غزة – «القدس العربي»: لم تكترث رئاسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بالاحتجاجات القائمة حاليا، رفضا لسياسة التقليصات، رغم استمرار اعتصام مئات الموظفين لليوم الثالث داخل المقر الرئيسي، وبعثت برسائل تفيد باستغنائها عن الموظفين العاملين في «برنامج الطوارىء»، وهو ما من شأنه أن يدفع الأمور نحو التأزيم بشكل أكبر، ليصل إلى حد وقف الموظفين لكامل الخدمات المقدمة للاجئين بعد ثلاثة أسابيع.
ورسميا تلقى يوم أمس نحو 1000 موظف من العاملين على «برنامج الطوارئ» في غزة، رسائل من «الأونروا» حسب الموعد المحدد سابقا، تفيد بإلغاء هذا البرنامج كليا، من خلال الاستغناء الكامل عن 13٪ من الموظفين وتحويل ما نسبته 57٪ إلى دوام جزئي حتى نهاية العام، وتحويل الباقين للعمل في برامج أخرى.
وتحمل هذه الخطوة إلغاء برنامج كامل يقدم خدمات للاجئين، دلالات كبيرة على مخططات «الأونروا» المقبلة، بوقف أو تقليص خدمات كثيرة لقطاعات اللاجئين الفلسطينيين المقدر عددهم بنحو ستة ملايين، في مناطق العمليات الخمس، وهي قطاع غزة والضفة الغربية والأردن وسوريا ولبنان، وترجع رئاسة «الأونروا» السبب في ذلك إلى تفاقم الأزمة المالية التي تعاني منها موازنتها العامة.
وجاءت قرارات الفصل وتحويل العمل من كامل إلى جزئي، بالرغم من الاحتجاجات المستمرة ضد هذه السياسة من قبل موظفي «الأونروا» الذين يعتصم المئات من العاملين في «برنامج الطوارىء» منذ ثلاثة أيام، في داخل المقر الرئيسي، واحتجزوا مدير العمليات في غزة ماتياس شمالي في مكتبه، قبل أن يخرج برفقة قوة من الشرطة.
موظف حاول الانتحار
وفور وصول الرسائل التي تفيد بالاستغناء عن مئات الموظفين، أصيب الكثير منهم بحالات إغماء أمام مقر «الأونروا» الرئيس، حيث يتواصل هناك الاحتجاج، فيما حاول أحدهم الانتحار، قبل أن يوقفه رفاقه، حسب ما أكد معتصمون من داخل المقر الرئيسي، في الوقت الذي تصاعدت فيه حالة الغضب الشديد في صفوف الموظفين الذين هتفوا ضد القرارات.
وأكد رئيس اتحاد موظفي «الأونروا» في غزة، أمير المسحال قرار الاستغناء الكامل عن 125 موظفًا، لافتا إلى أن بقية الموظفين سيتم بموجب قرارات «الأونروا» تغيير عقود عملهم بدوام جزئي حتى نهاية العام الحالي.
وشدد على أن الاتحاد أرسل عقب تلك الخطوة، رسالة خطية لمدير عمليات الوكالة في غزة ماتيس شمالي تفيد بـ «بدء «نزاع عمل»، لممارسة الأعمال النقابية التي تتضمن إغلاق مقار «الأونروا» ليوم أو يومين، وصولاً إلى الإضراب الشامل بعد 21 يوما».
ومن أجل سد العجز المالي، كان اتحاد الموظفين قد قدم اقتراحا بالتبرع بيوم عمل كامل لصالح موظفي «برنامج الطوارئ» ضمن خطة ترتكز على تقنين رواتب كبار الموظفين، وتقليص نفقات الوقود، غير أنه جرى رفضها من رئاسة «الأونروا».
يشار إلى أن «الأونروا» تعاني حاليا من عجز مالي قدره 217 مليون دولار، بعد أن جرى تقليص العجز إلى النصف تقريبا، حيث بلغ مطلع العام نحو 450 مليون، ويعود السبب في ذلك إلى امتناع الإدارة الأمريكية أكبر المانحين لهذه الوكالة عن دفع ما عليها من مستحقات سنوية قدرها 350 مليون دولار، والاكتفاء فقط بدفع 65 مليونا.
ومن المقرر أن يستمر الاعتصام الذي بدأه مئات الموظفين خلال الأيام المقبلة، داخل المقر الرئيس لـ «الأونروا» وصولا إلى الإضراب الشامل عن العمل الذي لوح به رئيس الاتحاد.
تواصل الاحتجاجات
وفي سياق تواصل الاحتجاجات الشعبية على قرارات تقليص الخدمات وإنهاء عقود موظفين، نظمت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة، اعتصاما نسويا امام مقر «الأونروا»، وحذرت إحدى المشاركات في كلمة ألقيت هناك من اللجوء إلى سياسة التقليص، وتحميل اللاجئين عبء العجز المالي، أو المساس بـ «الأمن الوظيفي» للاجئين، وتعهدت بالاستمرار في الاحتجاجات حتى التراجع عن قرارات الفصل.
وطالبت بتحويل ميزانية «الأونروا» لتكون تابعة للأمم المتحدة، وعدم إخضاعها لتكون للتبرعات، وشددت على التمسك بقرار حق عودة اللاجئين لديارهم التي هجروا منها.
وأعلنت الهيئة الوطنية لمسيرات العودة، الإضراب الشامل في جميع مؤسسات «الأونروا» في قطاع غزة اليوم الخميس، في ضوء عدم التوصل إلى أي نتائج مع إدارة الوكالة التي تصر على إلغاء عقود وفصل مئات الموظفين.
ودعت جميع العاملين في مؤسسات «الأونروا» للمشاركة في الإضراب لتوجيه رسائل ضاغطة على إدارة هذه المنظمة الدولية، للتراجع عن قراراتها التي تحاول فيها القضم المتدرج والسريع للخدمات، وقالت إن هناك متابعات ولقاءات واتصالات مكثفة مع كل المعنيين «من أجل وقف حالة التغّول على الموظفين».
وأكدت أنها ستواصل لقاءاتها الوطنية بمشاركة كافة القوى ولجان اللاجئين واتحاد الموظفين وأولياء الأمور والموظفين المعنيين من أجل وضع برنامج فعاليات ضخمة ومتدرجة ضد إجراءات إدارة «الأونروا».
وبعد قرار «الأونروا» إلغاء «برنامج الطوارئ» الذي يشمل تقديم خدمات من خلال موظفيه في برامج التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية، باتت هناك خشية كبيرة على إعلان هذه المنظمة تأجيل انطلاق العام الدراسي الجديد كما هو مخطط الشهر المقبل، وهو ما من شأنه أن يمنع نصف مليون طفل لاجئ من حقوقهم في التعليم، ويهدد مستقبل 12 ألف موظف.
وكان العديد من الجهات الفلسطينية الرسمية والفصائلية واتحاد موظفي «الأونروا» قد حذروا في وقت سابق، من انتهاج هذه المنظمة الدولية أي تقليصات لمعالجة الأزمة المالية.
وقال رئيس تجمع النقابات المهنية سهيل الهندي، قبل صدور القرار الجديد إنه في حال استمر مخطط «الأونروا» القاضي بإعفاء الموظفين على «برنامج الطوارئ» سيكون بمثابة «صب للبنزين على النار».