غزة ـ «القدس العربي»: تواصلت الخلافات بين الحكومة الفلسطينية وحركة حماس، حول إدارة المؤسسات الحكومية في قطاع غزة، في ظل تعثر الجهود والاتصالات التي بذلت منذ اجتماع الفصائل الفلسطينية الأخير في كل من بيروت وموسكو، لتشكيل حكومة وحدة وطنية.
وعلمت «القدس العربي» أنه لم تجر أي ترتيبات لعقد لقاء بين الرئيس محمود عباس، ومسؤولي الفصائل الفلسطينية، الذين اجتمعوا الشهر الجاري مرتين الأولى في العاصمة اللبنانية بيروت، ضمن اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني، والثانية في موسكو، في إطار المشاركة في ندوة نظمها مركز أبحاث روسي، للبحث في ملف تشكيل حكومة وحدة وطنية، حسب مخرجات اللقاءين.
وكان المجتمعون في بيروت وموسكو، قد أعلنوا في وقت سابق أنهم سيتوجهون للرئيس عباس بشكل فوري، من أجل البدء في مباحثات تشكيل حكومة وحدة وطنية.
وأعلن عن ذلك رئيس المجلس الوطني سليم الزعنون، عقب انتهاء اجتماعات بيروت، حيث أكد أن من بين نتائج اجتماع اللجنة التحضيرية دعوة الرئيس عباس للبدء فوراً بالمشاورات مع القوى السياسية كافة، من أجل تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، مؤكدا أنه لا يمكن إجراء الانتخابات للمؤسسات الفلسطينية بما فيها المجلس الوطني الفلسطيني، في ظل استمرار الانقسام وغياب وحدة المؤسسات.
وفي هذا السياق قال الدكتور إسماعيل رضوان، القيادي في حركة حماس لـ «القدس العربي»، إنه لا يوجد أي جديد بشأن ملف المصالحة الداخلية. وأضاف أنه منذ انتهاء اجتماعات بيروت وموسكو «لم تسمع حركة حماس أو ترى أي إجراءات عملية، لتطبيق ما جرى الاتفاق عليه»، مشيرا إلى أن الرئيس عباس الذي يمتلك وحده حل كل الملفات لم يعلق بالإيجاب ولا بغير ذلك على تلك اللقاءات، التي دعت لإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة وحدة، وتشكيل مجلس وطني جديد بالانتخاب والتوافق في الأماكن التي لا يجري بها انتخابات. وأكد أن حماس ليست مسؤولة عن أي تعطيل في ملف المصالحة، مرجعا السبب لحركة فتح والرئيس عباس.
وأضاف رضوان إن حركة حماس قدمت الكثير من أجل إتمام ودفع المصالحة، بدءا بالخروج من الحكومة، وتشكيل حكومة توافق وطني، وصولا للقاءات الدوحة وحضور اجتماعات اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني.
ولا تزال عقبة الملف السياسي لهذه الحكومة هي السبب الرئيس في عدم بدء مشاورات تشكيل هذه الحكومة، خاصة بين حركتي فتح وحماس، حيث تنادي الأولى بأن يكون مماثلا لبرنامج منظمة التحرير، في حين ترفض حماس ذلك، وتطلب بأن يكون برنامج وثيقة الوفاق الوطني، لرفضها الاعتراف باتفاقيات المنظمة مع إسرائيل.
ومن شأن استمرار الخلافات أن يعطل الجهود المبذولة حاليا لعقد جلسة قريبة للمجلس الوطني الفلسطيني، لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة للمنظمة، بمشاركة حركة حماس، خاصة وأن هناك توافقا مبدئيا على أن يسبق تشكيل هذه الحكومة عقد جلسة الوطني القادم، بهدف إشراك حركة حماس في المنظمة، وسيوكل للحكومة الجديدة حال تشكيلها الإشراف على إجراء الانتخابات العامة التي تشمل انتخابات الرئاسة والتشريعي والوطني حيث أمكن. وعلى الرغم من عدم وجود ترتيبات رسمية لعقد لقاء قريب بين فتح وحماس، لإزالة الخلافات، إلا أن هناك وساطات غير معلنة تقوم بها أطراف عربية وداخلية، من أجل تقريب وجهات النظر حول ملف الحكومة والمجلس الوطني القادم، دون وجود توقعات قوية بنجاح هذه الاتصالات، قبل عقد اجتماع اللجنة التحضيرية للمجلس الوطني الثانية المقررة الشهر المقبل.
إلى ذلك علمت «القدس العربي»، أن المسؤولين المصريين لم يفصحوا عن نيتهم بعقد اجتماع قريب للفصائل الفلسطينية، كما أشيع مؤخرا.
وكانت القاهرة قد أوقفت رعايتها للمصالحة منذ أكثر من ثلاث سنوات، واستضافت العام الماضي وفودا فلسطينية منفردة تمثل الفصائل، وأوقفت بعدها جهودها، حيث رعت قطر عدة لقاءات بين فتح وحماس.
ومن المتوقع أن يزداد حجم الخلافات بين فتح وحماس، حال أقرت الحكومة الفلسطينية خطتها بإجراء الانتخابات المحلية في القريب العاجل، حسب قراراتها التي اتخذت في الاجتماع الأخير لها قبل يومين، وذلك بسبب الخلافات على طريقة إجراء الانتخابات، وما واكبها من نية الحكومة إجراء تغيير على قانون الانتخابات أيضا.
وتسببت الخلافات بين الطرفين في إلغاء الانتخابات التي كانت ستجرى في أكتوبر/ تشرين الأول من العام الماضي.
وفي ظل تواصل الخلافات على المستوى السياسي، وتباعد وجهات النظر، تبادلت حكومة التوافق الفلسطينية وحركة حماس، الاتهامات حول الجهة التي تعطل سيطرة الحكومة على غزة، من أجل حل مشاكلها.
ورفضت الحكومة استمرار بعض الأطراف في حماس، بإطلاق التصريحات التي وصفتها بـ «التضليلية»، التي تحاول من خلالها التنصل من المسؤولية وإخفاء الحقائق، فيما يتصل بمعاداة حكومة الوفاق الوطني والإصرار على تأبيد الانقسام ورفض المصالحة الوطنية.
وقال يوسف المحمود المتحدث الرسمي باسم الحكومة، في تصريح صحافي إن التصريحات الأخيرة التي تشير إلى جهوزية حركة حماس لتسليم كافة وزارات غزة إلى حكومة الوفاق الوطني «مناقضة للواقع «. وأضاف أن حماس بذلك تكون تعلن صراحة بأنها ما زالت تحتفظ بالوزارات والحكم، لافتا إلى أن هذا الأمر «يدل على مدى تمسكها بالانقسام ورفضها المصالحة والوحدة الوطنية».
وأوضح أنه منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطني بداية يونيو/ حزيران 2014، أعلنت حماس عن استعدادها لتسليم الوزارات إلى حكومة الوفاق وتمكينها من تحمل مسؤولياتها في كافة محافظات الوطن، مضيفا «إلا أن ما قامت به في اليوم التالي هو احتجاز الوزراء في غزة فور وصولهم ومنعهم من القيام بمهامهم». وأشار إلى أنه منذ ذلك الوقت وتلك الأطراف في حماس «ما زالت تعلن استعدادها لتسليم الوزارات، وتضع العراقيل وتصر على عدم تمكين الحكومة من عملها وتحمل مسؤولياتها».
جاء ذلك بعد أن أكد الدكتور أحمد بحر، النائب الأول لرئيس المجلس التشريعي، والقيادي في حماس، خلال ندوة سياسية أن حركته جاهزة لتسليم كافة وزارات غزة للحكومة الفلسطينية التي يترأسها الدكتور رامي الحمد الله فورا. واتهم في الوقت ذاته الحكومة بأنها «غير جاهزة لذلك بناء على قرار سياسي من رئيس السلطة محمود عباس».
وأشار إلى أن جميع المؤامرات والأزمات المفتعلة لحصار غزة وخنق مقاومتها وإضعافها «لن تفلح بفصل صبر وإرادة وصمود شعبنا والتفافه حول المقاومة في ثلاث حروب خاضها قطاع غزة». وشدد على أن الوحدة الوطنية هي «مشروع استراتيجي لدى حركة حماس، على أساس الثوابت وحماية المقاومة لمواجهة الاحتلال موحدين خاصة أمام انتهاكاته اليومية في القدس والضفة وتوسعة الاستيطان وتهويد القدس».
أشرف الهور