الناصرة ـ «القدس العربي»: لا تقتصر المحاولات الإسرائيلية لاستغلال هجمات باريس لحصد مكاسب سياسية للمؤسسة الحاكمة، إذ تشاركها في ذلك أوساط في الرأي العام، لكن افرايم هاليفي الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات الخارجية «الموساد» يحذر منها داعيا للحكمة والحساسية.
وفي مقال محشو بالتحريض والأفكار العنصرية المتطرفة المنطلقة من رؤية استشراقية يقول المؤرخ غاي بيخور في «يديعوت احرونوت» إن «الإرهابيين» في أوروبا، وربما بالتنسيق مع «الدولة الإسلامية»، الأمم المتحدة سيطالبون بإقامة دولة مستقلة فيها بعد المسيحية. ويمضي في لهجة تشف أن فرنسا ودولا أوروبية ساندت قيام دولة فلسطينية بالقول إنه كي يعرضوا بعض المصداقية سيقتبسون الخطة الأمريكية والأوروبية الطويلة الأمد بشأن إسرائيل، خطة الدولتين.
ويتساءل هل سيكون من الهوس المطالبة بتقسيم الأحياء المختلفة لباريس بين الإسلاميين والمسيحيين الأصليين. فلقد اعترفت فرنسا أن فيها ما لا يقل عن 751 «منطقة بلدية حساسة»، وهذه محاولة لغسل الكلمات بشأن المناطق الإسلامية التي يمنع دخول غير المسلمين اليها، وقد حظيت هذه الظاهرة بلقب «زوس».
باريس والقدس
ويتابع في مقارنة ديماغوجية بين فرنسا وفلسطين إذا كنتم تعتقدون أن تقسيم أحياء باريس حسب الديانات المختلفة هو أمر مهووس، فلماذا لا يسمع الأمر كذلك بالنسبة للقدس؟ ويزعم بأن الكثير الآن قد تغير ووجدت أوروبا نفسها في الوضع ذاته الذي توجد فيه إسرائيل، ولكن بشروط أسوأ: لا يوجد أي تقييد للهجرة غير القانونية الجنونية للملايين إلى أراضيها، الأمر الذي يعني ازدياد عدد المسلمين هناك.
وتبعه بالرؤية واللهجة ذاتها كوبي ميخائيل، خبير الشؤون الاستراتيجية والأمن القومي في جامعة اريئيل، في مقال نشره في صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية أمس جاء فيه أن احداث الإرهاب التي شهدتها باريس خلال الأيام الأخيرة لم تأت من فراغ. وحسب رأيه يبدو أن الكثير من الفرنسيين وغيرهم يفهمون اليوم، أكثر من السابق، أن الإرهاب القاتل الذي تعرضوا له هو نتاج قاعدة فكرية، ودمج بين ايديولوجية دينية ومشاعر انتقام ووعي قتالي.
العالم أصم
ويقول إن إسرائيل حاولت على الحلبة المحلية، مواجهة التحريض الفلسطيني وقوبلت في حالات كثيرة بإدارة ظهر، ان لم يكن تجاهلا. ويدافع ميخائيل عن تهرب إسرائيل من التسوية بالقول إنه كان هناك من اتهموها بالتهرب من الاتفاق او محاولة عرقلة العملية السياسية من خلال طرح قضايا لا تعتبر جوهرية حقا. وفي محاولة لاتهام مبطن لكل العالم يقول إن إسرائيل طالما حذرت من علاقة التحريض بالإرهاب لكن المجتمع الدولي صم أذنيه وبذلك هو يفاضل عمليا بين المنظمات الفلسطينية على أنواعها وبين الدولة الإسلامية وبقية المنظمات الجهادية.
متساوقا مع دعاية الثنائي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير خارجيته افيغدور ليبرمان، يقول ميخائيل إنه سواء كان الإرهاب يحدث في إسرائيل، او كندا، او العراق أو فرنسا – فإن النضال ضده ينبغي أن يدار كجبهة واحدة، تعمل كمنظومة مركبة، ولذلك هناك حاجة لتضافر الجهود على كل الساحات .
بحساسية وبذكاء
ويشير هاليفي في مقال نشرته «يديعوت أحرونوت» أمس إلى أن إسرائيل وفرنسا تعاملتا بشكل مختلف مع حادثتي باريس، منوها أن فرنسا أبرزت الهجوم على «شارلي إبيدو» كحدث مهم جدا في تاريخها يحمل طابعا عالميا وبالنسبة لها يأتي قتل أربعة من اليهود في دكان بالدرجة الثانية بعكس رؤية الإسرائيليين.
وعلى غرار مراقبين آخرين يوضح أن السلطات الفرنسية بذلت جهودا لمنع الانطباع بأن الدولة تتماهى مع كل مركبات سياسة إسرائيل في الصراع مع الفلسطينيين، لافتا إلى أن إسرائيل، حسب الناطقين بلسانها، أبرزت دعوتها لفرنسا ـ وفي الواقع إلى العالم كله – لتحويل الحدثين إلى فرصة لتوحيد الروايات في كل ما يتعلق بالإرهاب.
وفي انتقاد مبطن للسياسة الإسرائيلية قال إن الدعوة التي وجهها نتنياهو إلى اليهود للتفكير بالهجرة إلى إسرائيل في الظروف الناشئة، جاءت على خلفية الانتقادات الإسرائيلية البالغة لأجهزة الأمن الفرنسية، التي ادعي بأنها فشلت. كما يذكر أنه خلال اليومين التاليين للهجمات صدرت بيانات عن جهات رسمية في إسرائيل جاء فيها أن إسرائيل ستناقش مع الفرنسيين زيادة حماية الجالية اليهودية. ويتابع بوضوح «لا أعتقد ان قادة الجالية اليهودية طلبوا هذا التدخل، ومن المؤكد أن إطلاق هذه التصريحات لم يساعد على زيادة التأييد الفرنسي الرسمي لإسرائيل ولسياستها، كما لم تجعل إسرائيل محبوبة من قبل الجمهور الفرنسي».
ولذا يدعو هاليفي لاستخلاص العبر من طريقة سلوك إسرائيل وأعدائها بما يتعلق بالموضوع الفرنسي لافتا أن حركة حماس، وبشكل أكبر منها حزب الله، شجبتا الهجمات، وتحدث الشيخ حسن نصرالله بلهجة قاسية مؤكدا الضرر الذي سببته هذه الهجمات لنضاله، خاصة ضد إسرائيل. وتابع القول «تسبب تجاهلنا لتصريحات نصر الله بضرر لنا، وسيتسبب بمزيد من الضرر مستقبلا». ويؤكد هليفي أن إسرائيل ستحتاج إلى فرنسا ودعمها في قضايا هامة تتعلق بالأمن القومي كدورها الرئيسي في المفاوضات مع إيران داعيا لفتح قنوات حوار مع الدول التي ستؤثر على اتجاه المعركة ضد الإرهاب، وفرنسا من بينها.
وبخلاف السياسة الرسمية المعتمدة في إسرائيل، يعتبر رئيس الموساد الأسبق أن محاولة استغلال العمليات من أجل تسيير فرنسا مع السياسة الإسرائيلية إزاء الفلسطينيين ـ أي الوحدة ليس ضد تنظيمي القاعدة و«الدولة» فقط، وإنما ضد عباس– لن تنجح، بل ستعمق الفجوات الضارة بين الدولتين.
ويختم بدعوة إسرائيل للحذر «فرنسا تقف الآن أمام الحاجة إلى صياغة سياسة إزاء ملايين المسلمين الذين يعيشون فيها، وغالبيتهم مواطنون فيها. إسرائيل لا تملك ما تساهم فيه في هذا القطاع، لكن نتائج مداولات الحكومة الفرنسية ستؤثر علينا ـ ولذلك يتحتم علينا بشكل أكبر، تدعيم خطواتنا بالحساسية والحكمة».
وديع عواودة
بصراحة لا أثق بموقف فرنسا من الفلسطينيين
وما اعترافهم بدولة فلسطين الا غطاء يخفي عمق علاقاتهم بالكيان الصهيوني والتأريخ يشهد على تلك العلاقات منذ سنة 1948
ولا حول ولا قوة الا بالله