رئيس جهاز الكسب غير المشروع يؤكد استمرار مطاردة أموال مبارك في الخارج :

حجم الخط
0

القاهرة ـ «القدس العربي» فاجأنا أمس الثلاثاء 9 ديسمبر/كانون الأول في «المصري اليوم» زميلنا وصديقنا الفنان الموهوب عمرو سليم بخبر غريب وعجيب، قال إنه دعي لحضور مؤتمر للنخبة المصرية والاستماع لحواراتهم ومناقشاتهم حول قضايا أمنا مصر، ففوجئ باثنين منهما يتصايحان، قال الأول للثاني إسحبها لو سمحت وبطل كذب، السيسي شافني الأول وأنا الوحيد اللي قالي صباح الخير، فرد الثاني عليه صارخا يا كذاب السيسي بيقول صباح الخير ليا أنا بس أنا حافرسك النهاردة.
وقال عمرو إنه شاهد اثنين آخرين يقول أحدهما ساخرا من زميليه ما يعرفوش أن السيسي قبل أي اجتماع بيسأل عليا أنا أول واحد.
هذا عن اجتماع النخبة الذي حضره عمرو، أما الصحف فقد أشارت إلى الاجتماع الذي عقده الرئيس عبد الفتاح السيسي مع رئيس وأعضاء المجلس الأعلى للصحافة، ليناقش معهم الأزمة المالية للمؤسسات الصحافية القومية، بحضور رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب، ووزير المالية الدكتور هاني دميان. وأكد أنه لن يتم السماح بسقوط هذه المؤسسات، ولابد من إنقاذها بحلول مشتركة بينها وبين وزارة المالية.
كما عقد الرئيس اجتماعا آخر مع مجموعات شبابية، واستمع منهم إلى اقتراحات لحل عدد من المشاكل، وشكروه على تهنئته للنادي الأهلي بكأس الكونفدرالية الأفريقية وإشادته بسلوك جماهيره أثناء المباراة مع فريق سيوي الإيفواري، ورد السيسي عليهم بأن روابط الأندية يمكن أن تعلب دورا تبرز به وجه مصر الحضاري. وكلامه يعني أن هناك خطة للتصالح مع شباب الاولتراس. وكل عمليات الاقتراب المستمرة التي يقوم بها السيسي نحو الشباب هي تمهيد لعقد المؤتمر الذي كلف مؤسسة الأهرام بإعداده للشباب.
ومن الموضوعات التي اهتمت بها صحف أمس، استمرار السفارة البريطانية ثم الكندية في تعليق خدماتها القنصلية إلى أن يتم تأمين المنطقة المحيطة بهما، بعد حكم محكمة القضاء الإداري في مجلس الدولة بفتحها، وتم تصوير الأمر بأنه مؤامرة لصالح الإخوان ولضرب حركة السياحة التي بدأت تنتعش، وهو أمر يحتاج إلى أدلة غير متوافرة، وإلا لكانت السفارة الأمريكية أول من يشارك في المؤامرة، وهو ما لم يحدث لأن الشوارع المحيطة بها لا زالت مغلقة، بعكس السفارة البريطانية، حيث يصعب غلق طريق كورنيش النيل الرئيسي والخروج إليه. أما السفارة الكندية فتقع قريبا من البريطانية وفي منطقة سكنية داخلية قريبة من السفارة السودانية، على بعد خطوات من شارع قصر العيني. وأكدت الشرطة أنها قادرة على توفير الحماية اللازمة والمطلوبة.
وفي الحقيقة فإنه منذ بدء غلق المداخل للسفارتين الأمريكية والبريطانية، بعد غزو الدولتين للعراق عام 2003، قام عدد كبير من السكان بتقديم شكاوى ضد تلك الاجراءات المتشددة، ورفعوا قضايا ضد حكومات مبارك، من دون فائدة، بل كان يتم الرد عليهم بتشديد الإجراءات.
وفي شمال سيناء واصلت قوات النخبة من الجيش والشرطة عملياتها، وأعلنت عن تصفية خمسة تكفيريين والقبض على خلية من تسعة أفراد من الإخوان من كتائب الردع التي قيل إنها تندس بين المتظاهرين وتطلق النار عليهم لخلق اشتباكات بينهم وبين الأمن. وإلى شيء من أشياء لدينا….

المواطن معرض للحبس أو الغرامة
إن تلفظ بقول ضد الثورتين

ونبدأ بالمعارك التي تسبب فيها طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي إعداد قانون لتجريم الإساءة والتشهير بثورة يناير/كانون الثاني 2011 وثورة الثلاثين من يونيو/حزيران 20113 لمواجهة الهجمات التي تعرضت لها ثورة يناير من أنصار الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، بعد صدور الحكم ببراءته من تهمة قتل المتظاهرين واتهامهم لها بأنها لم تكن ثورة شعبية، وإنما حدثت نتيجة مؤامرة خارجية. والملاحظ هنا أن المعارضين للسيسي في هذا التوجه هم من أنصاره، كذلك من أيدوه أو أرادوا إدخال بعض التعديلات.. ونبدأ من يوم السبت مع زميلنا في «اليوم السابع» محمود سعد الدين وقوله:
«التدخل بقانون يمنع سب ثورتي يناير ويونيو، وهو قانون شريف في قصده، لكن تخيل أن أول نتيجة إيجابية له أن المواطن معرض للحبس أو الغرامة، إن تلفظ بأي قول على الثورتين. قد يظن القارئ أني أتعارض مع نفسي مع ما طلبته مسبقا من حماية لثورة يناير «لتحصين» أو حماية بالقانون الذي سيطعن عليه حتما بعدم الدستورية».

الهجوم على الثورتين يعرقل مرحلة البناء الحالية

وفي «الوفد» سارع رئيس تحريرها التنفيذي زميلنا وجدي زين الدين بالإعلان عن تأييده فقال مختلفا مع سعد الدين في مسألة عدم الدستورية: «مشروع قانون تجريم إهانة ثورتي 25 يناير و30 يونيو ليس بدعة أو خروجا عن المألوف والطبيعي، بل هو ضرورة ملحة الآن لقطع ألسنة كل من تسول له نفسه أن يتعدى على الثورتين العظيمتين، بل أن ذلك يعد احتراما للدستور المصري وللشهداء ولشباب المصري الحالم بالعيش الكريم وتطبيق العدالة الاجتماعية، بل يجب سعة تطبيق القانون.
والحقيقة أن مشروع القانون يعكس تقديرا خاصا من الرئيس عبد الفتاح السيسي لدور شباب الثورة، ثم إن مشروع القانون سيمنع حدوث فتنة في المجتمع في ظل ادعاء من يرددون أن ثورة 25 يناير مؤامرة. والوطن في غني تام عن أي فتنة، لأن مرحلة البناء الحالية أهم من الدخول في قلاقل وفتن وإثارة الفوضى والاضطراب والهجوم على الثورتين، الذي يروج له قلة هم أشبه بالمرتزقة وأصحاب مصالح خاصة نفعية، بل لا أكون مبالغا إذا قلت عنهم إنهم مأجورون ونفعيون يحركهم فقط ما يحصلون عليه من أموال وغنائم».

حرية الرأي والتعبير مكفولة
للجميع بدون إهانة أو تجريح

ونترك «الوفد» لنتوجه إلى «أخبار اليوم» وزميلنا نبيل عطا بقوله: «جاحد من ينكر فضل ثورتي 25 يناير/كانون الثاني و30 يونيو/حزيران، وعلى المصريين بل لا أكون مبالغا إن قلت على المنطقة العربية والعالم، ولا يمكن أن ينكر أيضا أنهما عالجتا تشوها كبيرا في الحياة المصرية وتحديدا خلال السنوات العشر الأخيرة من عصر مبارك، ولكنني في الوقت نفسه، لا أعتقد أن ذلك مبرر كاف لإصدار تشريع جديد أو قانون يعاقب كل من ينتقد الثورتين، وذلك لسببين أولهما بالقطع أن حرية الرأي والتعبير مكفولة للجميع بدون إهانة أو تجريح، وثانيهما الحرص على إظهار قوة الدولة وتحضرها وقوتها ليست في إصدار قوانين تتيح للغرب المتاجرة بمقدار الديمقراطية التي تتمتع بها، وإنما قوتنا في السيطرة على الظواهر السلبية وعلى دعاة الحرية والمتاجرين بها بالقانون الطبيعي الموجود لدينا بتعديل بعض مواده، أما إصدار قانون خاص بمعاقبة كل من ينتقد الثورتين فمن شأنه أن يصنع أبطالا من ورق لا علاقة لهم بالبطولة من قريب أو من بعيد».

هشام عطية: أرجو ألا أكون
أحد ضحايا قانون تجريم الثورتين

ومنه إلى زميله هشام عطية الذي تعجب واندهش أولا ثم قال والألم يعتصر قلبه: «المحزن في الأمر هو التخبط الذي ساد الدولة أثناء تعاملها مع تظاهرات صبية يناير وفلول الإخوان، الذي استحقت عليه لقب دولة رد الفعل وبجدارة دولة مريضة بفيروس «الطبطبة»، لم تتعاف منه منذ أيام عصام شرف رئيس وزراء الميدان تستدعي صحافيين وإعلاميين مواليد أول أمس لمجرد دفاعهم الأعمى عن ثورة يناير وثوارها ليضعوا خططا واستراتيجيات للنهوض بالمؤسسات القومية التي يتجاوز عمرها قرنا من الزمان وكأنها خاوية على عروشها بلا صحافيين. قوانين استثنائية لتجريم إهانة ثورتي يناير ويونيو، أرجو إذا صدرت ألا أكون احد ضحاياها عندما أجزم بأن يناير كانت ثورة شعبية ولكن بعض رموزها خونة وعملاء».

الخوف من ديكتاتورية مقبلة

أما آخر زبائن يوم السبت فسيكون زميلنا في «الأهرام» إبراهيم داود وقوله في «اليوم السابع»: «فتحت بعض القنوات والصحف الباب أمام رموز النظام الذي أسقطه الشعب «المتآمر»، يهيلون التراب على أنبل ما أنجزه المصريون.. مشروع القانون المزمع إصداره لا يتعارض مع الدستور. يشعر الغاضبون من القانون بأن الرئيس خذلهم وبدأوا يتحدثون لغة جديدة تجمع بين العتاب المغلف بالعشم، والخوف من ديكتاتورية مقبلة. هم يشعرون بهزيمة شخصية لأن القانون سيتصدى لهم بعد أن بارت بضاعتهم في ميادين إعلام نخبة جمال مبارك الاقتصادية، التي يسعى إعلامها لصياغة الرأي العام على هواه،. هم يعتبرون أن القانون ضد حرية التعبير، وسائل العتاب وآراء القانونيين لم تتوقف منذ فتح الموضوع وكأننا أمام خطر حقيقي».

الثورة ليست في حاجة إلى قانون يحميها من الإهانة

وبعد ان انتهينا من آراء كتاب صحف يوم السبت، حول قانون تجريم ثورتي يناير ويونيو، سننتقل إلى يوم الأحد، حيث بدأها في «الوفد» غاضبا وثائرا كعادته زميلنا عضو مجلس الشعب الأسبق محمد عبد العليم، مهاجما الرئيس بقوله لأسباب أخرى قال: «الثورة.. خاصة ثورة 25 يناير ليست في حاجة إلى قانون يحميها من الإهانة، ولكن في حاجة إلى احترام عقل الثورة وعقول البشر الذين أعدوا لها أو شاركوا فيها أو أيدوها، الثورة في حاجة إلى ألا تجد أعداءها يتصدرون طائرة الرئاسة أو يتقدمون صفوف مجالس الرئاسة، رغم تاريخهم الأسود في الاقتصاد الأسود. الثورة في حاجة إلى من يحترم عقلها، فأبواق فضائيات رموز عهد مبارك والموجود دائما في مجالس الرئاسة، هي التي تنطلق صباح مساء في تشويه الثورة وأبو الثورة وأم الثورة، الثورة في حاجة إلى احترام مبادئها وأهدافها. وأول بنود احترام الثورة وعدم إهانتها مسؤولية الدولة في الكشف عن أدلة الاتهام التي يعرفها جميع من هم في مسؤولية الحكم، إخفاء وطمس الأدلة مسؤولية من يا عقلاء مصر والعالم، وكانت في حوزة من وحماية من؟ إهانة الثورة تتمثل في قيام دور العدل بحرمان أبناء الفلاحين من الالتحاق بمؤسسات العدل ودور النيابة. الإهانة الحقيقية تبني فضائيات وأبواق السب والشتم ليلا ونهارا واصطحاب صاحب هذه الفضائيات بطل تهريب الفياغرا و«تسقيع» الأراضي في كل جولات الرئاسة داخليا وخارجيا، تماما كما حدث مع مبارك، بحيث يتم التشريع من خلال نظام الفرد الواحد وإهانة الثورة ووأد أدلة الاتهام وتكريم اللصوص والطغاة».

محمود الكردوس: المسافة بينك
وبين شعبك تتسع يا سيادة الرئيس

ومن «الوفد» إلى «الوطن»، حيث وجه زميلنا محمود الكردوسي «ناصري» رسالة للسيسي «وهو محب له»، إلا أنه قال فيها محتجا على حماية ثورة يناير: «هل قيل لك إن ما من أحد يبكي مثلي حين يسمع «مصر» في أغنية، وحين يقترن ذكرها باسمك وباسم سلفك العظيم جمال عبد الناصر؟ لقد تعبنا فيك و»منك» يا سيادة الرئيس عشنا «جيلي على الأقل» أربعين عاما في «تيه» نبحث عن رجل يحبنا فنحبه، لتكون مصر في «تقاطع مشاعر». أما وقد ذهبت السكرة وجاءت الفكرة وأصبحت تحكمنا فإن الحب لم يعد يكفي فاسمع صوت العقل.
أولا ومن الآخر: من الذي أوحى إليك بالتفكير في إصدار قانون يجرم إهانة ثورتي 25 يناير و30 يونيو وبأي دافع؟ صوت العقل يقول إنك تريد وتحاول أن تجمع المصريين حول دولتك، التي تحلم بها، وصوت العقل يقول أيضا إنك استجبت لابتزاز مرتزقة 25 يناير ودراويشها، بعد أن حلت بهم السبل وأصبحوا نشازا وأحيطوا بالشبهات.
ثانيا وعلى ذكر الدولة: أين دولة 30 يونيو، يا سيادة الرئيس؟ أين رجالها الحقيقيون؟ صوت العقل يقول إنك ورثت «خرابة» وإنك «تغزل برجل حمار» وكان الله في عونك طبعا، لكن صوت العقل يقول، أيضا، إننا أمام «هجين دولة»، الفساد وما زال في عنفوانه، وخلايا عصابة الإخوان ما زالت كامنة في أكثر مواقع الجهاز الإداري، المواطن الغلبان ينام آخر اليوم وهو يسأل نفسه ماذا أخذت من السيسي، وأنا الذي فوضته وأعطيته صوتي وأجلسته على مقعد الحكم؟ فاحذر يا سيادة الرئيس غضب هذا المواطن فغضبه من غضب الله».
ثالثا: حكومتك يا سيادة الرئيس لن أسألك من الذي اختار وزراءها وبأي معيار، إنما أسألك لماذا لا تطهرها من الفاشلين المرتعشين الذين يعملون ضدك.
رابعا وأخيرا: أحب أدبك ودماثة خلقك ما في ذلك شك، لكنني أخشى عليك من شعب إذا جاع سيأكلك لحما ويرميك عظما، المسافة بينك وبين شعبك تتسع يا سيادة الرئيس وصوت العقل يقول إن هذا الشعب يحبك ويصبر عليك، لكن خصومك من المهيجين والمرتزقة وتجار الدين والثورات يتفننون في دق الأسافين بينكما فتخل عن أدبك قليلا وكشر».

إهانة الشعب المصري الأحق بأن تجرم

لكن زميلنا في «الأهرام» عمرو الشوبكي «ناصري» كان له رأي آخر عبّر عنه بالقول في «المصري اليوم»: «في مصر نحن نجرم إهانة القضاة ورئيس الجمهورية والجيش وندين السب والقذف في حق أي مواطن، وفي الوقت نفسه استبحنا شتيمة الملايين من المصريين واتهامهم بأبشع الألفاظ لأنهم نزلوا نيابة عن كثيرين وفضوا الظلم والاستبداد، وترك البعض مشهد شباب مصر الرائع الذي نزل في 12 فبراير/شباط بالآلاف ينظف كل الميادين معلنا أنه دقت ساعة العمل ليصدع دماغنا بانحراف العشرات. إهانة الشعب المصري يجب أن تجرم، ويناير هي أعظم ما قدمه الشعب المصري منذ عقود، أما رموز الثورة والتيارات المحسوبة عليها وممارسات ما بعد يناير/كانون الثاني، بل حتى فكرة الثورة نفسها فمن حقك أن تنقدها وترفضها بالكامل وتقدم بديلك الإصلاحي الرافض للثورة، ولكن لا تتهم الملايين الذين شاركوا فيها بالتآمر والخيانة».

يوميات مبارك «ربنا يعوض
علينا في العيال اللي راحت غدر»

وإلى ما ينشر من يوميات بعد حكم محكمة الجنايات ببراءة مبارك من تهمة قتل المتظاهرين أثناء ثورة يناير/كانون الثاني، ما دفع كاتب «صوت الأمة» الساخر زميلنا محمد الرفاعي لأن يقول عنه وعن فشل جمعة الثورة الإسلامية، يوم الأحد: «بعد أن فشلت الثورة الإسلامية ولا عزاء في ثورة لديكم يا شماريخ .. بدأت في اليوم التالي مباشرة ثورة جديدة ثورة الضحايا اعتراضا على براءة الراجل الفاسد القاتل حسني مبارك وقتال القتلة هاتك الأعراض حبيب العادلي وبقية البطانة، بالصلاة على النبي، أخذ الجميع براءة وبقي السؤال المرير من الذي قتل الثوار؟
ويبدو أن ذلك السؤال اللعين سوف يظل يصفعنا على قفانا ويفقأ عيوننا فترة طويلة، ويبدو أننا سوف نظل نجلد أنفسنا بحثا عن إجابة تسكت صراخ الدم، ومنذ قيام ثورة يناير وحتى الآن لم يسجن قاتل واحد، بل أن حمدي بدين قائد الشرطة العسكرية أيام المجلس العسكري، الذي قام رجاله بسحل المواطنين والتمثيل بجثث الشهداء في مشهد مروع، شاهده العالم أجمع لم يقدم إلى المحكمة حتى هذه الساعة، وأجزم أنه لن يقدم للمحكمة حتى قيام الساعة، وربنا يعوض علينا في العيال اللي راحت غدر واللي فقدت عينيها واللي قاعدة على كراسي متحركة وربنا يورينا فيكم يوم».

أحكام البراءة لن تلغي قرار تجميد أموال مبارك

لا.. لا.. داعي للحزن لبراءة مبارك في قضية قتل المتظاهرين، لأن أمواله في الخارج لن يفلت بها، كما وعد في اليوم نفسه مساعد وزير العدل للكسب غير المشروع المستشار يوسف عثمان، في حديث نشرته له جريدة «الصباح» الأسبوعية المستقلة أجرته معه زميلتنا الجميلة أماني عصمت بشرنا فيه بما هو آت: «هذه الأحكام لن تؤثر مطلقا على حق مصر في استرداد الأموال المهربة إلى الخارج، ذلك لأن تحقيقات الجهاز مستقلة ولا علاقة لها بالأحكام الصادرة، ومن ثم نحن مستمرون في تحقيقنا، وكان هناك لقاء بيننا وبين الدول المطلوب منها استرداد أموال مصر في قمة «جنيف» خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وجار الآن استكمال الأوراق الخاصة بالمطالبات والإنابات القضائية، بما يتوافق مع النظم القضائية لتلك الدول حتى يتم استرداد هذه الأموال.
أحكام البراءة لن تلغي قرار التجميد الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي، حيث أن القرار سار تفعيله حتى عام 2017، وقبل انتهاء المدة سنكون قد انتهينا من تجهيز الأوراق والملفات الخاصة بالقضية، وبالتالي لا يجوز لأي شخص صدر في حقه حكم بالتحفظ على أمواله التصرف فيها إلا بعد انتهاء التحقيقات التي نجريها في الجهاز، فحص الملفات الخاصة بمبارك ورموز نظامه لم تنته إلى الآن، المهمة ثقيلة وفحص هذه الملفات يحتاج لفترة طويلة ودراسة متعمقة بسبب حساسية الملفات الموجودة بين أيدينا ولكن ينبغي أن نعلم أن خبراء جهاز الكسب غير المشروع يبذلون قصارى جهدهم لسرعة الانتهاء من هذه الملفات».

غضب صدام حسين على مبارك

أما ثالث ما نشر عن يوميات مبارك يوم الاثنين فكان لزميلنا في «الجمهورية» عبد الجواد حربي في عموده «نسمة حرية» في الصفحة الخامسة لأنه تناوله من منطلق مختلف تماما قال: «شهادة جديدة تكشف بعدا آخر في فساد الرئيس المخلوع حسني مبارك، بل وتتجاوز حدود الفساد إلى العمالة وخيانة العروبة والإسلام، الشهادة جاءت في موعدها وقبل مضي أسبوع واحد على حكم البراءة الذي ناله هو ورجاله المقربون وبالتحديد مساء الخميس الماضي، وعلى لسان الدكتور محمد عاصم شنشل رئيس المكتب السياسي للرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إذ قال ردا على سؤال لمذيعة فضائية «المحور» إيمان الحصري عن أيام صدام الأخيرة، وكيف كان يرى الرؤساء العرب: أجاب شنشل «عن الرئيس صدام كان غضبه الأكثر من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، لأنه وشى به لدى دولة عظمى ونقل أسرارا عسكرية عن العراق الشقيق إلى أجهزة تلك الدولة العظمى». وأردف الشاهد قائلا: «للأسف كان مبارك من المقربين لصدام وتلك كانت الصدمة الكبرى لدى الرئيس العراقي».
أليست هذه الشهادة التي جاءت من رجل كان مقربا من الراحل صدام حسين وعلى فضائية مصرية كفيلة بأن تخرس ألسنة من اتخذوا من براءة 29 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي «لبانة» يدللون بها على أن ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 كانت مؤامرة ضد الوطن؟ بخلاف الجرائم العظمى التي ارتكبها المخلوع في حق الوطن.. إن شهادة المسؤول العراقي السابق لن تكون الأخيرة، بل هي مقدمة لسلسلة جديدة من الأدلة والشهادات على جرائم الرئيس المخلوع حسني مبارك سوف تنكشف خلال السنوات القادمة، لتؤكد إلى أي مدى تجاوز الفساد في عهد مبارك حدود الوطن، بل تعداه إلى أبعد من ذلك بكثير. كان أقل ما صنعه هو المشاركة في تدمير دولة شقيقة ظلت حتى رحيل صدام حسين حائط صد أمام التمدد الإيراني الشيعي الذي يعاني منه العرب الآن».

العلاقات بين مصر والعراق أثناء حرب الخليج

والحلقة التي يشير إليها عبد الجواد حربي، الذي نحس منه إيمانا بالعروبة والقومية شاهدت جزءا منها لم يكن الذي تضمن كلام محمد عاصم شنشل عن مبارك وكشفه للأمريكان أسرار العراق العسكرية، وفي الحقيقة هناك مرحلتان للتعاون العسكري بين مصر والعراق في عهد صدام حسين، الأولى في عهد الرئيس الأسبق أنور السادات الذي طلب قبل حرب أكتوبر/تشرين الأول سنة 1973 من الرئيس العراقي أحمد حسن البكر، بناء على طلب الفريق حسني مبارك قائد سلاح الطيران إرسال سربين من الطائرات المقاتلة القاذفة «هوكرهنتر» وهي بريطانية الصنع بطياريها العراقيين، لأن ذلك النوع يستطيع الطيران المنخفض الذي تدرب عليه الطيارون العراقيون والأردنيون أيضا، ويتميزون بالبراعة في استخدامها. وأرسلت الطائرات مفككة وتم إعادة تجميعها في مصر، وشاركت في الضربة الجوية الأولى يوم السادس من أكتوبر واستشهد عدد من الطيارين وأسر واحد بعد أن أسقطت وسائل الدفاع الجوي الإسرائيلية طائراتهم. وبعد وقت القتال تدهورت العلاقات بين البلدين وتشكلت جبهة الصمود والتصدي، التي ضمت الجزائر وليبيا وسوريا والعراق وجمهورية اليمن الشعبية الاشتراكية «الجنوب»، ثم ازدادت تدهورا بعد توقيع السادات على اتفاقيتي كامب ديفيد ثم معاهدة السلام مع إسرائيل، وتفككت جبهة الصمود والتصدي بعد الثورة الإيرانية في مارس/آذار عام 1979 واندلاع الحرب العراقية الإيرانية، وانحياز كل من سوريا وليبيا إلى إيران ضد العراق، وانحياز السعودية ودول الخليج والأردن والمغرب وتونس وموريتانيا للعراق، ووقوف سلطنة عمان على الحياد، لأن سلطانها قابوس بن سعيد لم يكن قد قطع علاقته مع مصر بسبب اتفاق الصلح مع إسرائيل، كما فعلت دول مجلس التعاون الخليجي، فقد طلب صدام حسين منه التوسط لدى مصر لإمداد العراق بالقذائف ومعدات عسكرية، ووافق السادات فورا وأعلن ذلك في خطبة رسمية وقال إن العراق ساعد مصر بالطائرات والبترول في حرب أكتوبر، وهو سيبيع إليها كل ما تطلبه من أسلحة وذخائر، وكان يود أن تكون مجانا ردا للجميل، وطلب من صدام التعامل مباشرة مع مصر وقد كان، ما دفع طه ياسين رمضان ومسؤولين عراقيين للإشادة بموقف السادات وقارنوه بموقفي الرئيسين السوري حافظ الأسد والليبي معمر القذافي، اللذين يمدان إيران بالأسلحة وحتى صواريخ سكود الروسية التي ضربت بها بغداد.
أما بعد اغتيال السادات ومجيء مبارك فقد قفز التعاون العسكري إلى آفاق أوسع، بإرسال أطقم من ضباط أركان الحرب المصريين شاركوا في وضع الخطط العسكرية، وكانت لهم كلمة مسموعة، خاصة بعد سلسلة الهزائم العراقية في معارك شرق البصرة، واقتراب القوات الإيرانية إلى كيلومترات من المدينة، واحتلالها جزر مجنون وتحصنها فيها، والفشل في إخراجها منها، ثم الخسائر الفادحة للدبابات العراقية بسبب مفاجأة استخدام الإيرانيين صواريخ «تاو» الأمريكية، التي استخدمها الإسرائيليون أثناء حرب أكتوبر يومي 15 و16 ضد الدبابات المصرية أمام ممر متلا وأوقعت بنا خسائر تعدت المئتي دبابة، وكانت إسرائيل باتفاق مع أمريكا قد أرسلتها إلى إيران، إلى أن حدث تحول آخر بنجاح الجيش العراقي بإلحاق خسائر فادحة بالإيرانيين وإخراجهم من جزر مجنون ودفعهم بعيدا عن شرق البصرة، وكان للضباط المصريين دور بارز في التخطيط لهذه العمليات، خاصة في التنسيق بين هجمات الطائرات العراقية والقوات البرية، وهي الخبرة التي يتمتع بها جيشان فقط في المنطقة، وهما الإسرائيلي والمصري. وتوسع التعاون العسكري بين البلدين وبدأ يمتد للنشاط الذري وبدأ ينكشف باغتيال إسرائيل عالم الذرة المصري الذي يعمل في العراق الدكتور يحيى المشد في العاصمة الفرنسية باريس، وتم توجيه اتهامات لمصر بمساعدتها العراق في صناعة قنبلة ذرية، ونشرت أسماء العلماء والمهندسين المصريين. وبعد حرب تحرير الكويت وصلت بعثة دولية للتحقيق معهم لكن مبارك أمر بطردها.
أما بخصوص تسليم أسرار عسكرية لأمريكا فقد نشرت صور لسيارات في بعض شوارع بغداد على أنها تنقل مواد نووية، وقام وزير الخارجية الأمريكي وقتها الجنرال كولن باول بعرضها أمام اجتماع لمجلس الأمن، لكن وزير الخارجية الروسي سخر منها ولم توافق عليها فرنسا، ثم ذاع على نطاق واسع أن مصر هي التي أمدت أمريكا بهذه المعلومات، وردت بالنفي وعلى العموم فقد تبين أن الصور المنشورة لا تحمل السيارات فيها أي مواد نووية هذا باختصار ما حدث ويصعب توجيه هذا الاتهام من دون أدلة حقيقية».

الفساد الذي استشرى أيام مبارك

وعن الفساد الذي أصبح أسلوب حياة يكتب لنا حسام فتحي في «المصريون» أمس الثلاثاء يقول: «رئيس الوزراء إبراهيم محلب أعلن أنه سيطلق اليوم استراتيجية جديدة لمكافحة الفساد، التي ننتظرها بفارغ الصبر، بعد ان نحر «سوس» الفساد، وأنياب «الفاسدين» دعائم الاقتصاد المصري، وانتشر في جميع مناحي الحياة، وتغلغل في تفاصيل يومنا، وتمدد ليملأ كل «الفراغات» في معاملات المصريين، بدءاً بـ«الباشا السايس» الذي يرمي «جتته» أمام سيارتك في أي مكان على أرض المحروسة ليقتنص من جيبك جنيهات من دون استحقاق، وليس انتهاء بوزير أو مسؤول رفيع كل همه تحقيق أقصى منفعة ممكنة من «الكرسي» قبل أن يتركه، ولتذهب مصر إلى حيث تذهب. أتمنى أن يرتقي ما سيكشفه سيادة رئيس الوزراء – الذي أثق في وطنيته – إلى مستوى «الاستراتيجية» فعلا، وأن يتضمن مكافحة الفساد بكل صوره، وما أكثرها، وأن نكون قد تعلمنا من تجارب غيرنا في مكافحة الفساد، فدول مثل العراق وتونس والمغرب، وبعض دول الخليج العربي قدموا استراتيجيات لمكافحة الفساد، تكشف جميعها مدى صعوبة مواجهة هذه الآفة التي «تدمر» الدول، وتُجْهِز على مقدراتها، وحتى لا تتحول سطور هذه «الاستراتيجية» إلى مجرد «حبر على ورق» يجب أن ننجح في تغيير سلوك المواطن المصري نفسه فهو هدف التنمية.. وهو أهم أدوات تحقيق أهدافها في الوقت نفسه، وبدون تغيير مفاهيمه، وتطوير وعيه بماهية «الفساد» وكيف يحرم أبناءه من مستقبلهم، ويبعد اللقمة عن أفواههم، لن ننجح في تحقيق أي استراتيجيات مهما بلغ وقتها، وحبكت نظريتها. بالطبع أوجه الفساد لا حصر لها، والطرق الناجعة لعلاجه معروفة.. إصلاح حكومي.. تطوير إداري.. تحديث التشريعات.. تغليظ العقوبات.. الارتقاء بأداء موظفي الحكومة والهيئات.. تطهير أجهزة المحليات.. رفع درجة الشفافية والنزاهة في كل أرجاء الوظائف الرسمية.. تحقيق العدالة الناجزة.. السريعة.. الموجعة.. محاولة الوصول لعدالة اجتماعية مقبولة.. إعادة بناء الطبقة للمجتمع، التي انكمشت وتقلصت في العقود الخمسة الماضية.. وبناء جسور الثقة بين المواطن والحكومة.. وعشرات، بل مئات من الخطوات والنصائح التي ذكرها عشرات المفكرين وخبراء التنمية الإدارية.. لكن هل يكفي ذلك؟ وهل سينجح الأمر مع «المصريين» الذين دفعتهم الحكومات المتعاقبة إلى الاعتماد على الفساد، كأسلوب حياة؟ وإلا ما معنى أن يكون راتب المدرس بهذا التدني ونطلب منه ألا يعطي دروسا خصوصية؟ وراتب الطبيب الحكومي بهذا التواضع.. ومطلوب منه فحص 200 مريض يوميا.. بذمة؟ وراتب شرطي المرور بتلك الضحالة.. ثم نعيب عليه تلقي «العطايا» من سائقي السيارات؟ وعشرات.. بل مئات الامثلة التي تؤكد أن الدولة كانت تعلم بـ«فساد» مواطنيها، بل تدفعهم دفعا لذلك، والدليل أن موظفيها لم يمت أحدهم جوعا! .. عشنا عقودا من دون ان «نعي» أننا نمارس الفساد في كل لحظة، أو «نتعامى» عن المعرفة لأنه لا سبيل آخر للحياة.. وأصبحنا كمن يقف في دائرة واسعة، وكل فرد فيها «يضع يده في جيب المواطن المجاور له».. كلنا فاسد.. وكلنا مفسد.. كلنا سارق.. وكلنا مسروق.. وأهي ماشية!! الأهم من الاستراتيجية تغيير مفهوم المصريين عن الفساد، والإفساد.. فالله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم. مطلوب استراتيجية لإعادة بناء «منظومة الأخلاق».

حسنين كروم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية