رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الأسبق: انتصار إسرائيل في 1967 هو أكبر تهديد لها اليوم

حجم الخط
1

الناصرة – «القدس العربي» : بعد أقل من عشرة أيام على تحذيرات إفرايم هليفي رئيس أسبق لجهاز المخابرات الخارجية «الموساد» من تحول إسرائيل لدولة ثنائية القومية حذر رئيس الاستخبارات العسكرية الأسبق الجنرال في الاحتياط شلومو غازيت من أن انتصار إسرائيل على العرب في حرب 1967 ينطوي على الخطر الأكبر عليها. ويؤكد غازيت أن الانتصار في حرب 1948 مكّن من تأسيس إسرائيل أما الانتصار بحرب 1967 فمن الممكن أن يقضي عليها كدولة يهودية ديمقراطية.
غازيت، الذي عين رئيسا للاستخبارات العسكرية في جيش الاحتلال بعد الفشل الاستخباراتي الذريع في حرب اكتوبر/ تشرين الأول 1973 ، يستعرض مسيرة إسرائيل الأمنية منذ قيامها، في كتاب بعنوان «مفارق حاسمة» وفيه يكشف عن هوية الشريك الفلسطيني الأخير ويوضح لماذا كان استهداف المفاعل النووي العراقي عام 1981 خطأ.
يشار إلى أن هليفي حذر قبل أيام من أن إسرائيل ستجد ذاتها قريبا في حالة فوضى عارمة، مبديا قلقه من التهديدات الداخلية. ويتوقع أن تقوم بتدمير السلطة الفلسطينية وتتحمل مسؤولية معيشة الفلسطينيين وتزداد عزلتها في العالم المشغول بذاته، وبدون قيادة جديرة ستبقى عاجزة. ويقول إنه في ظل فقدان تسوية الدولتين ستحكم حماس سيطرتها، مبديا قلقه البالغ من فقدان اليهود أغلبيتهم العددية في فلسطين التاريخية ومن تحولهم مجددا لأقلية وهذا ما يرمز له شلومو غازيت.

ياسر عرفات ومحمود عباس

ويشدد غازيت في كتابه وبروح نقدية لاذعة وجريئة على أن إسرائيل لا تستخلص الدروس وأنها ما زالت تتمسك برؤيتها وسياستها التقليدية بأن العرب «لا يفهمون سوى لغة القوة». وبذلك ينضم غازيت لعدد من المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين الكبار الذين يظهرون بعد خلعهم البزة العسكرية كأنبياء غضب بتحذيرات وتوقعات خطيرة لمستقبل إسرائيل. ويكشف غازيت أن رئيس حكومة إسرائيل عام 1985 شمعون بيريز أوكله مهمة الاتصال السياسي السري بالرئيس الفلسطيني ياسر عرفات طالبا منه التظاهر أمام وزير الخارجية اسحق شامير بأنه يجري مفاوضات حول أسرى ومفقودين. وخلال لقاءات عدة مع ياسر عرفات وهاني الحسن، لم يبلغ عن مكانها، قدم غازيت مقترحات لتسوية الصراع لكن انتهاء ولاية بيريز واستلام شامير رئاسة الحكومة بالتناوب أوقف المداولات. ويرى غازيت اليوم أنه لم يعد بالإمكان إحراز تسوية أو صفقة لأن الرئيس محمود عباس راغب لكنه غير قادر، وأن القائد الفلسطيني الأخير الذي كان يمكن فعل ذلك معه هو ياسر عرفات. وبخلاف مزاعم إيهود باراك مبتدع فرية «اللاشريك الفلسطيني» يتابع» غازيتقوله» رغم أن عرفات لم يكن شفافا معي لكنني أدركت ارتفاع مكانته في الساحة الفلسطينية حيث كان بمثابة نصف إله بالنسبة لشعبه وبقدرته أن يتخذ قرارا لا يعيد اللاجئين ولولا اغتيال رابين لكان بالإمكان التوصل لاتفاق معه».

تجنيد جاسوس إسرائيلي

ومن ضمن المهام الصعبة التي واجهته غداة تعيينه رئيس الاستخبارات العسكرية في 1973 تتعلق بالأسرى الإسرائيليين العائدين من مصر وسوريا خاصة الجنرال أساف ياجوري الذي وقع في الأسر المصري وحامت الشكوك حوله بأن مصر تمكنت من الحصول على معلومات حيوية منه ومن تجنيده جاسوسا لها إذ قال زملاء له في الأسر أنه تلقى معاملة خاصة وتم توفير مبيت دائم له في فندق هيلتون القاهرة. ولاحقا بعد سنوات وحينما أشغل وظيفة مستشار أمني لوزير الأمن عازر وايزمان طلب منه أن يشارك باستقبال السادات خلال زيارته القدس المحتلة عام 1977 ويرحب به ببعض الفقرات . وعن ذلك يقول «ظن بعض قادة إسرائيل وقتها أن السادات سيأتي كمناورة وأن وحدة كوماندوز ربما تخرج من طائرته وتفتح بالنار وتقتل القيادة الإسرائيلية. حينما وصل استقبلت السادات لكن لساني ارتبط ولم أتمكن من قول جملة واحدة من هول المفاجأة «.

التجسس على قمة الدار البيضاء

كما يكشف في الكتاب كيف تجسست إسرائيل على القمم العربية ومنها قمة الدار البيضاء في 1965 حينما بحث الرؤساء والملوك ومسؤولو الأمن العرب، قضية مركزية حول جاهزية الدول العربية لمواجهة إسرائيل فيما كان الموساد يتنصت ويسمع كل المداولات السرية. ورصدت إسرائيل الخلافات الحادة بين العاهل الأردني الملك حسين وبين الرئيس المصري جمال عبد الناصر الذين تبادلا الصراخ في القمة. واستنتجت إسرائيل وقتها أن العرب يتجهون لحرب جديدة رغم عدم جاهزيتهم لها وأن أحاديث الرؤساء عن الوحدة مجرد ثرثرة. ويوضح غازيت في هذا السياق أن التسجيلات التي لم يوضح كيف تم الحصول عليها قد أكدت تقديرات إسرائيل بأن الجيش المصري غير جاهز للقتال. لكن غازيت يعترف بأن كل ذلك لم يمكن إسرائيل من توقع التدهور والانزلاق الذي قاد نحو حرب 1967، مدعيا أن أحدا من أطراف الصراع لم يكن معنيا بها. ويضيف «مرت خمسون عاما وما زلنا نبحث عن حل لنتائج تلك الحرب التي انتهت بانتصار من شأنه أن يحمل نهاية إسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية».
واقترح غازيت بصفته مدير وحدة الدراسات في الاستخبارات العسكرية وقتها، في اليوم الأخير للحرب استغلال نتائجها من أجل التوصل بالضرورة لعلاقات جديدة مع العرب. وفي وثيقة سرية اقترح غازيت على المؤسسة الحاكمة تسوية الصراع مع العرب وحل مشكلة اللاجئين بالتعويض ومن خلال العودة لقرار التقسيم عام 1947 وبناء دولة فلسطينية مستقلة لكن الاقتراح لم يدرس بجدية.

قتل اللاجئين العائدين

غازيت المتميز بقدرته على التعبير بجرأة عما يعتقده يعود للنكبة عام 1948 ويوجه انتقادات لدافيد بن غوريون لأنه أصدر تعليمات بفتح النار على اللاجئين الفلسطينيين الذين أرادوا العودة لبيوتهم. ويتابع «قمنا بقتل هؤلاء وبالتالي دفعنا الآخرين لمحاولة العودة وهم يحملون السلاح لقتل اليهود». كما يرى أن سياسة عمليات الانتقام من الدول العربية على عمليات الفدائيين في خمسينيات القرن الماضي كانت خطأ، موضحا أن هذه السياسة تسببت في سباق تسلح في المنطقة ولحرب العدوان الثلاثي عام 1956. ويضيف «ما يقلقني أننا لم نستخلص العبرة وبعد 70 عاما تقريبا ما زلنا نتمسك بالسياسات القائمة ذاتها على أن العرب لا يفهمون إلا القوة». ويوجه سهام نقده للوحدة 101 التي ترأسها أرئيل شارون وقتها التي قادت ونفذت عمليات الانتقام وتسببت بالتصعيد على الحدود». كما يعتبر المؤامرة مع فرنسا وبريطانيا بالعدوان الثلاثي خطأ باعتبار أنها أكدت المزاعم العربية بأن إسرائيل هي وسيلة ورأس حربة لدول استعمارية في المنطقة علاوة على تشجيعها نحو المزيد من العسكرة والتعامي عن الطرق السياسية السلمية.

الاستيطان بالخليل

وهو يعتبر أن الاستيطان في قلب الخليل مغامرة قامت بها مجموعة متزمتين متطرفين عملوا بطرق غش وخداع وبدعم أوساط رسمية حولوا المدينة من منطقة مريحة لأكثر منطقة معادية لإسرائيل».
وفي العامين الأخيرين من منصبه كرئيس الاستخبارات العسكرية عالج غازيت رغبة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين بحيازة سلاح نووي لكنه عارض مهاجمة مفاعل تموز معتقدا أن مشروعه جاء لتحقيق توازن مقابل إيران، نافيا الفكرة بأن العرب والإيرانيين سيهاجمون إسرائيل في حال حصولهم على سلاح دمار شامل. ويرى حتى اليوم أنه على إسرائيل الجلوس بصمت وألا تبحث عن حلول عسكرية لكل أمر. ويضيف غازيت في كتابه «إذا كانت هناك مطرقة بيدك فأنت لست بحاجة للبحث عن مسمار».

رئيس الاستخبارات الإسرائيلية الأسبق: انتصار إسرائيل في 1967 هو أكبر تهديد لها اليوم

وديع عواودة

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول حسن:

    لا مجال للتردد، قال رئيس استخبارات صهيوني أسبق، المناطق على حدود 67 عليكم أيها الصهاينة أن تسلموها أو بالأحرى تعيدوها إلى الفلسطينيين بما فيها القدس وبعدها لكل حادث حديث. ستفعلونها يوما ما إن رفضتم اليوم إعادة أراضي 67 إلى الفلسطينيين. لذا لا فائدة من المماطلة أم تريدون أن تكونوا كأصحاب السبت.

إشترك في قائمتنا البريدية