لندن – «القدس العربي»: انتقلت حالة الاستقطاب السياسي في العالم العربي والتراشق بالاتهامات والتصريحات بين الدول العربية الى عالم الانترنت والمواقع الالكترونية بعد أن ظلت طوال السنوات الماضية تمر عبر القنوات الفضائية التي شهدت طفرة كبيرة منذ ظهورها قبل عقدين من الزمان. ويشهد الفضاء الالكتروني العربي في الوقت الراهن طفرة كبيرة وملحوظة، حيث أصبح الانترنت يزدحم بالمواقع الالكترونية الإخبارية الناطقة باللغة العربية، فضلاً عن ظهور عدد من المشروعات الكبيرة على الانترنت كصحف الكترونية وإذاعات يعمل فيها العشرات من الصحافيين والمراسلين في طفرة لم تكن متوقعة حتى سنوات قليلة ماضية.
ويرى الكثير من المراقبين أن الطفرة الراهنة في الإعلام الالكتروني العربي ليست سوى تطور طبيعي للاستفادة من الإمكانات المتاحة على الانترنت وهي الطفرة ذاتها التي شهدها الإعلام الغربي ويشهدها منذ سنوات، لكن آخرين يرون أن التناحر السياسي العربي لعب دوراً بالغ الأهمية في إنعاش الإعلام على الانترنت حيث أن نسبة كبيرة من المواقع التي ظهرت مؤخراً جاءت في إطار الإستقطاب السياسي في العالم العربي، ولخدمة أجندات دول على حساب أخرى في ظل الخلافات المتزايدة بين الأنظمة السياسية العربية.

عشرات المواقع

والطفرة التي يشهدها العالم العربي حالياً تتعلق بظهور عشرات المواقع الالكترونية الإخبارية وصحف الانترنت في الوقت الذي ارتفعت فيه نسب استخدام الانترنت بصورة كبيرة في العالم العربي وتحسنت خدماته، اضافة الى اكتشاف أهميته وفعاليته بالتزامن مع ثورات الربيع العربي التي بدا واضحاً خلالها أن شبكات التواصل الاجتماعي والمدونات والمواقع الالكترونية لعبت الدور الأكبر في تأجيجها وإدارتها.
ويستشهد صحافي عربي على الالتفات المفاجئ للانترنت والاهتمام الكبير به في العالم العربي بأن جهات مثل القوات المسلحة المصرية أصبحت تتواصل مع المواطنين عبر «فيسبوك» صفحات نشطة على شبكات التواصل الاجتماعي، في الوقت الذي قاومت فيه أنظمة عربية أخرى الثورات ضدها بجيوش الكترونية كانت تعمل جنباً الى جنب مع الجيوش المسلحة، كما هو الحال في سوريا وأماكن أخرى.
وبالتزامن مع ظهور عشرات المواقع الاخبارية على الانترنت وتأسيس الأنظمة العربية جيوشاً الكترونية تعمل لحسابها «ارتفع الطلب على الصحافيين والمحررين العرب فيما تدفقت الأموال على مشاريع إعلامية جديدة رأت النور سريعاً وبدأت تخاطب جمهورها عبر الانترنت»، على حد تعبير الصحافي الذي يعمل في موقع الكتروني إخباري ظهر حديثاً في العالم العربي.
ويقول اعلاميون عرب إن الأنظمة العربية التي كانت كل واحدة منها تمول فضائية أو أكثر لبث ما تريد عبرها انتقلت الى الفضاء الالكتروني، وإن طفرة الفضائيات التي شهدها العالم العربي في العقد الأول من القرن الحالي انتقلت الان الى الانترنت وتمت ترجمتها عبر فيضان المواقع الالكترونية.

الخلافات أنعشت
الإعلام الالكتروني

وبحسب الصحافي الذي تحدث لــ»القدس العربي» فان الخلافات بين بعض الدول العربية، والانقسام في دول الخليج العربية، يلقي بظلاله حالياً على المواقع الالكترونية العربية، بعد أن دخلت هذه الدول في ما يشبه «هدنة على الفضائيات» إذ أصبحت كل القنوات الفضائية العربية معروفة الولاء والتمويل، وأصبح التراشق الإعلامي عبرها أمراً صعباً في الوقت الراهن، لينتقل هذا التراشق الى الانترنت وعبر المواقع الالكترونية التي لا يزال الكثير منها غير معروفة الولاء والتمويل، فضلاً عن أن الكثير من المواقع ليس معروفا من يديرها ولا من يعمل فيها. ولا توجد أي احصاءات حول عدد المواقع الالكترونية الاخبارية والصحف التي تكتفي بالصدور على الانترنت في العالم العربي، لأن غالبية الدول العربية مازالت تفتقد لأية قوانين تنظم عمل هذه المواقع، كما أن الكثير من المواقع لا يمكن التأكد من مكان عملها ولا موقع إدارتها.
ويوجد في الأردن -على سبيل المثال- أكثر من 400 موقع اخباري يمارس العمل الصحافي على الانترنت فقط، إلا أن الحكومة أجبرت هذه المواقع على الحصول على تراخيص وتسجيل أعمالها بموجب قانون جديد في البلاد، وهو الأمر الذي لا زال غير متوفر في الكثير من الدول العربية.