الرباط – «القدس العربي» : كشفت الساعات الماضية عن تداعيات خطيرة لـ«يوم العيد الاسود» على علاقة الفاعلين في منطقة الريف المغربي مع الفاعلين في العاصمة الرباط، وحملت إشارات على تباعد يتسع، بين الفاعلين في الريف، ليس عن الدولة فقط بل ايضاً مع الفاعل الحزبي، الذي يجد نفسه بين مطرقة قواعده بمنطقة الريف و«إكراهات» مكانه في المشهد السياسي، كمشارك في الحكومة أو قريب من صنّاع القرار، بعد أن بات مثل «الحليب بدون دسم».
ومع استمرار الاحتجاجات وتمسك الدولة بالمقاربة الامنية بفض التظاهرات، ذهب الفاعل الحزبي في منطقة الريف للالتصاق بمنطقته وساكنتها والابتعاد في موقفه من التطورات عن قيادته المركزية، التي تلتزم الصمت، وتتعاطى صحفها ووسائطها الاعلامية، بما يشبه الصمت عما جرى ويجري، وذهب بعض من منتخبيها الى تقديم استقالاتهم، احتجاجا على القوة التي استعملتها الدولة في احتجاجات يوم العيد، واستمرار الاعتقالات وعجز الفاعل الحزبي المركزي عن لعب أي دور في تدبير الدولة للحراك.
وشكّل «يوم العيد الاسود»، يوم الاثنين الماضي، والعنف الذي مورس على المحتجين، انتكاسة للأجواء الإيجابية التي ظهرت بوادرها بعد الاعلان رسميا عن غضب العاهل المغربي الملك محمد السادس على الحكومة والوزراء المعنيين بمطالب منطقة الريف الاجتماعية والتنموية. وإذا كان بعض الأوساط المقربة من مدبري حراك الريف قد حملوا الحراك مسؤولية الانتكاسة لتمسكهم بالتظاهر من دون إدراك لأهمية ما أعلن عن غضبة ملكية، وان الاحتجاجات ظهرت وكأنها رداً سلبياً من الحراك، مع التركيز على العنف الذي مارسه المتظاهرون ضد رجال الأمن وإصابة العشرات منهم، فإن حجم العنف الذي مارسته قوات الامن وانتشار صوره وفيديواته على مواقع التواصل الاجتماعي، أحرج الفاعل الحزبي بمن فيهم رئيس الحكومة الذي أبدى أسفه.
عنف في الناظور
وتدخلت قوات الامن، مرة أخرى، مساء الأربعاء بقوة لفض وقفة احتجاجية نظمتها لجنة الحراك الشعبي في مدينة الناظور، بعد النطق بالحكم بالسجن 6 أشهر نافذة في حق أحمد سلطانة أحد نشطاء الحراك بتهمة بالتجمهر غير المرخص وتضامنا مع احتجاجات الحسيمة وتنديداً بالقمع الذي مارسته السلطات ضد المحتجين في «مسيرات العيد» وأظهرت مشاهد فيديو وصور نقلتها صفحات ومواقع محلية، عدداً من النشطاء وهم يتعرضون لقمع القوات العمومية مما خلّف إصابات خفيفة بين صفوفهم حيث أظهرت هراوات رجال الأمن تنهال على أجساد المحتجين، بهدف تفريق الشكل الاحتجاجي، وهو ما أدى إلى كرّ وفرّ واحتكاكات نتجت عنها إصابات بليغة في صفوف مجموعة من النشطاء البارزين في الحراك الشعبي للناظور. وأكد نشطاء الحراك عبر تدوينات مختلفة، عن كون المقاربة الأمنية هي المسيطرة في كل أنحاء الريف، وانه يمنع أي تجمهر للساكنة بأي منطقة وقال أحدهم بالرغم من سلمية الشكل النضالي، فإن التعنيف الأمني تواصل، وهو ما جعل عدداً من الحاضرين يستنكرون هذه المقاربة الأمنية، التي تعد الأولى من نوعها منذ بداية الحراك بالناظور حيث تعرّض عدد من النشطاء لإصابات متفاوتة على مستوى الأيدي والأقدام والرؤوس، قبل أن يختتم الشكل الاحتجاجي «حفاظا على سلمية الحراك».
وقضت محكمة الاستئناف بالناظور بحق أحمد سلطانة بستة أشهر حبساً نافذاً، بعد جلسة محاكمة دامت حوالي من ساعة ونصف، بعد ادانته بتهمة التجمهر غير المرخص وتبرأته من تهم رشق سرية للدرك الملكي بالحجارة، ومن تهمة إغلاق طريق عمومي. وقال محامو سلطانة أن «ملف الضابطة القضائية مفبرك وخال من الحقائق ولا يحتوي على الأدلة التي تثبت صحة التهم الموجهة لأحمد سلطانة، مشددين على أن اعتقاله له خلفية سياسية محضة».
من جهة أخرى قال رشيد بلعلي، عضو هيئة دفاع معتقلي «حراك الريف»، إن العدد الذي صرحت به النيابة العامة بالحسيمة في ما يتعلق بعدد المعتقلين عقب أحداث «مسيرات العيد» حدد في 36 شخصا، تمت إحالة سبعة منهم أمام وكيل الملك (النيابة العامة) لدى المحكمة الابتدائية في الحسيمة يوم الأربعاء، فيما تم تمديد الحراسة النظرية لفائدة 29 معتقلاً، سيتم تقديمهم أمس الخميس وتحدث بلعلي عن 50 معتقلاً يوجدون رهن الحراسة النظرية في كل من إيمزورن وبني بوعياش ودرك منوت وآيت موسى اوعمر، جرى اعتقالهم يوم الثلاثاء مشير الى ان الرقم غير مؤكد و»سيتم التأكد من الرقم يوم غد أثناء تقديمهم أمام الوكيل».
وأبرز أن المعتقلين السبعة الذين جرى تقديمهم اليوم أمام الوكيل العام لدى المحكمة الابتدائية، ينتمي أربعة منهم إلى بركان كانوا قادمين من أجل المشاركة في مسيرة العيد، وشخص من إمزرون وشخصين من بني بوعياش. وتم اعتقالهم في نقط المراقبة عند شرطة بني بوعياش وشرطة إيمزورن. «ولم يتم اعتقالهم في الميدان» وأن التهم الموجهة لهم تتجلى في إهانة موظف وعدم الرغبة في الامتثال لأوامر الشرطة المتواجدة في نقط المراقبة والتعنت.
التحقيق مع قادة الحراك
وبدأ الاربعاء التحقيق التفصيلي مع قادة الحراك المعتقلين في سجن عكاشة في الدار البيضاء وكلف المجلس الوطني لحقوق الإنسان (رسمي) فريقيْ عمل للتحري بخصوص تصريحات منسوبة لبعض الموقوفين تفيدُ بتعرّضهم للتعذيب وقاموا بإجراء فحوص ومقابلات مع 19 معتقلاً بسجن عكاشة، و16 معتقلاً في سجن الحسيمة، إضافة إلى متابع واحد في حالة سراح، وذلك يومي السبت 17 و18 حزيران/ يونيو الجاري. وأفاد محامو المعتقلين بتعرّض معتقلين للتعنيف وللتهديد بالإيذاء الجسدي والإهانة اللفظية وهو ما نفته السلطات. وقال المجلس الوطني لحقوق الانسان انه تم إنجاز تقارير من قبل الفريقين متضمنة عدداً من الاستنتاجات والمعطيات، «وفقاً للتوجيهات الملكية في هذا المجال، وفي إطار الاحترام التام لمبدأ استقلالية السلطة القضائية، وضمانات المحاكمة العادلة». وأعرب حزب «التقدم والاشتراكية» (مشارك في الحكومة) عن أسفه وحزنه لما عرفته منطقة الريف من أحداث يوم الإثنين جراء التدخل العنيف لقوات الأمن لمنع مسيرة سلمية كان نشطاء الحراك في مدينة الحسيمة ونواحيها ينوون تنظيمها تضامنا مع معتقليهم. ودعا بيان صادر عن المكتب السياسي للحزب إلى «التقيد بضوابط دولة الحق والقانون والمؤسسات في ممارسة حق الاحتجاج، كما في كل التدابير المتعلقة بحفظ الاستقرار وسلامة الممتلكات العامة والخاصة، والحفاظ على الأمن، باحترام تام لحقوق الإنسان، وصون كامل للحريات التي يكفلها الدستور للمواطنات والمواطنين».
ووجّه الحزب نداء إلى الفاعلين في الحركة الاحتجاجية المطلبية، من أجل «تغليب المصلحة الوطنية، واستحضار دقة المرحلة التاريخية التي تجتازها بلادنا وشعبنا، والإسهام في خلق الأجواء المناسبة لتجاوز الوضع الحالي».
وأكدت فروع الاحزاب في منطقة الريف تباين مواقفها عن مواقف قياداتها، في ظل مخاوف من تغليب الاصطفاف الجهوي على الاصطفاف السياسي والحزبي ودانت أربعة أحزاب رئيسية في مدينة الحسيمة، التدخل الأمني الذي شهده الإقليم يوم عيد الفطر، معتبرة أن تجاوزات «الإثنين الأسو» لا يمكن السكوت عنها.
احزاب تستنكر المقاربة الأمنية
فروع أحزاب العدالة والتنمية والتقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وهي احزاب مشاركة في الحكومة ومعها حزب الاستقلال المعارض، استنكرت المقاربة الأمنية للدولة في التعامل مع احتجاجات حراك الريف، محملة «من يدفع في استمرار المقاربة الأمنية»، مسؤولية ما ستؤول إليه الأوضاع في المنطقة.
وقال المستشار البرلماني عن حزب العدالة والتنمية، نبيل الأندلوسي ان الأحزاب الأربعة عقدت اجتماعاً مشتركاً للكتابات الإقليمية في الحسيمة، مساء أول من أمس الأربعاء، لمناقشة تطورات الأحداث التي تعرفها المدينة وضواحيها وطالبت بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الحراك.
وكانت أحزاب العدالة والتنمية والاستقلال والاتحاد الاشتراكي في الحسيمة، قد أصدرت بلاغين مشتركين في وقت سابق حول أحداث الحسيمة، حملت فيهما وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، مسؤولية جر منطقة الريف والبلاد إلى المجهول، مطالبة بالإفراج الفوري عن كافة معتقلي الحراك الاجتماعي بدون قيد أو شرط.
وقدم 5 رؤساء جماعات ترابية (بلديات) بإقليم الحسيمة، استقالات جماعية بسبب «التعاطي الأمني مع حراك الريف»، وذلك في رسالة استقالة وقعها كل من المكي الحنودي رئيس جماعة بلدية لوطا، وعبيد أقنيبس رئيس جماعة الرواضي، ونورالدين أولاد عمر رئيس جماعة المرابطين، وعبد الحميد الخماري رئيس جماعة آيت قمرة، ورشدي الزياني.
مطالبات بمساءلة مسؤولين في البرلمان
وأكدت أمينة ماء العينين القيادية في حزب العدالة والتنمية على ضرورة حضور عبد اللطيف الحموشي المدير العام للأمن الوطني وعبد الوافي لفتيت وزير الداخلية إلى البرلمان من أجل مساءلتهم في أحداث «يوم العيد الاسود».
وكتبت في تدوينة على حسابها بموقع التواصل الاجتماعي «الفيسبوك»: «دولة المؤسسات تقتضي أن يستجيب وزير الداخلية ومدير الأمن الوطني لطلب البرلمان وفق مقتضيات الدستور والنظام الداخلي لحضور اجتماع لجنة الداخلية والتفاعل مع أسئلة النواب حول المقاربة الأمنية المعتمدة في حراك الريف»، وأن الدعوة سبق وأرسلت لهم ولم يستجيبوا لها وقالت: «دواعي انعقاد اللجنة قائمة وتتأكد يوما عن يوم، بدل المزيد من الإمعان في قتل وتبخيس المؤسسات المنتخبة».
وتوسعت المطالبات باطلاق سراح معتقلي حراك الريف كخطوة من أجل وضع لحد للاحتقان المستمر المستمر منذ ثمانية اشهر وقدم نشطاء مغاربة على صياغة عريضة إلكترونية على موقع «فيسبوك» للتواصل الاجتماعي وعلى موقع «أفاز» للحملات الالكترونية في العالم، موجهة إلى الحكومة المغربية تحت عنوان «عريضة لدعم حراك الريف وإطلاق المعتقلين»، تطالب في أول بنودها بـ»رفع الحصار عن مدينة الحسيمة». وتضم مطالب العريضة، التي صدرت بعبارة «نحن المواطنات والمواطنين الموقعين أسفله، نطالب»، أيضا «بإطلاق سراح معتقلي الحراك الشعبي في الريف»، و»فتح حوار مع قيادة الحراك لجدولة تحقيق مطالب المتظاهرين بالريف»، و«محاكمة المسؤولين عن نهب المال العام واحتكار الثروة ومعطلي مشاريع المنطقة»، في إشارة إلى الغضبة الملكية على عدد من وزراء «حكومة العثماني» بسبب التأخر في تنفيذ» مشاريع «الحسيمة منارة المتوسط» منذ العام 2015.
وطالبت فعاليات يسارية بـ»إسقاط الحكومة وحل البرلمان والكشف عن المسؤول المباشر في إعطاء أوامر قمع المسيرة السلمية في الحسيمة». وندد المكتب الوطني لحركة الشبيبة الديمقراطية التقدمية، التابعة للحزب الاشتراكي الموحد بـ»المقاربة القمعية التي ينهجها النظام في مواجهة الحراك السلمي في الريف» وطالب المكتب الوطني للشبيبة الطليعية، شبيبة حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، بإطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين والاستجابة الفورية لمطالب المحتجين العادلة والمشروعة، محمّلاً «كامل المسؤولية في ما ستؤول إليه الأوضاع للنظام المخزني الذي يحاول جر البلاد إلى ما لا تحمد عقباه»، مؤكداً «أهمية اللحظة التي تعرف هبة جماهيرية واسعة في مختلف مناطق المغرب، والتي تنم عن مستوى الوعي الشعبي، في مقابل نهج النظام المخزني لمقاربته القمعية في مواجهة الجماهير الشعبية المتمسكة بسلمية حراكها».
محمود معروف
تعنيف المتظاهرين المسالمين هو الذي يعني أن الدولة غاضبة منهم و من عدم انصياعهم للأوامر و عدم مشيهم على البيض دون أن يكسر!!!!!! أما المطالبة بمساءلة وزير الداخلية فلن تجدي نفعا لأنه وزير تقنوقراطي على رأس وزارة سيادية يحتقر البرلمان و لا ينصت إلا للملك٠٠٠٠
غضبة الملك كانت من المفترض أن توجه إلى المسؤولين عن تحريك الآلة القمعية التي نكلت بالمتظاهرين في يوم عيد.
أين هي دولة المؤسسات حين يستدعي مجلس ممثلي الشعب وزير الداخلية والمدير العام للأمن الوطني لمسائلتهما عن مسببات وتداعيات التجاوزات التي وقعت في يوم العيد وقبله ويرفض كلاهما الإستجابة لدعوة السلطة التشريعية في البلد!؟
أين هي دولة الحق والقانون حين تقف كل الهيئات المنتخبة ومؤسسات الدولة عاجزة حتى عن إصدار بلاغ أو موقف صريح أو أمر بتشكيل لجان تحري وتحقيق في الإنتهاكات التي لحقت أهل الريف, ويقف الجميع يرجو تدخل الملك وكأن ليس في البلد مؤسسات ولا قضاء مستقل ولا أحزاب سياسية!؟
تدخل الملك جاء متأخرا لسببين أولهما أن هذا المشروع المسمى “منارة المتوسط” تم تدشينه سنة 2015 فأين كانت رقابة المؤسسة الملكية من سننتين؟ فالمحافظ أو الوالي عن المنطقة يخضع ويعين من طرف الملك ووزارة الداخلية برمتها تحت إمرة الملك, فأين كان هؤلاء والمشروع معطل ومشلول كل هده المدة. ثم إن التدخل الملكي جاء متأخرا أيضا لأن هده الإنتفاضة الشعبية السلمية والمشروعة انطلقت منذ 7 أشهر, فأين كانت الرعاية الملكية من شكاوى رعيته طوال كل هذه الأشهر؟
السلام عليكم ورحمة الله، لماذا تاخرت “غضبة” الملك كثيرا لمدة سبعة اشهر كاملة وكانه لم يكن موجود بالمغرب او انه لا يعلم بما يحدث في الريف، اعتقد ان ” الغربة” هي وسيلة لتهدئة سكان الريف بعدما عرف المخزن بان الامور ستخرج عن السيطرة بعد استعمال كل وسائل العنف لإسكات المحتجين، الملك على علم بكل صغيرة وكبيرة تحدث بل وحتى قبل حدوثها في مملكته، ولكن تاخر ” الغربة” كان كما يقال: لغاية في نفس يعقوب.