رغم المقارنة بين «انقلابين عسكريين» وانعدام الودّ بين إردوغان والسيسي: تركيا ومصر تتجهان للتقارب على خلفية الضغوط الاقتصادية

حجم الخط
1

اسطنبول ـ «القدس العربي» ـ من اسماعيل جمال: تتبادل القاهرة وأنقرة منذ أيام وعلى أعلى المستويات رسائل «غزل سياسي» غير مسبوقة ما يوحي برغبة الجانبين بسرعة إعادة تطبيع العلاقات التي انهارت منذ الانقلاب العسكري على الرئيس محمد مرسي في مصر، الذي أدانته تركيا ودعمت المعارضة واستضافت كبار قياداتها على أراضيها. وعلى الرغم من حجم القطيعة والتباعد الكبير في المواقف السياسية بين الجانبين إلا أن التحولات التي شهدتها الدولتان والمنطقة بشكل عام دفعتهما للبحث عن بدائل قد توحي بقرب توصلهما لصيغة معينة تمكنهما من البدء التدريجي بخطوات إعادة تطبيع العلاقات بينهما. وبينما يُجمع مراقبون على صعوبة حصول اختراق كبير خلال الفترة المقبلة لا سيما في ظل الموقف المتشدد الذي يتخذه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من نظيره المصري عبد الفتاح السيسي، غير أن البلدين يأملان في البدء بتحسين العلاقات الاقتصادية كمدخل لإعادة العلاقات الدبلوماسية وتحقيق اختراق سياسي لاحقاً. ففي الوقت الذي تعاني تركيا فيه من تراجع كبير في حجم الصادرات وتراجع الدخل القومي من السياحة التي تقلصت بشكل كبير نتيجة الهجمات الإرهابية، يُحذر مراقبون من أن الاقتصاد المصري يقع على حافة الانهيار بسبب تراجع قيمة العملة المحلية والأزمات المتواصلة التي تعيشها البلاد منذ سنوات. وعلى خلفية تصاعد التوتر بين البلدين منذ الانقلاب، اتخذت مصر في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 2013، قرارا باعتبار السفير التركي «شخصا غير مرغوب فيه»، وتخفيض مستوى العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال، وردت أنقرة بالمثل. وقبيل محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا منتصف الشهر الماضي، أبدت تركيا حماساً كبيراً تجاه إعادة تطبيع العلاقات مع العديد من الدول بدأتها بإسرائيل وروسيا، إلا أن الانقلاب الفاشل عاد ليُصعب مساعي أنقرة في التسامح مع الانقلاب في مصر، لكن رغبتها الجامحة في إنهاء خلافاتها مع دول المنطقة دفعتها لإعادة الحديث عن تطبيع العلاقات مع مصر مع التأكيد على عدم الاعتراف بشرعيّة الانقلاب هناك، في محاولة لحفظ ماء الوجه. وفي تطور لافت، سارعت القاهرة قبل أيام إلى إصدار بيان يدين بعض الهجمات ضد قوات الأمن التركي. وأكدت على تضامنها مع تركيا ضد الإرهاب، في حين كان بيان وزارة الخارجية المصرية من بين أول البيانات الدولية التي أدانت هجوم غازي عنتاب الأخير الذي خلف عشرات القتلى والجرحى. وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم أمس الأول: « نؤيد تطوير العلاقات مع مصر، فهي بلد قريب جدّا منا بثقافته وقيمه، وشعبانا شقيقان. يجب ألا تعود الخلافات بين الحكومات بالظلم على شعبينا». وقبل ذلك بيوم واحد، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إنه لا توجد أي أسباب للعداء بين شعبي بين مصر وتركيا، مضيفاً: «نعطي تركيا الوقت لإعادة النظر في موقفها من مصر… نحن في مصر ليست عندنا نزعات مذهبية أو طائفية، وإنما نتعامل بالشكل الذي يليق بمصر». وتعقيباً على هذه التصريحات أجاب يلدريم: «يتعين علينا زيادة صداقاتنا مع الدول المطلة على البحر المتوسط والبحر الأسود، وضرورة أن نُقلل من أعدائنا»، معتبراً أن «التصريحات المتزنة الصادرة من مصر جيدة». ولفت يلدريم إلى ضرورة أن لا يتم تجاهل إرادة الشعب المصري، وضرورة أن تأتي حكومة إلى السلطة عبر الإرادة الشعبية، موضحاً: «حدث انقلاب في مصر، والنظام تغير بعد الانقلاب، وحدثت محاولة انقلابية في تركيا أيضاً، إلا أنهم لم ينجحوا، ولكن في مصر نجحوا». واستدرك: «ولذلك ينبغي على الأقل أن تكون العلاقات في المجال الاقتصادي، حتى لو استغرق تطبيع العلاقات على المستوى السياسي فترة طويلة، فإنه بإمكاننا أن نطور علاقاتنا في المجال الاقتصادي، والسياحي، والزراعي، والثقافي، وغيرها من المجالات، بشكل سريع، وأعتقد أن كلا البلدين يحتاجان إلى ذلك». (تفاصيل ص 3)
رغم المقارنة بين «انقلابين عسكريين» وانعدام الودّ بين إردوغان والسيسي: تركيا ومصر تتجهان للتقارب على خلفية الضغوط الاقتصادية

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول Moussalim Ali:

    .
    – تقارب مع بيبي نتانياهو ثم بوتين ثم نظام بشار الفساد ، ثم حسن روحاني ثم المشير السيسي ، كل هذه المبادرات ما هي إلا نتيجة سياسة أوباما العرجاء .
    .
    – تقارب مع دول انتهازية ، إقطاعية .
    .
    – أردوغان يقود دولة سنية ( متقدمة ) ، والسيسي يقود دولة عسكرية إنقلابية . كيف التوافق بينهما رغم الضرورة الإقتصادية والحتمية الإستراتيجية ؟ .
    .
    – حقيقة محاولة الإنقلاب العسكري في تركيا كانت جد صادمة للرئيس التركي . ونظرا لقوة شخصية أردوغان فإنه بدون شك لن يتوانى عن بذل أي تضحية للتشطيب على آخر أثر أعدائه .
    .
    ********سيكتب التاريخ ان من بين إنجازات اردوغان العظيمة ، هو انه تمكن من ” التشطيب ” على العسكر التركي من الساحة .
    .
    السياسية التركية . إلا أنه ربما التنبئ هذا ، مازال جدّ مبكرا . *******

إشترك في قائمتنا البريدية