ريو دي جانيرو ـ «القدس العربي»: ملاعب امتلأت عن آخرها بدلا من المدرجات الفارغة، وأرقام قياسية تتحقق الواحدة تلو الأخرى والشغف الرياضي الذي طغى على شوارع مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، هي أبرز سمات دورة الألعاب البارالمبية ريو 2016 (دورة ألعاب المعاقين)، التي فجرت مفاجآت ضخمة في كل مظاهرها. ويأتي تهافت الجماهير الكبير على المنافسات في المركز الأول من بين مفاجآت الدورة البارالمبية في ريو، التي تعتبر الدورة الأولمبية الأولى لأصحاب الإعاقة الجسدية التي تحتضن منافساتها، بشكل يناقض مسحة التشاؤم الكبيرة، التي اتسمت بها تصريحات المنظمين قبل انطلاق الدورة، حيث كانوا يخشون من فشلها بسبب الأزمات ومشاكل البنية التحتية، التي تعاني منها البرازيل. ويقف سكان مدينة ريو دي جانيرو هذه الأيام في طوابير طويلة للحصول على تذاكر دخول المنافسات، بعد الشكوك، التي أحاطت بالدورة البارالمبية قبل بدايتها، والتي وصلت إلى احتمالية إلغائها في حال عدم تنامي اهتمام الجماهير بحضور فاعليتها.
وكشف منظمو الدور البارالمبية في ثالث أيامها عن أول رقم قياسي تحقق فيها، فقد استقبل المتنزه الأولمبي بحي بارا دي تيغوكا، الواقع غرب مدينة ريو دي جانيرو، 167 ألف زائر في يوم السبت الأول للدورة. وقال فليب كرافين، رئيس اللجنة البارالمبية الدولية: «خلال حفل الافتتاح لم أكن أشعر بأن هذه الدورة ستجتذب الجماهير، ولكنها نجحت في ذلك بالفعل». وأضاف: «هناك ارتباط بين روح الألعاب البارالمبية وروح مدينة ريو دي جانيرو، إنه أمر رائع». ويتوقع المنظمون أن تتخطى التذاكر المباعة حاجز المليوني تذكرة، من أصل مليونين و500 ألف تذكرة خصصت لفاعليات الدورة البارالمبية. ووصل عدد التذاكر المباعة يوم الاثنين الماضي إلى مليون و900 ألف تذكرة. ولم تعد صور المدرجات الخاوية، التي كان يخشاها الجميع، ترى في أي مكان بمدينة ريو دي جانيرو. وأرجع فريدهيلم جوليوس بوتشر، رئيس الاتحاد الألماني للرياضيين المعاقين، إقبال الجماهير الكبير على فاعليات الدورة البارالمبية إلى انخفاض أسعار التذاكر. وقال بوتشر، الذي يرى أن تذاكر الدورة الأولمبية الأخيرة كانت باهظة الثمن بالنسبة للكثيرين من سكان مدينة ريو دي جانيرو: «الدورة البارالمبية تعتبر حدثا رياضيا في متناول الشعب البرازيلي». وتمكنت بعض الحملات المتخصصة، مثل تلك المسماة «املأوا المقاعد» خلال الدورة البارالمبية من تخصيص تذاكر للأطفال بفضل المساعدات الدولية التي تلقتها، كتلك، التي قدمها فريق الروك البريطاني «كولدبلاي». بالإضافة إلى ذلك، توجد عروض تبلغ قيمتها 30 دولارا وتشمل توفير الطعام والمواصلات، والتي استفاد منها الشباب، الذين يقطنون الأحياء الفقيرة في ريو دي جانيرو. واختار بعض سكان ريو دي جانيرو التمتع بميزة أخرى وهي الحصول على تذكرة دخول إلى المتنزه الأولمبي مقابل 10 ريالات برازيلية (ثلاثة دولارات) تمنحهم أحقية حضور حفلات موسيقية داخل المتنزه، كما يمكن للبعض خلال الدورة البارالمبية الدخول إلى المتنزه الأولمبي إذا كان يحمل تذكرة واحدة فقط لحضور إحدى المنافسات.
وتعيش المناطق المحيطة بالمنشآت المستضيفة لمنافسات الدورة البارالمبية أجواء خاصة ومميزة للغاية، فقد امتلأت مسارات الدراجات بالمدينة بالزائرين، الذين يسيرون على الكراسي المتحركة. ومع النجاح منقطع النظير للدورة البارالمبية بدأ الكثير من الناس يتحدثون بسخرية عن أن الأولمبياد التي جرت في آب/ أغسطس الماضي كانت مجرد تجربة للدورة الحالية. وتشبع منافسات الدورة تطلعات ورضا الجماهير حتى الآن، حيث تحطم أكثر من مئة رقم قياسي في الأيام الأولى، وبلغت الأرقام الجديدة حدودا غير معقولة، تعدت بعضها أرقاما رياضية سجلت في الدورة الأولمبية في الشهر الماضي. وعلى سبيل المثال، نجح المتسابقون الأربعة الأوائل في منافسات 1500 متر برياضة ألعاب القوى فئة «تي 13»، التي يخوضها رياضيون يعانون من مشاكل في الإبصار، في التغلب على الرقم، الذي حققه العداء الأمريكي ماثيو سينتروويتز صاحب الميدالية الذهبية في دورة الألعاب الأولمبية. وفي ظل هذه الموجة العارمة من الأرقام القياسية بدأت تثور العديد من علامات الاستفهام حول إمكانية وجود حالات لتعاطي المنشطات، حيث اعترفت اللجنة البارالمبية الدولية في اجتماع لها أن نظامها الخاص بمراقبة المنشطات يعتريه العديد من جوانب القصور. وتحدث كرافين عن هذا الأمر قائلا: «علينا أن نرى ما هي الدروس، التي يمكن استخلاصها من أجل المستقبل».