئاسة اسامة النجيفي، بحث التغيير الوزاري الذي أعلنه رئيس الحكومة حيدر العبادي، ولوح باللجوء إلى المعارضة.
وذكر الائتلاف في بيان له: «في حال اختيار التغيير الشامل، فإننا نرى ألا يستثني التغيير أحدا من الكابينة الوزارية، وأن تقوم الكتل باختيار مرشحيها من ذوي الخبرة والاختصاص لشغل الوزارات المخصصة لها».
ومضى يقول: «وفي حالة إصرار البعض على تجاهل الكتل السياسية وسلب استحقاقات المكونات، فإن ائتلاف متحدون للإصلاح قد يجد نفسه أمام خيار مقاطعة الحكومة القادمة وتبني موقف المعارضة لخدمة بلدنا وشعبنا».
وشدد البيان على «أن تراعي التشكيل الجديدة مبدأ التوازن الوطني وعدم تغييب أي مكون». وحذر أيضا من استغلال الإصلاح كلافتة لتعزيز هيمنة حزب معين وتوسيع نفوذه على حساب الآخرين».
أما كتلة «كفاءات» النيابية، فقد دعت العبادي إلى الاستقالة من حزبه (حزب الدعوة) لغرض التحول إلى حكومة تكنو قراط.
وقال رئيس الكتلة النائب، هيثم الجبوري، في بيان له إن «رئيس الوزراء حيدر العبادي متحزب، فكيف لمتحزب أن يأتي بـ16 شخصية غير متحزبة»؟
ودعا العبادي إلى «تجميد وجوده في حزب الدعوة أو الاستقالة منه والتحول إلى شخصية مستقلة لكي تثق الكتل السياسية بأن العبادي لديه نية صادقة بتحويل الحكومة من حزبية إلى تكنوقراط».
وأكد الجبوري ان «80٪ من أعضاء مجلس النواب لن يصوتوا على مرشحي الكابينة الحكومية الجديدة»، وأن «الحل هو إعادة تشكيل الحكومة».
وكان رئيس الوزراء قد سلم رئاسة مجلس النواب خلال جلسة استضافته الخميس الماضي، تشكيلة وزارية مؤلفة من 16 وزيرا، واستثنى وزارتي الداخلية والدفاع من التعديل، مشيرا إلى ان الاختيار تم على أساس التكنوقراط.
ويعتقد الكثير من المراقبين في العاصمة العراقية أن معظم الدعوات لتغيير رئيس الوزراء لا تحمل الجدية في طياتها وتهدف أساسا إلى الضغط على العبادي لتغيير أسماء التشكيلة الوزارية التي قدمها إلى مجلس النواب بما يسمح للكتل السياسية الزج بعناصر مقربة منها إلى الوزارة للمحافظة على المحاصصة في السلطة. وهذا في وقت يشير فيه آخرون إلى أن العبادي يحضى بقبول طرفي المعادلة المؤثرين في السياسة العراقية وهما الولايات المتحدة وإيران اللتان لا تريدان تدهور الأوضاع في العراق أكثر مما هي عليه حاليا وللتمكن من مواجهة مختلف التحديات وخاصة التحدي الأمني المتمثل بتنظيم «الدولة».
مصطفى العبيدي