عندما سحبت قرعة الدور النصف قبل النهائي لدوري أبطال أوروبا، فان ريال مدريد كان أسعد الفرق الاربعة، أو هكذا بدا الأمر، خصوصاً أنه لو أعطي حق الاختيار، لما خدم نفسه أكثر مما قدمته له القرعة، فهو سيلعب مع «المغمور أوروبياً» مانشستر سيتي، وسيخوض لقاء العودة على أرضه، متفادياً العنيد و»العقدة» أتلتيكو مدريد، والعملاق البافاري بايرن ميونيخ، ليرضى بـ»المجهول» السيتي.
بالنسبة لي فانني أرى أيضاً أن السيتي كان سعيداً بالوقوع مع الريال لأسباب عدة مختلفة، فهو قد يرى بالنادي الملكي الأقل تهديداً له، بسبب معاناة الريال هذا الموسم من تغيير مدربه وهبوط بعض مستويات نجومه، بالاضافة الى بعض النتائج السلبية، بينها الخسارة 0/2 أمام فولفسبورغ في الدور السابق من المسابقة، لكن الأهم ان الريال هو صاحب الرقم القياسي في الفوز باللقب، ما يخفض التوقعات، وبالتالي يخفف الضغوط، عن عاتق نجوم السيتي.
الطريف انه عقب القرعة ركز الاعلام الاسباني على احتمال تكرار نهائي 2014 بين الريال وجاره أتلتيكو، في حين ركز الاعلام الانكليزي على نهائي محتمل بين فريق المدرب الاسباني بيب غوارديولا الحالي بايرن ميونيخ وفريقه المستقبلي مانشستر سيتي، ما يعكس أن حظوظ الفرق الأربعة تبدو متساوية في أعين الصحافة، من دون بروز مرشح بعينه للقب.
المشكلة الحقيقية التي ستواجه الريال ليلة الثلاثاء المقبل، ليس المهاجم الفذ سيرجيو أغويرو ولا صانع الالعاب المتألق دافيد سيلفا ولا بلدوزر وسط الملعب يايا توري، ولا حتى صمام الدفاع فينسنت كومباني، لان الورقة الرابحة الحقيقية هي الموهبة البلجيكية كيفن دي بروين، الذي لم أر لاعباً مشابهاً لحركاته وقدراته وسهولة لعبه وبساطة تمريراته وروعة أهدافه مثله، فلا عجب أن فولفسبورغ عانى جداً منذ رحيله في نهاية سوق الانتقالات الصيفية بعد بداية رائعة للموسم، وأيضاً بعدما قاده الموسم الماضي الى مزاحمة البايرن على لقب البوندسليغا، والفوز بكأس المانيا والتأهل الى التشامبيونزليغ، وأيضاً ساهم هذا الموسم في تسجيل 16 هدفاً وصنع 13 في كل المسابقات مع فريقه الحالي، حتى ان السيتي عانى بشدة بعد اصابته في نهاية يناير الماضي، فكان غيابه لشهرين كافياً لابتعاد السيتي عن صراع لقب الدوري وخروجه من كأس انكلترا، لكنه عاد في الوقت المناسب لنشل السيتي من كبوته وتأهيليه الى الدور نصف النهائي للتشامبيونزليغ. في الواقع، لو كنت مسؤولاً في تشلسي او حتى مشجعاً عادياً، لطالبت باقالة جوزيه مورينيو، ليس على سوء نتائج الفريق فحسب، بل كانت تجب محاسبته ومعاقبته على رفضه دي بروين ودفعه الى الرحيل عندما لاعباً مع البلوز، حتى ان وكيل أعماله صدم من هذا الامر، كونه قبلها بعامين أخبر مالك تشلسي رومان ابراموفيتش انه في يوم ما ستبلغ قيمة النجم البلجيكي 70 مليون يورو، علما ان تشلسي باعه الى فولفسبورغ بأقل من 25 مليون يورو، والذي بدوره قبض نحو الـ70 مليون يورو من السيتي. برافو مورينيو، الذي كرر الأمر ذاته مع لوكاكو وبيرتراند وغيرهما، وكأنه يؤكد سوء نظرته في المواهب الصاعدة.
لكن الريال عليه الحذر من موهبة دي بروين الهادئة لكنها قاتلة، فهو سلس وصبور ولا يتوتر، بل قد يبدو في لحظة ما انه غير مكترث بما يجري من حوله، لكنه فجأة قد يغير مجرى المباراة وينهي أحلام النادي الملكي بنهاية مثالية، بعدما عادت اليه الروح في الاسابيع الاخيرة.
خلدو الشيخ