في سابقة هي الأولى من نوعها رجحت لجنة تحقيق بريطانية أمس أن يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وافق على قتل عميل الاستخبارات الروسية السابق ألكسندر ليتفينينكو، الذي كان قد لجأ قبل ذلك بثلاث سنوات إلى بريطانيا، وذلك عبر عميلين للمخابرات الروسية التقيا به في فندق بوسط لندن.
أشار التحقيق إلى أن العميلين الروسيّين دميتري كوفتون وأندريه لوغوفوي قاما بدس السمّ لقتل ليتفينينكو عام 2006 بتوجيه من جهاز الاستخبارات الروسي، وأن الموافقة على العملية، ربّما، تمت بقرار من أمين مجلس الأمن الروسي نيكولاي باتروشيف، ورئيسه المباشر بوتين.
موسكو ندّدت طبعاً بنتائج التحقيق البريطاني الذي حمّلها المسؤولية واعتبرته «مسيّساً» وتنقصه «الشفافية»، وذلك على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا التي عبّرت عن أسفها «لأن هذا التحقيق الجنائي تحول إلى تحقيق مسيّس أثر سلبا على الجو العام للعلاقات الثنائية» مع لندن.
رغم الوزن القانوني الثقيل لنتائج التحقيق البريطاني، لكنّه في الحقيقة لن يغيّر كثيراً من «ستاتيكو» العلاقات البريطانية – الروسية الحاليّة، وستبرّر حكومة لندن هذا الأمر بالضرورات الجيوستراتيجية لقتال تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا، وهو عذر شديد التهافت، لأن بريطانيا نفسها، وعلى لسان وزير دفاعها، قالت إن موسكو تركّز قصفها على المعارضة السورية «المعتدلة»، وليس على «الدولة الإسلامية».
وبغض النظر عن ألعاب السياسة العالمية فإن نتائج التحقيق فتحت في الحقيقة عشّ دبابير حقيقياً سيكون من الصعب على القيادة الروسية الهروب منه، فالتحقيقات الصحافية، على عكس تقارير المخابرات السرّية، استطاعت نبش بعض الأسباب التي أدّت إلى هذا الاغتيال الذي ينطبق عليه المثال العربي: يكاد المريب يقول خذوني!
العميلان استخدما عنصر «البولونيوم 210»، وهي مادة مشعّة، تحتاج مفاعلا نووياً، وقد تم ذلك، بحسب مصادر التحقيق والصحافة، في مفاعل في مدينة ساروف في الأورال، وداخل مختبر لـ»أبحاث» المخابرات الروسية، وهو ما يعني أن المخابرات، تقصّدت ترك بصمتهما الخاصة لإيصال رسالة كبرى، للبريطانيين، وكذلك لأي شخص يتحدّى المخابرات الروسية، أو، بالأحرى، يتحدّى الرئيس الروسي، وهي وسيلة متقدمة على الوسائل التقليدية للتسميم التي تعتمدها المخابرات الروسية (وسلفها السوفييتي)، مثل إطلاق رصاصة محشوّة بسم الرايسين من خلال مظلة ضد المنشق البلغاري جورجي ماركوف.
بعد فحص الفندق الذي تمّت فيه عملية التسميم، وجد المحققون آثارا للنشاط الإشعاعي في غرف العميلين، وفي المراحيض حيث ذهبا لتجهيز السمّ، وكانت النسبة الكبرى للإشعاع موجودة في إبريق الشاي (مئة ألف وحدة إشعاعية في الثانية) رغم أنه تم غسله واستخدامه عدة مرات لزبائن آخرين.
ليتفينينكو لم يتحدّ الرئيس الروسيّ فحسب بل شكّل خطراً مباشراً عليه، فالصحافي الروسيّ، بعد لجوئه إلى بريطانيا، كان سيشهد في اسبانيا ضد المافيا الروسية هناك، وسيتهم بوتين باقامة علاقات مباشرة، منذ كان مساعدا لمحافظ موسكو، بهذه العصابات، وذلك سبب الاستعجال باغتيال ليتفينينكو.
عامل آخر حاسم في قرار الاغتيال كان، بحسب صحيفة «الاندبندنت» البريطانية، هو اتهام ليتفينينكو لبوتين بأنه مهووس جنسياً بالأطفال (بيدوفايل)، وقد نشر ليتفينينكو مقالة على الانترنت قبل أربعة أشهر من وفاته، تحدّث فيها عن واقعة تربط بوتين بهذه القضية، ومن المثير للسخرية أن معلّقاً روسيا من وكالة سبوتنيك استخدم، خلال مقابلة صباح أمس مع راديو 4 البريطاني، هذه النقطة بالذات للتشكيك في مصداقية التقرير.
ما تقوله الإدارة السياسية الروسية للعالم منذ ترؤس بوتين للحكم عام 2000 هي أنها تستطيع أن تحتلّ أي بلد تريد، وأن تغتال من تشاء حيثما تشاء، وأن على المنظومة الدولية أن تقذف بقوانينها في سلّة المهملات، ومقياسها في ذلك، ربّما، إسرائيل، القادرة على تحدّي المواثيق والقرارات الدولية من دون رادع ووازع، فما بالك بدولة عظمى تملك ترسانة نووية هائلة تكفي لتدمير الكرة الأرضية مئات المرّات.
هنا، ربّما، نستطيع فهم دعوة بوتين قبل أيام ليهود العالم للجوء إلى روسيا لحمايتهم، وهي الدعوة نفسها التي تأسست إسرائيل عليها، فالمثال الحيّ لروسيا موجود في إسرائيل.
بوتين، بصراحة، يتحدّى العالم، والعالم، ببساطة، لا يريد مواجهته.
رأي القدس
أصحاب وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو يتاجرون بكل شيء من اجل مصالحهم و هي وسيلة ضغط علي روسيا من الحلف القديم للحصول علي تنازلات .
هو الذي كشف في كتابه “Blowing up Russia” الأساليب القذرة للمخابرات الروسية التي قامت بعمليات تفجير في موسكو ومدن أخرى لتبرير الحرب على الأقليات المسلمة عبر إلصاق التهم بالشيشانيين
وقد مات على الإسلام واستشهد بسبب دفاعه عن الحق في وجه الظلم والطغيان.
اعوا له بالرحمة، إنه لم يقف في صف الظالمين.
اللهم اجعل سوريا مقبرة وإذلال وإنكسار لبوتين وجنوده, اللهم أمين