رصاصة قرب جسر الرئيس

حجم الخط
0

في سماء لا يملكها أحد
ترتفع الصواريخ من جديد
ثم رصاصة
قرب جسر الرئيس1 ـ وسط القلب-
تتحدى المارة
سأقتلكم جميعا أيها الإخوة
بانتظام
تصل الحرب ضفاف الشام
وينقطع البث
٭٭٭
أصدقائي يتشاجرون
في شارع العابد
يعبرون أسلاكا شائكة
يفتشون عن الخمرة في الظلام
وفي الكأس الأخيرة
يفكرون بالسفر صوب الفردوس،
تتمرض البلاد
أمام الجميع
البلاد تمرض
تستنسخ الشامُ ذكرياتي في بغداد
ويبدأ العرض
من جديد
داخل الصالة
٭٭٭
تنجرح الشام
وبجوارها نقالة
بجوارها مطعم البلور
تبتعد أيضا عن حياتي
٭٭٭
دموع تصلني من بحر اللاذقية
تملأ هاتفي النقال وأخرى على الطاولة،
هروب نحو الغابات
يحلمون بالمراكب
بأحلام ستبللها مياه البحر
ومع الطحالب ينخفضون
إتصل (بخليل)
لقد تحطَّم زجاج المقهى يا علي
تنطفئ الكهرباء وينقطع الاتصال،
ثم تفتح أصابعي البوم الصور
أنحدر بالذكرى إلى القاع
بأصابعي أقلّب الأصدقاء
أقلّب قمصانهم
وكأنهم دمى
أتذكر المرة الأولى التي عبرت بها الحدود إلى قاسيون
والسائق الدرزي الذي أوصلني فندق الشام،
تمر جبلة على لساني بدمعتين
كورنيشها مازال عالقاً بحاجبي
مازال بحرُها يبتسمُ وسط العائلة،
بحر (جبلة)
يقتحم رئة المراكب يكتسح المدن،
وفي الصباح
شرطي أجنبي يستقبل الجثث
ويترسب الأصدقاء في القاع
تستنسخ الحرب حياتي في دمشق
وأنا أستنسخ مفاتيحَ المنزل
بدولار بعيدا عن الجميع،
لنغير من جوِّ القصيدة قليلا
٭٭٭
منذ سنين وأنا أبحث عن عقد الزواج
عن تلك الورقة التي جرفتني إلى هذا القفص
إلى قضبان ترتفع نحو السماء،
أعقدُ صفقةً أُخرى مع الدموع في البار
وأعود للمنزل بربطة عنق سوداء
تشبه المشنقة.
٭٭٭
كعبها الأحمر يلتمع فوق سطح الأرض
كأنّه مزهرية
وفخذها الأيمن يتكئ على زاوية الحائط
يمتص نظرتي،
أعلام أمريكية قرب قميصي
تنام على ملابس داخلية
وأخرى
على الأحذية الرياضية
تعرض في الأسواق وأمام الجميع
ولا شيء يحدث،
اللذة تحاصر المكان
ترفعُ يدَها
ترفعُ معها أحلامي
تستدير العين نحو الإبط
نحو المنطقة الخطرة
إبطها الأبيض يخلخل المكان
صورة نادرة للجمال تتكرر في الشوارع
إبطها يلتصق في الأعماق
وأحمر الشفاه على حافة الكأس
لا يلفت أنظار المارة،
العين بوصلة
تقود غرائزي نحو الوشم المرسوم
أسفل الساق،
٭٭٭
أنحدر بقدمي بالبلاد إلى قاع الزجاجة
أتلمَّسها أتلمَّسُ عنقَها
أتذكُّر (أبو نواس) 2
ورائحة العرق الأسود
أتذكَّرُ المرايا 3
والطاولة الأولى على اليسار
وعبر الأثير تتدفق الأسئلة
يتدفق الحنين
حنيني يشتبكُ فوق المتوسط
يشتبكُ مع الهاتف
مع المكان ولا أحد يردّ
الكلُّ عالقٌ بالزقاق
يزدحمُ القلب بالزجاج
بالمدن
بأعقاب السكائر
والأحلام تستدير إلى جهات مجهولة
إلى ضباب يغلف المستقبل،
ما الذي جرى بيننا أيها الأمل؟
لماذا تفّطر الحب على جدران المنزل
وانقسمت غرفة النوم إلى سريرين؟
لماذا تتكاثر الأحذية على عتبة الدار؟
هل كل هؤلاء أبنائي؟
إنه العمرُ وقد تعدى حاجز الصوت
وفي يده قنابل يدوية
العمر
أرقام ملونة تنام على بطاقتي الشخصية
وبصعوبة أطوي المحفظة
وأضعها بجيب البنطلون،
شعر أبيض بجيب البنطلون،
بجيب البنطلون ينام الرؤساء
(جيفرسون) يغفو على نقود معدنية
(فرانكلن) ملتصق به وجها بوجه
رؤساء موتى يزدحمون في جيبي
(جورج واشنطن) يبتسمُ على فئة المئة
(لنكولن) على الخمسين
رؤساء موتى يقودون رغبتي في السوق
وبالموتى أشتري النبيذ وأرفع أحلامي قليلا.
مقطع من قصيدة طويلة
*1 جسر الرئيس في دمشق
*2 شارع ابو نواس في بغداد
*3 مطعم المرايا في شارع السعدون في بغداد

٭ شاعر عراقي

6shr

رصاصة قرب جسر الرئيس

علي حبش

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية