رسائل أوباما – خامنئي ماذا قبل وماذا بعد؟

حجم الخط
0

على الرغم من أن الرسائل الالكترونية لا تندرج في إطار الاتصال الدبلوماسي بين الدول، إلا أن رسائل أوباما – خامنئي تندرج في إطار التعاون المشترك على عكس ما يوحي به إعلام الطرفين من تناقضات وتقاطعات تصل الى الافتراق وعدم الاتفاق.
رسائل أوباما الملّحة لتطمين خامنئي بأنهم لا يستهدفون قواته في العراق، ولا حتى التقرب من أركانه، لم تأت بجديد سوى التأكيد على موقف مقروء يرصده المتابعون، لكن امتناع خامنئي عن الجواب يفتح آفاقا جديدة للتكهنات بان التفاعل بين الطرفين بلغ مداه واطمأن الطرف الإيراني الى ان عدم جوابه لا يعني القطيعة ولا يعني أنه يرفض التعاون إنه تمنع راغب بالمزيد من تلك الرسائل.
أوضحت إحدى الرسائل السرية التي أرسلتها إدارة الرئيس الأمريكي إلى خامنئي بأن المعركة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» لا يمكن كسبها بدون تدخل إيراني، وهذا المضمون يعكس خطوة تثبت استعداد اوباما لاتخاذ خطوات تتعارض مع ما تعود الإعلام على تكراره من كلا الطرفين الذي يسمي احدهما الآخر محور الشر فيما يرد الطرف الثاني بانه الشيطان الأكبر.
كيف يمكن فهم الموقف الأمريكي الذي ينكر على حكومة العبادي تباطؤها أو امتناعها عن تسليح الصحوات الجديدة لمواجهة تنظيم الدولة، خوفا من أن تكون لهم شوكة فيقاسمونهم التسلط، مع أن جميع المحللين والمراقبين الأمريكان صرحوا بأن مواجهة التنظيم لن تنجح الا بالضد النوعي من أبناء المناطق التي يسيطر عليها التنظيم، فكيف سيتم لهم تدجين هذه القوات، في المواجهة مع التنظيم في ساحة قتل واحدة مع هذه الرسائل المهمة في الإبقاء على الدور الفاعل والرئيس للطرف الايراني، وتطمينه بان تغييرا على سيطرتها على العراق لن يحصل ولن يطرأ، وان وجود القوات الأمريكية المموهة بجيش المستشارين والخبراء وقوات حماية السفارة الأمريكية في العراق، مخصص لمواجهة هدف واحد لن يحيد عنه، وهذا يدل دلالة واضحة على أن الأمور تصب في النهاية لصالح ايران.
الرأي الذي تبنته مجلة «فورين بوليسي» يتلخص بان حملة أوباما التصعيدية ضد تنظيم الدولة تضع الولايات المتحدة في موقف غريب، يتمثل في تبنيها العمل مع روسيا من أجل دعم الجيش العراقي، وفي التحالف مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد متبعة بذلك سياسة الأمر الواقع، فهل سياسة الامر الواقع تقتضي تسليم العراق لميليشيات تأتمر بأمر إيران؟ أو أن تغض الطرف عن دخول ميليشيات عراقية بقيادة ايرانية للمقاتلة مع الأسد؟ وكيف سكتت أمريكا عن الحوثيين في اليمن وهم يبسطون سيطرتهم على دولة بكامل جيشها خلال يومين؟ وهل من سياسة الأمر الواقع الرعاية المثلى لحزب الله في لبنان، وهو يتحكم بتحركات الجيش حتى بات مرضيا عنه، وليس ممن يهددون الأمن القومي الاسرائيلي والأمريكي؟ تلك التساؤلات يتخذها الجمهوريون في أمريكا مادة لمهاجمة سياسة الديمقراطيين، الذين تكبدوا أخيرا خسارة فادحة في الانتخابات النصفية سيبقى جراءها الرئيس أوباما حائرا لا يستطيع حراكا، فعمد إلى الرسائل الالكترونية والدفع باتجاه خوض حرب على ما يسمونه الارهاب لتكون في سجله قبل مغادرته منصبه.
اعتاد الايرانيون ترديد مقولات المعاداة لامريكا، هكذا وصف الرئيس أوباما بعض الناطقين في الداخل الايراني بمعاداة أمريكا، وهو موقف يراه متابعون يشاكل ما تفعله أمريكا بوصفها إيران محور الشر، وغالب مشاريعها تتمحور مع ايران، ويريد أوباما من خلال رسائله التطمينية تهيئة الأرضية للسماح بحرية حركة بدون مناكفات أو تزاحمات قد تنفلت من القيادات الى القواعد فيعرقل المشروع المشترك لأمريكا وايران في المنطقة؛ وهذا الرأي أظهره تصريح مسؤول أمريكي كبير لـ»وول ستريت جورنال» لقد مررنا رسائل للإيرانيين من خلال الحكومة العراقية والسيستاني مفادها ان هدفنا هو ضد ISIL».
واضاف «نحن لا نستخدم هذه الحرب كأرضية لإعادة احتلال العراق أو لتقويض إيران». إذن الرسائل ليست ألكترونية فقط وانما مشافهة عبر السيستاني والحكومة العراقية الى إيران المعتمد الإقليمي في المشروع الأمريكي.
وتحاول بعض القراءات لرسائل أوباما للخامنئي أنها تأتي في إطار تليين موقف الزعامات الايرانية تجاه تحركات الولايات المتحدة، والسؤال منذ متى كانت مواقف ايران متصلبة مع الأمريكان؟ هل كان ذلك في افغانستان أم في احتلال بغداد أم باعترافها بالحكومات العراقية ومد يد العون والتعاون والرعاية، حتى بات الأمر محسوما لها في العراق، من خلال حكوماته وأحزابه المعتمدة، بل على العكس تماما فإن المواقف الحميمة المتبادلة بين الطرفين تهدف إلى تفعيل المباحثات الدولية الجارية بشأن الملف النووي الإيراني، وهذا ما ذكره أوباما في رسالته لخامنئي، أن أي تعاون في مكافحة تنظيم الدولة، سيكون مرهوناً بالتوصل إلى اتفاق شامل في المجال النووي الذي حدد النظر فيه آواخر الشهر الجاري.
الحديث عن رسائل أوباما – خامنئي استهوى وسائل الإعلام لعله يملك مفاتيح لتلك العلاقة الرابطة بين الطرفين، اللذين طالما أظهرت وسائل الإعلام ذاتها أنهما على طرفي نقيض لكن واقع الحال الذي تذرعت به بعــــض القراءات لهــــذه الرسائل انهما في مركب واحد، وأن الحديث عن تطمين لايران أو محاولة لتليين مواقف بعض رجالاتها في معاداتهم لأمريكا ما عاد ينطلي على قارئ متفحص لموقف الفريقين المتضامن داخل المشروع المستهدف للمنطقة بأسرها.

٭ كاتب من العراق

حارث الأزدي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية