رسالة تهنئة لبشار الأسد

حجم الخط
51

أود في البداية أن أعبر لكم كأحد أبناء شعب «منحبك» العظيم عن مدى سعادتي بالموقف الأمريكي الأخير الذي تخلى، صاغرا منكسرا، عن اعتبار إزاحة قائد فذ مثلكم أولوية. لقد استفاد الرئيس ترامب، الذي نتفاءل به خيرا، من تجربة ذلك التافه أوباما الذي كان يردد كالببغاء أن أيامكم معدودات فذهب هو غير مأسوف عليه وبقيتم أنتم يا أسد الأسود…
لقد وصل الجميع كله إلى ما كنتم تحذرون منه منذ البداية وهو تفشي الإرهاب في العالم بعد أن بدأ في سوريا. قلتم ذلك صراحة ولكن ما من متعظ حتى وقعت الفأس على الرأس. صحيح أننا كنا معبرا للإرهابيين عندما يكون يمرون إلى العراق وصحيح كذلك أننا نحن من أطلقناهم من السجون ليعيثوا في الأرض فسادا ولكن هذا لا يهم.. من يتذكره أصلا!!؟؟. لقد أفلحتم في ضرب تلك المظاهرات السلمية التي كانت تطالب بكل وقاحة بالحرية ثم نجحتم في جرها إلى السلاح فكان لكم ذلك. وبمجرد التحاق أصحاب اللحى من كل مكان تمكنتم بعبقريتكم الاستثنائية من الترويج بأن ما يطلق عليه ثورة ما هو إلا مشروع تكفيري مخيف، والحمد لله أن هذه الجماعات لم تدخر جهدا في مساعدتكم بكل همة على مزيد انتشار هذه الصورة. كان ذلك بعد نظر ثاقبا منكم في البداية أما البقية فتكفلت بها هذه الجماعات مشكورة….
أحمد الله أيضا أن كل أعدائكم يا سيادة الرئيس قد أُشــــغل كل منهم بما يصرف عنكم سوءه، فها هي السعودية متورطة بالحرب في اليمن، وتركيا بترتيب أوضاعها الداخلية التي بعثرها استبداد أردوغان، وقطر بإعادة صياغة سياساتها السابقة وأوروبا بخروج بريطانيا من اتحادها. الحمد لله أيضا أن قيـّــض لنا أنصارا جددا مثل الرئسيس عبد الفتاح السيسي وبعض نظرائه الأفاضل في لبنان والعراق كما أن الجزائر لم تقصّر هي الأخرى وكذلك تونس..تخيل!!.
كان يفترض أن تكون سيادتكم حاضرين في القمة العربية الأخيرة في الأردن لولا بعض الحاقدين. على كل، هم الخاسرون فقد أضاع القادة العرب على أنفسهم محاضرة رائعة منكم في فن البقاء في سدة الحكم، ولا مشكلة على الإطلاق لو دمر البلد كله وتشرد نصف شعبه وبات كله ملعبا لكل من هب ودب من الشرق والغرب…!!
ما يدعو إلى السرور أيضا أن من يسمون أنفسهم معارضة غارقون في خلافاتهم التافهة وانقساماتهم وفسادهم بشكل نفـّــــر الجميع منهم فضلا عن أن محادثات جينيف، التي تكرمتم بالتنازل لإجرائها مع مجموعة من الخونة والعملاء، تزداد مع كل جولة إمعانا في تفاصيل لا قيمة لها إلى حد أن ديمستورا قال مؤخرا إن المفاوضات الحقيقية لم تبدأ بعد وهذا ما يثلج الصدر حقا. لقد نجحنا في جر هؤلاء إلى ملهاة حقيقية توهموا معها أن المطلوب منا ليس سوى تسليم السلطة إليهم، أي أن نعطيهم بالمفاوضات ما فشلوا في الظفر به بالسلاح… فشروا!!
لحسن الحظ كذلك أن صور الدمار والخراب التي تمعن كل القنوات التلفزيونية المأجورة العربية والغربية في نشرها وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي المشبوهة لم تعد تحرك أحدا، لقد تعود الجميع على صور القتلى واستغاثة الجرحى حتى أن تقارير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان التي تزعم استعمالنا السلاح الكيمياوي لم تحرك ساكنا. وما عساهم يفعلون أصلا بعدما رأوا ذلك المعتوه عاجزا عن فعل أي شيء بعد ما قال إنه لن يسمح بتجاوز الخط الأحمر؟!! …
لقد ظنوك قائدا رخوا مثل بن علي أو مبارك أو حتى القذافي، ما صدقونا حين صرخنا فيهم جميعا منذ اليوم الأول «الأسد أو نحرق البلد». بقيتم صامدين في عرينكم بل وتعددت الوفود القادمة إلى دمشق للمساندة، آخرها هؤلاء البرلمانيين التونسيين الذين وإن كان نقدر مبادرتهم الرائعة إلا أننا كنا نتمنى لو سمحت الظروف لبن علي بإنجاز عـُــشر، فقط العشر ليس أكثر، مما أنجزتموه أنتم في شعبكم حتى تتاح لنا الفرصة أيضا لزيارة تونس والسعادة بلقائه والتقاط الصور معه في قرطاج، أو مع صورة له إن تعذر الأمر. كان بإمكاننا أيضا أن نشيد بما يقوم به بن علي لإحباط المؤامرة الكونية على تونس العروبة، كان بإمكاننا أن ندعوه أن «يشد حيلو شوي» لأنه بصراحة.. بصراحة ، كان رجلا مائعا، لم يبد من الحزم والرجولة ما كان يمكن أن يقضي على هؤلاء السفلة الذين ثاروا عليه بدعاوى سخيفة. للأسف لم تتح لبن علي المسكين الفرصــــــة للنهل من تجربتكم الفريدة وتمتيع التونسيين بالقليل القليل مما تمتع به الشعب السوري تحت قيادتكم الفذة….
لدي الكثير والكثير مما أريد قوله لكم غير أن «الجايات أكثر من الرايحات»… المهم الحمد لله على السلامة ….

٭ كاتب وإعلامي تونسي

رسالة تهنئة لبشار الأسد

محمد كريشان

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول صالح الجزائر:

    # فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا , ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمَنِ عِتِيًّا , ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلَى بِهَا صِلِيًّا , وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَقْضِيًّا , ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا #

  2. يقول ســــــــاميه ـ سوريا:

    أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة … ماذا جلب البعث لسوريا؟ … الفقر، العبودية، خسارة الأرض، الطائفية، اللصوصية، صهاينة أصفهان يحكمون سوريا، حزب الله يقتل السوريين، أيران تسيطر على سوريا، روسيا تحتل سوريا ، جيش أبو شحاطة ينهار، نصف سكان سوريا مهجرين ولاجئين، أكثر من نصف سوريا مدمر … أنتبــــــــه أيـــهـــــــا الســــــــــــــــــــــــــوري …… لازال الصعلوك يظن أنه رئيس سوريا المحتلة ….. أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة .

  3. يقول شهير عرار:

    اسلوب جذاب ويدل على صدق المشاعر والرؤية لكن لا نتمنى لتونس ولا لاي بلد مسلم بان يحدث له مكروه ومن يناصر الظالم سيبتليه الله في الدنيا ولن يدوم ظلمهم ..لن يضيع الله دماء الابرياء هدرا
    انما هي وقود الحرية والبناء ووحدة الامة
    ومخاض سيولد فجر جديد.

  4. يقول Ahmad jadaan:

    لا ورب الكعبة لن ينجو
    اليس الصبح بقريب
    ليقتل منا المزيد المزيد
    لقد ثرنا وقلنا يا الله وحاشا من استنصر بالله ان يخذله
    انها ارض الشام ارض المحشر استحالة ان يدنسها المجوس مهما قتلو
    اللهم لك من دمائنا حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم

  5. يقول سيد.هولندا:

    يمهل ولا يهمل

  6. يقول سوريا:

    سلمت يداك ابدعت ..لكن لكل ظالم نهاية وكل ما اتمناه ان ارى نهاية هذا الظالم المعتوه قبل ان اموت فقط

  7. يقول هاني محمد:

    إنحناءة لقلمك السّاخر الرشيق، حديثك أستاذي الرائع يرسم صورة حقيقية لواقع مرّ تعيشه الأمة، شيء مؤلم أن يجد الطاغي بشار وأمثاله الدعم وغض الطرف عن جرائمه البشعة، مقالتك هذه لقطة فكريّة تصوّر المشهد بأبعاده كافة! تحياتي لكم أستاذي

  8. يقول ســــــــاميه ـ سوريا:

    عندما استولى حزب البعث على السلطة قبل نصف قرن عبر انقلاب عسكري، كان أول قرار اتخذه مجلس قيادة الثورة إعلان حال الطوارئ وما يترتب عليها، فحلّ الأحزاب إلا حزبه، وأغلق الصحف إلا صحيفته، ومنع التجمعات إلا التي يسمح بها مجلس قيادة الثورة لتأييد الحزب الحاكم. قبل أربعة أعوام، رفع النظام حال الطوارئ تعبيراً عن “الانفتاح الديموقراطي” واستبدلها بقانون “مكافحة الإرهاب”. إذا كان المواطن في ظل حال الطوارئ يبقى معتقلاً لسنوات من دون محاكمة فإنه في ظل القانون الجديد يحال على محكمة ميدانية ويُعدَم فوراً!

  9. يقول ســــــــاميه ـ سوريا:

    المسخرة الكبرى: الروس يقصفون المدن والبلدات السورية ويقتلون مواطنين سوريين … الأمريكان يفعلون الشيء نفسه … الفرنسيين يشاركون في القصف … البريطانيون أيضاً … الأيرانيون يقتلون ويحتلون … حزب اللآت يقتل بأسم الدين … قوات من كوريا الشمالية تقتل السوريين … ميليشيات طائفية عراقية … ميليشيات طائفية أفغانية … مرتزقة من الشيشان وحتى من الصين تقتل بأسم روسيا وأيران … الأتراك يقصفون ويجتاحون الأراضي السورية … أمريكا أنشأت قاعدة لها على أراضٍ سوريةٍ … بريطانيا أدخلت جنودها على أراضي سوريا … السعودية تمد الثوار وربما ستقصف … نسينا أسرائيل حيث تقصف وتدمر حيثما تشاء منذ ٤٦ سنة ــــــ ولكن أنتبه أيها السوري فمازال لديك في القصر صعلوك يسمي نفسه رئيس.

  10. يقول صلاح عمان:

    في زمن مثل هذا فالمأساة بصورتها الفجة وفي عالم نصفه امتهن النفاق والنصف الآخر لا يدري اين تسير به الريح لا تصلح الا ان توصف كملهاة وبصيغ السخرية وعلى ما يبدو ان الاظافر مقلمة لا تصلح للمثل الذي نسيناه او تناسيناه ، لا يحك ظهرك مثل ظفرك وعل الله يحدث امرا

1 2 3 4 5

إشترك في قائمتنا البريدية